عبادة الفرد في التاريخ !/مير عقراوي / كاتب بالشؤون الاسلامية والكردستانية

Sun, 15 Nov 2015 الساعة : 21:12

 

يبدو بوضوح من آستقراء التاريخ إن عادة وفكرة إلقاء هالات ما فوق بشرية على الملوك والسلاطين ، على الحكام والقادة ، أوحتى الأنبياء وما دونهم ، هي فكرة وعادة قديمة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ .
كانت هذه العادة موجودة قبل الميلاد وآستمر خلاله وبعده وما بعده ، ثم الى أيامنا هذه ، لكن بألوان أخرى وبصورة غير مباشرة ، وإن كانت النِسَب في عصرنا الحاضر تقلُّ ، أو تكثر في هذا البلد ، أو ذاك . وذلك مرهون بحسب التطور الاجتماعي لكل بلد من البلدان على مستوى التعليم والثقافة والاقتصاد والحكم والحكومة والحكام .
في الأزمنة الغابرة والماضية القديمة كانت المعتقدات بين الناس شائعة بأن الملوك والحكام هم طبقة خاصة ، هم من جنس خاص ، ، أو هم من كائنات علوية ما فوق بشرية إلهية ، أو هم متفرِّعون منها . لهذا كان الناس يومها يؤدون طقوس العبادة للملوك والحكام ويسجدون لهم ويطيعونهم في علانيتهم وسرهم ، في منشطهم ومكرههم .
يومها كان الإعتقاد سائدا بأن الملك ، أو الحاكم هو بمكانة الإله ، أو هو من ينوب عنه ، أو هو كفيل ووكيل للآلهة على الأرض ، أو إنه إبن الآلهة ، أو إبن الإله . فكان الملك والحاكم يرسِّخ حكمه وسلطته وسطوته ويعززها ويمررها على الناس ، عبر هذه الأفكار والمعتقدات الخداعية المضلِّلة ، بطبيعة الحال كان الهدف والغاية منها كانت بالأساس سياسية وسلطوية ، وهو إستمرار الملك ، أو الحاكم في التحكم والسلطة الدائمة ، هو وأفراد عائلته بمصائر الناس .
لقد كانت غاية جميع الأنبياء ، هو تحرير الناس ، كل الناس من هذه العبودية والألوهية الخداعية المزيفة للحكام عبر كلمة التوحيد النافية لها ، وهي { لا إله إلاّ الله } . فكلمة التوحيد هذه تنطوي أحد معانيها على نفي الاستبداد السياسي ، على نفي الدكتاتورية في الحكم ، على نفي الفردانية التي يتمحور حولها الحاكم الجائر ، أي إن الفردانية والذاتية والحاكمية المطلقة لا تكون لائقة إلاّ لله سبحانه . أما الانسان فهو كائن نسبي ومحدود وفانٍ في نهاية المطاف .. على هذا الأساس نلاحظ بأن الله عزوجل أمر رسوله محمدا – عليه الصلاة والسلام – وأوصاه بالأخذ بمبدء التشاور والمشورة في القضايا الدنيوية ، يقول سبحانه لنبيه محمد : { وشاورهم في الأمر } آل عمران / 159 ، أي ؛ يا محمد إجعل المشورة والتشاور مع أصحابك وأتباعك في الأمور والقضايا الدنيوية مبدءً من مبادئك .

Share |