عراقيون يستذكرون: طارق عزيز كان من أشد المناوئين للأحزاب الإسلامية

Thu, 11 Jun 2015 الساعة : 7:25

وكالات:
يقلّب حسن عبد الله من بابل، جنوبي بغداد، صورا عمرها نحو الثلاثين سنة، تصوّر المشهد ذاته الذي اعتاد عليه العراقيون في ذلك الوقت، وهو مشهد القائد "الضرورة" بين اتباعه، وصور الشعب الذي التف حول مضطرا، حين كانت أجهزة النظام البائد تجمع الناس قسرا في الملاعب والساحات العامة لغرض "التصفيق" للقائد "الرمز" كما كان يسوّق له البعثيون الذين حولوا العراق الى حرائق ومذاهب طوال عقود.

وفي احدى الصور التي مازال حسن يحتفظ بها، ثمة مشهد له أهمية في هذه الأيام التي شهدت رحيل أكثر الأشخاص اخلاصا للدكتاتور، وهو طارق عزيز، الذي توفي في سجنه في الناصرية، الأسبوع الماضي.

وفي احدى الصور يظهر عزيز يدخن السيجار، باستمتاع واضح، الى تلقين الدكتاتور، بعدما تحوّل الى بوق لتسويق سياسات الدكتاتور والترويج لها.

وتوفي طارق عزيز، إثر وعكة صحية، في 5 حزيران 2015، في سجن الناصرية عن (79 عاماً) إثر إصابته بذبحة صدرية.

ويتحدث حبيب السلطاني وهو أحد مناصري حزب "الدعوة الإسلامي" في العراق، حيث أعدم صدام المئات من أعضائه، ان "طارق عزيز كان من اشد المحاربين لهذا الحزب، لما يشكّله من خطر على مصلحة النظام في ذلك الوقت".

ويستذكر السلطاني، "بين عامي 1983 و1985، كان طارق عزيز يقود حملة بين الدول العربية والغرب، لنيل الدعم للحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) والتي ذهب ضحيتها أكثر من مليون عراقي".

وسوّق النظام العراقي السابق في نفس الوقت طارق عزيز باعتباره دبلوماسيا لا يشق له غبار.

وفي حين كان صدام يبيد شيعة البلاد، فانه اتخذ من عزيز الواجهة له لأنه مسيحي، لكي يقول ان النظام في العراق يفسح المجال للأقليات لتبوأ المناصب المهمة والحساسة.

يردف السلطاني، "حقيقة الامر لم تكن كذلك، فلم يتم اختيار عزيز لمسيحيته او لوطنيته بقدر كونه بعثيا ومن اشد المخلصين والمتملقين لصدام.

ويتحدث أبو علي الحلي، وكان من الكوادر البعثية في تسعينات القرن الماضي في بابل، ثم طرد من الحزب لان شقيقا له كان ينتمي الى حزب الدعوة، ان "طارق عزيز، والعصابة التي تلتف حول صدام حسين، هو صاحب مبادرات القائد الضرورة والتاريخي ووضع بموجب ذلك سياسية إعلامية، تظهر صدام وكانه المنقذ للامة".

ولم يحظ مسؤول عراقي بثقة الدكتاتور صدام حسين، بمثل ما حظي طارق عزيز، وقد وضعته هذه الثقة في الصف الأول في قيادة الحزب والدولة على مدى أكثر من ثلاثة عقود، لانه كان مطلعا على اسرار جرائم صدام.

ويعتقد السلطاني ان "صدام حسين ركن الى مسيحية طارق عزيز، لانه لم يمثل خطرا عليه باعتباره ان طموحاته تصطدم بانتمائه الديني.

المواطن علاء الحلي، يحتفظ في ارشيفه مكتبته بصور كثيرة لمحاكمة ازلام النظام السابق، مؤكدا على ان "عزيز اثبت في خلال الجلسات، بتصريحاته الهزلية، ودفاعه المتهافت، انه لا يستطع تقديم تبريرات لدموية صدام وقتله الالاف من الأبرياء".

وفي مذكرات لمعن عطوان، وهو مدرس الان، وكان طالبا في الجامعة المستنصرية في 1980، فانه يستذكر يوما استثنائيا في تاريخ الجامعة، فيقول لـ"المسلة" ان "سعي البعثيين الى السيطرة على الجامعة وتغييب الطلاب من أصحاب الميول الإسلامية والوطنية لاسيما المؤيدين لحزب الدعوة الاسلامي، جعل النظام البعثي يقدم على اعدام العشرات من الشباب ويفصل العديد من الاساتذة ".

ويتابع "في تلك الظهيرة كنت الشاهد على تفجيرات بدت مصطنعة من قبل ازلام النظام، فحدث الهرج والمرج، لتروج السلطات بان الحادث كان محاولة لاغتيال طارق عزيز الذي أصيب بجروح بحسب مصادر النظام البائد".

يتابع عطوان "كان واضحا ان الحادث كان مسرحية بطلها صدام، الذي وظف طارق عزيز لهذا المهمة".

ويرجع عطوان ذلك الى ان عزيز كان عضيد صدام ومحل ثقته منذ اعدم رفاقه في الحزب في العام 1979، وكانت احداث تصفية البعثيين القدماء الواحد بعد الأخر واحياناً بالجملة مثل مرتضى الحديثي عبد الخالق السامرائي وعبد الكريم الشيخلي وعدنان الحمداني وغانم عبد الجليل، وتصفية رموز الأحزاب الإسلامية، بإشراف طارق عزيز، والعصابة التي كان تأتمر بأوامر صدام.

ومازال العراقيون يتذكرون صلف طارق عزيز الذي كان يقلد أسلوب صدام في شرب السيكار، بحثا عن العظمة الفارغة.

ويقول المواطن عباس الخفاجي الذي قضي عشر سنوات في سجون النظام البائد لاتهامه بالانتماء الى حزب "الدعوة الإسلامي"، ان

"العراقيين حطموا كبرياء عزيز وازلام النظام حين حاكموهم امام العالم لينالوا جزارهم العادل".
المصدر:المسلة
 

Share |