الصراعات الداخلية في العراق...أزمة ثقة-صلاح بصيص
Wed, 5 Oct 2011 الساعة : 23:25

الأزمات في العراق، داخلية، حكومة تريد فرض نفسها على شعب، بشتى الطرق، ترسم هيبتها باي ذريعة، وان لم تنجز او تخدم او تقدم لابناءها ما يستحق ان تتولى من خلاله زمام القيادة، ولأنها أزمات متلاصقة ومستمرة تغضض في جميع الاحوال نظرها عن الأزمات الخارجية، وتترك الابواب مشرعة، اولا بالنسبة للدول التي تريد ان تتمدد على حساب العراق، وثانيا تفتح الابواب كذلك امام السياسي الذي يرتبط مع تلك الدول بمصالح واتفاقيات مبطنة...
سعت الحكومة الى تثبيت مبدأ السيادة الداخلية، سيادة رجل الأمن على المواطن، يتصور الساسة ان السيطرة تكون بالقوة والقمع، وهي مخطئة، حتى وان كانت وصفة سحرية سريعة المفعول، لكنها بذات الوقت ستفقد وطنية رجل الأمن وولاء المواطن، خلاف تعامل السياسي بوعي وثقافة وحكمة، بدء من رجل الأمن وحتى اعلى سلطة، على اعتبار انه موظفا يعمل في خدمة الوطن، وعليه يجب ان يتحلى بثقافة المواطنة وادراك قيمة العمل المنوط به، لا ان يعتبر نفسه اعلى من منصبه... طالما نحن بهذه الصفات لا نأمل ان يتحقق تناغم داخلي بين المواطن والمسؤول في الداخل، لان العناوين مرتبكة، المواطن يريد من يخدمه والمسؤول كذلك، وبين هذا وذاك نفدت دول الجوار بسهولة ويسر وعاثت في الارض الفساد، الكويت وميناءها، ايران ومياهها، تركيا واعدائها، وهكذا...
لهذه الاسباب تعد هذه التحديات جبارة، وستظل كذلك، طالما ابتعدنا عن تأسيس مبدأ المواطنة، والتأسيس يبدأ بالمسؤول وينتهي الى المواطن، وليس العكس، لأن المشكلة اليوم هو ترفع اصحاب القرار وعدم فهمهم المنصب وتوضيح تعريفه وادراكه، ومن وجه اخر، الحصانة التي تسمح بالاطلاق ولا تسمح بالتقييد، وحتى بعض الاحداث التي تطلبت اصدار مذكرات قبض على بعض المسؤولين هي سيناريوهات فرضتها المحاصصة والمساومة، وإلا فالمطالبة والمساءلة تطال جميع اصحاب المناصب اليوم، لانهم لم يقدموا، بالفعل، ربع ما مطلوب منهم، وابتعدوا ايما بعد عن هموم المواطن وخدمته، وهو ما تجلى اخيرا في رفض مرجعية النجف الراعي الأول للحكومة العراقية، وبلا منافس، استقبال ايا من المسؤولين وهو بمثابة عدم الرضا، وطالما هي مستمرة بهذا النهج فستصل الى دور الحكومة المفروضة وغير الشرعية، حتى وان خفت وطأة عن الانظمة السابقة، نظام صدام على وجه الخصوص، الذي دائما ما يتعكز به اصحاب القرار، وهي مقارنة باطلة، لانها مع الأدنى ونحن نطالب بمقارنة مع الاعلى، فمثلا، كيف استطاع زايد ان يبني الامارات ويحولها من دولة صحراوية يقتات اهلها على البحر وعلى وسائل نقل بدائية، في وقت كان يعيش فيه العراق ثورة اقتصادية وصناعية عملاقة.
لا هروب، من الأزمة الداخلية، لانها تحتاج اولا الى مد جسور الثقة بين المسؤولين، وثانيا بين المسؤول والمواطن، وهو ما لم تستطع المرحلة السابقة ان تحقق ولو نسبة ضئيلة منه، وهو ما يدلل لا محالة، على ان الخلافات الخارجية لا تشكل هما في ذهن المسؤول، طالما ظل يعوم في بحر الصراعات الداخلية.
[email protected]