تفسير آيات من سورة الأنعام/مير عقراوي
Mon, 28 Sep 2015 الساعة : 0:44

نص الآيات :
{ قد جاءكم بصائر من ربكم ، فمن أبصر فلنفسه ، ومن عَمِيَ فعليها ، وما أنا عليكم بحفيظ (104) وكذلك نُصرِّفُ الآيات ، ولِيَقولوا دَرَسْتَ ولِنُبَيِّنَهُ لقوم يعلمون (105) آتبع ما أوحيَ إليك من ربك ، لا إله إلاّ هو ، وأعرض عن المشركين (106) ولو شاء الله ما أشركوا ، وما جعلناك عليهم حفيظا ، وما أنت عليهم بوكيل (107) ولاتَسُبُّوا الذين يدعون من دون الله فيَسُبُّوا الله عَدْوَاً بغير علم ، كذلك زَيَّنَّا لكل أمة عملهم ، ثم الى ربهم مرجِعُهُم فيُنَبِّؤهم بما كانوا يعملون (108) } الأنعام
كلمات قصار حول سورة الأنعام :
سورة الأنعام المباركة ، هي من السور القرآنية المكية الطويلة ، إذ هي تتألف من [ 165 ] آية تدور وتتحدث عن قضايا التوحيد والعقيدة وأصول الإيمان ، وعن قضايا الوحي والنبوة والرسالة ، وعن قضايا البعث والجزاء الأخروي ، ثم عن قضية حرية الانسان في وآختياره في التديُّن والديانة والعقيدة وأن نبي الله تعالى محمد – عليه الصلاة والسلام - ، كما أمره وأوصاه ربه سبحانه لم يكن على الناس حفيظا ولا وكيلا ولا مراقبا ولا رقيبا . هذه القضية ، هي أحد أهم القضايا والأصول التي بحثها وركَّز عليها القرآن في الكثير من آياته ، لهذا فإن الحرية والّلاإكراهية في الدين والتدين والمعتقد ، هي أصل ثابت في الاسلام ، وهي قاعدة أساسية في تعاليمه .
التفسير :
يقول نبي الله سبحانه محمد – عليه الصلاة والسلام – للناس في مكة بأنه قد جاءهم الواضحات من البينات والحجج والدلائل كي يُميِّزوا بها وخلالها الهُدى من الضلال ، والحق من الباطل ، والصحيح من الخطإ ، وهي القرآن ونبوة محمد . لذلك فمن توضَّح له الحق وأبصره ببصيرته وآمن وآقتنع به فلنفسه ، ومن قفز عليه وعَمِيَ عنها ولم يبصرها فعلى ولنفسه أيضا . فالنبي في ذلك ليس بحافظ ولا رقيب عليهم ، كذلك ليست له رقابة ولا مراقبة على أفعالهم وتصرفاتهم ، وإنما هو بشير ، ثم نذير ومبلِّغ رسالة وأمانة ربه سبحانه اليهم ، حيث هو – أي الله عزوجل – هو الحفيظ والرقيب على عباده ، وعلى أعمالهم وأفعالهم الإيجابية والسلبية ، وهو سبحانه فقط ، لاغيره له السلطة في محاكمة ومحاسبة عباده فيما كانوا فيه يختلفون .
وكما بين الله تعالى وأوضح في آياته كي يعتبروا ويتعظوا بها ، لكنهم زعموا بأن محمدا قد درس وتعلم وقرأ الكتب الأخرى ، ثم جاء بالقرآن . أما إن الله عزوجل يبين القرآن وآياته لقوم يفرِّقون بين الحق والباطل ، ويميِّزون الخطأ من الصواب . فيا أيها النبي آتبع وآنهج كتاب الله تعالى ووحيه الموحى اليك ولا تكن في غم من المشركين ، بل لا تشغل قلبك بهم ولافؤادك ، ولاتهتم لكلامهم وأعمالهم ، فالله تعالى هو العليم والبصير بهم ، وهو سبحانه الرقيب عليهم ، وفي كل ذلك توكل على الله تعالى ، فهو سبحانه لو شاء لهداهم كلهم ، ثم أنت يانبي الله لم يجعلك الله عليهم رقيبا ، ولا وكيلا ، ولا مهيمنا عليهم ، ولا محاسبا ، أو حاكما على أعمالهم ، ولست أيضا بوكيل وموكِّل على على هدايتهم ، أو على أرزاقهم ، أو على مصائرهم .
بعدها ينتقل الخطاب الرباني الى المؤمنين يوصيهم بعدم شتم آلهة المشركين وأوثانهم ومعتقداتهم ، وذلك كي لاينفعلوا فيسبوا الله عزوجل غباءا وجهلا وسفها من عندهم ، ولعدم معرفتهم بحقيقة الله تعالى وعظمته البالغة ، حيث بمشيئة الله سبحانه زُيِّنَ لكل أمة أعمالها وما هم عليه من العادات والتقاليد ، ثم بالتالي مآب ومنقلب الجميع من المؤمنين وغير المؤمنين الى الله تعالى ، فينبؤهم بما كانوا يعملون في الحياة الدنيا ، وحينها يضع سبحانه الموازين بالعدل والقسط فيقضي بينهم جميعا بالحق فيما كانوا فيه وعليه يختلفون .