الشخصية بين الالتزام الديني والالتزام الاخلاقي/عصام الطائي

Wed, 2 Sep 2015 الساعة : 1:32

هناك اربع نماذج لبيان حقيقة العلاقة بين الالتزام الديني والالتزام الاخلاقي:
النموذج الاول : قد يكون الشخص ملتزما دينا من حيث تمسكه بما يفرض عليه الدين من تعاليم فيكون مدى التفاعل مع الدين يعمل في بناء شخصية ملتزمة دينية تبتعد عن ارتكاب المحرمات وتؤدي ما عليها من واجبات وفي نفس الوقت يكون هذا المتدين ملتزما اخلاقيا من حيث عدم ارتكاب الافعال الغير اخلاقية مثل عدم ارتكاب الغيبة والحسد والطمع والكبر والغش وغيرها من القيم والمبادى الاخلاقية السلبية التي يعمل على عدم الاقتراب اليها فتتكامل النفس على مدى التفاعل مع تلك القيم الدينية والاخلاقية فتكون الشخصية ايجابية تخدم المجتمع تتبع العدالة وتكون بعيدة غالبا عن الظلم .
النموذج الثاني: قد يكون الشخص ملتزما دينيا الا ان الاخلال يكون في الالتزامات الاخلاقية حيث يحصل خلل بنسب متفاوتة بين شخص واخر فمن الممكن ان يكذب المتدين على الاخرين ومن الممكن ان يستغيب الاخرين ومن الممكن يحصل الطمع بصورة واخرى بين أي شخص واخر او أي انتقاص في الجوانب الاخلاقية الاخرى والسبب في الاخلال بالالتزامات الاخلاقية يعود لاسباب كثيرة منها ضعف التفاعل مع الرسالة والضعف في البناء النفسي والروحي والاخلاقي وقوة المصالح الشخصية وتحكم جانب الجهل في الشخصية فالجهل يجعله يقع في كثير من الاخطاء والانحرافات والتجاوزات ومن هذه التجاوزات والانحرافات هي الاخلال بالالتزامات الاخلاقية.
النموذج الثالث : لا يكون الشخص متدينا فهو شخص لا يؤدي الواجبات الدينية ولكن قد يؤدي به الى ارتكاب الافعال المرفوضة دينيا مثل شرب شرب الخمر او التعامل بالربا ولكن في نفس الوقت نجده ملتزما اخلاقيا فهو لا يغش ولا يسرق ولا يكذب و لا يحسد ولا يتكبر على الاخرين بدرجات مختلفة وان صفة الجهل بالعقيدة له مجال واضح مثل هكذا شخصية فتكون الاهواء والرغبات مسيطرة على شخصيته ولكن روحه لم تتلوث بدرجة كبيرة فتبقى جوانب الخير في نفسه توثر في شخصيته مما يؤدي به الى الاتصاف بالالتزام بقيم اخلاقية نبيلة وتحتاج مثل هكذا شخصية الى تكامل اكثر واكثر كي تكون اكثر صفاءا وتحتاج التعرف عن الحقائق بصورة اكثر عمقا وذلك فهي تحتاج الى ان تتجرد عن الجهل.
النموذج الرابع  : لا يكون ملتزما لا دينيا ولا اخلاقيا ومثل هؤلاء الاشخاص هم اسوء الشخصيات في المجتمع فهم شخصيات سلبية لا يمكن الاعتماد عليهم وفي كثير من الاحيان يرتكب مثل هؤلاء الاشخاص الجرائم بحق الاخرين وبحق انفسهم ويلاقي ما يلاقي المجتمع من مصائب ومحن من قبل هذه الفئة وكلما قلت مثل هذه الفئة المجتمع كلما كان المجتمع يعيش بدرجة من درجات الامان وكلما كثرت هذه الفئة كلما اصاب المجتمع مصائب ومحن وشدائد جراء هذه الفئة.
وقد نسمع من بعض الاشخاص بان فلان من الناس لم يكن متدينا الا انه له مواقف اخلاقية رائعة مع الاخرين من خلال مساعدتهم بخلاف ان يكون اشخاص اخرين قد يكونون متدينين الا انهم لم يكن لهم الاستعداد لمساعدة الاخرين بل الانانية هي صفة غالبة في شخصيتهم والحقيقة ان السبب الذي يجعل بعض الناس يقومون بمساعدة الاخرين يعود الى اسباب عديدة منها التربية الحسنة من قبل والديه واما المتدين الذي لم يكن متفاعلا في خدمة الاخرين فيعود الى ضعف التفاعل مع الرسالة فهناك من الاشخاص لم يتفاعل مع معطيات الرسالة ولم تكن التربية حسنة التي تربى عليها مما يسبب اعوجاج في السلوك والى غيرها من الاسباب الاخرى.
وقد يكون الشخص ملتزما دينيا وملتزما اخلاقيا بدرجات مختلفة الا ان السلوك الخارجي فيه انحرافات كما في السلفيين التكفريين والسبب يعود الى الخلل في الرؤية حيث يعتبر هناك اشخاص قد يعتبرون وفق زعمه كافرين او مشركين او مرتدين الا انهم في الحقيقة غير ذلك فهنا الخلل يحدث في التصورات الخاطئة اتجاه الحقائق والاشخاص فتكون رؤيته منحرفه مما تنعكس على مواقفه وسلوكياته وهو يعتبرها مواقف وفعال طبيعية الا انها في الحقيقة خلاف ذلك فهي تخالف الوحي والعقل والوجدان الحي فهنا الشخصية بالرغم من التزامها دينيا واخلاقيا ظاهرا الا ان نتيجة السلوك المنحرف انتقل الى شخصية سلبية حيث يظن انه يحسن صنعا الا انه يسوء الى الحقيقة بسلوكياته.
 اما الشخص غير المتدين وايضا غير ملتزما اخلاقيا فنلاحظ عليه هناك اعوجاج باللسان واعوجاج في الحال فلسانه قد يرتكب شتى انواع الفواحش من الالفاظ النابية من خلال الشتائم والالفاظ غير اللائقة  وفي نفس الوقت هناك اعوجاج في نفسيته فهي غير متكاملة اخلاقيا مما يسب اعوجاج في السلوك من خلال التصرفات السلوكية السلبية .
وهناك مسالة مهمة قد يكون الشخص طيب القلب ويحب الخير للاخرين الا ان ادارته لمنصب ما قد تكون ضعيفة فلا يوجد تلازم بين كون الانسان طيب القلب وكونه ناجحا في المجال الاداري او السياسي او الاجتماعي بل قد تكون المؤهلات ضرورية ليكون انجازه واقعيا والبعض يتصور ما دام كونه انسانا جيد فلا بد ان يكون ناجحا في كل المجالات فيمكن ان يكون وزيرا للتربية والمواصلات والنقل والتجارة او أي موقع اخر ولكن هذا خلاف الواقع.
المهم ان الانسان الجيد هو من يؤدي واجبه اتجاه الاخرين ولكن يتطلب من كل انسان ان يعرف نفسه ولا يحملها فوق طاقتها فاذا لم يكن قادرا على اداء دوره عليه ان يبتعد وياتي من يقوم بدوره فبذلك يكون محترم من قبل الكثير من الناس ولكن حب الذات والمصالح الشخصية والحزبية والقومية تجعل الشخص لا يتنازل وبذلك يكون في موقع تهمه من قبل الاخرين وقد قيل ( رحم الله امرءا  جب الغيبة عن نفسه) .
عصام الطائي

Share |