علاقة الفطرة بالمعرفة/عصام الطائي

Mon, 4 May 2015 الساعة : 1:44

يطلق على حالة الشعور النفسي في إدراكنا المباشر لحوادث النفس وكل ما يجول من شعورنا من صورة العواطف وأفكار وهذا الشعور العفوي وهو أول درجات معرفة النفس ويسمى بالعلم الحضوري ويترقى هذا الشعور من خلال التأمل والتفكر والتعقل والوعي والإدراك الصحيح.

 مبادئ المعارف تنقسم المعارف إلى قسمين:

 أولا: مبادئ العقل وأولياته وهي المعارف البديهية كقولنا الكل اكبر من الجزء او مبدأ عدم التناقض إذ لا يمكن ان يكون الشيء صحيح وخطأ في ان واحد .

 ثانيا :مبادئ العقل التي تتعلق بالمفاهيم كالنقطة والمستقيم والأشكال الهندسية فالنقطة وجود عقلي خالص وهناك مبادئ العقل التي تتعلق بالمفهومات التركيبية التي تجمع بين البرهان وعملياته والمبادئ لها ارتباط بالنتائج فنقول عن هذه النتيجة انها عقلية او مجردة .

 فالمعارف والمبادئ العقلية الأولية موجودة بالفطرة اما المبادئ للمعارف التي تتعلق بالمفهومات ترتبط بالعقل ونحصل عليها من خلال الاكتساب ان تجريد الأشياء من خصوصيتها يعني ان المسألة تتعلق بالمحاكمة والبرهان والعمليات العقلية والتي لها تركيب أو تحليل وان العمليات العقلية تتعلق بالتفكير لذلك يعبر عن هذه العمليات بالعقلية أو المنطقية او الكلامية .

 فالكلام المعقول يعبر عن الحقيقة والكلام غير المعقول يعبر عن عدم الحقيقة ومن هنا جاء الكلام او علم الكلام ليعبر عن المعقول وينفي حالة اللامعقول فاللاعقيدة تعني اللامعقول وتعني اللاهدف واللاغاية وهي خلاف الحكمة والتعقل والتفكر ذلك ان العقل البشري اذا ما تقدم في إنشاء معارف أعطى هذه المعارف شكلا موضوعيا تعبر عن المعقولية  فإذا ما كان متماسكا ترتبط مقدماته بنتائجه  اما إذا كان غير متماسكا فيكون التفكير حينها غير معقول سواء تمثل عدم التماسك بالخطأ او الانحراف او الفساد او التقصير فهو يعبر عن اللامعقول والذي غالبا ما يتمثل بالتردد والشك والظن  والنكران  والحيرة والوهم  والخيال  والتناقض وغيرها من المصاديق.

وسبب حصول الأوهام والشكوك والظنون قد يكون نكران الأمور الضرورية فاذا كان الشيء صحيح وخطأ في ان واحد فيحصل اللبس والاشتباه والحيرة لذلك كانت أهمية المعارف الضرورية فمبدأ عدم التناقض يقدم الوجه السالب لبناء الحقيقة وان مبدأ العلية يقدم الوجه الموجب لهذا البناء وهو تأسيس الحقيقة إي ان الغرض هو إخراج مبدأ الوجود من اللامقولية وإدخاله في المعقول .

والمعقولية تتفق مع العقل والشرع والوجدان او ما يعبر عنها بالفطرة وهذه المعقولية لها صفة خاصة بها وهي ان الواقعية تكون مطابقة لما عقلناه والذي يكون مطابقا للخارج فالواقع موجود في نفسه سواء اعتقدنا به او لم نعتقد فالأشياء موجودة بذاتها والواقع يسبق الاعتقاد مرتبة لذلك تكون حقيقة الوجود غير غامضة ولا مبهمة وإنها واضحة اشد الوضوح وان كل الحقائق العقلية والفلسفية والمنطقية ترجع إلى حقيقة واحدة وهي المعارف الضرورية وبالتالي ترجع الى الحقيقة الأساسية وهي حقيقة الله تبارك وتعالى قال تعالى {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والإبصار والأفئدة لعلكم تشكرون}النحل 78.

فالله تبارك وتعالى قد أفاض على الإنسان ونقله من عالم العدم إلى عالم المحسوس والمعقول وكان النبي إبراهيم عليه السلام يمثل التفكير العقلاني حيث كان قمة في التأمل والترقب والنظر لقد أراد النبي إبراهيم ع ان ينقل قومه من التفكير السطحي الساذج إلى التفكير العقلاني إي من اللامعقول إلى المعقول فكان تعبيره بكلمة هذا ربي والتي لم تكن على سبيل الجزم او الاعتراف بل أراد بها ان يحرك أفكارهم وعقولهم ليعيشوا حالة العقلانية من خلال التفكر والتأمل كي يتحولوا من التفكير السطحي إلى التفكير العقلاني والمبني على أساس المعقول.

 ان قيام مبدأ العلية ومبدأ عدم التناقض يرجع إلى اعتقادنا بالحاجة إلى الحقيقة التي نسعى إليها وان فكرة مبدأ العلية ومبدأ عدم التناقض تمثل عالم المعقولية وهو ما يدرك بالعقل دون الحواس لان الحواس تكون عرضة للخطأ وعالم المعقول يجعلنا ندرك حقيقة فهم الأسباب والمسببات من خلال العقل بشرط عدم الاستغناء عن الوحي لان هناك الكثير من الأمور لا يستطيع العقل إدراكها خصوصا الأمور المتعلقة بعالم الغيب والتي لا يمكن الاطلاع على تفاصيلها الا من خلال إخبار الغيب وهذا ما اخبرنا عنه القران.

فأهمية مبدأ العلية وعدم التناقض هو مبدأ يقوم على أساس إيماننا العقلي وليس على أساس الأوهام والتخيلات والظنون ومبدأ العلية وعدم التناقض هو كالقانون الرياضي فالنتيجة الرياضية لا يمكن ان تكون صحيحة وخطٲ في ان واحد  فالتجربة تزيد من زيادة الحقيقة وتدعمها وهكذا بالنسبة إلى الإيمان بالله تبارك وتعالى فهو مبدأ عقلي وليس حسي فلو رفضنا مبدأ العلية ومبدأ عدم التناقض فهذا يعني رفض كل الحقائق ومن ضمنها الحقائق الرياضية ولا يمكن للعقل ان يقبله لذلك يظهر ان مبدأ العلية وعدم التناقض هو أساس كل الحقائق والوقائع ومن هنا تبدو اهمية المعرفة البديهية بارجاع كل المعارف والعلوم والنتائج الى المعرفة البديهية .

عصام الطائي

Share |