"مجرد رأي".....(178) «حملة تهديم قبور بقيع الغرقد كانت مبيتة وبضوء اخضر من قبل العائلة الحاكمة»/علي الحاج
Wed, 29 Jul 2015 الساعة : 2:46

"فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ۖ رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا".
مرت علينا في الثامن من شوال الحالي الذكرى المأساوية السنوية لهدم مقامات آل بيت الرسول الأكرم(ص) في بقيع الغرقد المصادف لليوم الثامن من شوال 1344 هج، ونحن مازلنا نتلوى من ألم المأساة التي ادمت قلوبنا وقلوب آبائنا من قبل وستدمي قلوب أبنائنا واحفادنا من بعد، ورغم مرور 92 عاما قمريا على تلك الحادثة المؤلمة فكأن الجريمة نفذت قبل سويعات من الآن، وتعد هذه هي المرة الثانية التي حاولوا فيها هدم القبور والأضرحة المقدسة، والتي نجم عنها هدم اضرحة الائمة المعصومين، هم:
أبو محمد المجتبى الحسن بن علي، وأبو الحسن السجاد علي بن الحسين، وأبو جعفر الباقر محمد بن علي، وأبو عبد الله الصادق جعفر بن محمد"صلوات الله عليهم اجمعين، ومقامات بقية الصحابة والتابعين المنتجبين"رضوان الله عليهم اجمعين".
"يذكر أن الوهابيين قد اقدموا آنذاك إلى هدم قبور البقيع الشريفة مرتين في تاريخهم المشؤوم، وكما هو معروف عنهم فأنهم قد ورثوا هذا الحقد الدفين ضد الإسلام والمسلمين والحضارة الإسلامية من أسلافهم الأمويين الطغاة والخوارج الجهلاء فكانوا المثال الصادق والأدق للجهل والظلم والظلام والفساد والاستهتار، عندما قاموا بارتكاب تلك الجريمة الشنعاء المتمثلة بتهديم قبور بقيع الغرقد ولمرتين، فتلك الجريمة هي من الجرائم التي لا ولن تنسى أبدا ماحيينا، ولن يمحوها تقادم السنين والأيام، فكانت:
الأولى: عام 1220هج، عند قيام الدولة السعودية الأولى حيث قام آل سعود بأول هدم للبقيع، ولما سقطت الدولة على يد العثمانيين أعاد المسلمون بناءها على أحسن هيئة بفضل تبرعات المسلمين، فبنيت القبب والمساجد بشكل فني رائع حيث عادت هذه القبور المقدسة محط رحال المؤمنين بعد أن ولى خط الوهابيين لحين من الوقت.
والثانية: في الثامن من شوال عام 1344هج, بعد ان عاودوا هجومهم على المدينة المنورة مرة أخرى من العام الآنف الموافق لسنة 1925 ميلادية من شهر نيسان من تلك السنة وفي اليوم الحادي والعشرين منه تحديدا، وذلك بعد قيام دولتهم الثالثة وقاموا بتهديم المشاهد المقدسة للائمة الأطهار عليهم السلام وأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد تعريضها للإهانة والتحقير والسرقة والنهب بفتوى من وعّاظهم. فاصبح البقيع وذلك المزار المهيب قاعا صفصفا لا تكاد تعرف بوجود قبر فضلا عن أن تعرف صاحبه".
وكان الغرض الغير معلن من وراء تنفيذ تلك الحملة المسعورة لتهديم المقامات الشريفة والممتدة إلى يومنا هذا عدة أسباب: أولها طمس هوية الإسلام والمسلمين وتدمير تراث وإرث آل بيت الرسول الأكرم(ص) الذي يشعرهم بالنقص والدونية، وثانيها مساواة تلك الأضرحة والمقامات المقدسة بقبور أئمتهم، أئمة الفسق والفجور، وثالثها للتعبير عن مدى حسدهم وغلهم وحنقهم على آل بيت الرسول(ص) بسبب السيرة العطرة والتراث الثر والنهج المحمدي السليم الذي يحضى باحترام وتبجيل جميع المسلمين والعالم، وكنتيجة للصراعات العقدية الناجمة بين الطرفين على امتداد التاريخ الاسلامي فقد تمادي هؤلاء المجرمون بالاصرار والاستمرار بممارسة هذه الأعمال الاجرامية المشبوهة خارج حدود نجد والحجاز لتشمل جميع بقاع المعمورة بفضل التدابير الشيطانية لإدارة أموال البترودولار، ورابعها استفزازا لمشاعر المسلمين والشيعة منهم خاصة، وخامسها تجسيدا وترسيخا للأفكار الوهابية الشاذة.
"أما الغرض المعلن من وراء هدم القبور، فيعزو ذلك إلى اعتقاد الوهابيين آلمبني على أن زيارة وتعظيم قبور الأنبياء وأئمة أهل البيت عبادة لأصحاب هذه القبور وشرك بالله بزعمهم، الأمر الذي يستحق ممارسوها فيه القتل وإهدار الدم خلاف جمهور المسلمين، ولم يتحفظ الوهابيون في تبيان آرائهم، بل شرعوا بتطبيقها على الجمهور الأعظم من المسلمين بقوة الحديد والنار مرة وأخرى بالغدر والخيانة وانتهاز الفرص والظروف، فكانت المجازر التي لم تسلم منها بقعة في العالم الإسلامي طالتها أيديهم الا ودنست بجرائمهم الفظيعة خاصة في العراق والشام وحتى البحر العربي جنوبا والأحمر والخليج غربا وشرقا.
ولقد انصب الحقد الوهابي في كل مكان سيطروا عليه، على هدم قبور الصحابة وخيرة التابعين وأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وكانت المدينتان المقدستان 'مكة والمدينة' ولكثرة ما بهما من آثار دينية، من أكثر المدن تعرضا لهذه المحنة العصيبة، التي أدمت قلوب المسلمين وقطعتهم عن تراثهم وماضيهم التليد.
وكان من ذلك هدم البقيع الغرقد بما فيه من قباب طاهرة لذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته وخيرة أصحابه وزوجاته وكبار شخصيات المسلمين".
وبناءا على ذلك فحملة تهديم القبور كانت مبيتة وبضوء اخضر من قبل العائلة الحاكمة ومازالت مستمرة لحد الساعة، إذ تتشاطر وزر هذه الأعمال مع الحزب الوهابي المنفذ للجريمة النكراء وجميع الجرائم اللاحقة على حد سواء، واعتبرت تلك الحملة من جرائم العصر الكبرى مع سبق الإصرار، بما يندى لها جبين الانسانية، فالجريمة مازالت قائمة رغم مبادرة العاهل السعودي الملك عبد العزيز بالاعتذار الإعلامي في حينه للتغطية على الحدث والتنصل من المسؤولية وامتصاص غضب العالمين الاسلامي والإنساني، تماما كتنصل يزيد من دم الحسين(ع) عندما خاطبه الشمر اللعين لنيل الجائزة بقوله:
املأ ركابي فضة وذهبا * إني قتلت السيد المحجبا
* قتلت خير الناس أما وأبا ..
ولو كان في بادرة الملك شيء من حسن نية ومشاعر صادقة لكان الأمر على غير هذا الحال، اقلها أن يبادر هو ومن خلفه من الملوك إلى تغيير المسار وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بإعادة بناء الأضرحة والمقامات المقدسة على غرار ماقامت به الحكومة العراقية من ترميم وإعادة بناء ضريح الإمامين العسكريين(ع) في سامراء عندما تم تخريبهما بالمتفجرات من قبل دواعش العصر في 22.2.2006 لعنة الله عليهم.
على العالمين الأممي والاسلامي ان يعيا الدور السعودي الخطير وتحييده والوقوف حائلا بوجهه والحؤول دون نشر مزيدا من هذا الفكر المنحرف على أوسع مساحة من العالم من خلال نشره لمئات المدارس في مختلف البلدان التي تقوم بتخريج مئات آلآلاف من الارهابيين سنويا وزرع الخلايا العاملة والنائمة في جميع ارجاء المعمورة لممارسة الارهاب بجميع انواعه من قتل وذبح وتدمير ارث وتراث وحضارة وهدم أضرحة ومقامات وممارسة كل ماهو شائن وخارج عن القاعدة من نشر مبرمج للكراهية والتكفير، وأن يمارسا دورهما بوضع النظام السعودي تحت طائلة الوصاية كمقدمة من مقدمات مكافحة الارهاب وحسره، وإلزام النظام على إعادة بناء الأضرحة والمقامات المهدمة، لأن بقائها على الحال الذي عليه الآن هو الاستمرار على استفزاز مشاعر المسلمين والعالم اجمعين، هذا وإن لم يبادر المجتمع الدولي بحسر ومنع تلك الخلايا السرطانية المزروعة في أجساد أوطانهم فأنهم وبدون ادنى شك سيكتوون بنارها غدا جميعا وبدون استثناء.
علي الحاج