الابداع في عالم التكوين والتشريع/عصام الطائي
Fri, 8 May 2015 الساعة : 1:03

الذي يثير الإعجاب في عالم التكوين هو الخلية ففي جانب النطق لدى الإنسان الخلية المسئولة على النطق يشترك الإنسان والشمبازي والفار فيها وان الفار والشمبازي لا يتكلما وذلك لوجود تغير بسيط من خلال محو بعض قواعد نتروجينة في الجينات اما في الإنسان فهي غير ممحاة مما تساعده على الكلام وهكذا في كثير من الاختلاف في عالم الطبيعة والفرق بين خلية وأخرى هو بنظام البرمجة فان نظام البرمجة في الخلايا التي تساعد الإنسان على التفكير تجعل مخ الإنسان له القابلية على التفكير تتفوق بقدر خمسة إضعاف عن القرود وان الكائنات الأخرى تمحى منها بعض التراكيب من الخلايا مما يؤدي ان تكون برمجة الخلية تختلف الواحدة عن الأخرى ومما يؤدي الى ظهور سلوكيات وتصرفات مختلفة لكل حيوان تختلف عن حيوان أخر وهكذا في عالم النبات فالاختلاف هو في عالم البرمجة والله هو المبدع الذي له أسرار الخلق والتكوين له الانكشاف المطلق في برمجة أي خلية يجعلها حسب ما يشاء.
لذلك كان تأكيد العلماء على ضرورة فهم الخارطة الجينية ليفهموا الأسرار في الخلايا ولماذا يكون جسم لانسان ما إصابته بالسكر أكثر من غيره وكذلك يجعلنا نفهم سبب اهتمام العلماء بالاهتمام بالخلايا الجذعية فالعلماء يحاولوا برمجة الخلايا العادية أي البسيطة الى خلايا جذعية متخصصة وهذا ما يساعد على اخذ خلايا عادية من المريض ثم تحويلها الى خلايا جذعية متخصصة تؤدي وظيفة معينة قادرة على إفراز الأنسولين مثلا او علاج أمراض وراثية او علاج خلايا سلطانية لان السرطان عبارة عن خلل في عمل الخلايا أي خلل يحصل بالبرمجة فالخلايا الجذعية تستطيع ان تعالج هذا الخلل وترميم أي جزء تالف وحتى توصل العلماء حديثا لمعالجة بعض حالات العمى وهكذا يمكن خلال الخلايا الجذعية علاج عشرات الأمراض المستعصية والذي عجز الطب عن علاجها والفخر هو الى إعادة برمجة الخلايا العادية الى خلايا متخصصة تؤدي وظيفة معينة فان الخلايا العادية هي خلايا بسيطة يمكن تحويلها الى خلايا أكثر تعقيدا حسب ما يريد العالم في موقع او موضع معين في مهمة معينة.
وان العلماء بقدرتهم العلمية قادرين على علاج مثل هذه القضية ولكن هناك أمور قد يعجز العلم على علاجها فهنا يكون تدخل الإرادة الإلهية في علاج أي مرض مهما صعب ذلك المرض فقد نقل عن احمد أمين في كتابه الأخلاق ان امرأة كانت عاقرا وقد دعت الله سبحانه ولم تنقطع عن الدعاء وبعد عشرون سنة رزقت طفلا .
وفي نفس الوقت ان الله تعالى يريد من الإنسان غالبا ان يجمع بين الأسلوبين أسلوب العلاج الطبيعي لان الله تعالى أبى ان يجري الأمور الا بأسبابها وكذلك على الإنسان لا يترك الرعاية الإلهية ودورها في شفاء الأمراض من خلال توفر الأسباب الكافية لشفاء المرض او التدخل بصورة مباشرة بعض الأحيان الا ان البعض يحاول ان يركز على جانب معين وهو الدعاء ويترك الجانب الطبيعي فهذا خطا وكذلك لا يمكن الركون الى العامل المادي فقط وان كان يعالج المريض من المرض غالبا الا ان الله تعالى يريد دائما من الإنسان في كل الأحوال ان يلجا اليه لأنه هو صاحب الولاية التكوينية والتشريعية فهو الرب الذي يدبر أمور الكون كله من خلال ما جعل من قوانين لا ان يطغى الإنسان ويعتبر ان العلم هو الاول والأخير فالإسلام يؤمن بالعلل المادية كما في الحضارة الغربية ولكن نقطة الافتراق هم يرجعوا العلل الى القوانين في الطبيعة فقط بينما المؤمن يرجعها الى الله تعالى وكل الدلائل المنطقية والعقلية والرياضية تثبت ان لهذا الكون العظيم خالقا مبدعا وان كل الخرافات التي قيل بها البعض بالصدفة أضحت سخافة من السخافات وأسطورة من الأساطير كحال نظرية دارون التي أضحت أسطورة من الأساطير .
وفي نفس الدرجة من الإبداع كذلك هناك نتيجة للانكشاف التام للحقائق لذلك يصدر تشريع ينسجم مع فطرة الإنسان في مختلف شؤون الحياة اما اغلب القوانين التي يؤمن بها الفكر الغربي قد تصطدم مع الفطرة فالنظام الغذاني الذي حدد الله تعالى من خلال إباحة الأكل وعدم الأكل في أشياء معينة لا زالت الحضارة الاروبية بالرغم من تطورها تبيح أكل مؤكلات غير طيبة وبعض البلدان تأكل حتى الكلاب والقطط والفئران بينما الإسلام اختصر الطريق للإنسان ورسم له الطريق الصحيح من الخطأ وقد اثبت العلم الحديث انسجام قوانين الإسلام مع الاكتشافات العلمية الا ان الحضارة الغربية لا زالت تتخبط بنظام غذائي وإنها قد وصلت الى أفاق عليا في العلم والمعرفة الا انها لم تكن لها القدرة على المنع من الخبائث وتعتبرها طيبات والفكر الغربي يعطي للأشياء دلالات مادية فقط بينما الإسلام يعطي للأشياء قيم أخلاقية ومعنوية .
وهكذا تظهر عظمة الإسلام وتوفقه على كل المدارس الفكرية وان كان هناك تخبط لدى البعض من المسلمين نتيجة لفهمهم الناقص او المتخلف او الخاطئ للإسلام الا انه يبقى القران النعمة الربانية التي كشف لنا عن بعض أسرار عالم الغيب والذي لولا هذا الانكشاف لظل العقل البشري يتخبط بين فلسفات وأفكار تذهبه يمينا وشمالا ولم يجد لها جوابا كافيا وان بنعمة الإسلام استطاع ان يفهم الإنسان بعض جزئيات عالم الغيب الذي كان الإنسان في ظلمات الجهل ولولا القران لظل الإنسان لا يفهم عن الغيب الا أشياء مبهمة وغامضة تشوبها كثير من الأخطاء ولما تحققت هذه الاختراعات والاكتشافات وتحرير العقل البشري من الخرافات والأساطير ولكانت البشرية تعيش أعلى مراحل الهمجية .
ولولا الرعاية الإلهية التي كشفت كثير من الأمور والتي ساعدت الإنسان ان يخطو خطوات جبارة في مختلف الميادين فالفكر السليم هو الذي يجمع بين مكتسبات الوحي ومكتسبات العقل من خلال التوافق بين النص والعقل وأي إخلال في هذه الثنائية يسبب إرباك وإخلال في الواقع الخارجي وعلى البشرية ان تكتسب من الوحي والعقل كي تخطو خطوات فالعقل وحده غير قادر على إيصال الإنسان الى الكمال فالعقل لا يهتدي الا بالوحي والوحي لا يستغني عن العقل فالغرب قد اخذ بالعقل فقط فضاع والسلفية اخذوا بالنص فقط فضاعوا الا ان الشيعة الامامية هي المدرسة الوحيدة التي استطاعت ان توفق بين دور النص والعقل بثنائية رائعة نتيجة لانفتاحها على الاجتهاد الا ان المسيرة تحتاج مزيد من العطاء من خلال تصحيح كثير ما طرحه التشيع الصفوي والذي همش دور أهل البيت في أمور غير واقعية كبعض الممارسات الخاطئة كالتطبير وغيرها من الأمور و يسعى التشيع العلوي الى إنهاءها وبناء صرح فكري شامخ يرسم الملامح الواقعية للاسلام.
عصام الطائي