مرة ًأخرى/نعيم كرم الله الحسان

Sat, 15 Aug 2015 الساعة : 0:02

لم يتاح لي التأثر بنص بشري كتأثري بمسرحية الكاتب الإيرلندي صموئيل بيكت {في إنتظارغودو} ذلك النص العبقري والفذ الذي يختصر الغموض في الوجود ودقائق حياة الكائن البشري .فأرى نفسي في كل صباح ومساء وفي سكون الليل جنب إلى جنب مع أبطال مسرحية في إنتظارغودو
 غودو كائن عملاق في العراق يسير في طرقات الناصريه وفي سوق الخضار وسوق الهرج وتحت شموسها الساطعه والمذوبه لأسفلت الطريق رأيته ذات مرة في السجن يتكئ على حائط الساحه الكبيره دون أن يحرك ساكناً وهو يرى هراوات جنود الطوارئ تنهال علينا كالمطر
 ظلا غارقين في اليأس والأمل ينتظران على قارعة الطريق تعبث بهم رياح الصيف وأمطار الشتاء وليس بينهم وبين الوصول للمرام إلا ذلك الصبي الذي يعبث بمشاعرهم راكضاً هنا وهناك ..هاااا جاء غودو
 يتطلعان الى طرق غائمه ومهجوره ويرد أحدهم على الآخر ليس هو ..نعم ليس هو ربما مات غودو أو ذهب إلى مكان مجهول
 فأرد بحماس وأنا صبي صغير غودو لم يمت ،،،أنتم تموتون وغودو لم يمت
 يالبلاهة هذه القريه الغارقه في دخان العدم يسكن في رؤس رجالنا قطعان البقر وتنبت الطحالب على وجنات الخيال
 جلست في المساء كعبد كئيب ومضروب بالعصي .أكتب عريضة شكوى مفصله وبلغة سهلة وحزينه حتى أطوف في الصباح على أحياء المدينه لعلي أجد غودو يتناول الأفطار وأسلمه مقطوعة الأمل
 صادفني عامل من عمال بلدية الناصريه يرتدي بذلة خضراء كبيره على مقاسه لأنه صغير الحجم ويحمل مكنسه من عهد الزعيم ويلف رأسه بعصابه ملونه وقال لي وكأنه يعلم ما أبحث عنه
 لن تجده ،،،لن تجد غودو
 فأنا بحثت عنه في كل مكان فلم أجده فلربما هوكذلك سئم الأنتظار
 فأجتبه أنا اليوم ليس لدي شئ فكل ما أفعله هو
 في انتظارغودو

Share |