أين لحيتك الشرعية يا وزير خارجية آل سعود؟/د. حامد العطية
Sat, 16 May 2015 الساعة : 1:52

شخصياً لا أكترث لهيئة وزير خارجية آل سعود، وسواء ترك لحيته لتبلغ الحد الشرعي أو شذبها أو حلقها وحتى لو حفها سيان عندي، بل لو حلق شعر رأسه على طريقة الهنود الموهيكان لاكتفيت بالاستهجان، لكن لرجال الدين الوهابيين حكم مختلف بخصوصها وهو أشد صرامة وحزماً من عاصفة العدوان السعودي على اليمن.
كل من لديه معرفة ولو بسيطة بأحكام الفقهاء يدرك بأن للحية قدسية وحرمة لعلها تفوق في حرمتها دماء المسلمين الأبرياء التي تسفك كل يوم في الكثير من البلاد الإسلامية تحت رايات إسلامية محفوفة بالتكبيرات.
باختصار يجزم رجال الدين الوهابي مثل ابن باز والعثيمين بأن إعفاء اللحية عبادة وليست عادة، والواجب تركها على الخلقة، ويدعون بأن الرسول الأعظم أمر بها في حديث مروي عنه: (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس)، فصار تركها عبادة، وتقصيرها حرام وحلقها أشد حرمة، والمحير هو أن من يتهمهم الوهابيون بالمجوسية، أي الشيعة، يرخون لحاهم فهل ينبغي على السلفيين حلقها ليخالفوا (مجوس) اليوم؟
يقول ابن عبد البر في التمهيد: يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا الرجال المخنثون.
على خلاف كل دول العالم يرفض النظام السعودي وضع دستور للبلاد لأن ذلك مناقض لفهمهم للدين وهم يؤكدون بأن دستورهم القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ويدعون بأنهم أكثر المسلمين حرصاً على تطبيق أحكام الشريعة على الجميع من دون استثناء.
مؤخراً ترقى عادل الجبير من سفير للملكة في أمريكا إلى وزير الخارجية، وبالطبع استبدل البدلة الفرنجية التي كان يرتديها في واشنطن بالرداء السعودي التقليدي، وهو فرض واجب على كل مسؤول وموظف سعودي مهما علت أو تدنت مرتبته باستثناء العاملين في القوات المسلحة.
لكن الجبير حليق الذقن في الوزارة ومن قبل في السفارة، وسلوكه في حكم ابن عثيمين (خروج عن هدى المرسلين إلى هدى المجوس والمشركين)، ولا نريد التذكير بقول ابن عبد البر في ذلك، كما أن الرجل من دون لحية أشبه بالمردة، وهذه إشكالية أعظم لدى السلفيين، إذ يقول ابن الجوزي: كان السلف يقولون في الأمرد: هو أشد فتنة من العذارى، ونهى ابن تيمية عن النظر إلى وجه الأمرد المليح، وهي أقوال تثير تساؤلات خبيثة، ولكن هي من آثار السلف الذين يقدسهم النظام السعودي.
عادل الجبير وزير خارجية خادم الحرمين الشريفين، وهو بالصفة المعنوية وجه المملكة في علاقاتها الخارجية مع الدول الإسلامية وغير الإسلامية، لكن وجهه بمواصفاته الفعلية وبالتحديد اللحية الحليقة مخالف للشريعة الإسلامية وفقاً للمذهب الوهابي، والتي يلتزم بها الملك ومعظم أفراد عائلته، فكيف يقبلون أو يسكتون عن هذه المعصية الكبرى لوزير خارجيتهم وإصراره عليها؟
هنالك جوابان لا ثالث لهما لهذا السؤال، أما ان يكون آل سعود غير مخلصين للعقيدة السلفية أي أنهم يتظاهرون بذلك نفاقاً للسلفيين أو أن تعيين الجبير تم بمشيئة أمريكية وصهيونية لا بإرادة ملكية، وأنا أرجح الجوابين.
(للإسلام غايتان عظمتان هما الإحياء والإصلاح ووسيلة كبرى هي التعلم)