الإنفلات الإعلامي في العراق منذ سقوط نظام صدام/مجاشع محمد علي
Wed, 19 Aug 2015 الساعة : 0:57

أصبحت قضية الحرية المسؤولة للإعلام في العراق أحدى أهم القضايا التي يثار حولها الجدل والنقاش في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، في أعقاب حالة الإنفلات التي أصابت الأداء الإعلامي في العراق على مستوى وسائل الإعلام، على أختلاف أنماط ملكيتها وتوجهاتها السياسية والقومية والدنية.
ولعل تفسير حالة الإنفلات الإعلامي هذه التي يعيشها العراق منذ أكثر من عقد من الزمان في ضوء اعتبارات عدة يأتي أبرزها الاستثمارات الكبيرة التي تم ضخها في مجال الإعلام الفضائي الخاص؛ ودون معرفة مصادرها، وهذه الفضائيات لم تتمكن من أحّداث فصل حقيقي بين الإدارة وسياسة التحرير؛ مما تسبب في حالة من غياب المهنية والعودة بالعراق إلى إعلام صدام حسين، وهذه المشكله لم تكن في الفضائيات الخاصة وحسب بل تعدى إلى الصحف والإذاعات، كما أن هذه الفوضى جاءت بعد بروز ظاهرة الفضائيات الدينية الطائفية على الساحة الإعلامية وبشكل واضح، مع تخطي دورها الديني للقيام بدور سياسي بما يحمله ذلك من مخاطر خلط الدين بالسياسة وأثارة الفتن بين أبناء العراق الواحد.
كما يمكن اعتبار زيادة عدد برامج الحوار التلفزيونية "التوك شو" في القناة الرسمية والقنوات الخاصة في الفترة المسائية وهي الفترة الأكثر مشاهدة في العراق؛ والتركيز على أحداث الجدل حول القضايا السياسية والأمنية على حساب قضايا المجتمع الأخرى في إعلام الدولة والإعلام الخاص على السوء، واتجاه البرامج غير السياسية لمناقشة موضوعات سياسية تسبب أيضاً بحالة فوضى كبيرة.
واختفت لدى بعض الصحف وبرامج "التوك شو" الفضائية معايير الأداء المهني التي تضمن ضبط العمل الإعلامي في الظروف الحرجة التي يشهدها العراق منذ سنوات وخاصة هذه الايام التي تشهد معارك مع داعش وانتفاضة ضد الفساد، حيث ظهر بوضوح التحيز لوجهة نظر معينة على حساب التوازن في عرض القضايا، وتفضيل السبق الإعلامي على دقة المعلومة، وغلبة الإثارة في الخبر على الحقيقة، وعدم التميز بين الرأي والمعلومة، وتقديم المصالح الخاص على العام لدى غالبية البرامج وبعض المضامين في الصحف الخاص والرسمية والحزبية على حدٍ سواء.
ولوحظ أيضاً أن بعض الفضائيات أثارة حالة من الجدل العقيم تجاه بعض الأحداث الجارية في العراق وخاصة الانتفاضة ضد الفساد والحرب على داعش، حيث ركزت على ما يفرق أكثر من تركيزها على ما يوحد الشعب العراقي فيها يتصل بالحياة السياسية في العراق، وعدم التركيز على مساحات التقارب بين فئاة الشعب التي يمكن البناء عليها بين مختلف أطياف العراق.
والملف هذه الايام أن بعض الصحف والفضائيات تغض البصر عن التجاوزات الصحفية؛ إلى حد أختفاء آليات الضبط المهني للأداء الإعلامي، فضعفت المحاسبة داخل المؤسسات الإعلامية بشأن التجاوزات المهنية اليومية في تغطية ومتابعة بعض الأحداث الجارية مما تسبب في حالة استياء من قبل الجمهور الذي اصبح على دراية تامة بالأحداث حتى أنه الكذب والتشويه لا ينطليان عليه.