التحريف الحاصل في الأناجيل !التحريف الحاصل في الأناجيل التحريف الحاصل في الأناجيل /مير عقراوي
Wed, 16 Sep 2015 الساعة : 2:22

مقدمة موجزة ؛
لقد أخبرنا القرآن الكريم في العديد من آياته البينات الواضحات عن التحريف الذي حدث لكتابي التوراة والإنجيل ، منها : { وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يُحَرِّفونه من بعد ما عَقَلُوهُ وهم يعلمون } البقرة / 75 ، و { ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذُكِّروا به } المائدة / 14
فالنسيان والتناسي المتعمِّد للقسط والنصيب الأعظم من التعاليم الربانية ووصاياه سبحانه وتذكراته التي ذُكِّروا بها من خلال نبي الله عيسى المسيح – عليه الصلاة والسلام - دفع فريقا منهم الى الإقدام على تحريف كتابي التوراة والإنجيل في الغالبية الساحقة من مواضعهما ، وذلك بالتبديل في العبارات ، أو بالزيادة فيها ، أو النقص . وقد يتعجب المرء من كثرة التحريف الحاصل وشيوعه بإنتشار واسع فيهما ، وبشكل واضح كل الوضوح . ثم بشكل يُصاب الانسان بالدهشة ، بل بالصدمة من جرَّاء حشو الخرافات والقصص العجيبة والغريبة فيهما ، أما المتناقضات والأخطاء فيهما فحدِّث ولا حرج من ذلك . هذه المقالة تتناول التحريف في إنجيل متى ، أما التوراة فإنها بحاجة الى وقت خاص آخر ، والى المزيد من المقالات والبحوث النقدية التحقيقية .
ثم الأكثر عجبا ودهشة ، هو إن عملية الدسِّ التحريفي في مختلف الأناجيل مستمرة حتى أيامنا هذه ، وهي لم تكن خاصة بالأزمان الغابرة والماضية فقط، وهذا يثبت ويبرهن صحة ما قاله القرآن الكريم عن التحريف الحاصل فيهما ، ومثالها إنجيل يوحنا ! .
إنجيل يوحنَّا !
يُعتبر إنجيل يوحنا الإنجيل الرسمي الرابع لدى المسيحية ، حيث فيها أربعة أناجيل مُعترف بها لديها وتسمى ب[ الأناجيل الأربعة القانونية ] . يقول كتاب < قاموس الكتاب المقدس > عن الأناجيل الأربعة وأهميتها في الديانة المسيحية ما يلي :
( الأناجيل الأربعة القانونية : نسب الكتاب المسيحيون في القرن الثاني الميلادي ، الأربعة الأناجيل الى متَّى ومرقس ولوقا ويوحنا . وقد تسلَّمت الكنيسة هذه الكتابات كسِجلاّت يوثق بها وذات سلطان إذ تحتوي على شهادة الرسل عن حياة المسيح وتعاليمه .
وبدأ الكتاب المسيحيون من القرن الثاني الميلادي بإقتباس هذه الأناجيل وشرحها وقاموا بعمل ترجمات منها الى لغات متنوعة كالسريانية والقبطية واللاتينية ، ولذا فما من شك في ان هذه الأناجيل سجلات رسولية صحيحة صادقة . وتؤيد الرسائل في العهد الجديد صورة حياة المسيح وتعاليمه وأعماله وشخصه كإنسان وإله كما وردت في هذه الأناجيل ) ينظر كتاب [ قاموس الكتاب المقدس ] ، تأليف نخبة من الأساتذة ذوي الإختصاص ومن الّلاهوتيين ، هيئة التحرير : الدكتور بطرس عبدالملك ، الدكتور جون الكساندر طمسن ، الأستاذ إبراهيم مطر ، دار مكتبه العائلة بالقاهرة – مصر ، بالتعاون مع جميعة الكتاب المقدس في لبنان ، وبالإتفاق مع رابطة الإنجيليين بالشرق الأوسط ، طبع بمطبعة الحرية ، بيروت / لبنان ، 2000 ، ص 121
لاحظنا في النص التعريفي أعلاه لكتاب [ قاموس الكتاب المقدس ] لمؤلفه نخبة من الأساتذة ذوي الإختصاص ومن اللاهوتيين المسيحيين ، مضافا الى هيئة تحريره المؤلفة من المتخصصين المسيحيين في المسيحية مدى أهمية ومركزية الأناجيل الأربعة القانونية لدى المسيحية ، منها إنجيل يوحنا بطبيعة الحال ، مع إنه لدينا ملاحظات نقدية أساسية على التعريف السابق ، بخاصة ما ورد في الشطر الأخير منه ، وهو كلامهم وتعريفهم عن عيسى المسيح – عليه الصلاة والسلام – من حيث [ صورة حياة المسيح وتعاليمه وأعماله وشخصه كإنسان وإله كما وردت في هذه الأناجيل ] !!! ، لأنه يتناقض كل التناقض مع عبارات كثيرة وردت في الأناجيل الأربعة نفسها ، وقصدنا هم تحديدا ؛ [ وشخصه كإنسان وإله ] ! . بما إن هذه المقالة لا تتطرَّق الى هذه القضية فإني لا أبحث عنها ، بل أُرجيء البحث النقدي عنها الى فرصة مؤاتية أخرى ، لكن كإشارة سريعة لدحض ذلك أورد النص الإنجيلي التالي ، وهذا النص أيضا يثبت ويؤكد مدى التناقضات الغريبة والإضطرابات الواضحة الموجودة في الأناجيل الأربعة المنعوتة ب< القانونية > :
يقول المسيح لمريم المجدلية بعد خروجه من القبر (!) – كذا ساخ سليم كما تزعم الأناجيل - : [ إني صاعد الى أبي وأبيكم ، وإلهي وإلهكم ] ، ينظر كتاب ( الكتاب المقدس / إنجيل يوحنا ] المكتبة الشرقية ، بيروت / لبنان ، دار المشرق ش . م . م ، بيروت / لبنان ، جمعيات الكتاب المقدس في المشرق ، بيروت / لبنان ، ط 6 لعام 2000 ، ص 357
كما قرأنا إن المسيح بعظمة لسانه قال بأنه صاعد الى أباه وأباهم ، والى إلهه وإلههم ، وهذا النص دحض كامل ، ومن الأساس للتعريف السابق عن المسيح وقصة تأليهه بشكل عام ، فلو كان المسيح يظن بأنه [ إله ] ، أو [ شُبه إله ] هل كان يقول ما قاله آنفا ..؟ ، ثم إن النص السابق ينسف البنوة الخاصة للمسيح لله سبحانه من أساساتها المضطربة والمشلولة أصلا من ناحية ، والمستعارة من المصريين القدماء والهنود القدماء واليونانيين القدماء من ناحية ثانية ، ثم من ناحية ثالثة إن البنوة والتثليث والصليب وموضوع التضحية والفداء بشكل عام كان موجودا بين الشعوب القديمة المذكورة قبل أن يرى المسيح النور بآلاف السنين ، فالمسيح – عليه السلام - قال بأنه صاعد الى أباه وأباهم ، أي إن الله تعالى هو الأب – مجازا - لجميع البشر بدون آستثناء لهذا دون ذاك ، لأنه سبحانه الخالق هو رب العالمين . قال نبي الله محمد – عليه الصلاة والسلام – في هذا الصدد ؛ { الخلق كلهم عيال الله } ! .
إنجيل يوحنا : الطبعة عام [ 1979 ]
1-/ ( وكان خادم للملك آبنه مريض في كَفْرَ ناحوم . هذا إ سمع أنَّ يسوع قد جاء من اليهودية الى الجليل . إنطلق اليه وسأله أن ينزل ويشفي آبنه ، لأن كان مشرفا على الموت . فقال له يسوع : < لاتؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب > . قال خادم الملك : يا سيد أنزل قبل أن يموت آبني ) ينظر كتاب [ الكتاب المقدس / إنجيل يوحنا ] تصدرها دار الكتاب المقدس في العالم ، طبعة 1979 ، ص 152
2-/ إنجيل يوحنا : الطبعة عام [ 2000 ]
( وكان هناك عامل للملك له آبن مريض في كفرناحوم . فلما سمع أن يسوع جاء من اليهودية الى الجليل ، ذهب اليه وسأله أن ينزل ، فيًبْرِيْ آبنه وقد أشرف على الموت . فقال له يسوع : < اذا لم تروا الأيات والأعاجيب لاتؤمنون > . فقال له عامل الملك : يارب ، أنزل قبل أن يموت ولدي . ) ينظر كتاب [ الكتاب المقدس / إنجيل يوحنا ] ، دار المشرق ش . م . م بيروت / لبنان ، المكتبة الشرقية ، بيروت لبنان ، جمعيات الكتاب المقدس في المشرق ، بيروت / لبنان ، ط 6 ، 2000 ، ص 300 – 301
أوجه الإختلاف والتحريف :
1-/ في طبعة عام [ 1979 ] لإنجيل يوحنا ( كان خادم للملك ) ، بينما نلاحظ في طبعة عام [ 2000 ] (كان هناك عامل للملك ) !
2-/ في طبعة عام [ 1979 ] لإنجيل يوحنا ( قال له خادم الملك : يا سيد أنزل قبل أن يموت آبني ) ، بينما نلاحظ في طبعة عام [ 2000 ] التحريف التالي ( فقال له عامل الملك : يارب ، أنزل قبل أن يموت ولدي ) !
3-/ في طبعة عام [ 1979 ] نقرأ فيها ( أنزل قبل أن يموت آبني ) ، بينما نقرأ في طبعة عام [ 2000 ] ( أنزل قبل أن يموت ولدي ) .
نلاحظ كل تلك الحالات الصارخة من الإختلاف والتحريف والزيادة ، أو النقص في موضوع قصير واحد ، في إنجيل واحد ، وهو إنجيل يوحنا ، فكيف اذا آستقصينا الأناجيل كلها نقدا وتحقيقا ...؟