انا قبلي عشائري اعترف بذلك يا صديقي الاجنبي-صلاح بصيص

Sat, 8 Oct 2011 الساعة : 0:51

قادتني القبلية العشائرية الى مجادلة صديق ومقرب عزيز ، قدم من خارج العراق، بعد غربة دامت سنوات معدودة، وهو جدال لاني احسست اني مطالب بالدفاع عن بعض الاعراف والاخلاق التي وان نبذت اغلبها، الا انها تسري بيننا دون رادع، وهي جزء من مجتمعنا، لا يمكن لغربة عشر سنوات ان تمحيها...
عندما ذهب هذا الصديق في محاولة المقارنة والتعليق على كل مشهد يمر بنا او نمر به، اثناء تجوالنا في السيارة او المطعم او الشارع او في اي مكان اخر، اما في نقاشاتنا الاعتيادية المعهودة، فتكثر على لسانه عبارة، انتم، ونحن، ولا اعرف لهذا الداء من دواء غير المجادلة لغرض المجادلة ليس على مستوى المختلف، بل على مستوى البديهي ايضا.
هناك ضرورة لا محالة يتصف بها عراقيوا الخارج، تجدها متفاوتة فيما بينهم، وهي وان صغرت عند البعض ممن قدموا الى العراق، الا انها واضحة لا تحتاج الى كثير من التدقيق، وهي محاولة اضفاء ملامح زائدة على الشخصية تشعر بأن المتكلم –اي عراقي الخارج-اذا كان متكلما والماشي، اذا كان ماشيا هو عراقي أصيل، ولا غبار عليه، لكنه متميز بدرجة، هذه الدرجة تتفاوت ايضا في ذهن المتلقي، فمرة ترتفع وتصبح سلبية، ومرة اخرى تجدها هابطة وتصبح ايجابية، مع ان السلوك الاخلاقي واحد، فالكذب خارج العراق وداخله صفة مرفوضة من قبل المجتمع، والصدق صفة ممدوحة، وليس في ذلك اختلاف ولا خلاف...
هذه الضرورة المشتركة، تقريبا، خصوصا في مناطقنا الجنوبية البسيطة ترتفع بنسبة كبيرة، فأي مهاجر عائد ينظر له الناس على انه مثقف وصادق وحكيم، فعندما يتحدث يلفت انتباه الموجودين، ويكسب سمعهم، وهو ما يدفعه الى التمادي اكثر في استفحال درجة التميز ووصوله الى مرحلة اغواء الناس على رفض اعرافهم وتقاليدهم...
عند تواجدي مع الصديق في احدى جلساتنا بدء بالمقارنة في اتساع مساحة الحرية بالنسبة للمرأة وكيف انها تأتي بأوقات متأخرة من الليل، وكيف ان لها حرية كاملة في ممارسة العمل، ولها كذلك ان تصادق الشاب وتخرج معه، تملك شخصية مستقلة تمنحها استقلالية الحياة والرأي، ولأني اردت مجادلته بعدما وجدت ان هذا الرأي سيلوث ذهن السامع، الذي بدأ يسبح في مخيلته ويذوب في الكلام المعسول، بادرته بالقول، استاذنا العزيز يبدو انك متأثر جدا بهذه الحياة، قال نعم، فقلت له، ما اسم زوجتك؟ ورغم ان هذا السؤال مفاجأ وبعيد عن حديثنا، قال، وما الداعي لتعرف اسم زوجتي، وبدت على وجه علامات التعصب، وهنا وددت ان انقر على عصب القبلية والعشائرية، وكلنا يعرف ان هناك الكثير من الناس يعيب ذكر اسم ابنته او زوجته امام الناس، غرباء كانوا او اصدقاء، رغم انها انسانة تحمل اسم ولها استقلالية حالها حال الرجل، عموما لم يجب الاستاذ الفاضل عن سؤالي في معرفة اسم زوجته، فقلت له مجادلا، لم تؤثر في داخلك الغربة، على الاقل في هذه النقطة، كيف تريد لها ان تؤثر في السامع...
هذا جزء من حوارية طويلة جرت ادت الى زعل الصديق، الذي لم يذكر اسم زوجته، ورغم ان الحوار الذي سبق والحوارات الاكثر عمقا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تأتي دائما لصالحي ويعترف ببعض افكاري وافكار بعض المشاركين، إلا ان النظرة، نظرة الموجودين، لم تتغير له بل ظل مثقفا وصادقا وحكيما.
أقول: اميركا وغيرها بلاد متطورة، لا شك في ذلك، ولكن بلادنا كذلك هناك ما يميزها ويفضلها عن تلك البلدان، فقد نقل لي صديق يعيش في احدى الولايات الاميركية، عن صعوبة صعود النساء في الحافلة(الباص) لوجود بعض الشباب المزعج ممن يضايقون الركاب، لذا نعمد الى ايصال النساء بسياراتنا الشخصية او تأجير تاكسي والابتعاد عن الصعود في الحافلة، ورغم ان الامثلة التي اضربها بسيطة وهامشية، وهو من باب ضيق الوقت والمقارنة بابسط الأمور، في العراق، مثلا، وقد لاحظت هذا الشيء في كثير من الدول العربية، عندما تصعد امرأة الى الحافلة ولا يوجد مكان، يقوم الشاب من مكانه وتجلس المرأة، هناك بعض الاخطاء بالنسبة لهذا الموضوع-صعود النساء الى الحافلة- ولكن بالعموم لا تصل الى الاغتصاب، او السرقة، او غيرها من الأمور المعيبة...
وعودا الى اصل الموضوع، ومحاولة اضفاء ميزة على ذات الشخصية التي تعيش بالخارج، اي شخصية كانت، لا يمكن ان ينظر الى الداخل نظرة متوازنة، لشعوره بالافضلية التي ليس لها مبرر، تشعرك احيانا بالمنافسة في الدفاع حتى عن اخطاءك، فكلنا يعرف مضار التدخين، ولا يحتاج الى تنظير، ولكن عندما تنتقد هذه الصفة المعروفة والضارة التي امارسها، فأجد نفسي اقول كيف اترك هذه العادة وان اجد شيء يحترق ويحرق نفسه ليريحني...

[email protected]

Share |