القراءات للفكر القومي واليساري والعلماني والاسلامي/عصام الطائي
Mon, 24 Aug 2015 الساعة : 21:23

القراءة الخاطئة لا تقصر على قراءة معينة وانما الى مجموعة من القراءات الخاطئة فكل فئة من هذه الفئات قد سببت هزيمة اما سياسية او فكرية او اجتماعية خلال الفترة الماضية والحالية وكان الخلل واضحا في النخب الفكرية والسياسية ولا تقتصر القراءات الخاطئة على توجهات الفكر القومي واليساري والعلماني والاسلامي وانما الخلل كان واضحا من قبل الدول السلطوية التي استغلت تلك الاتجاهات الفكرية لتطبيق اجندتها وكانت الانظمة الدكتاتورية سببا في تدمير كيان الامة وطموحاتها وكانت الانظمة السلطوية ولا زالت تستمد مرجعيتها من نفسها او أي توجه تمثله من تلك القوى القومية او اليسارية او العلمانية او الاسلامية.
ويتهم الخطاب العلماني الاتجاهات القومية واليسارية والاسلامية بان خطابهم ايديولوجي وان خطابهم نهضوي يعتمد على الشعارات فقط والحقيقة لا تكمن المشكلة كون الخطاب ايديولوجي او غير ايديولوجي وانما تعود المشكلة الى الادلجة وهي نفس المشكلة التي وقع فيها الاتجاه العلماني فهو جزء من المشكلة وليس طرفا محايدا.
وان المشكلة في اغلب الاتجاهات الفكرية سواءا القومية او اليسارية او العلمانية او الاسلامية هي بمدى الاستعداد للمراجعة الفكرية والمراجعة في الممارسة السياسية وان كل طرف من هذه الاطراف يركز على جانب معين ويهمل جوانب اخرى تكون مهمة وضرورية فيكون غافلا عنها فان الاتجاه القومي يركز على جانب الوحدة والاتجاه اليساري يركز على جانب الصراع والاتجاه الاسلامي يركز على الهوية والاتجاه العلماني يركز على الحقوق والحريات والتعددية وغيرها من المفاهيم الا ان الاتجاه العلماني له رؤية انتقائية وهو يعتبر تجسيد للنموذج الغربي ولد موقف سلبي اتجاه التوجهات الاسلامية ويتخذ موقف الحذر منهم بل قد تصل الى العداء والكراهية وله موقف سلبي اتجاه القيم والمبادى الاسلامية فله تصور ساذج نحوها وقد يحرض السلطات ضد التوجهات الاسلامية .
وان بعض التوجهات العلمانية قد تقف مع الانظمة الاستبدادية فهي تمارس الدور الانتهازي وهذا الاتجاه غير قادر على التفاعل مع الجماهير بسبب وجود فجوه بينه وبين الجماهير فهو يحاول التطبيق القسري لافكار الغرب وهو يمارس القطعية مع اكثر من اتجاه سواءا الاتجاه اليساري او القومي او الاسلامي ويختزن فكره بمجموعة من المسلمات فتحول خطابه الى خطاب ازمة اكثر من خطاب حل وان الفرق بين خطاب الاتجاه العلماني عن الخطاب النهضوي من الافغاني والى محمد الكواكبي بالرغم من مطالبتهم بالاصلاح والتقدم الا ان جانب الهوية والاعتزاز بالقيم والمبادى كان حاضرا ولكن لا يخلو هذه الاتجاه من جوانب قوة تعتمد على جملة من المبادى الانسانية مثل المشاركة والتعددية وحقوق المواطنة .
اما الاتجاه القومي العربي فهو يركز على الانتماء القومي بصورة مبالغة فيها ويركز على مفهوم الوحدة وكثير ما كان يحصل مواجهة مع اكثر من اتجاه بالاخص فيما اذا كانت السلطة تتبنى الفكر القومي كما كان في زمن عبد الناصر الذي استغل المبادى القومية لخدمة مصالح مصر على حساب غيرها كما في فخ الوحدة بين مصر وسوريا وكما في التأمر على عبد الكريم قاسم من قبل عبد الناصر مع كون عبد الكريم قاسم كان يحمل حسا وطنيا كان المفروض على عبد الناصر مساندته الا ان الهوس بتطلعاته القومية مع المصالح قد سبب نكسة بل ان اكثر من حاكم عربي قد سبب نكسات في الواقع السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي وكانت التوجهات القومية قد سببت مظالم ومصائب ومحن لتلك الشعوب المحكومة من قبلهم ولكن لا تخلو هذه التوجهات القومية من قبل التوجهات القومية من عناصر قوة من خلال المواقف المبدئية للقضايا المصيرية كقضية فلسطين.
اما الاتجاه اليساري فهو يركز على خطاب النهضة والثورة ضد الظلم الا ان مرجعية التوجهات اليسارية كانت من قبل مرجعيات اممية ومشكلة هذا الاتجاه هو تعلقه بافكار التجارب الاشتراكية والماركسية بصورة مبالغة فيها مما سبب هذا الاتجاه كغيره من الاتجاهات جملة من الاخطاء والمواقف السلبية مما سبب نكسات في الواقع السياسي الا ان هذا الاتجاه كغيره من الاتجاهات لا يخلو من عناصر قوة بسبب مواقفه المبدئية اتجاه القضايا المصيرية كقضية فلسطين وغيرها من القضايا التي تهم تلك البلدان ولكن كانت هناك ممارسات سلبية وتصورات خاطئة انعكست على الاداء في الواقع السياسي.
اما الاتجاه الاسلامي فهو يركز على خطاب الهوية وهذه الاتجاه لم تكن له قراءة واحدة بل متعددة بتعدد الاتجاهات الفكرية والسياسية والمذهبية ولكن كانت للقراءات الخاطئة للنصوص الشرعية لبعض الاتجاهات بالاخص الاتجاهات السلفية التكفيرية قد سبب اساءة لمبادى وقيم ومثل الاسلام مما سبب حالة من الاحباط في نفسية الناس وهناك بعض الاتجاهات السياسية فشلت في اداءها السياسي والخدمي نتيجة الى الاهتمام بالمصالح الحزبية والشخصية مما سبب ضعف شديد في الاداء وهناك بعض الاتجاهات قد نجحت في جانب الخدمات مما سببت نجاحات كبيرة لشعوبها الا ان الفشل كان في السياسة الخارجية وهذا ينطبق على تركيا ولا زالت التجارب الاسلامية تنتقل من مخاض الى مخاض الى ان يجعل الله من بعد ذلك مخرجا .
وان السبب في المحن والشدائد والمصائب للشعوب غالبا هي التقصيرات فمثلا كان لاستشهاد الامام الحسين ع يعود الى التقصيرات المتراكمة لاكثر من طرف يقول السيد محمد باقر الصدر في كتابه المحنة ( اليست تلك التقصيرات التي قصرتها الكثرة الكاثرة من المسلمين بحق الامام علي ع الم تتحول تلك التقصيرات الى فتنة اكلت الاخضر واليابس اكلت الذي قصر والذي لم يقصر اكلت الحسين عليه السلام الذي هو ابعد عن التقصيرات في قول او عمل) نعم ان كل التوجهات بشتى توجهاتها السياسية المعاصرة كان جانب التقصيرات هو الغالب في مواقفها وسلوكياتها فلم توفق الامة في النهوض والتطور بل بالعكس كان نكسة بعد نكسة واحباط بعد احباط والمشكلة تعود في الغالب في اما الى الفساد او تقصيرات النخب الحزبية بينما تجد الامة لديها الاستعداد الكامل للنهوض الا انها قد وقعت في فخ الفساد والافساد فكانت كما هي ضحية كذلك كانت هي مشاركة في الوقوع في الظلم في اكثر من موقع .
ان كل اتجاه وكل توجه يريد ان يكسب لنفسه النجاح عليه ان لا يقع في الظلم وان لا يكون مشاركا في الظلم وان لا يكون راضيا عن الظلم فكل فرد وكل قائد وكل توجه اذا ما وقع بمثل هذه الامور لا يمكن ان يحقق رضا الناس ورضا الله ورضا الضمير لذلك كل من القومي واليساري والعلماني والاسلامي من يريد كسب الناس اليه عليه ان لا يظلم وان لا يشارك في الظلم وان لا يكون راضيا على الظلم فالذي لا يظلم سوف يحقق العدل والعدالة وذلك لا يتم ما لم يتم تطهير الذوات من كل شر والخطوة الثانية هي المراجعات ونقد الذات وبذلك سوف يتحقق تصحيح الاخطاء وعدم ارتكاب السلبيات والتجاوزات .
عصام الطائي