وكاد(فرهود)ينسى اللغة العربية بعد عامين في أوروبا؟/الدكتور حسين رشيد دنيف العبودي الشطري
Wed, 1 Jul 2015 الساعة : 1:38

هناك أشياء وحوادث معينة تحدث في زمن الطفولة والشباب لايمكن نسيانها بسهولة،لابل قد تبقى عالقة في فكر المرء حتى موته!.كنت يومها في الصف الثاني في متوسطة الشطرة للبنين عام 1962،وكنت مع بعض الطلبة الآخرين(أعتقد في منتصف شهر نيسان!) "نعمل" بعض الواجبات المدرسية اليومية(قراءة،كتابة ..الخ) في الحقول المجاورة لمدينة الشطرة من جهتها الشرقية(كالعادة يومذاك،حيث كان الكثير منا يقضي أكثر أوقات فراغه في الحقول القريبة!).كان ذلك اليوم يوم جمعة،وفجأة سمعنا ضوضاء عالية جدا لسيارات دخلت المدينة(طواطات وأبواق السيارات كادت أن "تفجر" غشاء طبلة أذن أي شخص قريبا منها؟).عندما إستفسرنا عن السبب!،أخبرنا بعض المارة بأن (فرهود،إبن.....)قد عاد من الخارج بعد سنتين(أكرر:سنتين)من غيابه،وقد حصل على شهادة عالية (دبلوم في الألبان؟).الشيء الذي أريد ذكره هنا(للحقيقة وللأنصاف؟)هو أن أبواق السيارات المزعجة لاتزال تحدث في العراق والدول العربية في الزفاف مثلا ،أو (توديع؟) ميت أو إستقبال(شخصية؟)مهمة حصلت على شهادة عالية مثلا...الخ.(في بعض الدول الأوروبية يحدث أحيانا مثل هذا في حالات الزفاف فقط ولكن ليس بضوضاء عالية أبدا؟).في الأيام التالية،وطبقا للأعراف الشائعة في الشرق الأوسط وخاصة في جنوب العراق،ذهب جيراننا وبعض أفراد عائلتي،(دفعات؟)إلى بيت(المحروس؟)للسلام عليه بعد(غياب طويل؟)وتقديم بعض الهدايا المألوفة(شربت،كعك،بقلاوة...الخ)له ولعائلته!.لكن!،وهذه هي المفاجئة الكبرى حقا؟،كان أكثر "الراجعين" من الزيارة يضحكون على( فرهود) ويستهزأون به ،لابل أخذ بعضهم "يشتمه"؟.لاأزال أتذكر جيدا(بالرغم من مرور 53سنة على هذه الحادثة!)ماقاله أحد العائدين:"خلي يولي هذا مع الأسف طلع كلاوجي"؟.ماالذي ياترى حدث؟.عندما وصل المهنئون إلى بيت(فرهود)إستقبلهم "بأدب؟" ،وأخذ يتحدث معهم أحيانا (أكرر:أحيانا)باللغة الأنكليزية.ومما زاد الطين بله هو أن عينيه كانت (تدمعان؟) أحيانا عندما ينسى كلمة "عربية"(اللهجة الشطراوية خصوصا!)ويبقى يفكر ويفكر ويفكر حتى يجدها؟(وهذا يرادله بخت؟)أو يضطر للتكلم بالأنكليزية(وأحيانا بالسويدية!)،لأنه قضى عاما واحدا للدراسة النظرية في لندن وعاما آخرا للتطبيق في بعض حقول الألبان في السويد!.أما أمه المسكينة البسيطة جدا فكانت تبكي أحيانا (عندما ترى "ورطة" إبنها وصعوبة لفظه لبعض الكلمات باللهجة الشطراوية؟؟؟) وتقول:(أويلاه يوليدي ياهو النساك حجينه بالعربي؟).لاأزال أتذكر جيدا ماقالته لي عمتي (رحمهاالله) يومها مازحة(وقد كاد أن يغشى عليها من شدة الضحك من أفعال فرهود!):"ياحسين!،إذا ساعدك الله وتذهب يوما للدراسة في الخارج وترجع بعد فترة (طالت أم قصرت!) إلينا،وتعمل كالذي عمله(فرهود!)،فصدقني أن توثيتي؟(عصاتي) ستكون عندئذ في إنتظارك"؟.طبعا كلامها كان باللهجة الجنوبية!.من ذلك اليوم أصبح(المسكين؟) فرهود "مصدرا" للأقوال المضحكة و(الفكاهات؟) في الشطرة(طبعا هذا الكلام،وكما ذكر أعلاه، قبل أكثر من خمسين سنة!).أمثلة:..."ها صرت مثل فرهود،راحله سنة للأنكليز ونسه لغتنه"؟،أو: "خوب ماعداك فرهود (الكلاوجي؟)اللي سوه روحه ناسي حجينه الشطراوي وتاليه كضوه وطردوه وشرد بطلاع الروح مع مرته السويديه":"؟، وغيرها كثير!.
عندما أكملت دراسة الطب في المانيا ورجعت في منتصف السبعينات لزيارة العائلة العزيزة ومدينة الشطرة الحبيبة(بعد 8أعوام!)كانت عمتي أيضا في (إستقبالي؟) عند أهلي!.أول ماقالته لي وهي تضحك:"إذا نسيت (حجينه بالعربي،وتحجي ويانه ألماني؟ فأنا لم أنس التوثية"! ،أي العصا!.أجبتها مبتسما:"والله لو بقيت طول العمر،ياعمتي العزيزة!، بعيدا عن الشطرة فسوف لم ولن أنسى كلمات من اللغة العربية عموما،واللهجة الجنوبية(الشطراوية)الحلوة،خصوصا!،وأضفت:أن من يدعي أنه نسى قسما من لغته العربية ولهجته الشطراوية(لأنه مكث عدة أعوام في الخارج!)،فهو،ولعمري، أما مصاب بعقدة النقص ،ويجب عرضه على طبيب نفساني،أو إنه فقير أصلا ولا يزال، ويعتقد أنه بمثل هذه (المهازل!) ربما يعتبره الناس البسطاء بأنه فوق مستواهم "ماديا"؟،أو أن تربيته (بالأصل) لم تكن جيدة!.