اخفاقات وزارة تربية الاجيال..مهدي الصافي
Wed, 5 Oct 2011 الساعة : 23:13

لم تتغير كثيرا ملامح المؤسسات التعليمية وهيئتها وطراز بناء مراكزها التربوية ,وبات عجز النظام الديمقراطي الحديث واضحا من خلال فشله الذريع في احداث نقلة نوعية في مستوى الاداء وتحديث المناهج التعليمية,وبقي النمط والاسلوب القديم المتبع في طريقة ادارة وزارة التربية والمراكز التابعة لها راكدة دون حراك او تطور,في حين ان العديد من الدول المجاورة(دول الخليج العربي)قد احدث نقلة نوعية في مؤسساته بعد القيام بعمليات استنساخ ناجحة للتجربة التعليمية في العديد من الدول الغربية,بينما لازال العراق يعاني بشدة من سوء الادرة والتخطيط الفاشل لهذا المرفق الحيوي ,ويمكن ان نلخص هذا الخل الى ثلاث عوامل رئيسية: المناهج -وطرق التدريس -وطراز بناء المدارس
تعد المناهج الحالية مناهج بعيدة عن حركة التطور العلمي الالكتروني السائد حاليا,فهي تعمل على اعادة الطالب الى الاسلوب الكلاسيكي القديم في دراسة المواد والتعرف عليها دون النظر الى جوهر العملية العلمية,بحيث يصعب علينا ان نتقبل فكرة اعطاء شهادة اكاديمية لشخص مارس المهنة عمليا دون ان يكمل الدراسة الجامعية,هذا الامر مستغرب لكنه يحصل في الدول التكنولوجية المتطورة,اذن نحن في اي موقع من الحركة العلمية التكنولوجية الحديثة,هل لازلنا نبحث عن اصل الفكرة لكي نبدع فكرة قريبة منها ,ام علينا ان نأخذ الافكار والتجارب الناجحة المطروحة امامنا لكي نفهم اسس وقواعد بناءها وعملها وطريقة الاستفادة منها,هل يمكن ان تفهم وزارة التربية ان المناهج التعليمية يجب ان لاتغفل ان الحركة العلمية قد وصلت الى اقصى حدودها الفكرية,وعليه فنحن بحاجة الى قفزة نوعية بسيطة لكي تتحسن عندنا المناهج التعليمية بما يتناسب والواقع الحال.
اما طرق التدريس التي تعطي حق الولاية للمعلم على الطالب,يفعل مايحلوا له,من اساءات كبيرة للطلبة منتهكا كرامتهم(بغض النظر عن العمر) وشخصيتهم ,فهي تعد احدى اهم العقبات التي يمكن لها ان تربي جيلا واعدا قويا بعيدا عن مشاعر الخوف والانكسار الشخصي,فنحن نرى ونسمع عن معاناة الاطفال وذويهم من اسلوب الغلط اللفظي الموجه للطلبة في كثير من الاحيان,دون ان تستجيب مديريات التربية لهذه الشكاوى(احدى المعلمات للمدرسة الابتدائية ترد على ذوي الطالب باستغراب كيف يطلب منها اهل الطالب ان لاتضرب ابنهم),نحن ورثنا جيلا من المعلمين كانوا يعملون وفق منهج البعث البائد الذي اراد فعليا ان يعد جيلا للثورة يكون عبدا لقائد الضرورة.
اما طراز بناء المدارس فهو لايختلف كثير عن طرق ابنية مديريات الامن والمخابرات العامة القديمة,بالفعل اوقفتني تلك الابنية وانا اقارن بناء المدارس في الدول الغربية(الاقل تكلفة)وبين المدارس الحديثة التي بنتها وزارة التربية القريبة جدا من طراز خمسينيات القرن الماضي(لان المقاولين العراقيين لايعرفون ظراز غير هذا الذي تعودت ابصارهم عليه),ليس الامر معقدا بقدر مايتعلق بالعقلية المتسيدة للموقف التربوي الرسمي في العراق.
في الانظمة الدكتاتورية يكون المسؤول ورجل الامن والموظف الحكومي هو المقدم على الجميع,بينما في الانظمة الديمقراطية يختلف الامر يكون المواطن هو المقدم على الجميع لانه هو من يختار ممثليه بنفسه,لهذا نرى ان الطالب يقدم في حسابات وزارة التربية على المعلم,ويقدم المواطن على الموظف الحكومي ورجل الامن في حسابات الخدمة والاحترام وسماع الشكاوى والاحتياجات,ولكننا نشهد عكس ذلك الامر,لازالت ثقافة الانظمة الشمولية سائدة في جميع مرافق الدولة واجهزتها الحكومية,ولازال المعلم يتبختر على الطلبة طالبا منهم ان يحظروا عنده الدروس الخصوصية,وهو اعتراف مباشر منه بأنه لايعطي حق الحصة التدريسية التي يتقاضى راتبا شهريا عنها,وهي احدى مساوئ النظام التعليمي المتردي في العراق,اما مسألة عزوف الطلبة عن المدارس وكثرة ظاهرة التسيب,فهي تعود في كثير من الاحيان,الى كراهية هؤلاء الطلبة للنظام التربوي الروتيني او لهروبهم من اساءة احد الكوادر التريسية,لذلك يكون في اغلب الدول المتطورة مدارس خاصة للطلبة الذين لايعجبهم النمط التدريسي المعتاد.
الدولة بكامل مؤسساتها معنية بحماية التلاميذ لحظة خروجهم من البيت وذهابهم الى المدرسة,معنية بتوفير الحماية اللازمة لهم في الشارع وفي المدرسة,تسخر لهم كافة المستلزمات الضرورية لحمايتهم وضمان سلامة وصولهم الى المدرسة والبيت,هذه الثروة الوطنية المهمة تبذل لها دول العالم المتحضر اقصى طاقاتها من اجل رعايتها وتنميتها بالشكل الصحيح,دليل فساد النظام الديمقراطي الحديث في العراق,كثرة انتشار الاطفال المتسيبين من المدارس (لعدة اسباب منها توفير لقمة العيش)عند تقاطعات الطرق المختلفة وفي جميع المدن العراقية تقريبا,وكذلك الاهمال الكبير الذي يعاني منه قطاع التعليم,فهي تعتقد عبر خبراء شكليين ان جعل مواد التدريس اكثر صعوبة سوف تجعل من الطلاب علماء لهذا البلد,وهذه طامة كبرى فالوطن العربي برمته عجز عن فك الرموز المعرفية الحديثة التي يمكن لها ان تساعد في انتشال ابناءنا الطلبة من واقعهم الدراسي البائس,وهذه امامنا تجربة وزارة التعليم العالي التي تريد ان تستثمر العقول العراقية في الجامعات الغربية,هي لاتعرف كم هو حجم تكاليف البعثات الدراسية التي تريد اطلاقها عبر سنوات,دون ان تعمل على تطوير جامعاتها المحلية التي انتشرت بشكل فوضوي,بحيث اصبحت حتى لاقضية المحافظات جامعات خاصة بها,فهم يريدون تصوير الامور وفق منظارهم الكلاسيكي القديم,المعلم هو السيد المطلق صاحب العصى الغليظة والطالب عبد خاضع لنزوات وازمات سيده النفسية(نعود الى فترة الملة والكتاب),نحن نكتب وندعوا الاخرين للكتابة في هذا المجال,بغية تغيير العقلية التربوية القديمة التي لم تعود صالحة لروح العصر الحديث,الجميع مدعوا ان يمارس ضغوطه ودوره على الحكومة والمؤسسات التربوية والتعليمية,من اجل رفع مستوى الاداء للكادر التدريسي وتوفير اجواء تربوية وتعليمية حديثة,تجعل من المدرسة البيت الاكثر جمالا ونشاطا وحرية في الدراسة والحركة واللعب,لنبعد شبح الخوف من المعلم السيئ عن عقول طلبتنا,ونترك قليلا ثقافة الانتقاص من الطلبة الذين يفشلون في الحصول شهادة النجاح,المهم ان يكون الطالب حاضرا في المدرسة,نحن بحاجة الى جيل يحب المطالعة والقراءة ويحرص على حماية الممتلكات العامة والخاصة يحترم القوانين والانظمة المدنية يعرف ان الدولة مسخرة لخدمته ورعاية حقوقه (ويبتعد عن لغة التوسلوالاستجداء لتلك الحقوق),لتبتعد افكاره عن لغة العنف والقسوة المفرطة(لقد شهد العراق احداثا ارهابية قل نظيرها في العالم لشدة قسوتها وجرئة مجريمها السادية)
قليل من الاهتمام والدراسة والمتابعة للطرق التدريسية العالمية سوف تقلل من صعوبة الوصول الى نظام تربوي وتعليمي ناجح...دعائنا ان يفرج وينقذ ربنا اهل العراق من حكم الجاهلين وسطوة المتخلفين انه سميع مجيب