أفق المعاصرة في القرآن الكريم/طالب شريف ال طاهر
Wed, 8 Jul 2015 الساعة : 18:01

من يتدبر القرآن الكريم بتصورات إنسانية خالصة لا تحيد عنايتها عن وصف آياته البيّنة حول الثواب أو الترهيب بالعقاب ، لابد أن ينبري إلى فهم روحي قد يجرد الكتاب سوى من استغراقه في التفقيه بأصول المعاملات والعبادات ، ليس إلا 00 وهكذا انتهى انطباع الغرب لمتون القرآن ، حتى إذا تنامى العقل البشري عبر مطاف حركة الزمن وأشاح الحجب وبدد الغشاوة عن الفكر ، أسفر عن حقيق القرآن الكريم ومكنون آياته المكتنزة بأسرار الكون وعلوم الإنسان والحياة والتجديد 0
فإزاء التطور المتوالي في أبحاث علوم الفضاء تناهى معنى الربوبية إلى وعي البشرية ، تماما عندما بهت الإنسان وأشهر عجزه العقلي تجاه مثالية الصنع 00 وهنا نرى الغرب وهو واجما ذهولا وأحيانا جهولا أمام تحديات الذكر الحكيم وحججه الدامغة في حقول البحث الجارية على أيدي علماءه وفلاسفته ومفكريه ، نراه يُقر اليوم بجدلية الإعجاز ولا يلوى على مداراة تخوفه من تعاظم ظاهرة الإيمان واجتياحها أفئدة شبيبته 00 أي انه يتحدث عن سر افتتانه بعظمة القرآن المجيد وعن معايير التحدي المتطابقة تماما وروح المنطق وأسس المادية التي يؤمن بها الغرب 0
ومن شفافية المنطق هذه بعثت الثقافة الإسلامية هناك صدى روحيا ولاقت تفهما وإقبالا ملفتا تجلت فيه خلجات الاستسلام لفكر الإسلام والركون إلى استلهام معانيه التربوية ، في وقت تخفتُ فيه فلسفة الدين الإسلامي في بعض بلدان الإسلام إلى حد مخجل ومعيب ، مع إن الشرقيين هم حواريو الرسالة الإسلامية وحملة الفطرة السليمة والإرادة الفاضلة 0
الأمر الذي ينبئ بتفريغ ثقافي في العالم لابد آت بمخيلة تهيكل النظرية السطحية في الحياة المعاصرة وما غشيت البشرية به من العلل والأزمات ، أي ثمة قدوم منهج نابض متزمت إلى الإنسانية يتولد برؤى تتماها والعقل الغربي المنبهر بشدة في معارف القران الكريم في ظل تداعي نظريات وضعية اعشوشبت على فكر وإحساس المرء 0
ففي خضم الأزمة الروحية الحادة اليوم ، هنالك عوامل يتكامل باجتماعها الارتقاء بالفكر والسمو في الشعور الإنساني طالما ثمة استجابة لواقعية الوجود وواجده ، ولعل ظاهرة القرآن التي لا يُقهر نورها في هذا المعنى قد استفزت في الإنسان المعاصر قيمته الاعتبارية المغيبة جراء انقياده إلى البريق المزيف للمادة ، فاضطرم وجع هذه الحقيقة كصراع ثقافي يحضه على إثبات نفسه واستعادته مقدراته الإنسانية 0
عموما إن مناخ التغيير يدل دون ريب على معاصرة النهج القرآني للحياة وائتمانه على القيم والمبادئ الإنسانية ، وكأنه وصي على البشرية وصقل هويتها الإنسانية ، أمين على استقامتها عبر الزمن كلما مرت بتجربة قاسية تخرجها من حظيرة الفضيلة والسلوك النابع من قيم العدل ، الحياء ، السلام ، الإحسان ، البر 00 الخ من القيم النبيلة 0