الفرق بين كاشفية الوحي والعقل/عصام الطائي

Fri, 14 Aug 2015 الساعة : 23:46

المقصود من الوحي هو الوحي الالهي فان كاشفية الله تعالى للاشياء اوسع من كاشفية العقل باعتبار ان الله تعالى دائرة كشفه اوسع من العقل لانه يمثل العلم الواسع والكامل والشامل بكل حقائق الاشياء فهو الذي اوجدها واما العقل فهو خلق من مخلوقات الله تعالى لذلك يحصل فرق واسع بين كاشفية الوحي وكاشفية العقل ويحصل التوافق بين كاشفية الوحي والعقل في الكليات فلا يمكن ان يحصل تصادم او اختلاف بينهما كما لو قلنا الظلم قبيح فالظلم قبيح لدى الله تعالى والعقل والعدل حسن للوحي والعقل اما الاختلاف يحصل في الجزئيات وهذا هو المهم فبعض الامور والقضايا والاحداث والظواهر قد يحصل الاختلاف في رؤية الله تعالى والعقل وقد يحصل التوافق بينهما .
وفي القوانين الوضعية كثير ما يحصل الاختلاف في كثير من القوانين فالقانون الفرنسي قد يختلف مع القانون البريطاني في جملة من القوانين وذلك لاختلاف بين رؤية المشرع الفرنسي والبريطاني وهكذا يحصل الاختلاف بين القوانين الالهية والقوانين الوضعية فالقوانين الوضعية تكون خاضعة لمحدودية ولنسبية التصورات العقلية فكل عقل تكون تصوره للقضايا تختلف عن عقل اخر بينما الوحي الالهي فهو يمثل الحقيقة المطلقة التي لا يمكن ان تخطأ او تسهو او تشتبه بل تمثل الكمال المطلق.
ومن الامثلة على الاختلاف بين رؤية الوحي والعقل فالانظمة الوضعية كما في الغرب في مسالة تعدد الزوجات يحدد بزواج واحدة لا غير ويمنع القانون اذا ما حصل خروج عن هذا المبدأ  بينما يجوز الله تعالى تعدد الزوجات ولكن بشروط واهم شرط هو تحقق العدالة أي ان لا يحصل ظلم بحق الزوجات وهكذا بالنسبة الى كثير من القضايا مثل حرمة الربا وفق التصور الالهي وجوازه في التصور الوضعي وهكذا بالنسبة لمسالة حرمة الزواج المثلي في التصور الالهي وجوازه لبعض الانظمة الوضعية كما في امريكا وبريطانيا والدنمارك والسويد وغيرها من البلدان .
فالتصور الوضعي لهذه القضية يتصف بالسذاجة وهي اشبه بتصورات العقل البدائي الذي ينظر الى القضايا وفق تصور ساذج بينما الوحي الالهي له رؤية عميقة يعتبر العلاقات الجنسية لها هدف سامي وليس مجرد اشباع حيواني فالتصور الوضعي للجنس يتصف بتصور مادي بينما التصور الالهي ينظر لكل القضايا ببعد قيمي واخلاقي فهو حتى مجرد الاشارة باللفظ يعطيه تعبير مجازي ولم يشير بتعبير حقيقي كما في التعبير القراني عن العلاقة الجنسية يعبر عنها مثلا ( لمستم النساء ) فاللمس يقصد به لا مجرد عملية اللمس بالمعنى المتداول بل يقصد عن العلاقة الجنسية فيمنح الوحي لقضية الجنس بعد اخلاقي.
وبالرغم من التطور العلمي الهائل في الغرب الا انه تنقصه العمق في النظر الى القضايا ففي الوقت الذي كانت الدنمارك تسمح بالذبح للحيوان كما وفق رؤية الاسلام منعت في الاونة الاخيرة عملية الذبح للحيوان ما لم تتم طريقة الصعق بالكهرباء فالتصور الساذج وفق الرؤية الغربية يتصور بتحقق الرحمة والشفقة للحيوان بينما وفق التصور الرؤية الاسلامية تعبر عملية الذبح حالة طبيعة لان الله تعالى قد هيئا الحيوان لهذا الغرض علما قد ثبت من الناحية العلمية ان خروج الدم يعتبر جزء مهم في صحة الانسان لان بقاء الدم في الحيوان اذا ما مات بالصعق الكهربائي سوف يبقى الدم في لحم الحيوان مما يسبب اضرار للبدن.
وان الاصعب من ذلك وصل الحال كما في الصين ودول شرق اسيا بتناول القطط والكلاب وشتى الحيوانات بينما الاسلام قبل اكثر من  اربعة عشر قرن قد اعطى نظام غذائي راقي يتفق مع فطرة الانسان والذوق البشري وكل هذه التصورات الساذجة تعود لانغلاق العقل والتعصب وعدم الانفتاح على الحقيقة اينما كانت فالعاقل هو من يبحث عن الحق اينما وجد اما غير العاقل أي الجاهل هو الذي ينظر بتصور وفهم ساذج للاشياء.
وان الحروب والتي تكلف البشرية مصائب ومحن للشعوب هي احدى الاوهام البشرية التي تنساق للقتل والتدمير والخراب والا لو كان هناك عقول واعية لكان عنوان التعاون بين البشر يمنح السعادة للجميع وليس السعادة لقسم دون اخر وما المحن والمصائب والشدائد والابتلاءات الا نتيجة للتصورات الخاطئة والموهومة لكثير من القضايا.
اما الخلل الذي يحصل من تصرفات الفكر السلفي التكفيري فيعود لسوء الفهم للاسلام فان سوء الفهم يجعل الشرعية الكاذبة التي تسمح للفكر السلفي بالعدوان على الاخرين فالفكر السلفي قد ابتعد عن التصورات الالهية الواقعية التي تجعل السلام والامن هو العنوان الذي يجب ان يكون سائدا بين الناس وجعل الفكر السلفي التكفيري تصورات خاطئة يعتبرها حسب تصوره المصداق الحقيقي لتصورات الاسلام الا انها ابعد ما تكون عن ذلك وذلك لان الاخلال بدماء واعراض واموال الناس هو العنوان الحقيقي الذي يثبت فشل مصداقية الفكر السلفي التكفيري وان حفظ الدماء والاعراض والاموال هي العنوان الحقيقي للفكر الواقعي والحقيقي وهذه هي المعادلة الحقيقية التي  يجب ان تتوفر لكل ادعاء والا كل ادعاء باطل وفاشل مهما منح لنفسه الشرعية فما اكثر كذب كثير من تلك الادعاءات وان ادعاءات الفكر السلفي التكفيري هي احدى تلك الادعاءات الكاذبة والموهومة والخاطئة مع كون اكتسابهم من كاشفية الوحي للحقائق الا ان الفهم السلفي ابعد هذه الحقيقة عن الواقع مما سب الاساءة الى المبادى والمثل والقيم الالهية.
عصام الطائي

Share |