كلام على سطح الماء/نعيم كرم الله الحسان

Sun, 30 Aug 2015 الساعة : 14:02

من الحكايات التي سمعتها في السجن في زمن النظام البعثي .أن أحد الشيوعيين كان مطلوباً للسلطات الأمنية في عام 1964 فلجأ الى الريف في أحدى القرى النائية .فأستظافه فلاح في تلك القرية من أقاربه .وحين حضر وقت الغداء جلس الأثنان سويةً للغداء  .وكان الغداء بسيطاً كعادة أهلنا في الريف وكان موضوعاً في صحن بدا عليه القدم {صحن فافون حاركته النار وصاير أسود } فقال الرجل لخطاره  الشيوعي {عمي شنو عود شيوعيه وشيوعي }
فرد الشاب بلباقه {عمي الشيوعيه يعني تاكل إنت وعبدالسلام عارف سويه بهذا الصحن }وكان عبدالسلام عارف في وقتها رئيساً على العراق
فتعجب الفلاح {أكللك عمي الله عليك هذا الحجي صدك .كله عمي والله صدك .جا أجذب عليك }
فرد الفلاح {جا عمي سجلني وياكم }
ومعنى هذا وقصدي في إيراد هذه القصة على أن الحركات والأفكار والأحزاب إنما جاءت كرد فعل على الظلم والتفرقة والتفاوت الحاد  مابين المجتمع وجعلت أهدافها سعياً وراء العدالة وتوسعة الثروه بشكل أفقي
وقد شهدت القرون الأخيرة من عمر البشرية موجات وثورات عظيمه للتخلص من العبوديةوطغيان السلطة وتركز الثروهةبيد فئه قليله من الناس والتي حصلت عليها لاعن عمل أو جهد وإنما بسبب السرقة والفساد وإستغلال الحكم والسلطة
وقد رافق الحركات والثورات تهذيباً حتى للإلقاب الفخمةوالتي تجعل التمييز العنصري واضحاً في أوساط المجتمع
والحق أن مسعى البشرية تكلل بالنجاح في جهات كثيرة من العالم وأصبحت السلطة هي عبارة عن أدارة الدولة وعلاقاتها مع العالم وأصبح المجتمع يدار من قبل المؤسسات الرصينة القائمة على القانون الصارم
ونحن حين ذهبت الديكتاتورية السمجة والمقيتة  التي كرست نوع من الحكم البدائي القائم عل عقد الديكتاتور وسطحية أفكاره ومزاجه الإجرامي كما أحيت القيم البدائيه القائمة على حكم العائله والقبيلة والأبناء والأقارب .إستبشرنا خيرا بأننا سوف نعيش زمناً يختصر تجارب البشريه ويبني وطناً قوياً قائماً على العدالة والإستقاق الطبيعي
لاسيما أن العراق عاش زمناً غريباً ونادراً من الظلم والقمع والتهميش وسحق كرامة الإنسان
إلا أننا فجوئنا بنمط أكثر غرابه وأكثر إحباطاً وعبثية
ومرت السنوات الإثنى عشرا الماضية وكأنها خارج الزمن وأصبحت تختصر بكائنين رهبين
هما .الفساد .وإجرام التفجيرات والقتل
وعدنا الى زمن الباشوات والبيكات وزمن الساده والعبيد وزمن الأ قطاع والفلاح وكل ظواهر السخف التي كافحت البشرية من أجل إندثراها
وظهرت ألقاب السلطة الميتة البائدة
كدولة الرئيس ومعالي وسعادة وكأننا في زمن الطربوش والسداره .وأصبحت المنطقة الخضراء وكأنها القلعة التي وردت في رواية كافكا
أصبح المجتمع فقيراً متقعاً وأصبح المسؤل أرستقراطياً بإمتياز
تتضحم الثروة عند أصحاب السلطه وتتقزم لدى المواطن
وشيعت جنازة القيم الذي حلم بها الأحرار إلى مثواها الأخير
وأعتقد أن وضعاً كهذا لايصلح بمظاهرة وإصلاحات ..وإنما بثورة تهتف فيها الملايين وتقتلع الفاسدين من الجذور وتؤسس لنظام جديد

Share |