المواقف بين الرؤية الناقصة والتامة/عصام الطائي

Wed, 23 Sep 2015 الساعة : 0:26

ان المعلوم ليس التلقيد دائما يكون على خطأ بل قد يكون التقليد له فوائد كثيرة فيما اذا كان مبنيا على اسس علمية وواقعية اما التقليد المرفوض اذا كان قائما على اساس الجهل لانه يؤدي الى وقوع الانسان في محاذير كثيرة ومن المعلوم ان اصحاب أي مدرسة فكرية او عقائدية او سياسية يكونون خاضعين لاطر معينة يصعب الخروج عنها لذلك يبقى ذلك الشخص اسير رؤى معينة ثابنة يعتبر كل شخص مارقا فيما اذا تجاوز عن تلك الرؤى لذلك نجد الصعوبة في عملية أي اصلاح اجتماعي او سياسي او عقائدي فيما اذا كان الخضوع التام لتلك الرؤى علما ان كل شخصية في أي زمان معين تكون خاضعة للبيئة التي تعيش فيها فلا يمكن ان تكون محقة في كل شيء لذلك يحتاج في كثير من الاحيان بناء رؤى تنسجم مع الواقع وحتى ان الاسلام جعل هناك امور ثابتة لا يجوز تجاوزها ولكن جعل مساحة واسعة للاجتهاد في الامور المستحدثة بشرط ان يحصل توافق بين العقل والوحي والواقع وان اهمال أي واحدة منها يسبب ارباك في الواقع الاجتماعي والسياسي والعقائدي والفكري.

لذلك يظهر دور العقل المنتج الذي تكون وظيفته حصول عملية تناغم بين الوحي والعقل والواقع بصورة تثمر افكار واقعية يمكن ان يتكيف معها الانسان المسلم وهذا يتطلب فهما واقعيا اذ مشكلة الواقع الاسلامي هي مشكلة فهم لان فهم صيغة معينة للنص الشرعي قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة والفهم الخاطى يتنج انعكاسات سلبية على الواقع الاجتماعي والسياسي بينما الفهم الواقعي يجعل الانسان المسلم اكثر تآقلما مع الواقع الاجتماعي والسياسي فكل شخصية فكرية او سياسية يمكن ان تكون اسيرة للواقع التي تعيش معها لان الشخص ابن بيئته ولا يمكن ان يتجاوز الكثير ما يحيط به من رؤى.

وان القران الكريم يمثل الصيغة التامة والشاملة والواقعية ولكن الخلل قد يحصل في عملية الفهم للقران مما يسبب بساطة في الفهم خصوصا اذا اقتصر على الفهم الضيق للنص لذلك كانت مسالة فهم الاسلام يعتبر من الضروريات الاساسية في الحياة لان نوعية الفهم سوف يؤثر على كثير من المواقف في الحياة فالفهم الواقعي يجعل الرؤية منسجمة مع معطيات الحياة بينما الفهم الغير واقعي سوف يسبب ارباك في المواقف وكذلك له علاقة بشخصية الانسان ومواقفه اتجاه الاحداث والاشخاص وطبيعة السلوك الواجب اتباعه فالسلوك السلبي او المتطرف يعبر عن الشخصية التي لا تملك وعيا وفهما واقعيا والسلوك الايجابي يعبر عن الشخص الذي يملك اكثر فهما وعلما .

وان الاعتقاد له دور مهم في كثير من المواقف وكذلك الطبيعة النفسية لكل شخص فنوعية الفهم ونوعية الاعتقاد والطبيعة النفسية تشترك في الاختيار لاي موقف في الحياة لذلك بناء الرؤية الواقعية لها من الضرورة الاساسية في الحياة لانها سوف تؤثر على كثير من الاحداث اما الرؤية الناقصة تجعل اعاقة في الحركة التكاملية في هذه الحياة لذلك يتطلب من أي شخصية انسانية ان تجعل من رؤيتها للحياة رؤية واقعية كي يتحقق العدل ولا يقع الانسان في الظلم فان مشكلة البشرية هي مشكلة الظلم فالذي يدرس كل مظاهر الحياة الانسانية عبر التاريخ وفي واقعنا المعاصر يجد ان الظلم هو العائق الاساسي بتحقيق العدالة فالذي يهتم بذاته بصورة مبالغة فيها يعبر عن وجود تاثير الاهواء والشهوات والميول التي تحرك كثير من مواقفه لذلك كانت ضرورة اضعاف جانب الاهواء يعتبرضرورة انسانية كي تكون الرؤية واقعية بعيدا عن النقص وهناك تصورراقي لمدرسة اهل البيت فيعتبر الامام الباقر ع حتى لو ظلمت عليك ان لا تظلم لان الفعل الذي فيه ظلم لا يجوز ان يصدر من المظلوم حتى لو صدر من الظالم فعلى المظلوم ان يكون ارفع وارقى وانبل من الظالم  .

والصعوبة تكمن بان هناك كثير من المواقف السلبية تكون بسبب الجهل وكثير ما يظن البعض انه مواقفه خاضعة للعلم او اليقين ويرتب عليها احكام تسبب ارباك للساحة الانسانية حتى لوكان الشخص يملك من الالقاب العلمية والدينية والاجتماعية والسياسية فان هناك مساحة واسعة تحيط بكثير من الناس وسببها هو الجهل يقول الامام علي ع ( وان اكثر العلم ما تجهلون ) لذلك كان العلم الواقعي هو المنقذ لاي انسان والعلم الواقعي تتطلب طبيعة نفسية رفيعة وراقية لان كثير من الناس ينكر الحق بسبب طبيعته النفسية وان النفس تتلوث بالذنوب ويتطلب اعتقادات صحيحة غير فاسدة والمواقف السلبية والمترددة هو تعبير عن الرؤية الناقصة والمواقف الايجابية هو تعبير عن الرؤية الكاملة.

وان الذي يعرض نفسه الى الانتقادات الكثيرة أي محاسبة ذاته يعمل على تقليل اخطائه في الحياة اما الذي يهتم كثيرا بتوجيه الانتقادات الى الاخرين فقط سوف تكثر اخطائه وعثراته ومشكلة البعض هو توجيه الانتقاد لاجل الهدم لا البناء ومشكلة البعض الاخر خصوصا من بيده السلطة قد يغفل على كثير من الامور لذلك تكمن المشكلة من ان كثير من سلوكيات السلطة والمعارضة تعود الى الطرفين فقد تنتقدالمعارضة السلطة لاجل الاسقاط والتشهير لا الاصلاح ومشكلة من بيده السلطة قد لا يرى كثير من الاخطاء لذلك فتح وسائل الاتصال بين المجتمع ومؤسسات الدولة بصورة واسعة يجعل معرفة كثير من الاخطاء والسلبيات والتجاوزات التي قد يغفل عنها من يمثل السلطة.
عصام الطائي

Share |