حملة محاربة السحرة والمشعوذين والطريق المسدود - ابراهيم عفراوي
Tue, 4 Oct 2011 الساعة : 13:06

في شهر تموز من العام الماضي اطلق السيد مدير شرطة البصرة حملة لملاحقة ومحاسبة مرتكبي وممارسي اعمال السحر والشعوذة في المحافظة والذين افرزتهم ظروف الحصار الصعبة المريرة دون اي اهتمام يذكربما يقومون به في العهد السابق من قبل اي جهة امنية او قانونية على الرغم من ان هؤلاء كانوا مصدر معاناة ومأسي ومشاكل وفتن اضيفت الى عب المواطن والمجتمع فوق اعباء الحصار ومعاناته التي لاتنسى والظلم والاستبداد والطغيان الذي تفشى فيه * ولكن السؤال الذي يطرح نفسه حول تلك الظاهرة التي تفشت واستفحلت , هل ان البصرة وحدها تعاني منها ؟ وهل ان هذه الحملة تم تطبيقها على ارض الواقع ام انها كانت مجرد حملة اعلامية لااكثر كالحبر على الورق ؟ من الموكد ان الحملة لم يكن لها اثرها الفعلي على ارض الواقع لان الاوضاع الامنية والمشاكل والمصائب العديدة التي يعاني منها البلد لاتسمح للقيام بها على الرغم من ان هؤلاء موجودين فعليا وتسببوا بمشاكل وفتن واضرار جسيمة صحية وجسدية ونفسية سوءا للفرد او المجتمع عامة بل ان بعضهم قد تمادى في اعماله الضارة المقصودة الى درجة التسبب بهلاك الاخرين , ووجودهم لايقتصر على مدينة البصرة العزيزة بل يمتد ليشمل كل مدن العراق واقضيته ونواحيه فلاتكاد تخلوا منطقة سكنية من امثالهم بعد ان جعلوا من بيوتهم مكانا للقيام بهذه الافعال المحرمة اخلاقيا وشرعيا وانسانيا والبعض منهم قد اتخذ من محل عمله وباب رزقه في السوق او غيرها من الامكنة التجارية مكانا لعقد صفقاته السحرية وبناءا على طلبات القاصدين اليهم من اصحاب النفوس الضعيفة البعيدين عن دين الله الحق وصراطه المستقيم ( وخصوصا النساء ) بل وجعل هذا المكان سترا وغطاءا وواجهة لعقد تلك الصفقات المشبوهة والتي ستكون فيما بعد مصدر بلاء واذية واضرارللاخرين الذين يدفعون الثمن غاليا من انفسهم واموالهم واهليهم .
وبلاشك ان الفئة الاولى في تلك الظاهرةالشاذة عن القاعدة الانسانية والتي تحتل الصدارة في خطورتها الاجتماعية والانسانية هي فئة السحرة والتي من الصعوبة تمييزها لما تمتلكه من خبث ومكر وخديعة وخبرة في التضليل على الاخرين بحقيقتهم وبحكم طبيعة عملهم و سريته والعهود الماخوذة عليهم من قبل وليهم الشيطان في التكتم وعدم البوح باسرارهم لاي كان وهم يمتلكون فعليا وعمليا سر السحرالحقيقي المؤثر في النفوس وكل فنون وطرق تسخير الجن والشيطانين التي تخدم مصالحهم والتي تعلموها واقتبسوها بطريقة ما سواءا اكانت وراثية اواي مجال اخر فتح له الطريق لهذا العلم الضال وبناءا على رغبتهم الشخصية في تعلمه والعمل به ونشره بين الناس من اجل تحقيق منافعهم واغراضهم الدنيوية وشهواته وملذاتهم الشخصية * واعمالهم الشيطانية من اشد الاعمال خطرا على كيان الانسان ونفسيته وصحته و حياته ومستقبله وعمله وعلاقاته الاجتماعية بل وتمتد لتشمل جميع افراد اسرته * وحسب اعتقادي بان هؤلاء لايمكن السيطرة او القبض عليهم ومحاسبتهم لان لديهم طرقهم الخاصة في تنفيذ مايطمحون اليه دون ان تمتد اليهم يد المحاسبة والعقاب سوءا اكان اجتماعيا او شرعيا او قانونيا حتى وان توفرت ادلة ضدهم تثبت جريمتهم فلديهم مايستندون عليه لقلب الاموروالحقائق لصالحهم *
اما الفئة الثانية فهي فئة المشعوذين وهم اؤلئك الذين لايمتلكون اي لون وصنف من فنون السحر وعلومه وليست لديهم اي قدرة على الضر او النفع من تلك الاعمال التي يوهمون القاصدين اليهم بها , ويمكننا ان نقول بان هؤلاء ربما دفعتهم ظروف الحياة المريرة لسلوك هذا الطريق الذي تعودوا على السير فيه وبهدف جمع الاموال بطريقة سهلة يسيرة لاتتطلب جهدا ولاعناءا ولاتعبا وهي تستند في فعلها على قدرتهم في تحليل مايريده المقابل واستنباط المعلومات اللازمة من خلال كلام القاصدين اليهم لغرض ما ويمتلكون القدرة على الاقناع وبطريقة غريبة بانهم قادرين على حل مشاكله اضافة الى امتلاكهم روح الحيلة والمراوغة والمكر والدهاء في سبيل الوصول الى هدفهم السامي و المنشود الا وهو مافي جيوب المترددين عليهم والاكثر خطرا في هولاء هم اولئلك الذي يتخذون من الدين مظهرا وستارا لافعالهم المحرمة ويبلسون عباءة العفة والصلاح والايمان والتقوى لخدع الاخرين والايقاع بهم وسلب اموالهم * وهم ايضا مصدر فتنة وضلالة وخطرعظيم على كيان الفرد والمجتمع واداة لتخريب وتحطيم النفوس البشرية , بل انهم المصيبة الكبرى التي تضيف عباءا وهما ثقيلا على اولئك الذين يعانون من حالات السحر الحقيقية والذين يبحثون عن علاج شاف لانفسهم او اهليهم مما اصابها من بلاء السحرة الذين لايرحمون املا في العودة لطبيعتهم الاولى ومواصلة مسيرة الحياة مرة اخرى , الا ان هؤلاء المشعوذين يستغلون معاناتهم والامهم ليزيدوا الجرح الما والطين بلة ويمدون من عمر الابتلاء ومعاناته فضلا عن افراغ مافي جيوبهم وفي نهاية الامريجعلون من الحقيقة وهما وخيالا وخرافة غير قابلة للتصديق( تشويه حقيقة مايعاني منه المسحور ليصبح في نظرا الاخرين يعاني مرضا طبيا )وهؤلاء حسب تجربة مريرة وقعنا فيها عاملا مكملا للسحرة المؤثرين في النفس البشرية واداة فعالة للتغطية عليهم وضياع حقيقة افعالهم الضارة والمؤذية والمهلكة .
ويجب الا ننسى باعة الاحجار الكريمة الذي اخذوا يفترشون الطرقات بحرية اذ لا يكاد يخلو سوقا او رصيفا منهم بل انهم منتشرين وبشكل ملفت للنظر بالقرب من المناطق والاضرحة المقدسة دون ان يتعرض فعلهم هذا لاي متابعة او محاسبة من اي جهة امنية او شرعية ولاندري كيف يستطيع هولاء التمييز فيما بين الاحجار الكريمة والخبيثة التي قد تسبب امراضا او عاهات او مشاكل وخلافات وفتن داخل العوائل في حالة اقتنائها من قبل اؤلئك الذين يجهلون بسرها خصوصا وان هنالك الكثير منها قد يسبب اضرار بليغة للانسان وكيانه فقد تؤدي به الى الجنون ( كعظم الهدهد , وعرج السواحل , والكثير من الاحجار المحكومة من الجن والبعض منهم يمتلك سرا لبعض اثار الموتى لبيعه عند الطلب وغيرها من المواد ذات الاثار السلبية على صحة الانسان وكيانه) علما بان هولاء لديهم ارتباطاتهم الخفية بعالم السحر والسحرة فهم يجلبون لهم ماتتطلبه اعمالهم السحرية ذات تاثير الفعال على النفس البشرية فضلا عن الزبائن الراغبين في عمل سحري لغرض ما .
ويجب الاننسى مصدرا اخر من مصادر السحر المهمة و التي لاينبغي غض النظر والتغافل عنها والتي نشطت نشاطا لامثيل له بعد التغيرات والانفتاح الحضاري والاعلامي الا وهي المكتبات التي اخذت على عاتقها جلب كل مايثير في النفس رغبة وتشويقا وطموحا لتعلم طرق السحر وفنونه من كتب السحر ومجلداته التي كانت ممنوعة وبما تحتويه من طلاسم غريبة وعزائم وعبارات كفرية تدعو الى الاشراك بالله تعالى قد تكون سببا في ابتلاء عظيم يقع فيه الفرد او اسرته عند اقتنائه لتلك الكتب التي حرمها الدين والشرع دون معرفة وادراك حقيقي من قبله بخطورتها , بل ان تلك الكتب اصبحت تباع على قارعة الطريق امام انظار الجميع ويقتنيها الطفل الصغير فضلا عن الشيخ الكبير , اليس من المفترض ان تكون هنالك رقابة من قبل الجهات المختصة .
و بسبب جهل الشرائح والاوساط الاجتماعية بحقيقة السحر وتاثيراته والطرق المناسبة لعلاجه غبنت وظلمت نفوس مؤمنة وطيبة وخيرة وهم اؤلئك الذين توجهوا الى خالقهم بفروض الطاعات التي اوصى بها ابتغاءا لمرضاته والذين وضعوا انفسهم حبا به وطاعة لاوامره اولا واخرا في نصرة المظلوم واغاثه الملهوف فكانوا في خدمة من اصيب بهذا البلاء العظيم السحر او المس او اللبس او اي امر اخر لايجد علاجا شافيا الابطريق اللجوء الى الله تعالى وقرانه العظيم الذي فيه شفاءا ورحمة للمؤمنين . ومما لاشك فيه ان لكل داء دواء والدواء لايمكن تحديده لشفاء حالة معينة الا بوصفة انسان امتلك العلم الكافي وتخصص فيها ليكون الدواء فعالا وشافيا باذن الله تعالى , فهل باعتقادكم ايها الاخوة ان طبيب الامراض الباطنية قادر على علاج حالة لاتندرج ضمن ميدان عمله واختصاصه كامراض القلب مثلا وكذلك السحر واثاره لابد من وجود اشخاص مؤهلين يمتلكون علمه المضاد للقضاء عليه *
نحن نتمنى من الله تعالى وبعد استقرار الوضع الامني داخل العراق وعودة الحياة لطبيعتها ان يلتفت الجميع لتلك الظاهرة المؤلمة والمدمرة لكيان الانسان والمجتمع بصورة عامة وان تقوم الجهات الدينية بمايوجبه الله في دينه وشرعه عليها بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاربة تلك الفئات الضالة عن طريق الخطب والمحاضرات الدينية في المساجد والجوامع ونشر مايمكن نشره لدفع الاوساط الاجتماعية المختلفة الى نبذ تلك الطرق والمسالك الشيطانية المحرمة وتنبيههم وتحذيرهم بعدم اللجوء اليها مهما كانت الاسباب اضافة لهذا التوعية بحقيقة السحر واثاره السلبية على ديننا الحنيف و على الفرد والمجتمع وتوضيح امره بما يتناسب واثاره الحقيقية عند الاصابة به مع التوجيهات المناسبة لكيفية اتقائه و علاجه عند الاصابة به ونتمنى من الله تعالى ان تلفتت الجهات الامنية والقانونية وباهتمام وجدية الى المخاطر الجسيمة التي تنشا نتيجة افعال السحرة والمشعوذين على امن وسلامة المواطن والمجتمع فاعملهم الشيطانية قد تودي الى تجاوزات لايمكن عدها ولاحصرها على حق الاخرين في الحياة ان لم تؤد به الى الهلاك فلابد ان يقوم القانون بدوره الفعال في تلك القضية من خلال صياغة ووضع فقرات قانونية واضحة وصريحة وصارمة تحد من نشاط السحر والسحرة لكيلا تتعرض نفوس بريئة لما تعرضت له عائلة المرحوم التشكيلي ( اسماعيل عفراوي ) في منطقة ابودشير من استفحال وتمادي واصرار على الاذية والاضرار بالاخرين بالسحر والشعوذة الى درجة قتلهم بعد ان اطمانوا على ان تلك النداءات مجرد كلام لاتطبيق ولاتنفيذ له وان جرائمهم ستبقى بعيدة الى الابد عن ان تطالها يد القانون او اي جهة اخرى , بل ان هؤلاء قد جعلوا من ظاهرة القتل العشوائية المتفشية في العراق عذرا اخر لجرائمهم وحقيقة هذا الامر نلمسه من خلال قولهم ( لماذا اقام الدنيا ولم يقعدها لما حصل لاخاه قابل هو يختلف عن اولئك المقتلوتين بالانفجارات والمفخخات ) صدقوني ان قلت لكم ان هؤلاء يشكلون خطرا اكثر من الارهاب نفسه وهنالك الكثيرين قد ازهقت ارواحهم ونفوسهم نتيجة افعالهم المحرمة ودون وجه حق , الرابطان هما التوضيح الاكثراهمية من الكلام عن تلك القضية الاجتماعية الخطيرة وعذرا للاطالة ففيها فائدة لابناء بلدانا الخيرين الطيبين وغيرهم من ابناء امتنا الاسلامية .
http://www.youtube.com/watch?v=6_PjZvoPtgs