حكم مستلهمة من كتابات الدكتور سهيل الغنوشي/عصام الطائي
Fri, 8 May 2015 الساعة : 0:00

في جملة مقالات الدكتور سهيل الغنوشي تطرق لجملة من المواضيع تحدث على السلطات والاحزاب والقيادات والغرب والعرب والثورة والتغيير والثورة الهادئة وعلى الاوضاع الراهنه في عالمنا العربي بالاخص تونس وكانت في مقالاته اقرب الى الحكم الرائعة التي تكشف عن واقعنا الراهن وفيها جملة من الحقائق الواقعية والتي لا تقبل الجدل وهي تصلح ان نعبر عنها حكم ولا تقل شانا عن حكم الحكماء والعظماء عبر التاريخ.
حول السلطة
1ـ يقول السلطة الحاكمة تعني لدى البعض البقاء في السلطة والمعارضة تعني افشال الاحزاب الحاكمة .
2ـ الاحزاب من يتلهف الى السلطة ومن يخشى فقدانها والاحزاب غالبا ما اخضعت مشروعها للمراجعة وقياداتها للمحاسبة واداءها للتقويم.
3ـ سياسيون يتنازعون عن السلطة قبل بناء الدولة .
4ـ ان السلطة في القاموس السياسي العربي نشوة مجد ووجاهة وغنيمة توزع المقربين والموالين ولذلك تجد في كل المجالات والمستويات صراعا على السلطة لا يكاد ينتهي الا بدكتاتورية سافرة او مبطنة.
5ـ حول السلطة اما احزاب متصارعة او متقاسمة لها.
6ـ اقحم الفرقاء في صراع المبني على السلطة في اوضاع هشة انهتكم وانهكت البلاد.
7 ـ ان جل الاحزاب السياسية تفتقر الى الديمقراطية والشفافية في اداة شؤونها وغير مبراة من الانتهازية والاقصاء والنرجسية والتنطع والدكتاتورية وتقديم الطاعة والولاء على الكفاءة والعطاء فلا عمل مؤسسات ولا تداول على السلطة وانما حلقة مفرغة من التكالب والصراع المحموم.
8 ـ اكل السياسيون الذين عول عليهم طعم السلطة والمال وادمنو ووقعوا في الفخ واصبحوا مكبلين بنرجستهم .
9 ـ السلطة مفسدة للناس اذا اصبحت غاية اما اذا تمحورت حول رسالة انسانية او مشروع وطني تصبح انبل شيء.
10ـ ويبدو ان البعض اسقط مسالة التبعية لرفع الحرج وفتح طريق السلطة الذي كان مسدودا في وجهه وهكذا اصبحت مظاهر الديمقراطية غاية في حد ذاتها ومعيار للنجاح ولا يهم ان ظلت البلاد تابعة او متخلفة ما دامت لدينا احزاب ودستور وانتخابات فالتبعية لا تختلف جوهريا عن الاحتلال وفي ظل التبعية كما في ظل الاحتلال تصبح السياسة عبثا وثرثرة اذا لم تتمحور حول قضية التحرر وفي ظل دولة تابعة لا يمكن ان تكون ديمقراطية جوفاء موجهه ومحكومة من الخارج تتصارع وتتداول على تصريف اعمال لا تختلف كثيرا في الصلاحيات عن السلطة الفلسطنية وقد يكون ضررها اكبر من نفعها اذا انقسم المجتمع وتتحول الى مخدر يشغل الناس عن القضية الوطنية الام بمعارك جانبية حزبية وانتخابية وانجازات وهمية .
الثورات
وفي مجال تحدثه على موضوع الثورة:
1ـ الثورة تعني طفره نوعية في التفكير والوعي والسلوك وفي الانتاج والعطاء والتضحية .
2ـ ان تحريف الثورة واعادة انتزاع صيغة معدلة مهذبة للمنظومة القديمة بدول محكومة بطبقة سياسية طيعة.
3ـ ان اطراف تحتاج الى ترويض واعادة تأهيل وميعت اهداف الثورة فاختزلت في الديمقراطية والتي اختزلت في دستور واحزاب وانتخابات.
4 ـ تميعت السياسة بالتوافق كما تميت الثورة.
5ـ فشلت النخب والاحزاب في اكتشاف المخزون الثوري الهائل للشعوب فلم يقم في استثمار الفرصة الذهبية التي صنعها الشعب وقال ان الخطر الاكبر على الثورة ليست على عودة النظام القديم بل اعادة انتاج المنظومة السياسية والاقتصادية القديمة من خلال الاعاقة والاحتواء والتميع.
6 ـ الحقيقة ان ثورة بلا قيادة ورسالة قد تسقط نظام ولكنها لا تقم دولة ولا تحقق نهضة ومن يظن ان احزابا متناحرة ومهووسة بالسلطة وبمكاسبها الحزبية ولو على حساب المصلحة الوطنية يمكن ان تحقق الثورة فهو واهم.
7ـ ان الثورة لا تقوم بمجرد اسقاط نظام او انتزاع حرية التعبير او التمكين هذا الحزب او ذاك من السلطة او لتصريف الاعمال ولكن لا بد احداث ثورة في النفوس والعقول وتخلصها من رواسب الاستبداد والفساد وتحصين البلاد .
8 ـ الشعوب بحاجة الى اقلاع وبالتالي بحاجة الى قيادة قادرة ان تقلع بها بحاجة الى ثورة حقيقة لا تهدأ حتى تحقق اهدافها وتفرز نخب جديدة على طريق الاقلاع.
9 ـ ما الذي يوقع شخصيات حزبية واحزاب وطنية مناضلة بمثلث الاستبداد والتبعية والفساد وكما حصل في حركات التحرر قلة شاذة اولئك الذين تزلهم الانتهازية والعمالة اما الغالبية العظمى فيطيح بهم الضعف اما شهوة السلطة والجاه والاضواء وربما المال.
10ـ ان المسار العسير كان يتطلب من السياسين بعد انتصار الثورة < يقصد في تونس ولكن تنطبق على كثير من السياسين في بلدان اخرى > ان ينسوا او يتناسوا انتماءاتهم الايديولوجية والحزبية وعلى ما يفرقهم وان يفكروا ويتصرفوا كقادة ثورة ووطن وشعب وليس قادة احزاب وان يقاومو اغراءات السلطة والجاه.
11ـ السياسه لا بد ان تتحول من تنازع الى تدافع ومن تشريف ومغنم الى خدمة عامة ومسؤلية.
12 ـ ان معيار نجاح الثورات ان تضع الوطن والشعب على طريق التحرر والنهوض واستعادة السيادة الوطنية الكاملة واستقلال القرار واقامة دولة المواطنة والقانون والمؤسسات وانتشار الوعي والحس الرسالي والحس الوطني وسمو العلاقات والاهتمامات ورقي الاخلاق والمعاملات وكذلك يفضي ان يعم العدل والامن والرخاء اي ثورة في العقول والوعي والسلوك.
13 ـ قيد الثورات الاجهاض والاحتواء والانحراف والاخطاف.
14ـ ما حدث في تونس لم يكن توافقا وطنيا ولا مشروع وطني بل كان صفقة حزبية لتقاسم السلطة تطبيع الاوضاع تمت برعاية خاصة لضمان الا يتغير شيء وقد كان فلا عدالة اجتماعية او انتقالية او مقاومة فساد ولا تخفف من التبعية وكانت الصفقة تتويجا لخيار المراهنة على السلطة او على الخارج بدل المراهنة على الشعب وعلى المشروع الوطني ومع عدم الرهان على الشعب والتشبث بالسلطة واستبعاد الخيارات الاخرى ضعف الموقف التفاوضي للبعض فاستدرج مكروها كما حث للعرب في عملية السلام.
القيادات
اما بخصوص القيادات
1 ـ غياب مشروع نهضوي وزعامات وطنية تعبأ الشعب وتوحده واضعاف الهوية الوطنية لحساب الولاءات الفرعية.
2 ـ الحل ليس في تغيرالدساتير والحكام.
3 ـ قيادات انحرفت بسبب ضعف الوعي لدى المواطن وانشغاله عن الراي العام وتفريطه في الحقوق وقبوله بالظلم وتحويله من شريك الى رعيه.
4 ـ دول نهضت بفضل قادة عظام.
5 ـ حسابات وخطط ارتجالية واداء هزيل لنخب نرجسية وانتهازية تستبيح كل شيء بلا ضوابط ولا محرمات.
6 ـ استفاق الشعب وصار يائسا من التغيير وفتورا من الحس الوطني وعزوفا عن السياسة والشأن العام.
7ـ تبرز النزاعات الايدلويوجية والحزبية والطائفية والمذهبية والفئوية والانانية مع ضعف الروح الوطنية او ضعف الحس الوطني او انحرافه عن مساره الوطني والانساني.
8ـ ان جل الافات التي اصابت الفرد والمجتمع تعود جذورها الى ضعف الحس الرسالي والحس الوطني وانخفاض سقف الطموحات مما تبطل كل محركات الاستنهاض لدى الانسان.
9ـ وفيما يفصل بين البراغماتية والانتهازية هو التمسك بالمبادى والاخلاق وماهية المصالح التي تحكم المواقف اهي وطنية او فئوية وذلك خيط رفيع ولكنه حاسم فالتنازل من اجل المصلحة الوطنية ولتنفيذ مشروع وطني شريف وبرغمانية حميدة والتفريط في المصلحة الوطنية باي حجة خيانة وانتهازية.
10ـ لم يقتصر التسطيح على اهذاف الثورة والوعي بل طال افكار الاحزاب واطروحاتها فتميعت العملية السياسية بينهما وتلاشت الفوارق بين الاحزاب وبرامجها وخطابها واصبحت بلا لون ولا طعم ولا رائحة ماكنات بلا مشاريع واصبح لا معنى للانتخابات ولا فرق بين الانتماء او التصويت لهذا الحزب او ذاك وكما تحولت منظمة التحرير من حركة تحرر الى سلطة تصريف اعمال في ظل الاحتلال تحولت احزاب تونس من حركات تحرر الى حركات تطبيع للاوضاع والى جزء من الواقع الذي قامت لتغيره.
عملية التغيير
1 ـ يرتبط ارتبطا وثيقا باحياء الفهم الرسالي للدين والحياة وتحميل الناس رسالة الحياة تصب في خدمة الوطن من اجل استنهاضهم وتوجيه طاقتهم للنهوض بالوطن .
2 ـ لما تجاوزت الشعوب النخب وازاحت النظام وجدت القوى الكبرى بدائل عديدة مستعدة للقيام بنفس الدور ودور الانظمة التي سقطت والتي لم تسقط بعد في التحكم بالشعوب وتدجينها ولترتبط بوعي وبدونه في اجهاض الثورة او تجويفها او حرفها عن مسارها .
3 ـ اختلفت السيناريوهات والنتيجة واحدة ثورات شعبية واعده ضيعتها نخب نرجيسية ضحلة شيمتها خذلان الشعوب تتناقض افعالها واقوالها قبل وبعد ان تشتم رائحة السلطة فهل هي ثورة حتى الحكم؟ وهل السلطة تغيرها ام تكشفها على حقيقتها .
4 ـ ان التغيير المنشود مفتاحه الفرد الرسالي الوطني الطموح والحريص على وطنه وشعبه حرصا فوق كل اعتبار ايديولوجي او حزبي او فئوي او شخصي ويدفعه لتسخير حياته من اجل وطنه وشعبه او من اجل الانسان.
5 ـ هذا النوع من القيادات التي كانت وراء كل ثورة او نهضة ناجحة نادرا جدا في العالم العربي ان لم يكن مفقودا فالانظمة لا تتسم ببروزه والتنظيمات والاحزاب لا تفرزه والمؤهلات القيادية والسياسية لا تنميه لان القيادة مناصب يحصل عليها الناس بالقوة او بالوراثة او بالطرق الملتوية او بقوة المال او بالدعاية ويتشبثون بها .
6 ـ لم يمس التغيير الجوهر ولم تغادر البلاد مربع المناكفات الاعلامية والمزايدات الحزبية والاعمال الاستعراضية والانجازات الوهمية التي يسمع عنها المواطن ولا يلمسها.
الغرب
1 ـ لقد احدث الغرب من الاستعمار والاستبداد دمارا شاملا وعميقا في السياسة والاقتصاد في النفوس والعقول فخلت حياة الناس من اي غاية وفقدوا بوصلتهم وافتقرت ثقتهم بانفسهم وضعفت التزامهم بدينهم وانتماءهم الوطني وانخفضت سقف طموحهم وفسدت اخلاقهم وانشغلوا بانفسهم وتقلصت دائرة اهتماماتهم وضعف لديهم الحافز للنهوض بالنفس والانخراط بالمجتمع والتواصل والتنظيم والتوحد .
2 ـ يبدو ان اصحاب النفوذ والمصالح قطعوا شوطا في مساعيهم لاحتواء الثورة وترويض السياسي والاحزاب من خلال اغراء الفرقاء بالسلطة وتغلغل العداوة والبغضاء بينهم واستمر الانكاء والتبرير والتسويف والترقيع والتنصل من المسؤلية واستجداء القروض والمساعدات .
3 ـ ان اصحاب النفوذ والمصالح لا يهمهم الا مصالحهم ونفوذهم لا يهمهم من يحكم لا تهمهم الاسماء والايديوجيات ولا الشعارات ولا النوايا ولا الافكار ولا الافعال ما لم تمس جوهر الموضوع كل الذي يعنيهم ان تمسك بالسلطة اي جهة مستعدة قادرة على حفظ المصالح ولا تقلقهم الثورات وحركات التطويع سواء مشروع او قيادة يمكن ان يلتف اليها الناس وما يخشونه تحديدا قيادة غير قابلة للتطويع.
4 ـ لا ديمقراطية ولا نهضة في ظل التبعية ذلك الاهم في التجارب العربية ومن قبل الربيع العربي بعد البداية المهمة حيث تحول من فرص للتحرر والنهوض الى قضية سلطة ومغانم.
العرب
1 ـ تاريخ العرب الحديث فرص ضائعة وفشل متكرر نكره او نبرره او نسميه نجاحا فلا اهداف محددة ولا تخطيط ولا توثيق ولا تقييم ولا محاسبة ولا وضوح للمسؤليات والصلاحيات ولا معايير التقويم بل ارتجال وتواكل ومكابرة وترقيع.
2 ـ ضيع العرب فرصتين عظمتين للاقلاع باتجاه التحرر وللنهوض وهي موجات الاستقلال وموجات الربيع العربي ضاعتا بالطريقة نفسها هبة شعبية تحقق صدا مرحليا استرخي بعدها الشعب وينتشي ثم يحبط وتنصرف النخب الى السلطة والغنائم تتنازعمها او تتقاسمهما .
النموذج المغربي ( الثورة الهادئة)
تقترن بالوضوح وكثرة الانشطة والخدمات بتقديم مصلحة الوطن على المصلحة الحزبية وظلت الاولوية الحاكمة صلاح الاوضاع والنهوض بالشعب والوطن وليس الوصول الى الحكم باي وسيلة وثمن ولم يصبح الهم كثرة الاعضاء واحكام التنظيم ولم تكن البداية قوية ورب ضاره نافعة والا لما بدت المراجعات مبكرا ولما كات بتلك الجراة ولما خرج عن سياق الصراع ان الحركة اختارت ان تكون تيارا اصلاحيا يسعى لاصلاح المجتمع ما استطاعت في اطار العلنية والقانون وبالتوازي على اصلاح النظام وتوسيع هامش الحرية وتثبيت علاقة جدلية بين اصلاح المجتمع وترويض السلطة فلا هوس بالحكم والتنظيم ولا تسرع وازدواجية غالبا ما تكون الافكار دواء الثورات والنهضات الناجحة بسيطة ولكن قوتها تكمن في قوة التشخيص ونجاعة العلاج وفي الصدق والانضباط والتوقيت افكار على بساطتها تحل العقد المستعصية وتزيل العقبات الكؤود وتفتح الطرق وتحدث ثقب واختراقات في الجدار الصماء والميزة الاهم التي صبغت هذا التيار تمثل عمق البعد الوطني وتجذره لدى قادة التيار المهووس بالوطن والشعب وليس للحزب والسلطة فالمصلحة الوطنية متقدمة كانت دوما على المواقف والقرارات وتقديم المصلحة الوطنية في كل المواقف وحرصهم على الناس والشعور بالامهم وحاجاتهم والقادة الذين يتبنون هذه المقاربة لا تحركهم لهفة على سلطة ولا تعلق بها بدوافع شخصية او حزبية يعرضون رؤيتهم بوضوح فان فوضهم الشعب نفذوها بدقة وجراة واقتدار فلا وعود انتخابية خيالية وتطمئينات متناقضة ومكبلة قبل التفويض ولا تردد ولا ارتباك لا الحكم غاية ولا الشعب مطية شعارهم في المعارضة وفي الحكم (قل الحق من ربك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فيكفر) لا يترددون في مصالحة للشعب بالحقائق مهما كانت مرة.
عصام الطائي