يا للعار! باعوا الثورة بالدولار!-د. الفائزي

Tue, 27 Sep 2011 الساعة : 23:15

من المأخذ التي تطرح ضدنا خاصة في الأعوام الماضية نحن محفل الإعلاميين المستقلين اتهامنا وهو اتهام نعتبره فخرا واعتزازا من إننا نسعى (بإذن الله و مشيئته) بان نقول للحق حق و للباطل باطل مهما كلفنا ذلك و لن نساوم على قول الحق مثقال ذرة و لسنا كسائر الإعلاميين الرسميين نبيع أقلامنا وديننا وشرفنا مقابل وظيفة ومزايا مادية ورضاء من الأنظمة و الحكام او حتى مقابل كيس رز أو طبق بيض يحصل عليه الإعلامي الثوري بعد انتهاء دوامه من الرياء و التملق والنفاق كما هو معروف عن الكثير من أصحاب الأقلام الجافة الذين يلهثون و يهزون ذيولهم كالكلاب وراء عظام و فتات يلقى عليهم من أسيادهم الحكام والمسئولين!.

فقد تعودنا دوما نقول للأبيض ابيض و للأسود اسود و لا نعترف بلون اسمه رمادي او وسط بين الأبيض والأسود.
فقد اعترضنا و لازلنا على ما نصفها جرائم حزب البعث اللاقومي الذي يقوم بها نظام الشبيحه ضد شعبه الأعزل والمظلوم في سوريا حتى و ان كان هذا النظام يزعم الثورية والمقاومة او نازلا من السماء! كما اعترضنا دوما على القمع في اليمن والبحرين ومصر وليبيا و سائر الدول التي شهدت و ستشهد قريبا انتفاضات جماهيرية عارمة قريبا بإذن الله خاصة تلك الصور التي نراها عبر قنوات التلفزة المستقلة بشأن قمع العزل والنساء في البحرين على يد العملاء والمرتزقة العسكريين والأجلاف، وقسما بالله تصورنا في بادئ الأمر ان القمع في البحرين وكأنه قمع للقوات الإسرائيلية للفلسطينيين او ان ما نشاهده من قمع يحصل في إحدى الدول اللاتينية وجمهوريات الموز! ، فالقمع قمع و الإرهاب إرهاب والقتل قتل ان كان في بلاد الإسلام او أنظمة الكفر، و قلناها دوما بالفم المليان لا يحق لاي نظام او حاكم مهما كان ثوريا او قوميا او دينيا او قادما من المريخ او زحل او له سلطة عليا او سفلى قتل اي إنسان دون ذنب او لمجرد انه يطلق شعارات ويطالب بإسقاط النظام و الحاكم المستبد و المحتكر للسلطة لان الاعتراض حق كل إنسان مهما كانت أفكاره وتوجهاته و لا يحق مواجهة الاعتراضات بالقمع و القتل والإرعاب بالحديد والنار لان مثل هذه السياسات لم يمارسها سوى المستبدون والمجرمون والمحتكرون للسلطة على مدي التاريخ والذين يرون أنفسهم وقدرتهم لا سامح الله حتى أعلى من قدرة الخالق، وللتذكير فقط ان جميع هؤلاء هم الآن في مزبلة التاريخ ومراحيض الأمم و يبقى الحق فقط مع الناس ومع الذين يرون الحكم و السلطة و المقعد الرئاسي مسئولية مفروضة عليهم و اتفه من عفطة تيس! كما قالها الصالحون السابقون وليس ان يفرضوا سلطتهم على الناس بالقوة و بالحرس الجمهوري الخاص والشبيحه والكتائب والقوات المسلحة التي لا تعرف سوى مقاتلة و إذلال الشعوب!.

ولكن ماذا نفعل مع حكام ومسئولين تافهين ومنحطين يزعمون انهم مختارون من جانب الكون والكائنات لكنهم يقومون بقتل الناس و تحدى الخالق وخلقه اذا طالبهم أحد بالتنحي عن السلطة او عدم توريث الحكم الى الأبناء والأنجال من الحكام خاصة في الجمهوريات الزائفة والجوفاء التي لم تطبق حتى الآن سوى الحكم الاستبدادي وسلطة الفرد الواحد على الجميع في نظام زائف اسمه (الجمهورية) اي النظام الوهمي المشتق من إرادة وحكم الجماهير!، وعليه من الأفضل نطلق على الأنظمة تسمية الجمهوريات المزيفة والجوفاء ونظام (الفردية) او (الدكتاتورية) او (الفئوية) في افضل الحالات

شعار الموت للشيطان الأكبر!
وعودة الى حديثنا الأصلي اي الجمهوريات المزيفة والشعارات الفارغة من المحتوى والجوهر ننتقد هنا وبكل حرقة قلب انحراف وتحور بعض مبادئ الثورة الإيرانية على يد المتشدقين بالثورية من الذين ينادون بمقارعة الاستكبار العالمي لكننا لا نرى اي مقارعة و لا قرقعة و لا هم يحزنون وفقط يهتفون ليلا و نهارا الموت لأمريكا و إعلامهم الحكومي يبث من الفجر حتى عتمة الليل أناشيد الموت لأمريكا وللاستكبار العالمي خاصة هذا النشيد المعروف (أمريكا، أمريكا دماء شهدائنا البررة، تنزف من يدك القذرة!) لكنهم (المسئولون الحكوميون) يهرولون على وجه السرعة و في اي مناسبة ومن غير مناسبة الى أمريكا للمكوث بها والتنعم بمزايا السفر إليها والتقاط الصور التذكارية تحت تمثال الحرية و في الأماكن السياحية واصطحاب الأهل والأبناء والأقارب والمعارف واستئجار فندق فخم بكامل طوابقه للرخاء والاستجمام، فاذا كان الهدف من مثل هذه الزيارة و إنفاق الملايين على زيارة الأهل والأقارب إلقاء خطاب مكرر ومتطابق مع خطابات السبع أعوام العجاف السابقة فالحقيقة هذا الخطاب لا يساوي و لا يضاهي كل هذه التكاليف المادية والإعلامية خاصة و ان عشرة أشخاص بقوا في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة للاستماع إليه، ستة منهم أعضاء الوفد الإيراني و اثنان من سود أفريقيا و واحد من آسيا و مندوب واحد من دولة في أمريكا اللاتينية في حين ان خطاب مماثل ألقاه عميل لإسرائيل كما تصفه أجهزة إعلام الحكومة الإيرانية وهو محمود عباس بشان الدولة الفلسطينية المنقوصة حضره مئات من ممثلي دول العالم و صفقوا و هتفوا إليه عدة مرات دون انقطاع، و أما إذا كان الهدف من السفر الى أمريكا النيل من ساسة البيت الأبيض و إذلال أمريكا في عقر دارها كما تدعون فإننا والجميع لم نلمس ذلك بل رأينا حدوث العكس و لم تعد (حدودة) هالة النور المزعومة فوق رأس الرئيس تنطلي على اي احد لا العاقل و لا المجنون!

ومن السخرية تهديد و اعتقال كل سياسي و إعلامي في إيران يطالب او حتى يتحدث شفهيا بشان ملف العلاقات بين إيران و أمريكا او يطالب بدراسة وتقييم هذا الملف، وتعتبر السلطة القضائية هذا الملف من المحرمات و انه مثل الكتاب المطلسم لا يمكن فتحه الا برمز سحري و ان هذا السلطة و لبسة الكفان نزلوا الى الشوارع و أطلقوا شعار وا إسلاماه والنظام اصبح مهددا بالخطر الفادح عندما أجرى الرئيس السابق محمد خاتمي مجرد لقاء متلفز من قناة (سي ان ان ) الأمريكية حول تبادل العلاقات الثقافية والعلمية بين البلدين، في حين ان رئيس الحكومة الإيرانية الحالية وعلى مرأى ومسمع الجميع خاصة ما يطلقون على أنفسهم لبسة الأكفان والثوريين بالشطة و الفلفل الهندي الحار يطلب و بكل إصرار عودة العلاقات بين واشنطن و طهران ويقول بالحرف الواحد نقلا عن وكالة الأنباء الحكومية الإيرانية:
عدم وجود علاقات دبلوماسية بين إيران وأمريكا يضر بالطرفين و لابد من إقامة العلاقات بين طهران و واشنطن فورا!. و تكرر مثل هذه العبارات عشرات المرات على لسان الرئيس الإيراني في نيويورك و بأشكال و جمل متنوعة ولكنها ذات مضمون واحد، في حين انه نسى او تناسى من ان الإمام الخميني كان قال بالحرف الواحد مئات المرات: علاقة أمريكا مع إيران هي علاقة الذئب مع الحمل. ومثل هذه الجملة كررها المرشد الإيراني الحالي السيد خامنئي من انه ليس لصالح إيران و لا اي دولة عربية و إسلامية الانخداع بالسياسة الأمريكية الناهبة لثروات الشعوب والمستعمرة لبلدانهم.

والأكثر من ذلك فان وزير خارجية احمدي نجاد ظل يبحث بالمجهر و الناظور عن وزراء ومسئولين غربيين ليلتقي بهم ويحاورهم حول العلاقات مع الغرب و في النهاية لم يلاق صالحي سوى نظيره البريطاني حيث عانقه و تحاور معه بشان تطوير العلاقات بين الطرفين في حين ان الإعلام الحكومي و لبسة أكفان الشطة والفلفل يسبون ليلا و نهارا بريطانيا ويتهموها في كل حادثة شاردة وواردة ويعلقون لافتات على جدران السفارة البريطانية تقول: يا بريطانيا المجرمة! كل مصائبنا منك يا قذرة و يا خائنة!.

و لكن ابسط الناس في ايران يعلم من ان معظم أبناء وأنجال المسئولين درسوا و يدرسون او يقيمون في بريطانيا و في سائر بلدان الكفر الأخرى! مثل كندا و أمريكا وان الكثير من المسئولين و أسرهم نراهم نحن دوما في بلاد الكفر يتسوقون أسبوعيا من متاجر لندن المعروفة و اذا ما أصاب أحدهم الزكام او ظهور بعض البثور الجلدية بسبب كثرة النهم في الآكل يهرول سريعا ليركب أول طائرة متجهة الى بريطانيا للعلاج و الاستجمام هناك هو و أسرته و حاشيته الخاصة ، و يقال ان معظم هؤلاء ليسوا بحاجة أساسا الى تأشيرة الدخول خاصة الى بريطانيا لوجود اتفاق سري بين الطرفين او انهم يحملون جوازات سفر بريطانية. و الله اعلم!.

مجرد شعارات!!
الأكثر سخرية أيضا ان المرافقين للرئيس الإيراني خلال زيارته لأمريكا ومقارعة الشيطان الأكبر من أمثال مشائي هم من الذين كانوا قد صرحوا بالصداقة الحميمة مع الإسرائيليين وأنكروا عظمة ودور الأنبياء والرسل لهداية البشرية، وهؤلاء مطلوبون ومتهمون بالأساس و حاليا من جانب القضاء الإيراني بتهم عديدة منها الاختلاس و نهب المال العام و كان آخرها ملف اختلاس 3 مليارات دولار نعم 3 مليارات بالكمال و التمام!.

ولكن الأهم من هذا كله ان الإعلام الحكومي في إيران ظل يطبل لسفر احمدي نجاد لأمريكا منذ عدة أسابيع قبل زيارته لنيويورك وقد ابلغ الرئيس الإيراني متعمدا أجهزة إعلام أمريكية من التي كان يصفها قبل حين بأبواق الشيطان الأكبر بانه قرر شخصيا إطلاق سراح الأمريكيين المتهمين بالتجسس مقابل مليون دولار فقط ! يا بلاش، مبلغ زهيد في سوق النخاسة والتخفيضات السياسية في عصرنا الراهن!.

واعتبر الإعلام الإيراني وبعدها السلطة القضائية بأنهما حققا انتصارا كبيرا (مزعوما) على أمريكا المستكبرة من خلال بيع مبادئ الثورة الإيرانية امام رضاء أمريكا بمليون دولار فقط بالإضافة الى 500 الف دولار استلماها سابقا مقابل إطلاق سراح الجاسوسة الأمريكية حسب وصف الإعلام الحكومي سارا شورد، والأكثر مضحكة في هذا السياق ان الأمريكيين لم يدفعوا دولارا واحدا للحكومة والقضاء الإيراني بل ان أموال إطلاق سراح المتهمين بالتجسس جاءت إليهم من دولة عربية صديقة لإيران و أمريكا نالت رضاء الطرفين جراء إنفاق مال زهيد، و تم نقل المتهمين بالتجسس بواسطة طائرة خاصة و إجراء مراسم توديع رسمية و التقاط صور تذكارية وفخرية مع الجواسيس!.

والأسئلة التي تطرح نفسها في هذا السياق و بإلحاح هي: هل يا ترى ان الأمريكيين الثلاثة الذين نعتقد انهم كانوا مجرد سياح ويبحثون عن الشهرة و المال فقط (لان كل من تعتقله الحكومة الإيرانية يصبح تلقائيا بطلا مشهورا و يحصل على ثراء فاحش!) كانوا في الواقع طعما للنظام الإيراني ام انهم جواسيس حقا؟.
فإذا كانوا جواسيس فلماذا تم إطلاق سراحهم بهذه الصورة و السرعة وبالسعر الرخيص(مليون و500 الف دولار ثمن بيع مبادئ الثورة!)، و اذا كانوا أبرياء فلماذا احتجزوا كل هذه المدة خلافا للقوانين الشرعية و اصدر ضدهم حكما بالسجن عليهم 8 أعوام لكل منهم؟!. و لماذا يا ترى تم إطلاق سراحهم تزامنا مع سفر احمدي نجاد الى أمريكا وهل ان الحصول على حفنة دولارات هو انتصار مزعوم للدبلوماسية الإيرانية ام انه تراجع سافر عن مبادئ و أصول الثورة الإيرانية و نهج الإمام الخميني؟!

نواب في البرلمان الإيراني انتقدوا بشدة مواقف الرئيس الإيراني بهذا الخصوص و وصفوا تصريحات احمدي نجاد و إطلاق سراح الأمريكيين المتهمين بالتجسس بانه تذلل و مساومة واضحة من جانب ما صفوه بالتيار المنحرف و الضال والمعادي لاصول الثورة الإيرانية و أكدوا ايضا من ان احمدي نجاد وجماعته يحلمان فقط بإعادة العلاقات مع أمريكا لان ملف العلاقات بين إيران وأمريكا ليس بيد رئيس الجمهورية بل بيد المرشد السيد علي خامنئي و هو الذي يقرر وحده مصير هذا الملف المعقد و الشائك.

و الحقيقة ليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم بها حكومة احمدي نجاد بمثل هذه المسامة المكشوفة مع الغرب بل انها قامت ولعدة مرات بالتراجع عن مبادئ الثورة حيث أخلت سبيل جميع البحارة البريطانيين الذين اعتقلوا بتهمة التجسس قبل فترة بل وإنها قدمت لهم الهدايا والمزايا ورحلتهم الى بريطانيا من خلال مراسم توديع رسمية قام بها احمدي نجاد شخصيا الذي فرش لهم البساط الأحمر بنفسه بعدما كان حتى ألامس يسب و يلعن بريطانيا (باللسان فقط بالطبع!) ويتهمها بالتجسس والتآمر على الحكومة الإيرانية والتخطيط لإسقاطها!

هذه حقائق كلها موجودة و قائمة و واقعية و منشورة على الإنترنت و في الصحف والإعلام المستقل و الناقد و كل من لا يصدقها و يصر على غبائه وحماقته وجهله فلينطح رأسه الثوري الأجوف في الحائط او يذعن لقول الواقع و إرادة الناس و كلمة الحق التي هي دوما الكلمة العليا و فوق الجميع مهما كانت مكانتهم و مسئولياتهم

** صحفي و إعلامي / السويد، مالمو
[email protected]

Share |