لا أبكيك موسى ... بل احتفل برمز الارادة/محمد علي مزهر شعبان

Thu, 14 May 2015 الساعة : 0:22

في هذا اليوم منذ عام كتبت  سطور بحق امير سجناء الرأي ، واذ تمر المناسبة ، وجدت انها ذات المشاعر والمفاد والاحاسيس ، الذكرى ذاتها والفوران في لجة العواطف النبيلة ذاتها ، فاعذروني اعدت كتابة السطور ، انها لافتتي التي تمضي .. عاش الشعب عاش العراق عاش الاحرار من توطن تحت التراب وبيرقه يرفرف في سماء ذاكرتنا ووجودنا ، وممن ينتظرون الموت وما بدلوا تبديلا

خذ العصى ياموسى ، فالرب مدها من قدرته ، واضرب بها ايها النبي فانها جيش نجاتك ،والله لعاصمك فيها من جيوش السحرة . تمكن موسى ولاح له قبس الامل وتبددت همومه ، وزال ضباب الخوف من ناظريه ثم مضى في طريق تحقيق الاعجاز الرباني ، وكبى فرعون في رهبة ، وسحقت الكبرياء ..
هذه ارادة رب عظيم ، لم تستنزف من موسى جسدا ، ولم تهن له عضدا وسار الى حيث ما ارسل من اجله
 موسى اخر بعد ألاف الاعوام في عهد اشد ظلامية واعتى جبروت ، لا سحر ولا سحرة ، انما الخوف المبثوث في انفس الجبابرة في رئاتهم يتحرك هواء القلق والرعب من "عزُل" هم في منأى عن عاصمة الحكم في بغداد هناك حيث جدهم اعلن رسالته

موسى القادم الجديد يحمل رسالة ربانية من نوع اخر . خذ الصبر والتجلد والتحمل لتقدم درسا لسيد المخلوقات الانسان في القدرة الخارقة على تجاوز الالم وانهيار الجسد .
ألهم سبايا سجناء حرية الرأي يا موسى ، الصبر والسلوان ، حين تقدم لهم اروع مما تجلد سجين ، من اجل قضية . ففي عذابك في دياجير الظلمة ، وغياهب السجون ، وكاهل السلاسل ، وقيود المعصمين واثقال الساقين ،انها الرسالة حيث التاريخ قد سجل معنى الابجدية بين سجان ظالم وسجين مظلوم . انها السجية والنية المعقودة بين ديدن الاثنين ، وليست الهفوة العارضة . ان النتائج تقاس بعللها ،. هي معركة وصراع الخير والشر. أنفس تتحرك بالاتجاه الذي اسست وثبت في لبها وعقيدتها، وبين من سرح ومرح بذهبها واغراءها ولهو المتع مع نساءها .

حينما رمتنا الاقدار في زنازين المخابرات ، كنت اسئل ، بقايا الرميم ممن بقى من الشيوعيين والاسلامين ... ما مدى طاقة التحمل لدى الانسان ؟ وليس خلطا للاوراق والعقائد والميول .. يجيبني شيوعي : سؤالك هذا وجهه الى موسى بن جعفر

حقا يا ابا الرضا انت تعيش في الانفس مثالا تتداوله الالسن والاجساد وعلى مختلف نزوعها وميولها ، في الغرف الحمراء ، او زنازين اللحوم في الخاصة ، الملغومة بالظلام ، المسكونة بالموت ، المنذورة لمزاجات السجانين ؟

نعم اعتقلوك من مدينة جدك ، والعلة في ذات المعلول ، لانك تبعث فيهم الرعب ، حين يصار الى حقيقة الافضلية ، وحين يتسائل المرء عن احقية حاكم . انت لم تطالب بالسلطة ، ولكن من في السلطة يعرف انك الاحق والافضل والانقى . انت لم تصارع للوصول الى دست الحكم ، ولكن العرش من تحت هارون يهتز واوصاله ترتجف ، حين يكون موسى يمشي كحقيقة ناصعه على الارض . اعتقلوك ليس على شبهة وظنون ، بل ان الحكم عقيم . وحين سئل المأمون ابيه ، من هذا الذي قمت له اجلالا وتقديرا ( وهي غفلة الطغاة حين يضرب سوط الحق الجبابره على حين غرة ) اجاب هارون: انه الاحق في هذا العرش . فرد المأمون : وعلام انت مغتصبها منه . فرد هارون : لو زاحمتني عليها لقطعت الذي فيه عينيك .
.
مزقوا بدنك يا كاظم الغيظ ، من سجن السندي الى سراديب الفضل ، اجلوا مقتلك ليس الى حين ، بل لاخر ما تبقى لك من ودج يتحرك ، ودم ينبض ، ونفس يسبح بحمد الله وشكره ، وبارادة لم تلين ، وموقف لم يتزعزع . ودعت الدنيا ولكنها لم تودعك . وكانت الحصيلة بقدر ان يرفعك اربعة حمالين ، اصطك الجسر بالوف تحمل نعشك ، الى الوف على ذات الجسر وقعوا صرعى في يوم مؤاستك ، في ذلك اليوم الذي اراد توابع الطغاة ان يغرقوا اتباعك

يا راهب ال محمد ، بقيت ما بقى الدهر ، يحكمه احفاد اكلة الكبود ، واميرة المؤمنين زبيده من جهة ، ومن حمل رايتك من جهة اخرى ، انه صراع الارادات . فاحفادك حملوا الراية وواصلوا المشوار، هوذا محمد باقر الصدر ، فانت جرعوك السم ، وهو لقطوا راسه بالسيف ، وتلكم الجحافل من مناضلي هذا الدرب ... سجناء الراي وطالبي الحرية . نعم ايها الرمز ليس المهم ان تكون العقائد في ذات المضمون ، ولكن المواقف حين تكون بذات الاتجاه ، تحترم العقائد في نقطة الاتحاد وهي التضحية للسامي من الارادات .. هوذاعبد الله بن النفس الزكية واخوه ، وها هم القرامطه ، تداخلا وتواصلا ، ليكون هوشي منه وجيفارا وسلام عادل وجان دارك ، وجميلة بو حيرد ونيلسون مانديلا ، في ذات الصف ، انها الارادة
.
لا ابكيك ابن جعفر بل احتفل بالرمز التاريخي الذي اسس الارض الصلب لمن يعشقوا الموت من اجل الحرية .
 

Share |