البيوت الثقافية في العراق فشل ذريع وتقاطع في الرؤى-ليث فائز الايوبي
Mon, 3 Oct 2011 الساعة : 11:47

ما هي حقيقة البيوت الثقافية ... وما هي اهدافها .. ومن يضطلع بمهام ادارتها وايجاد سبل كفيلة بازالة الهوة الحاصلة ما بين المثقف والمؤسسة الثقافية . وهل نجحت كوادرها الادارية في اختيار من هو كفء بادارة الملف الثقافي والارتقاء به ام انها زادت الطين بله وانكفأت على نفسها تلوم المثقفين على ادارة ظهورهم لها بسبب ترفعهم من الانخراط في اتون بطانات ادارية متكلسة لا تعي اهمية الثقافة في المجتمع الا بالحدود الدنيا تكاد لا تعطي اي تأثير ملحوظ وبما يجعلها مثار شفقة وتندر ومقاطعة الوسط الثقافي وجمهوره الفاعل .
بداية نود ان نشد على يدي وزير الثقافة الحالي لكونه امر بايقاف وتجميد الفعاليات الهزيلة التي كانت تقام جزافا بأسم المهرجانات والاسابيع والايام اللاثقافية داخل وخارج القطر , لكونها لم تكن تمت بصلة للثقافة والفكر والفن بل و لا يتم ترشيح من يمثل الابداع العراقي فيها في المحافل الدولية بشكل عادل ونزيه ,لكنها كانت عبارة عن غنائم حرب تقتصر على ايفاد من ليسوا من المعنيين بالامور الادبية والفنية والابداعية خلافا لما هو مفترض . وهي امور لم تكن خافية على احد . وطالما عوتبنا من قبل اشقاءنا العرب على عدم حضور الاسماء الفاعلة في المشهد الثقافي العراقي وهي ليست سبة للثقافة العراقية فحسب وانما سبة تشمل العملية السياسية برمتها لانها تجاهلت صناعة الانسان وتفرغت لترهيبه وقتله وتدمير معنوياته . ونحن نأمل صادقين تجميد هذه الفعاليات الغير مجدية بصورة دائمية ريثما يتم نقل خدماتنا نحن الادباء من موظفي وزارة الثقافة الى مجلسنا المرتقب المجلس الاعلى للثقافة لكي يعود ما لقيصر لقيصر وما لله لله . ولنسّرح كل من ملأ قلوبنا قيحا باحسان الى يوم الدين .
لقد صدمنا حقا بالعقلية العشائرية التي تدار بها البيوت الثقافية التابعة لدائرة العلاقات الثقافية كوني احد موظفيها , ( وانا هنا ابدي رأيي كمثقف وشاعر لا كموظف لكي يؤلبوا علينا الامانة العامة لمجلس الوزراء في اصدار كتب صدامية لترهيب الموظفين كما حدث معي سابقا ) هذه المؤسسات المنسوبة جزافا للثقافة وهي منها براء والتي يفترض ان تكون واجهة لوزارة الثقافة من حيث مد الاواصر بينها وبين عامة الادباء والفنانين والمبدعين في تلك المدن لا الانغلاق على نفسها وتشويه صورتها لدى المثقف و اعطاء ذريعة لان تكون محط استهجان ونفور وتندر الطبقة المثقفة وتشنيعاتها .. او تجييرها لامور ثانوية غير سوية بعيدة كل البعد عن العمل الثقافي يكون فيها العلف اغلى من الحمير .
سبب هذا التخبط اذا جاز لنا التعبير هي تلك النظرة الضيقة لاغلب من يحتكرون المناصب الثقافية ازاء المبدعين والتوجس منهم , خوفا على كراسيهم ربما .. هذه الكراسي التي لا تساوي لدى المبدع الحقيقي جناح بعوضة ,, لذلك لم نستغرب مطلقا عندما يتم اناطة تلك المراكز والبيوت الثقافية رغم تواضع امتيازاتها الا بمن هم على شاكلتهم ليسهل عليهم الشعور بالطمأنينة ازاءهم وعدم الاحساس بالدونية امام الاسماء الكبيرة والشهيرة من المبدعين .
لكن ان تصل محاربة المبدع المستقل الى درجة التهجير واجباره على تقديم استقالته او فصله من الوظيفة كما حدث مع الشهيد هادي المهدي او من سيليه فهذا ما لايمكن السكوت عليه ابدا,,
ندعو السيد وزير الثقافة واللجنة الثقافية في مجلس النواب الى الاسراع بتشكيل المجلس الاعلى للثقافة لكي يتولى على عاتقه تسيير ثقافة العراق .. هذه الثقافة التي لابد ان تستعيد عافيتها بايدي مثقفيها منوهين ان اتحادا ثقافيا يفتقر للدعم المادي مثل اتحاد الادباء العراقيين نراه اليوم يقود حركة ثقافية زاهرة مشهود لها قلما تجد منهاجه يخلو يوما من الفعاليات الثقافية الجديرة حقا بالفخر والاهتمام يحضرها جمهور متنوع عكس ما هو حاصل في بيوتنا الثقافية , فعلام لا تسلم المهرجانات والايفادات والاسابيع الثقافية الى اتحاد الادباء لكي ينتهي هذا التخبط الاعمى ..؟ اذا كان مدير المراكز والبيوت الثقافية ذاته لا يميز بين الواو والضمة في مجريات الوسط الثقافي وانا اتحدث هنا عن تجربة واقعية اخضعته فيها لاختبار مضحك سألني فيها هذا السيد سؤال العارف الخبير .. مع من كنت ازاول عملي السابق في مجلة الاقلام الصادرة عن وزارة الثقافة منذ ثلاثين عاما .. لكن المصيبة انه ابدى عدم معرفته بالمجلة اصلا ولا بالراحل محمد مبارك وعبد الخالق الركابي واحمد خلف وعادل عبدالله وفيصل جاسم وعشرات غيرهم !
لكن المشكلة لا تكمن في هذه الانامل الغبارية المرمية بلا جدوى على الطاولات , المشكلة تكمن في ان من يحاول تطوير هذه المراكز من خلال ابداء مقترحاته يواجه بوجوه مصفحة لا تشي ابدا بالراحة وضرورة التواصل معها لكونها تكن عداءا غريبا ازاء كل من يشعرها بفقرها وخلوها من المعرفة بمجريات الوسط الثقافي وافتقارها لخاصية التواصل مع من هم نخبة المجتمع ومبدعيه ناهيك عن العقد النفسية المتجذرة في نفوس هذه الطبقة التي لم يكن ايا منهم يحلم يوما بالجلوس الى طاوله تجمعه مع عبد الخالق الركابي او فاضل ثامر او حسب الشيخ جعفر او سواهم .
ولحين تشكيل هذا المجلس حبذا لو تم منح الادباء والمبدعين منهم على وجه الخصوص التفرغ الادبي كما هو معمول به في جميع دول العالم المتحضر ريثما تعاد مفاصل الثقافة الى اصحابها الشرعيين . مؤكدين ان الثقافة الحقيقية لا يصنعها الا المبدعون .. رضي ام كره الكارهون !