دائرة المتقاعدين وهيئة الحج العمرة في ذي قار -حسن علي خلف / الناصرية
Mon, 3 Oct 2011 الساعة : 10:46

عندما يتقدم بك الزمن ويشيخ بك العمر فمآلك الى التقاعد لا محالة ، وعندها يخف عنك بريق الحياة وهالة الوظيفة وهيبة المسؤولية وتصبح مواطنا اعتياديا لا يميزك عن الاخرين الا انك في السابق كنت تشغل الوظيفة الفلانية . واول شيء يشعرك بهذا الاحساس الجديد هي دائرة التقاعد . وانت تراجعها وفيك شيء من الانشداد الى ايام الوظيفة ، ولكن سرعان ما تنهار عندما تجد الذين سبقوك يقفون طوابيرا لتسلم مستحقاتهم مما جادت به الدولة عليهم من معاش . فتدور بك الدنيا وربما اذا لم تتماسك تشعر بالغثيان وبالقرف والغربة احيانا سيما وانك لا تجد من يابه بك او يخفف من قوة الصدمة التي سرعان ما تتلاشى لحالها بأنك أصبحت متقاعدا اسوة بمديرك السابق وحارسك وسائق سيارتك ، لا فرق بينك وبينهم سوى باليوم الذي تتسلم به معاشك ، الا اللهم بمقدار المبالغ التي خصصت لكل منكما . ولكن الأشد من ذلك هي المعاملة اليابسة من القائمين على شؤون صرف الرواتب ، والذين يمكن وصفهم بان المتقاعد ربما يشعرون بانه يستجدي منهم ! . وهذا ما يزيد في غربته وعزلته ، ومع كل الشهادات والنياشين التي يحملها من جراء وظيفته او حصيلة حياته ، فانه لابد ان يبصم بإبهامه الأيسر لكي يتسلم ( معاشه ) ونظرات الازدراء وربما الاحتقار من القائمين على شؤون صرف الرواتب تلاحقه وخاصة الكلمة العتيدة ( حجي عد فلوسك) . والفائز منا نحن المتقاعدين من له معرفة مع احد الموظفين او الموظفات . فكأنما ان لديه غنيمة ويشعر بالزهو دون الآخرين . رغم ان مراجعتنا لهذه الدوائر البائسة كل شهرين ، وهي علي انا المتكلم من أصعب الأيام. وهذا متأتي طبعا من بؤس المعاملة ليس معي فقط ولكن مع الآخرين الذين تقدمت بهم السن وحفرت الأيام أخاديدها في أوصالهم . ومعروف انهم افنوا أحلى سني حياتهم في سبيل خدمة الوظيفة ومن ثم الوطن و الناس . فالشكوى الى الله من العاملين على شؤون الرواتب وتوزيعها وبيروقراطيتهم وتعاملهم الفوقي معنا نحن المساكين من المتقاعدين . وعندما رزقنا الله حج بيته قالوا لنا عليكم مراجعة مكتب الحج والعمرة لغرض استكمال بعض الإجراءات المتعلقة بذلك المكتب . فلقد سبقني الظن الى ما ألقاه من معاملة انا وأصحابي الذين وردت أسماؤهم في قائمة واحدة معي ، ربما معاملة اهل رواتب التقاعد ارحم منها فكنت متحسبا لهذا الموقف وحمدت الله على ما سألاقيه في هذا المكتب كون انطباعي انا المتقاعد والذي خلقه بي موظفوا المصارف الذين يصرفون رواتب المتقاعدين انطباع غير جيد . ولكن ( ان بعض الظن إثم ) فكادت المفاجئة تدهشني عندما استقبلني موظفوا ذلك المكتب انا ومن يرافقني بترحاب لم احسبه ولم اكن أتوقعه ، فقلت ربما هؤلاء القوم يعرفون الذي معي ، ولكن عندما دخلنا باب الاستعلامات ، ازداد الترحيب بنا وكثر الاهتمام بنا ورأينا الاستعداد من الجميع دون استثناء لخدمتنا والاهتمام بنا وانجاز معاملاتنا ، ولم اقرأ في عيون هؤلاء أصحاب مكتب الحج والعمرة اية بيروقراطية او تعسف او تعال . وانما دماثة الخلق وحسن اللقاء وطيب الاستقبال الذي ينم عن خلق إسلامي شعرت معه بالبون الواسع بينما يعاملني به أهل التقاعد وهؤلاء القوم اهل الحج والعمرة . وهنا لم استثني احدا من أولائك العاملين بما فيهم السادة الأخيار المعممين ، وتلك الابتسامة الرائعة المشرقة التي تنبئ عن شخصيات غاية في الصفاء والصدق في العلاقة وتقديم المعونة للحاج . ومن فرط استغرابي قلت سأصطنع زيارة الى مدير المكتب ، فاني لم أجده يختلف وخاصة بطيب الاستقبال وحسن المعاملة بل والضيافة ، عن الآخرين الذين يشتغلون معه ، فوجدتهم يعملون بروح الفريق الواحد وكخلية نحل قد وزعوا الأدوار فيما بينهم همهم الأوحد والأكبر هو خدمة الحاج وإدخال البهجة والسرور الى نفسه . والانكى من ذلك يتوددون اليه بان يذكرهم بالدعاء عندما يطوف في البيت المعمور ، وهذه لعمرك أساليب تربوية ربما كانوا يقصدونها لإذابة الفوارق بين الحاج الطاعن في السن وذلك الموظف الفتى او الموظفة الشابة من الذين يشتغلون بالمكتب ليشعر الحاج بإنسانيته ، وان الدنيا لم يزل فيها خير . فكم اتمنى ان تعمم تجربة موظفي الحج والعمرة وكياستهم وحسن معاملتهم للمواطنين على دوائرنا الأخرى للفائدة . والحمد لله رب العالمين .