الإصلاحات بين التخريب والتجريب/عبدالله الجيزاني

Thu, 29 Oct 2015 الساعة : 10:11

كل متصدي لعمل، يسعى جاهدا للنجاح والوصول إلى الهدف، هذه الحالة الطبيعية، التي بنيت على أساسها الحياة، منذ الخليقة، للنجاح مقومات أبرزها، حنكة المتصدي، وقدرته على توظيف أدواته في الاتجاه الصحيح، حنكة وحكمة المتصدي، تمثل قدرته على الاستشارة والمشاورة، ليأتي قراره في المكان والزمان الصحيح.
العراق في ظل الظرف الحالي، بلد ينزف من كل جوانبه، اجتماعيا، سياسيا، اقتصاديا، مهدد بوجوده، وضعه لا يسمح بأي اجتهاد فردي أو لحلقة الحاكم، قد تنظر لمصالحها أو مصالح انتمائها االسياسي أو ألاثني، إذن البلد بحاجة لجهود وأراء وأفكار جميع أبنائه، بما يمثلهم في السلطة التشريعية أو التنفيذية، لتأتي القرارات قريبة من الصواب؛ أن لم تكن الاصوب، لتحظى بدعم الجميع، ودفاعهم عنها، وتبريرها للشارع، وأكيد عندما يتشارك الجميع في الدفاع عن القرار، بما لديهم من مساحات في الساحة يكون للقرار قوة وحصانة اكبر، خاصة وان البلد جرب الانفراد لثمان سنوات مضت، أوصلته إلى صالة الإنعاش، ومازال لم يتجاوز مرحلة الخطر.
يتمسك الحاكم كما سلفه أما بصلاحيات أو تفويض ما، هذا خلاف القانون، حيث لا توجد أي صلاحيات دستورية ، لشخص الحاكم الممثل برئيس مجلس الوزراء، إنما الصلاحيات لمجلس الوزراء.
 التفويض لا يعني بأي حال من الأحوال، تخويل بالانفراد والتفرد، إنما وفقا للدستور والقانون، لكن اتضح؛ أن روح الانفراد تغلب على شخص الحاكم، الذي يحاول اتهام الآخرين، بالعرقلة والوقوف بوجه قراراته، ويبرر اتخاذها بالصلاحيات والتفويض، في مفارقة غريبة، فمن يمارس صلاحياته ولديه تفويض، ما علاقة الآخرين بتلك القرارات، سلبا أو إيجابا.
عندما تتابع قرارات الإصلاح، التي اتخذت منذ التظاهرات إلى اليوم، لا يوجد قرار فيها أي إصلاح فعلي، فضلا عن تناقضها مع الدستور والقوانين النافذة، وتجاوزها لاتفاقات واجبة التنفيذ.
إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، تناقض الدستور والقانون، فضلا عن عدم وجود عائديه لها اثر على حياة المواطن الناقم، دمج وإلغاء الوزارات، مجرد إلغاء لمنصب الوزير لا غير، فضلا عن مخالفتها للقانون، حيث ألغيت ودمجت وزارات، مشكلة وفق قوانين مصادق عليها، إضافة لمخالفة التخويل الذي منحه مجلس النواب للوزير المدمجة مع وزارته وزارة أخرى، حيث خول لإدارة وزارة لا اثنين، إضافة لانعدام أثرها على حياة المواطن، هكذا القرارات الإصلاحية الأخرى. التي أضرت ولم تنفع، ضربت الانسجام والإجماع الذي حظي به رئيس الحكومة، ولم تقدم أي حل، تستحق الدفاع عنها لأجله.
 لعل قرار سلم الرواتب الأخير، كان الكارثة التي حلت بإصلاحات العبادي، حيث استهدف حياة المواطن واستقراره، بشكل مباشر، إضافة لمخالفته لقوانين فاعلة، أبرزها قانون الخدمة الجامعية.
هذه الأخطاء التي ارتكبت، تحت عنوان الإصلاح، كانت خطوات انفرادية انفعالية، استثنت أصحاب القرار والشركاء، لذا فقدت الصواب والدعم، وأشرت على خطر محدق بالواقع العراقي، يفرض على رئيس الحكومة العودة إلى التحالف الوطني؛ ككتلة رشحته لرئاسة الحكومة، وللكتل الأخرى كشركاء، لديه التزام معهم مؤطر بوثيقة الاتفاق الحكومة، التي شكل بموجبها الحكومة، قبل اتخاذ أي قرار.
لرئيس الحكومة، عندما يتأكد من صلاحية أي قرار، وموافقته للقانون والدستور، تعرقله مصالح الكتل والأحزاب، أن يعلن ذلك للشعب، كما دعته المرجعية، أما بقاء الحال كما هو، يعني أن رئيس الحكومة، ليس أهلا لهكذا مهمة في هذا الظرف الصعب، الذي يحتاج إلى دقة ومشاركة وإجماع..

Share |