كيف تكون عميلا لـ"داعش"/احمد رزج
Thu, 7 May 2015 الساعة : 23:45

تصنف الحرب النفسية، على إنها من أخطر الأسلحة التي غالبا ما تستخدم في الحروب، ولذلك لتأثيرها بصورة كبيرة وجوهرية على نتائج الحرب وتحديد المنتصر فيها والخاسر.
وكثيرة هي المعارك التي حسمت ولم تطلق فيها رصاصة واحدة، وما حصل في الموصل وسيطرة عصابات داعش الإرهابية على المدينة وانهيار قوى الجيش وانسحابهم منها دون حدوث معركة حقيقية، هو خير دليل على إن الإشاعة والحرب النفسية قد تحسم المعركة قبل بدايتها أحيانا.
ولهذا نجد إن الدول المتقدمة تنشأ مراكز بحثية متخصصة في الحرب النفسية وكيفية بث الإشاعة وأدوات الترويج لها، أو كيفية مواجهة الإشاعة المضادة وصدها.
لكننا نحن في العراق، مع الأسف لا زلنا نفتقد لأبسط مستلزمات مواجهة الإشاعة والرد عليها وعدم السماح لها بالتأثير على معنويات المواطن البسيط أو المقاتل في الجبهة.
ليصل الأمر لدى البعض إن يتحول من حيث يعلم أو لا يعلم إلى عميلا يقدم أفضل الخدمات للعدو، بسبب جهله في كيفية مواجهة الإشاعة المضادة والرد عليها، بحيث إننا نكون أحيانا عبارة عن منابر إضافية للترويج لهذه الإشاعات وزيادة مساحة انتشارها وتأثيرها على العامل النفسي للمجتمع والفرد.
والأمثلة على ذلك كثيرة وعديدة، ومنها ما حصل قبل فترة من لغط كبير وقيل وقال حول قصة مجزرة ناظم التقسيم في الانبار والحديث عن استشهاد 140 جندي، فخلال اقل من 24 ساعة فقط أصبح هذا الخبر حديث الشارع العراقي وخلال يوم واحد انهارت المعنويات وأصبح شعور لدى الكثير بان الموازين قد انقلبت وبعدما كانت داعش مطاردة وفاقدة لعنصر المبادرة، تحولت هذه العصابات الإجرامية (وبسبب إشاعة دبرت بليل) من الدفاع للهجوم وإنها هي من تحدد مكان وزمان المعركة وطبيعتها.
والمشكلة الأكبر إن هنالك سياسيين ونواب ومسئولين قد تحولوا لمنابر إعلامية وأدوات بيد داعش يقدمون لها أفضل الخدمات وهي إيقاع الانهيار النفسي داخل المجتمع، فكثيرا ما نسمع ونقرأ بيانات وتصريحات إعلامية لسياسيين ونواب عبر الفضائيات وهم يقدمون معلومات عسكرية خطيرة جدا على طبق من ذهب لعصابات داعش.
كتصريح احدهم إن هنالك قوات عسكرية في المنطقة الفلانية نفذت لديها الذخيرة وكأنه يقول لداعش توجهوا لتلك المنطقة وأبيدوا تلك القوات ولن تجدوا منها أي دفاع أو مقاومة، أو تصريح أخر يتحدث به برلماني عن وجود قوات قُطعت عنها خطوط الإمداد وأصبحت أشبه بالمحاصرة ويعطي عدد الجنود وحجم القوة المحاصرة وكأنه يقول لداعش توجهوا إليهم بعدد اكبر مما موجود لديهم وسينتهي كل شيء.
وغيرها من التصريحات الحاملة لهذه المعلومات الخطرة جدا والحساسة والتي لا يمكن أن يكون مكانها بأي حال من الأحوال القنوات الفضائية والمؤتمرات الصحفية بل عبر القنوات الرسمية التي تعالج المشكلة بالشكل الصحيح ولا تقدم أي هدية أو معلومة خطرة للعدو.
ولهذا فأننا اليوم مطالبين بان نكون أكثر حذرا في التعامل مع أي معلومة تصل لنا، لأنها قد تكون إشاعة المطلوب منا بثها والترويج لها ليتحقق هدف داعش منها هو حصول انهيار نفسي داخل الجبهة الداخلية وبالتالي قد يصل هذا الانهيار إلى المقاتل في الخطوط الأمامية، وعند ذلك يكون من ساعد داعش على الترويج لهذه الإشاعات (عميل داعشي وبامتياز).
احمد رزج
كاتب من النجف الاشرف