العقوبة تربية وليست انتقام ... خطوات مقتدى الصدر أسوة وقدوة/غفار عفراوي

Sun, 14 Jun 2015 الساعة : 21:35

يحتاج الطفل إلى مراقبة ولي أمره لكي يستقيم سلوكه، ولا ينحرف عن جادة الصواب، وقد يضطر الأب أو الأم أو الأخ الأكبر إلى استخدام العقوبة بأقسامها المتعددة كالتعنيف، أو الضرب برفق، أو الاحتجاز المؤقت، وغيرها من أساليب الردع المتعارفة. ويحتاج الطالب إلى مراقبة المعلم في جميع تصرفاته وسلوكياته وكذلك مستواه الدراسي، فإن كان جيداً حصل الثواب، وإن كان سيئاً حصل العقاب بما هو متعارف، ابتداءً من التحذير، إلى خصم الدرجات، إلى دعوة ولي الأمر للحضور إلى المدرسة وإبلاغه بمستوى ولده في المدرسة، وصولاً إلى مرحلة رسوب الطالب في صفه واضطراره إلى إعادة العام الدراسي مرة ثانية ليكون دافعاً له لتجاوز أخطاء العام السابق.
الدولة كذلك بحاجة إلى تفعيل قوانينها المتعلقة بمعاقبة المسيء، وعدم مساواة الصالح مع الفاسد، لان ذلك سيجعل الفاسد يستمر بفساده ، ويجعل الصالح يتراجع ويتقهقر عن عمل الخير ، وفي هذه الحالة ستسقط الدولة شيئاً فشيئاً في الهاوية، والانزلاق نحو المجهول والخراب. وهذا ما حصل للدولة العراقية الجديدة بعد سقوط نظام الدولة البوليسية البعثية التي تحكم بالحديد والنار كل من يخالف قوانينها، أي أنها كانت تطبق العقوبة على المسيء ولكن من وجهة نظرها لا من وجهة نظر إنسانية ، وقد نجحت في عملها طيلة حكمها الذي تجاوز 35 عام .
الحكومات العراقية التي تعاقبت على حكم العراق بعد 2003 لم تعمل بمبدأ الثواب والعقاب أبداً ، بل أنها كانت تثيب الفاسد في اغلب الأحيان وخصوصاً حين يكون الفاسد من بطانة الحزب الحاكم! الأمر الذي أودى بالدولة العراقية إلى الخراب والهلاكـ، والوصول إلى حافة الهاوية، لولا بعض الرجال الحكماء الذين استطاعوا الإمساك بآخر خيط للنجاة من الموت المحتوم للعراق على يد حكومة فاشلة بامتياز كانت السبب الرئيسي للخراب والدمار عبر ثمان سنوات من الغباء السياسي المفرط ، والتجهيل المستمر لطبقات الشعب الفقيرة، ومعاقبة الوطنيين وإيداعهم السجون، ومكافأة الفاسدين وتكريمهم بالرتب العسكرية العالية ، والمناصب السياسية الكبيرة .
 فكان أولئك الحكماء طوق النجاة للشعب المسكين والدولة الجريحة ، وكانت الحكومة الجديدة التي توافقت عليها جميع الكتل السياسية باستثناء كتلة الحاكم السابق .
المطلوب من الحكومة الحالية تفعيل مبدأ الثواب والعقاب، والضرب بيد من حديد على كل من يسيء للعراق ولشعبه ولأمنه واستقراره كائناً من كان، حتى لو كان وزيراً أو برلمانياً أو نائب رئيس جمهورية. ولتكن خطوات زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر في حملته الأخيرة ضد بعض المسيئين داخل التيار الصدري، أسوة حسنة لرئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي ليطبقها على جميع أفراد الشعب العراقي بلا استثناء ، وبلا محاباة ، وبلا مجاملة ، وبلا خوف من أحد كائناً من كان . مثلما توعد السيد مقتدى الصدر المفسدين في التيار كائناً من كانوا، وأكد انه مستعد لاستلام أي ملف يثبت تورط أي شخص تابع للتيار لكي ينال العقاب الصارم ويكون عبرة لغيره.
إن رئيس الوزراء مطالب اليوم أكثر من أي وقت لتفعيل دوره كقائد عام للقوات المسلحة ، ومعاقبة كل ضابط أو جندي يخالف توجيهاته وأوامره لأنه هو القائد ولا يوجد قائد غيره ، وان الفرصة مواتية اليوم أكثر من أي وقت سابق أو قادم. فهو يحظى بتأييد المرجعية الدينية وتأييد الكتل السياسية الشيعية والسنية والكوردية .. وهذا ما لم يحدث من قبل ، فاستثمر الفرصة أيها العبادي لأنها تمر مرّ السحاب ، واعلم انك بالعقاب تبني بلد وتنشئ مجتمع جديد خالٍ من الفاسدين ، وليست العقوبة انتقاماً من أحد .. ولا تخش في الله وفي الحق لومة لائم . كما لم يخشَ السيد مقتدى من أحد ، ولم يقل ان التيار الصدري تيار مقدس أو معصوم وليس فيه مفسدين ، بل قال وفعل ويوجد الآن بعض المتهمين ينتظرون اكتمال التحقيق معهم .
والنداء موصول إلى جميع قادة الكتل السياسية وزعماء الأحزاب وزعماء الشعب وغيرهم ، فالشيخ المرجع محمد اليعقوبي مدعو للبدء بالثواب والعقاب ، والسيد عمار الحكيم يجب عليه البدء بهذه الحملة ليتطهر العراق من المندسين في صفوف أحزابنا الشريفة، والدكتور الجعفري يجب أن يراجع أعضاء تيار الإصلاح ويبدأ بحملة تصحيح وإصلاح ويكون اسمٌ على مسمى.
وأنا على يقين أنكم إن فعلتم ذلك ، فلا داعش ولا أمريكا ولا إسرائيل ستكون قادرة على اختراقكم

كاتب عراقي

Share |