الخلافات السياسية:اسباب الاختلاف وليس الاختلاف-حميد طارش الساعدي

Sun, 2 Oct 2011 الساعة : 0:29

الخلاف والاختلاف ، يكون مهما ، لاثارة النقاش والبحث والتحليل ومراجعة المواقف والاسباب والنتائج ، في عملية تقييم موضوعية لتبني المعطيات السليمة ، وكان الاختلاف ، واحدا، من اهم العوامل التي ساهمت بشكل فعال في تطور الامم وتقدمها ، بل ينتقل الاختلاف ، كظاهرة صحية ، الى داخل الكيانات التي تبدو منسجمة ، الى حد ما ، بسبب الروابط الفكرية والسياسية ، بل يصل الى داخل الاسرة ، ليكون عاملا منتجا ، وليس معطلا ، وهذا كله ، عندما تكون اسباب الاختلاف موضوعية تحكمها المصلحة العامة ومبنية على اسس منطقية ،وليست بدوافع المصالح الشخصية
والسياسية الضيقة او دوافع الالغاء والتسقيط وانانية الذات،او بعبارة اخرى ، عندما يكون الحق ضدي اخالف وعندما يكون الباطل معي لااخالف ، لذلك كانت الاختلافات عند الامم ، التي سلكت جادة الصواب ، عوامل تطور وبناء ورقي ، وعندنا ، عوامل صراع وتخلف وفساد واراقة للدماء .
وهذا يذكرني ،بما قرأته عن الرئيس الفرنسي الاسبق ديغول ، عندما طلب من رئيس وزرائه مخالفته ولو لمرة واحدة ، لانه كره ، سماع الاجابة منه دوما ، بنعم ، ولمختلف الحالات ، حيث كان يدرك بان المخالفة قد تاتي بالخير على فرنسا ،بعد ان سئم من سماع كلمة نعم ، التي قد تؤيد تصرفا وعملا ضارا ، وهكذا الشعوب والقادة ، ممن سلكوا طريق التطور والرخاء ، وليس القادة التي لاتاتي اللا ونعم منهم الا على اساس المصلحة والامتيازات الشخصية فقط ،بل المستبدين منهم لايحبوا ان يسمعوا الا النعم ، وهناك من يرى بان من اسباب هزيمة الطغاة انهم لايحبوا ان يسمعوا لا او أي شيء يمكن ان يزعجهم وان كان مفيدا ومنتجا ، لقد غاب عن اهل السياسة في العراق بان الاختلاف كالنقد في عالم الادب بحيث اصبح عنصر تطور واثراء وتصويب وانضاج في عالم الآداب وفنونها واصبح فرعا مهما من فروع علم الآداب لايمكن تقييم التجارب الادبية ونتاجاتها الا بعد عرضها على علم النقد الادبي ليقول قولته فيها ، اهل السياسة في العراق اليوم وفي هذه المرحلة الصعبة وامام التحديات الكبيرة ووسط الاحلام المؤجلة لابناء الشعب العراقي من جيل الى جيل ، ربما اكثر حاجة ،من حاجة الادب الى النقد، للوصول الى الحل الامثل واختزال الزمن وايقاف التداعيات واعادة الثقة بالعمل السياسي الذي طالما كان مصدر قمع وكبت وحرمان ومصادرة للحريات والحقوق.
بل حتى الكيانات والتيارات والاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وجميع الفعاليات الاجتماعية هي بحاجة الى اختلاف يكون مصدر قوة لتبني الاصلح وليس مصدر ضعف للتفرقة والتخلف والانحلال .
اذن اسباب الاختلاف ، عندنا ، فاسدة وليس الاختلاف ، وعندما يفسد السبب تفسد النتيجة ، والعكس صحيح تماما ، وبعد مرور ما يقرب على القرن من تاسيس الدولة العراقية ، ظل الساسة يرثون ما اعتادوا عليه من نزاعات ، وهي النزاعات لتولي السلطة كهدف للنزاعات ، وقد اخذت في فترات مختلفة من تاريخ العراق السياسي صدامات مسلحة وتصفيات دموية ومقابر جماعية وانقلابات عسكرية ، واخرى في فترات هادئة نسبيا ، اخذت صور الاختلاف السياسي بايقاف عقارب الساعة العراقية عن الدوران ، كان من نتائجه في العهد الملكي ايقاف الديمقراطية الهزيلة وبدء عصر القمع والاستبداد ، واليوم لاندري أي بديل ينتظرنا ، فهل يراجع الساسة اسباب اختلافهم وتصويبها باتجاه بناء عراق آمن مزدهر.
(*)باحث قانوني وناشط حقوقي
Email:[email protected]

Share |