بمناسبة مرور ألف وأربعمائة عام على اختيار الإمام أمير المؤمنين علي {ع} الكوفة عاصمة الدولة الاسلامية في عهد خلافته {عليه السلام}/محمد الكوفي الحداد - أبو جاســـــــم
Mon, 4 May 2015 الساعة : 1:11

بسم الله الرحمن الرحيم
الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ {20} {التوبة}،
قال الإمام المهدي - عجّل الله تعالي فرجه الشّريف-:الَّذي يَجِبُ عَلَيْكُمْ وَ لَكُمْ أنْ تَقُولُوا: إنّا قُدْوَةٌ وَ أئِمَّةٌ وَ خُلَفاءُ اللهِ في أرْضِهِ، وَ اُمَناؤُهُ عَلي خَلْقِهِ، وَ حُجَجُهُ في بِلادِهِ، نَعْرِفُ الْحَلالَ وَ الْحَرامَ، وَ نَعْرِفُ تَأْويلَ الْكِتابِ وَ فَصْلَ الْخِطابِ.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: فإن هناك العديد من الروايات الشريفة التي تشير وتؤكد على أن للكوفة فضلاً على سائر البقاع، وعلى أنها من البلدان الطيبة وأنها من أراضي الجنة...
* * * * * * * * * * * *
الإمام أمير المؤمنين علي{ عليه السلام }: ميزان العدل والحق المبين أمير المؤمنين الحق المبين والنجم الهادي في غياهب الدجى والبيداء والفيافي.
* * * * * * * * * * * *
الكوفة من التمصير الى العاصمة: مصرت الكوفة العلوية المقدسة في السنة التي مصرت فيها البصرة عام 17 للهجرة – 638 م من قبل القائد العربي سعد بن ابي وقاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ، وخططت بيد ابي الهيجاء الاسدي ،
* * * * * * * * * * * *
تحقيق إخبارى: عن سبب اختيار الإمام أمير المؤمنين علي {ع} الكوفة عاصمة الدولة الاسلامية.
الإخوة المسؤولين الأعزاء في موقع شبكة اخبار الناصرية المحترمون.
محمد الكوفي الحداد / أبو جاسم الكوفي.
* * * * * * * * * * * *
ما هو علة اختيار الإمام أمير المؤمنين علي {عليه السلام}، الْكُوْفَة عَاصِمَة لْدَّوْلتَه دون غيرها من المدن الاخرى، ارى طبق الروايات هو امر رباني اخبر به النبي الامام علي {ع } وهو يعلم إن الكوفة ارض خصبة لغرس بذرة التشيع العلوي في أرض الكوفة الطيبة عاصمة الامام المهدي{عجل الله فرجه الشريف}،
* * * * * * * * * * * *
الإمام علي بن أبي طالب {عليه السلام} وحقوق الإنسان
امتزاج مفهوم حقوق الإنسان عند الإمام علي {عليه السلام} بحقوق الأمة، فلا يمكن أن تحترم حقوق الإنسان وتصان إلا في مجتمع الحق والحرية والعدل الاجتماعي. ومن هنا فإن السلطة لم تكن أبداً في نظره غاية في حدّ ذاتها، ولم يسعَ إليها في يوم من الأيام، بل كان من أزهد الناس في السلطة، ولما جاء المسلمون لمبايعته بالخلافة قبل أن يتولى المسؤولية الأولى في جهاز الدولة الإسلامية الفتية {أي الخلافة} لتكون أداة المقاومة مظاهر الحيف والانحراف ولإرجاع الحقوق إلى أصحابها، دخل عليه صفيه وتلميذه عبد الله بن عباس يوماً فوجده يخصف نعله فعجب ابن عباس من أن يخصف أمير المؤمنين نعله بنفسه، وهو يحكم مناطق شاسعة من العالم القديم، فقال لابن عباس: {ما قيمة هذه؟} - مشيراً إلى نعله - قال: لا قيمة لها.
فقال الإمام: {والله لهي أحب إليّ من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً}.
فالسلطة تعني عنده - إذن - إقامة الحقوق، ومقاومة الباطل وأهله.
- ثانياً: قد يقول قائل: إن الإمام علي {عليه السلام} قد خاض حروباً طاحنة، وقاتل طيلة أربعين سنة، وأصاب سيفه مئات الناس فكيف نوفّق بين هذا وبين دفاعه عن حقوق الإنسان؟ قد يشتبه الأمر عند البعض، وأقول إجابة على مثل هذا التساؤل:
أ: إن الدفاع عن حقوق الإنسان اقتضى بالأمس، ويقتضي اليوم أيضاً مقاومة أهل الظلم والبغي وكل قوى الشر المعادية للإنسان ولحقوقه.
ب: تُجمع الروايات التاريخية على أن الإمام لم يقاتل إلا دفاعاً عن العدل ليقيم الحق ويقاوم الظلم بشتى مظاهره، وبخاصة الظلم السياسي والاجتماعي.
- ثالثاً: إنه من المعروف تاريخياً أن تمسكه بالحق وصرامته في تطبيقه قد جعلت كثيراً من سادة قريش وزعماء العرب يعادونه، ويلتحقون بصفوف معاوية، وقد ضاقوا خصوصاً بالتسوية في القسمة بينهم وبين العامة وهم الرؤساء، وقد كان واعياً بذلك ولكنه لم يتنازل قيد أنملة، فقال عنهم:
{.. وقد عرفوا العدل ورأوه وسمعوه ووعوه، وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة {سواء} فهربوا إلى الأثرة فبعداً لهم وسحقاً}.
إنه كان {عليه السلام} شديداً في الحق حتى مع أقرب الناس إليه، مع أفراد أسرته، وقصته مع ابنته التي زينت بلؤلؤة من بيت المال مشهورة فقال:
من أين لها هذه؟ لله علي أن أقطع يدها.
الهوامش: 1- الطبري: ج5، ص156.* 2- ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية، 1965، ط2، ج، ص272.* 3- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: ج1، ص269.
*4- شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج5، ص131.
* * * * * * * * * * * *
من روائع نهج البلاغة للامام علي {ع}
{{الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق}}
{قول علي ابن أبي طالب}:يا مالك إن الناس صنفان: {إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق}، هذه العبارة يجب أن تعلَّق على كلّ المنظمات، وهي عبارة يجب أن تنشدها البشرية}
* * * * * * * * * * * *
عن امير المؤمنين علي {ع} انه قال : أول بقعة عُبِدَ اللـه عليها ظهر الكوفة لما أمر اللـه الملائكة أن يسجدوا لآدم سجدوا على ظهر الكوفة ” «1» ويذكر إن الكوفة إحدى المدن المهمة في العراق، كانت معقلاً لأنصار أهل البيت ومغرساً للشيعة، وقد اتّخذها علي {عليه السلام}، عاصمة لحكومته. ورويت في فضلها أحاديث كثيرة. وطبقاً لما نقل عن الإمام الصادق {عليه السلام}، أنّه وصفها بحرم علي بن أبي طالب، وفسرها بأنها هي "طور سينين" الوارد ذكره في القرآن الكريم" مدينة الكوفة من مدن الاسلام القديمة، وهي ثاني مدينة بنيت في كنف الإسلام بعد البصرة بعامين، جمجمة العرب، ورمح اللّه وكنز الإيمان، دار هجرة المسلمين، عاصمة أمير المؤمنين{عليه السلام}، وفيها شيعته ومحبوه وأنصاره، المركز الزاهر للعلم والحضارة الإسلامية، وأول عاصمة إسلامية خارج المدينة المنورة.
"ان الكوفة كانت مهداً للشيعة، وموطناً من مواطن العلويين، وقد أعلنت إخلاصها لأهل البيت {عليه السلام}، في كثير من المواطن"[1]. حياة الامام الحسين باقر شريف القرشي 3/12.
"تقع الكوفة على جانب الفرات الأوسط غرباً، أسّسها سعد بن أبي وقّاص بعد وقعة القادسية أيّام عمر بن الخطاب، وكانت تسمى قديماً "كوفان". وقيل: سميت الكوفة لاستدارة بنائها، ويقال: تكوّف القوم، إذا اجتمعوا واستداروا، وقيل أيضاً أن اسم الكوفة يعني الرملة الحمراء. {سفينة البحار498:2}.«1» بحار الانوار ج11/149 عن تفسير العياشي . وفي نهاية ابن الأثير: قال في حديث سعد لما أراد أن يبني الكوفة قال: تكوفوا في هذا الموضع، أي اجتمعوا فيه، وبه سميت الكوفة. وقيل: كان اسمها قديما كوفان {9}، 9 ـ النهاية لابن الأثير: 4 / 210.
الكوفة في اللغة: الكوفَةُ الرملة الحمراء وبها سمِّيت الكوفَةُ « 1 » الكُوفةُ، بالضم: الرَّمْلَةُ الحَمْراءُ المُسْتَديرَةُ، أو كلُّ رَمْلَةٍ تُخالِطُها حَصْباءُ، ومدينَةُ العِراقِ الكُبْرَى، وقُبَّةُ الإِسلامِ، ودارُ هِجْرَةِ المُسْلِمينَ، مَصَّرَها سَعْدُ بنُ أبِي وقَّاصٍ، وكان مَنْزِلَ نوحٍ، {عليه السلامُ}، وبَنَى مَسْجِدَها، سُمِّيَ لاسْتدارَتِها واجْتِماعِ الناسِ بها، ويقال لها: كُوفانُ، ويُفْتَحُ، وكُوفَةُ الجُنْدِ، لأَنَّهُ اخْتُطَّتْ فيها خِطَطُ العَرَبِ أيَّامَ عُثمانَ، خَطَّطَها السائِبُ بنُ الأَقْرَعِ الثَّقَفِيُّ « 2 » " الكوفة " وهي مدينة مشهورة في العراق « 3 » قيل سميت كوفة لاستدارة بنائها. يقال: تكوف القوم: إذا اجتمعوا واستداروا. وقيل: الكوفة هي الرملة الحمراء، وبها سميت الكوفة. وفي حديث سعد، لما أراد أن يبني الكوفة قال " تكوفوا في هذا الموضع " أي اجتمعوا فيه، وبه سميت الكوفة. وقيل: كان اسمها قديما " كوفان " ومن كلامهم " تركتهم في كوفان " أي في رمل مستدير« 4 » {كوف} الكاف والواو والفاء أصيل يقولون: إنَّه يدلُّ على استدارةٍ في شيء. قالوا: تكوَّفَ الرّملُ: استدارَ. قالوا: ولذلك سمّيت الكُوفةُ « 5 » يقول الطبري : والكوفة على حصباء وكل رملة حمراء. يقال لها سهلة وكل حصباء ورمل هكذا مختلطين فهو كوفة. « 6 » و في تاج العروس سميت بالكوفة لاستدارتها. « 1 »الصحاح للجوهري . « 2 » القاموس المحيط للفيروز آبادي. « 3 » تاريخ الكوفة / السيد احمد البراقي ط 4 سنة 1987 م بيروت. « 4 » مجمع البحرين للطريحي . « 5 » معجم مقاييسُ اللّغة لأبي الحسين أحمد بن فارِس بن زكَرِيّا . « 6 » تاريخ الطبري ج3 ص146. {تحقيق واعداد الشيخ حميد البغدادي}
* * * * * * « 1 » * * * * * *
1} ــــ « الكوفــــــة نشأتها وتطورها :أنشأت الكوفة لتكون دار هجرة وعاصمة للمسلمين بدل المدائن،: مدينة تاريخية مصّرت سنة 17{هـ ــ 638م} وقيل قبل ذلك، اصْبَحْت مَدِيْنَة الْكُوْفَة العلوية المقدسة دار للخلافة وعَاصِمَه الْدَّوْلَة الاسْلَامِيِّة فِي عَهْد خلافة أمير المؤمنين الإمام علي {عليه السلام{، سنة {36هـ}، أسسها القائد العربي سعد بن أبي وقاص في عهد عمر بن الخطاب ، في يوم 23 كانون الثاني من سنة 638 م{ أي في سنة {17هـ/638م} ، وقيل سنة {18 أو 19هـ} ؛ لتكون قاعدة عسكرية للمسلمين ، لموقعها الجغرافي – حيث لا يفصلها عن المدينة المنورة فاصل طبيعي ، من بحر أو عارض – بدلاً من المدائن .
17 هـ} ، وولى التخطيط أبو الهياج عمرو بن مالك الاسدي ، والذي دل سعد عليها هو {عبد المسيح بن بقيلة الغساني} وكان يقال لها {سورستان} و{خد العذراء}، وحينما مصرها العرب عرفت بالكوفة. والكوفة صاحبة حضارة أخلاقية و إنسانية عظيمة من عصر نوح{ع{، وما قبله ضاربة جذورها في عمق التاريخ * لو بحثنا معنى كلمة الكوفة لوجدنا ان المصادر تورد لها معان عديدة ، فالبلاذري يقول : { ان المواضع المستديرة من الرمل تسمى كوفاني ، وبعضهم يسمى الارض التي فيها الحصباء مع الطين والرمل كوفة } . وفي رواية اخرى يرى البلاذري : ان اسم الكوفة مشتق من التكوف الذي هو بمعنى الاجتماع".*{ البلاذري ، احمد بن يحيى ، فتوح البلدان { القاهرة ، 1932} ص275 }. ويورد ياقوت المعاني التي اوردها البلاذري لمعنى كلمة الكوفة ، ويقول عند كلامه عن كلمة كوفان : انها اسم ارض وبها سميت الكوفة ، وان كوفان والكوفة واحد . ويستشهد ياقوت بابيات من الشعر لعلي بن محمد الكوفي المعروف بالحمّاني نورد منها البيت التالي :
الا هل من سبيل الى نظرة ..... بكوفان يحيا بها الناظران *
*{ الحموي ، ياقوت ،معجم البلدان ، ج7 { القاهرة ،1906} ص 294 - 295.»{1}.
* * * * * * « 2 » * * * * * *
2} ــــ « وتبدأ الفترة المهمة في تاريخ الكوفة في شهر رجب عام {36هـ} ، حينما اختارها الإمام علي { عليه السلام } ، بعد انتصاره في معركة الجمل – لتكون عاصمة للخلافة الإسلامية ، وكان مع الإمام علي { عليه السلام } ، حين خرج إلى حرب الجمل – على ما يذكر ابن قتيبة – 900 رجلاً من الأنصار والمهاجرين ، ولا يعرف عدد من توطّن الكوفة منهم ، لكنهم اسموا ممّن ثبت توطّنه منهم 149 صحابياً ، منهم سبعون ممّن شهد بدراً وبيعة الرضوان .. وبذلك أصبحت الكوفة المركز السياسي والعالمي الأوّل في العالم الإسلامي ، فهاجر إليها الناس وطلاب العلم ، واتسعت بناءً وسكاناً ، وعظمت مكانةً وشأناً في كلّ جانب . وكانت الكوفة أيضاً عاصمة لخلافة الإمام الحسن { عليه السلام } ، وعاصمة أولى للعباسيين ، ولدولة المختار.»{2}.
* * * * * * « 3 » * * * * * *
3} ــــ « قال غياث الدين السيد ابن طاووس: ورأيت في كتاب عن الحسن بن الحسين بن طحال المقدادي، قال: روى الخلف عن السلف عن ابن عباس، ان رسول الله {صلى الله عليه وآله وسلم} قال لعلي: يا علي، ان الله عرض مودتنا أهل البيت على السماوات والأرض، فأول من أجاب منها السماء السابعة فزينها بالعرش والكرسي، ثم السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور، ثم السماء الدنيا فزينها بالنجوم، ثم أرض الحجاز فشرفها ببيت المقدس، ثم أرض طيبة فشرفها بقبري، ثم بأرض كوفان فشرفها بقبرك يا علي* فقال له: يا رسول الله أقبر بكوفان العراق؟ فقال له: نعم يا علي. تقبر بظاهرها قتلا بين الغريين والذكوات البيض، يقتلك شقي هذه الأمة عبد الرحمن بن ملجم المرادي، فو الذي بعثني بالحق نبيا ما عاقر ناقة صالح بأعظم عقابا منه، يا علي ينصرك من العراق مائة الف سيف وهذا خبر حسن كاف في هذا المكان ناطق بالحجة والبرهان {1}.
عن محمد بن علي بن الحسن العلوي في كتاب فضل الكوفة بأسناد رفعه إلى عقبة بن علقمة أبي الجنوب قال: اشترى أمير المؤمنين {عليه السلام}، ما بين الخو رنق إلى الحيرة إلى الكوفة وفي حديث ما بين النجف إلى الحيرة إلى الكوفة من الدهاقين { الفرس اصحاب الاراضي الزراعية}.بأربعين ألف درهم واشهد على شرائه، قال: فقيل له يا أمير المؤمنين تشتري هذا بهذا المال وليس ينبت حظا؟ فقال: سمعت من رسول الله {صلى الله عليه وآله وسلم}: كوفان - كوفان يرد أولها على آخرها، يحشر من ظهرها سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، فاشتهيت أن يحشروا من ملكي {2}.
اقول: هذا الحديث فيه إناس بما نحن بصدده، وذلك ذكره ظهر الكوفة إشارة إلى ما خرج عن العمارة إلى حيث ذكر. والكوفة مصرت سنة سبع عشرة من الهجرة، ونزلها سعد في محرمها، وأمير المؤمنين دخلها سنة ست وثلاثين، فدل على أنه اشترى ما خرج عن الكوفة الممصرة، فدفنه بملكه أولى وهو إشارة إلى دفن الناس عنده. وكيف يدفن بالجامع ولا يجوز، أو بالقصر وهو عمارة الملوك، ولم يكن داخلا في الشراء لأنه معمور من قبل {3}.
عن بدر بن خليل الأسدي، عن رجل من أهل الشام قال: قال أمير المؤمنين {ع}: أول بقعة عبد الله عليها ظهر الكوفة لما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم سجدوا على ظهر الكوفة {8}. وروي أن أمير المؤمنين {عليه السلام{، نظر إلى ظهر الكوفة فقال: ما أحسن منظرك وأطيب قعرك، اللهم اجعل قبري بها.
ومن خواص تربته إسقاط عذاب القبر وترك محاسبة منكر ونكير للمدفون هناك كما وردت به الأخبار الصحيحة عن أهل البيت {عليهم السلام}، {9}.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{1}. فرحة الغري ص 56. {2}.بحار الأنوار ج 97 ص 231. {3}. فرحة الغري ص 58. {8}. بحار الأنوار ج 97 ص 232. {9}. بحار الأنوار ج 97 ص 232 .»{3}.
* * * * * * « 4 » * * * * * *
4} ــــ « وقد بنيت الكوفة على شكل دائرة وسميت بالكوفة التي تعني عند كثير من المؤرخين الفتلة او الاستدارة. وسماها عبده بن الطيب {كوفة الجند} قائلا لا نها اسست لتكون قاعدة عسكرية تتجمع فيها الجند } ومهما يكن فأن اسمها اسم عربي ، وقيل ان اسمها سرياني.
وذكر المؤرخون إن مدينة الكوفة التي دعاها السريان عاقولا ورد اسم مدينة عاقولا كثيرا في المصادر السريانية، لكن لا يعرف بالضبط متى شيدت بلدة عاقولا؟ اذ قيل انها بنيت في ارض {الكوفة} على أنقاض مدينة فرثية بناها الملك ولكاش {فولكاش} الاول {51 -87 م}. واحيانا يرد اسم عاقولا ويقصد بها الكوفة او الكوفا. ويذكر المؤرخ ميخائيل الكبير في هذا المنحى: {ان القائد سعد قد عسكر بالقرب من مدينة الكوفة اي عاقولا.} مع العلم ان الكوفة لم تكن قد مصرت قبل فتح طيسفون اي في عام {17هـ - 637 م}. ونظرا لوجود آثار عشرة اديرة في ظاهر الكوفة فأن الباحث يتساءل هل يمكن ان تكون بلدة عاقولا قد بنيت بقرب الكوفة قبلها بزمن ثم طالها عمران الكوفة فأندمجتا معا بعد توسع مدينة الكوفة؟ ويذكر في هذا الصدد الباحث اديب نوار قائلا : {{ كان في الكوفة اسقفان احدهما نسطوري والاخر يعقوبي، وكانا يسكنان في دار الروم لأن نصارى الكوفة كانوا يسمونها عاقولا بالسريانية.}} ونقل الباحث المذكور عن المستشرق لويس ماستيون قوله : {{ انه وجد في العصر الاسلامي رسامان من اصول صينية وكانا يسكنان في سنة {75 هـ } في مدينة {يا – كيو – لو} اي عاقولا وهذا هو الاسم السرياني للكوفة.}} اما الباحث اللغوي الاستاذ ابراهيم السامرائي فيذهب ابعد من هذا متسائلا :{{ الم تكن الكوفة الحاضرة التي مصرها المسلمون مكان الحضارة الآرامية القديمة (كوثا ) او في جوارها ؟ ان الحاضرتين الاسلامية والآرامية كانتا في ارض بابل في سواد العراق كما يقول ياقوت وليس غريبا ان تكون حاضرة المسلمين قد تبدلت بالثاء فاء وهذا يحدث كثيرا في الاصوات السامية.}} وفي كتاب ماضي النجف وحاضرها للشيخ جعفر آل محبوبة، ان الكوفة كان يقال لها عاقولة او عاقولا. وذكر التاريخ السعردي لمؤلف سرياني مجهول ان الكوفة كانت تسمى عاقول قبل بنائها. وفي كتاب تقويم الكنيسة النسطورية الذي نشره بطرس عزيز، ان الكوفة كان يقال لها كوبا اي الشوكة. وفي دليل الراغبين ان كوبا بمعنى عاقول. والعاقول نبت ترعاه الابل. وكان الناس منهم يقول عن هذا الموضوع عاقولا ومنهم من يقول كوبا وبين {كوبا دكملا} بالسريانية وبين عاقول تشابه في الاصول. قد يكون بعض رجال الفتح الاسلامي حينما قدموا الى المنطقة قد سمعوا بهذه اللفظة فأطلقوا على البلدة التي مصرت كوفة، وهذا ليس ببعيد لتضارب الآراء في اشتقاق كلمة كوفة من اصلها العربي وفي سبب تسميتها.
واصبحت دار هجرة ومنزل جهاد واطلق عليها { كوفة الجند} وفي عام 36 للهجرة اتخذها الامام علي {عليه السلام}، عاصمة للخلافة الاسلامية وقائدة للامة ومحط انظار العرب والمسلمين ،
فقد زارها ثلاثمائة من الصحابة ، وسبعون من اصحاب الشجرة واسسوا مدرسة الكوفة ، فاصبح لكل صحابي وتابعي طلاب علم يلتفون حوله وفي عهد الدولة الاموية عادت الكوفة ولاية {41- 132 للهجرة } ولكنها عند تأسيس الدولة العباسية عادت عاصمة للخلافة الاسلامية حتى عام 136 للهجرة وفي عهد الدولة العباسية بدءا من عهد الخليفة ابي جعفر المنصور حتى دخول المغول مدينة بغداد { 656- 1258 م } هذه هي الكوفة مدينة التاريخ والنخيل تفتح ذراعيها لكل الوافدين ليستحضروا فيها صور الماضي ببطولاته وامجاده ويعيشون لحظات المعاصرة والنهوض العلمي - الاماكن المقدسة في الكوفة - تزخر الكوفة بأماكنها الدينية المقدسة التي يؤممها الناس من كل حدب وصوب لأداء طقوسهم الدينية في رحابها في كل وقت وهي مسجد الكوفة المعظم والمزارات التابعة.»{4}.
* * * * * * « 5 » * * * * * *
5} ــــ « جاء في المأثور : الكوفة جمجمة العرب ورمح الله وكنز الايمان
الكوفة احدى اهم المدن العربية الاسلامية ، وهي تأني المصرين المهمين بعد الفتح الاسلامي المبارك للعراق ، وعاصمة الدولة الاسلامية في عهد امير المؤمنين علي بن ابي طالب {عليه السلام}، اغنت الحضارة العربية بما انجبت به من اساطين العلماء والادباء والشعراء والفقهاء والفرسان والقادة وحملة الفكر سكنها امير المؤمنين {عليه السلام} فكانت مقر خلافته ودار هجرته ، استوطنتها قبائل العرب ، وانتجعتها الائمة الاطهار والصحابة الابرار استقطبت العلماء والادباء فكانت مدرستها الكبيرة التي خرجت ابرز الرجال في حقول العلم والمعرفة والفكر والجهاد والبلاغة والبيان ، وما المتنبي ودعبل والكميت وابو حنيفة النعمان وكميل بن زياد ومالك الاشتر وميثم التمار وهاني بن عروة والمختار الثقفي وجابر بن حيان والكندي واخرين الا امثلة ساطعة ، ونجوم زاهرة في تاريخها الطويل كانت الكوفة منار للإشعاع العلمي والفكري والحضاري والثقافي منذ مصرت الى يومنا هذا .»{5}.
* * * * * * « 6 » * * * * * *
6} ــــ « الأمام الأول: كان الإمام علي بن أبي طالب {ع}: هو الخليفة الأول لرسول الله {ص} حيث نص الرسول محمد {ص} على خلافته وإمامته من بعده كراراً ومراراً، وأخذ البيعة من المسلمين على ذلك، ولكن بعض المسلمين تآمروا بعد الرسول محمد {ص} وانقلبوا على أعقابهم، فتركوا علياً {ع} وأجبروا المسلمين على بيعة من عينوه، كما أجبروا علياً {ع} على البيعة لكنه لم يبايع، وكان يقول: إني أحق بهذا الأمر منكم.
ومما يدل على خلافة الإمام وإمامته {ع} مضافاً إلى أفضليته على جميع الخلق بعد رسول الله محمد {ص} وكونه الأعلم ولأفقه والأقضى، أحاديث كثيرة رواها الفريقان، .»{6}.
* * * * * * « 7 » * * * * * *
7} ــــ « بيعة الإمام علي { عليه السلام }: بالخلافة الاسلامية استلم الإمام علي { عليه السلام } الخلافة بعد مقتل عثمان بسبعة أيام ، ذلك في { 25 } ذي الحجّة عام { 35 هـ } ، فوجد الأوضاع متردّية بشكل عام ، وعلى أثر ذلك وضع خطّة إصلاحية شاملة ، ركّز فيها على شؤون الإدارة ، والاقتصاد ، والحكم ، وفي السطور القادمة سنتناول شواهد على ذلك البرنامج الإصلاحي بشكل مختصر:»{7}.
* * * * * * « 8 » * * * * * *
8} ــــ « 1- الأول : تطهير جهاز الدولة : أول عمل قام به الإمام { عليه السلام } فور توليته لمنصب رئاسة الدولة هو عَزل وُلاة عثمان الذين سَخّروا جهاز الحكم لمصالحهم الخاصة ، وأُثروا ثراءً فاحشاً مما اختلسوه من بيوت المال ، وعزل { عليه السلام } معاوية بن أبي سفيان أيضاً .»{8}.
* * * * * * « 9 » * * * * * *
9} ــــ « ويقول المؤرخون : أنّه أشار عليه جماعة من المخلصين بإبقائه في منصبه ريثما تستقر الأوضاع السياسية ثُمّ يعزله فأبى الإمام { عليه السلام }، وأعلن أنّ ذلك من المداهنة في دينه ، وهو مما لا يُقرّه ضميره الحيّ ، الذي لا يسلك أيّ طريق يبعده عن الحقّ ولو أبقاه ساعة لكان ذلك تزكية له ، وإقرارا بعدالته ، وصلاحيته للحكم – د - شاكر سلمان.»{9}.
* * * * * * « 10 » * * * * * *
10} ــــ « الثاني : تأميم الأموال المختلسة : أصدر الإمام { عليه السلام } قراره الحاسم بتأميم الأموال المختلسة التي نهبها الحكم المُباد .»{10}.
* * * * * * « 11 » * * * * * *
11} ــــ « فبادرت السلطة التنفيذية بوضع اليد على القطائع التي أقطعها عثمان لذوي قُرباه ، والأموال التي استأثر بها عثمان ، وقد صودِرت أمواله حتى سيفه ودرعه ، وأضافها الإمام { عليه السلام } إلى بيت المال .»{11}.
* * * * * * « 12 » * * * * * *
12} ــــ « وقد فزع بنو أمية كأشدّ ما يكون الفزع ، فهم يرون الإمام علي { عليه السلام } هو الذي قام بالحركة الانقلابية التي أطاحت بحكومة عثمان ، وهم يطالبون الهاشميين بردّ سيف عثمان، ودرعه، وسائر ممتلكاته التي صادرتها حكومة الإمام علي { عليه السلام }، وفزعت القبائل القرشية وأصابها الذهول ، فقد أيقنت أنّ الإمام سيصادر الأموال التي منحها لهم عثمان بغير حقّ .
فقد كتب عمرو بن العاص رسالة إلى معاوية جاء فيها : ما كنتُ صانعاً فاصنع إذا قشّرك ابن أبي طالب من كُلّ مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها .
لقد راح الحسد ينهش قلوب القرشيين ، والأحقاد تنخر ضمائرهم ، فاندفعوا إلى إعلان العصيان والتمرد على حكومة الإمام { عليه السلام }.»{12}.
* * * * * * « 13 » * * * * * *
13} ــــ « الثالث : اِلتياع الإمام علي { عليه السلام }: وامتُحِن الإمام علي { عليه السلام } امتحاناً عسيراً من الأُسَر القرشية ، وعانى منها أشدّ ألوان المِحن والخُطوب في جميع أدوار حياته .
فيقول { عليه السلام }: { لقد أخافَتني قُريش صغيراً ، وأنصبتني كبيراً ، حتى قبض الله رسوله {صلى الله عليه وآله } ، فكانت الطامّة الكبرى ، والله المُستعان على ما تَصِفون } .
ولم يعرهم الإمام { عليه السلام } اهتماماً ، وانطلق يؤسس معالم سياسته العادلة ، ويحقق للأمّة ما تصبوا إليه من العدالة الاجتماعية .»{13}.
* * * * * * « 14 » * * * * * *
14} ــــ « وقد أجمع رأيه { عليه السلام }: على أن يقابل قريش بالمِثل ، ويسدد لهم الضربات القاصمة إن خلعوا الطاعة ، وأظهروا البغي .
فيقول { عليه السلام }: { مَالي وَلِقُريش ، لقد قتلتُهم كافرين ، ولأقتلنَّهم مَفتونين ، والله لأبقرنَّ الباطل حتى يظهر الحقّ من خَاصِرَتِه ، فَقُلْ لقريش فَلتضجّ ضَجيجَها } .
الرابع : سياسة الإمام { عليه السلام }: فيما يلي عرضاً موجزاً للسياسة الإصلاحية التي اتبعها الإمام { عليه السلام } لإدارة الدولة الإسلامية وهي كما يلي : .»{14}.
* * * * * * « 15 » * * * * * *
15} ــــ « أولاً : السياسة المالية : كانت السياسة المالية التي انتهجها الإمام { عليه السلام } امتداد لسياسة الرسول الأعظم { صلى الله عليه وآله } الذي عنى بتطوير الحياة الاقتصادية ، وإنعاش الحياة العامة في جميع أنحاء البلاد ، بحيث لا يبقى فقير أو بائس أو محتاج .
وذلك بتوزيع ثروات الأمّة توزيعاً عادلاً على الجميع . ومن مظاهر هذه السياسة هي : .»{15}.
* * * * * * « 16 » * * * * * *
16} ــــ « 1 - المساواة في التوزيع والعطاء ، فليس لأحد على أحد فضل أو امتياز ، وإنّما الجميع على حدٍّ سواء .
فلا فضل للمهاجرين على الأنصار ، ولا لأسرة النبيّ محمد{ صلى الله عليه وآله } وأزواجه على غيرهم ، ولا للعربي على غيره .»{16}.
* * * * * * « 17 » * * * * * *
17} ــــ « وقد أثارت هذه العدالة في التوزيع غضب الرأسماليين من القرشيين وغيرهم ، فأعلنوا سخطهم على الإمام { عليه السلام }، وقد خفت إليه جموع من أصحابه تطالبه بالعدول عن سياسته فأجابهم الإمام { عليه السلام }: { لو كان المال لي لَسوّيتُ بينهم فكيف ، وإنّما المال مال الله ، ألا وإنّ إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف ، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ، ويضعه في الآخرة ، ويُكرّمه في الناس ، ويهينه عند الله }، فكان الإمام { عليه السلام } يهدف في سياسته المالية إلى إيجاد مجتمع لا تطغى فيه الرأسمالية ، ولا تحدث فيه الأزمات الاقتصادية ، ولا يواجه المجتمع أي حِرمان أو ضيق في حياته المعاشية .»{17}.
* * * * * * « 18 » * * * * * *
18 } ــــ « وقد أدّت هذه السياسة المشرقة المستمدة من واقع الإسلام وهَدْيهِ إلى إجماع القوى الباغية على الإسلام أن تعمل جاهدة على إشاعة الفوضى والاضطراب في البلاد ، مستهدفة بذلك الإطاحة بحكومة الإمام علي { عليه السلام }.»{18}.
* * * * * * « 19 » * * * * * *
19} ــــ « 2 - الإنفاق على تطوير الحياة الاقتصادية ، وإنشاء المشاريع الزراعية ، والعمل على زيادة الإنتاج الزراعي الذي كان من أصول الاقتصاد العام في تلك العصور .
وقد أكد الإمام { عليه السلام } في عهده لمالك الأشتر على رعاية إصلاح الأرض قبل أخذ الخراج منها .»{19}.
* * * * * * « 20 » * * * * * *
20} ــــ « فيقول { عليه السلام }: { وليكُن نظرك في عِمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ، لأنّ ذلك لا يُدرك إلاّ بالعمارة ، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ، ولم يستقم أمره إلاّ قليلاً .»{20}.
* * * * * * « 21 » * * * * * *
21} ــــ « لقد كان أهمّ ما يعني به الإمام { عليه السلام } لزوم الإنفاق على تطوير الاقتصاد العام ، حتى لا يبقى أي شبح للفقر والحرمان في البلاد .
3 - عدم الاستئثار بأيّ شيء من أموال الدولة ، فقد تحرّج الإمام علي { عليه السلام } فيها كأشدّ ما يكون التحرّج .»{21}.
* * * * * * « 22 » * * * * * *
22} ــــ « وقد أثبتت المصادر الإسلامية بوادر كثيرة من احتياط البالغ فيها ، فقد وفد عليه أخوه عقيل طالباً منه أن يمنحه الصلة ويُرَفّهُ عليه حياته المعاشية ، فأخبره الإمام { عليه السلام } أنّ ما في بيت المال للمسلمين ، وليس له أن يأخذ منه قليلاً ولا كثيراً ، وإذا منحه شيء فإنّه يكون مختلساً .
وعلى أيّ حال فإنّ السياسة الاقتصادية التي تَبنّاها الإمام { عليه السلام } قد ثقلت على القوى المنحرفة عن الإسلام ، فانصرفوا عن الإمام وأهل بيته { عليهم السلام } والتحقوا بالمعسكر الأموي الذي يضمن لهم الاستغلال ، والنهب ، وسلب قوت الشعب ، والتلاعب باقتصاد البلاد .
ثانياً : السياسة الداخلية : عنى الإمام { عليه السلام } بإزالة جميع أسباب التخلف والانحطاط ، وتحقيق حياة كريمة يجد فيها الإنسان جميع متطلبات حياته ، من الأمن والرخاء والاستقرار ، ونشير فيما يلي إلى بعض مظاهرها .»{22}.
* * * * * * « 23 » * * * * * *
23} ــــ « 1 - المساواة : وتجسّدت فيما يأتي : أ - المساواة في الحقوق والواجبات . ب - المساواة في العطاء . ج - المساواة أمام القانون .
وقد ألزم الإمام علي { عليه السلام } عُمّاله وَوُلاته بتطبيق المساواة بين الناس على اختلاف قوميّاتهم وأديانهم .
فيقول { عليه السلام }: في بعض رسائله إلى عماله : { واخفضْ للرعيّة جناحك ، وابسط لهم وجهك ، وأَلِنْ لهم جانبك ، وآسِ بينهم في اللحظة والنظرة ، والإشارة والتحية ، حتى لا يطمع العظماء في حيفك ، ولا ييأس الضعفاء من عدلك }.»{23}.
* * * * * * « 24 » * * * * * *
42} ــــ « 2 - الحريّة : أمّا الحريّة عند الإمام علي { عليه السلام } فهي من الحقوق الذاتية لكل إنسان ، ويجب أن تتوفر للجميع ، شريطة أن لا تستغلّ في الاعتداء والإضرار بالناس ، وكان من أبرز معالمها هي الحريّة السياسية .
ونعني بها أن تُتَاح للناس الحريّة التامّة في اعتناق أي مذهب سياسي دون أن تفرض عليهم السلطة رأيا معاكساً لما يذهبون إليه .
وقد منح الإمام علي { عليه السلام } هذه الحريّة بأرحب مفاهيمها للناس ، وقد منحها لأعدائه وخصومه الذين تخلفوا عن بيعته .
فلم يجبرهم الإمام علي { عليه السلام }، ولم يتخذ معهم أي إجراء حاسم كما اتخذه أبو بكر ضده حينما تَخلّف عن بيعته .»{24}.
* * * * * * « 25 » * * * * * *
25} ــــ « فكان الإمام علي { عليه السلام }: يرى أنّ الناس أحرار ، ويجب على الدولة أن توفر لهم حريتهم ما دام لم يخلوا بالأمن ، ولم يعلنوا التمرد والخروج على الحكم القائم .
وقد منح { عليه السلام } الحريّة للخوارج ، ولم يحرمهم عطاءهم مع العلم أنّهم كانوا يشكلون أقوى حزب معارض لحكومته .»{25}.
* * * * * * « 26 » * * * * * *
26} ــــ « فلما سَعوا في الأرض فساداً ، وأذاعوا الذعر والخوف بين الناس انبرى إلى قتالهم حفظاً على النظام العام ، وحفظاً على سلامة الشعب .
ثالثاً : الدعوة إلى وحدة الأمّة : وجهد الإمام كأكثر ما يكون الجهد والعناء على العمل على توحيد صفوف الأمّة ونشر الأُلفة والمحبة بين أبنائها .»{26}.
* * * * * * « 27 » * * * * * *
27} ــــ « واعتبر الإمام علي { عليه السلام } الأُلفة الإسلامية من نعم الله الكبرى على هذه الأمّة .
فيقول الإمام علي { عليه السلام }: { إنّ الله سبحانه قد امتَنّ على جماعة هذه الأمّة فيما عقد بينهم من حبل هذه الأُلفة التي ينتقلون في ظلها ، ويأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ، لأنّها أرجح من كُلّ ثمن ، وأجلُّ من كُلّ خطر } . فقد عنى الإمام بوحدة الأمّة ، وتبنّي جميع الأسباب التي تؤدي إلى تماسكها واجتماع كلمتها ، وقد حافظ على هذه الوحدة في جميع أدوار حياته . فقد ترك { عليه السلام } حَقّه وسَالَم الخلفاء صِيانة للأمّة من الفرقة والاختلاف .»{27}.
* * * * * * « 28 » * * * * * *
28} ــــ « رابعاً : تربية الأمّة : لم يعهد عن أحد من الخلفاء أنّه عنى بالناحية التربوية أو بشؤون التعليم كالإمام علي { عليه السلام } وإنّما عنوا بالشؤون العسكرية ، وعمليات الحروب ، وتوسيع رقعة الدولة الإسلامية ، وبسط نفوذها على أنحاء العالم .»{28}.
* * * * * * « 29 » * * * * * *
29} ــــ « وقد أولى أمير المؤمنين علي { عليه السلام } المزيد من اهتمامه بهذه الناحية ، فاتخذ جامع الكوفة معهداً يلقي فيه محاضراته الدينية والتوجيهية .
وكان { عليه السلام } يشغل أكثر أوقاته بالدعوة إلى الله ، وإظهار فلسفة التوحيد ، وبَثّ الآداب والأخلاق الإسلامية مستهدفا من ذلك نشر الوعي الديني ، وخلق جيل يؤمن بالله إيمانا عقائدياً لا تقليدياً .
فقد كان الإمام علي { عليه السلام } المؤسس الأعلى للعلوم والمعارف في دنيا الإسلام ، وقد بذل جميع جهوده على إشاعة العلم ونشر الآداب والثقافة بين المسلمين ، وكان دوماً يذيع بين أصحابه قوله : { سَلوني قَبلَ أن تفقدوني ، سَلوني عن طُرق السَّماء ، فإنّي أبصَرُ بها من طُرُق الأرض } .»{29}.
* * * * * * « 30 » * * * * * *
30} ــــ « ففي وسائل الشيعة - ج 14 - ص 387 عن صفوان، عن أبي أسامة، عن أبي عبد الله {عليه السلام} قال: سمعته يقول: الكوفة روضة من رياض الجنة فيها قبر نوح وإبراهيم، وقبور ثلاثمائة نبي وسبعين نبيا وستمائة وصي وقبر سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي{عليه السلام} .»{30}.
* * * * * * « 31 » * * * * * *
31} ــــ« وفي تاريخ الكوفة - السيد البراقي - ص 68 – 69 عن أبي عبد الله {عليه السلام} قال: {إذا فقد الأمن من البلاد وركب الناس على الخيول واعتزلوا النساء والطيب فالهرب الهرب عن جوارهم}. فقلت: جعلت فداك إلى أين ؟ قال: {إلى الكوفة ونواحيها أو إلى قم وحواليها، فإن البلاء مدفوع عنها{وفي نفس المصدر عن أبي عبد الله{عليه السلام} قال: {إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد، وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد} .» {31}.
* * * * * * « 32 » * * * * * *
32} ــــ « وفي نفس المصدر ص 67 – 68 عن أنس بن مالك قال: كنت جالسا ذات يوم عند النبي محمد {صلى الله عليه وآله} إذ دخل عليه علي بن أبي طالب {عليه السلام} فقال {صلى الله عليه وآله}: {إلي يا أبا الحسن}. ثم اعتنقه وقبل ما بين عينيه وقال: {يا علي إن الله عز اسمه عرض ولايتك على السماوات فسبقت إليها السماء السابعة فزينها بالعرش، ثم سبقت إليها السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور، ثم سبقت إليها السماء الدنيا فزينها بالكواكب، ثم عرضها على الأرضين فسبقت إليها مكة فزينها بالكعبة، ثم سبقت إليها المدينة فزينها بي، ثم سبقت إليها الكوفة فزينها بك، ثم سبقت إليها قم فزينها بالعرب وفتح لها بابا من أبواب الجنة...
وفي نفس المصدر عن علي بن أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه {عليهم السلام}، عن أمير المؤمنين علي {عليه السلام} قال: {أربعة من قصور الجنة في الدنيا: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة{ وفي ص 65 عن أبي سعيد الإسكافي، عن أبي جعفر {عليه السلام} قال: {قال أمير المؤمنين {عليه السلام}: {وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين}. قال: الربوة الكوفة، والقرار المسجد، والمعين الفرات{،
وغيرها من الروايات الكثيرة في هذا المجال، هذا فضلاً عن الروايات العديدة في فضل مساجدها والصلاة فيها، وأنها من اماكن التخيير في الصلاة، وأن من أرادها من الجبابرة بسوء قصمه الله { ففي نهج البلاغة: كأني بك يا كوفة تمدين مد الأديم العكاظي تعركين بالنوازل وتركبين الزلازل وإني لا علم أنه ما أراد بك جبار سوءا إلا ابتلاه الله بشاغل، ورماه بقاتل... { وفي بحار الأنوار - ج 97 - ص 385 عن سعد بن الأصبغ، عن أبي عبد الله {عليه السلام} قال: من كان له دار في الكوفة فليتمسك بها.»{32}.
* * * * * * « 33 » * * * * * *
33} ــــ « وفي كتاب فضل الكوفة ومساجدها - محمد بن جعفر المشهدي - ص 29 - 30
عن أبي عبد الله {عليه السلام} قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين {عليه السلام} وهو في مسجد الكوفة فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فرد عليه فقال: جعلت فداك ان عزمت على المضي إلى المسجد الأقصى وقد اتيت لأسلم عليك وأودعك فقال: اي شئ تريد بذلك، قال: الفضل جعلت فداك، قال: فبع راحلتك وكل زادك وصل في هذا المسجد فان الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة، والنافلة عمرة مبرورة والبركة فيه اثنا عشر ميلا يمينه رحمة ويساره مكر وفي وسطه عين من دهن، وعين من لبن، وعين من ماء شراب للمؤمنين، ومنه سارت سفينة نوح وكان فيه نسر ويغوث ويعوق وصلى فيه سبعون نبيا وسبعون وصيا انا آخرهم وقال ويده على صدره: ما دعا فيه مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج الا اجابه الله وفرج عنه كربه وهذا كله يعني أن للكوفة أثراً تكوينياً مهماً عند الله تعالى، مما يعني وجود حكمة مهمة عنده جل وعلا جعلته يأمر بأن تكون الكوفة عاصمة لدولة الإمام المهدي {عجل الله تعالى فرجه{.
أما من الجانب التاريخي، فإن الشواهد التاريخية الكثيرة تؤكد على أن الكوفة كانت ولا زالت من أهم أماكن تواجد الشيعة المخلصين، رغم ما مر بها من محن وانتكاسات في بعض الأحيان، في تاريخ الكوفة - السيد البراقي - ص 67عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله {عليه السلام} يقول: {إن ولايتنا عرضت على السماوات والأرض والجبال والأمصار ما قبلها قبول أهل الكوفة .»{33}.
* * * * * * « 34 » * * * * * *
34} ــــ « وفي كتاب فضل الكوفة ومساجدها - محمد بن جعفر المشهدي - ص 12
}}والكوفة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب {عليه السلام} الصلاة في مسجدها بألف صلاة، والدرهم فيها بألف درهم .»{34}.
* * * * * * « 35 » * * * * * *
35} ــــ « وفي وسائل الشيعة - ج 3 - ص 161عن رسول الله }صلى الله عليه وآله{ أنه كان يقول: كوفان كوفان يرد أولها على آخرها، يحشر من ظهرها سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب.
ولذا فقد اختارها أمير المؤمنين علي {عليه السلام} عاصمة لدولته دون غيرها من المدن، واختارها الإمام الحسن المجتبى {عليه السلام} كذلك قبل الصلح، واختارها الإمام الحسين {عليه السلام} على غيرها من الخيارات المتاحة له أنذاك، كاليمن وأعالي الحجاز ومكة وغيرها...
على أن التاريخ يشهد أن الكوفة بقيت على تشيعها رغم ما مر بها من مآسي ورغم قصد الطغاة لها دائماً، وهي بهذا تختلف عن مدن عرفت بالتشيع لكن ما أن داهمها خطر حتى نزعت ثوب التشيع، كمصر، فإنها كانت يوماً ما عاصمة للدولة الفاطمية، ولكن ما أن دخلها صلاح الدين وخرب أراضيها وقتل أهلها وأحرق مكتباتها حتى تحولت إلى المذهب الشافعي السني... علماً أن الدماء التي أريقت في مصر لا يمكن قياسها بما أريق في الكوفة من دماء !
ولذلك ستكون الكوفة هدفاً للقوى المتعددة في عصر الظهور، فيقصدها السفياني من جانب، ويقصدها اليماني والخراساني من جانب آخر، لإن السيطرة عليها تعني السيطرة على فئة مهمة من الناس كان لهم الدور البارز على مسرح الأحداث وتحديد مجرى التاريخ منذ الصدر الأول للإسلام...
لهذا وذاك سيختارها الإمام المهدي {عجل الله تعالى فرجه} لتكون عاصمة لدولته المباركة.
والله العالم ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان.»{35}.
* * * * * * « 36 » * * * * * *
36} ــــ « تحقيقات و تقارير:
الكوفة المقدسة ... جمجمة العرب ورمح اللّه وكنز الايمان ودار العلم الزاهر والحضارة الاسلامية
تعد مدينة الكوفة العلوية المقدسة من المدن التي ما تزال تقدم خدماتها لساكنيها ولزوارها من مختلف أنحاء العالم ومدينة الكوفة التي نشهدها اليوم قد بنيت على أنقاض الكوفة القديمة وما يزال جامعها يشغل مكاناُ من البلدة وتقام فيه الصلوات الخمس. أما عن النواة الأولى للمدينة فجاء عندما انطلقت الجيوش العربية براية الإسلام عام 17هـ -638م محرره مناطق كثيرة من العراق برزت ضرورة من اتخاذ مركز انطلاق للجيوش ويبدو أن الظروف المناخية وموقعها كقاعدة للربط بين الجيش والقاعدة في شبه الجزيزه العربية جعل منها لتكون دار هجرة للمسلمين ومن كافة أصقاع العالم. تخطيط الكوفة يشبه إلى حد كبير تخطيط مدينة البصرة فجاء المسجد الجامع في وسط المدينة ودار الإمارة قربيه منه وجعل الناس يسكنون حول المكان المختار للجامع ودار الإمارة كما كان من خطط الكوفة أن تكون شوارعها الرئيسة 40 ذراعاً والمتوسطة 20 ذراعاً والازقة 7 ذراع وتتوسط كل محلة ساحة طول ضلعها 60 ذراعاً وقد اتخذت أسماء الشوارع من أسماء القبائل التي نزلت فيها. ويلاحظ أن من خطط المدينة أن لا يزيد عدد غرف الدار الواحدة عن ثلاث ولا يزيد ارتفاعها عن طابق واحد ليزيد المدينة جمالا وسحرا ولتظهر معالم الجامع عن بعد. ورغم ما تعرضت له مدينة الكوفة من ويلات ونكبات وتخريب ،فأن الحياة استمرت فيها وساهمت تلك المدينة في البناء الحضاري للقطر. وأصبح فيما بعد ظهر الكوفة الثوية مقبرة للمسلمين في الكوفة، وفيهم عدد كبير من الصحابة والتابعين وكان أوّل من دفن في النجف الصحابي الجليل خبّاب بن الأرت الذي صلّى عليه الإمام عليّ {عليه السلام} وذلك في سنة 37 هـ. و في الكوفة عدة مراقد منها مرقد مسلم بن عقيل ومرقد هاني بن عروة ، ومرقد ميثم التمار، ومرقد السيد إبراهيم بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب {ع} الملقب سيد إبراهيم الغمر . وهي ثاني مدينة مصّرت في الاسلام بعد الفتح الاسلامي ، جمجمة العرب ورمح اللّه وكنز الايمان ودار هجرة المسلمين وعاصمة امير المؤمنين {ع} وفيها شيعته ومحبوه وأنصاره ومركز الزاهر للعلم والحضارة الاسلامية.
واشتهرت مدينة الكوفة بكثرة المساجد واشهرها مسجد الكوفة المعظم روى المجلسي في البحار عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر {عليه السلام} أنه قال بالكوفة مساجد ملعونة ومساجد مباركة، فأما المباركة فمسجد غني، والله إن قبلته لقاسطة وإن طينته لطيبة، ولقد بناه رجل مؤمن ولا تذهب الدنيا حتى تنفجر عنده عينان ويكون فيهما جنتان، وأهله ملعونون وهو مسلوب منهم، ومسجد بني ظفر، ومسجد السهلة، ومسجد الحمراء، ومسجد جعفي، وليس هو مسجدهم اليوم ويقال: درس. وأما المساجد الملعونة فمسجد ثقيف، ومسجد الأشعث، ومسجد جرير البجلي، ومسجد سماك، ومسجد بالحمراء بني على قبر فرعون من الفراعنة .
المساجد المباركة بالكوفة إن بالكوفة مساجد كثيرة، إلا أن فيها مساجد مباركة ومساجد ملعونة، وقد ذكرها المجلسي في البحار والحر العاملي في الوسائل وغيرهما {ع}، وذكروا فضلها مفصلا وقال: ألفت كتابا كبيرا في الكوفة وفي بقية مساجدها منها: مسجد سهيل وفيه أخبار كثيرة يأتي ذكر بعضها، ويقال له: مسجد بني ظفر، ومسجد غني وهو مسجد مبارك، فقد ورد أنه صلى فيه ودعا الإمام علي بن الحسين {عليه السلام}، ومسجد جعفي وهو مبارك أيضا، فقد ورد أنه صلى فيه ودعا الإمام أمير المؤمنين {عليه السلام}، ومسجد الحمراء وهو مسجد يونس بن متي {عليه السلام} وليس هو قبره، فقد ورد أن أمير المؤمنين {عليه السلام} صلى فيه.»{36}.
* * * * * * « 37 » * * * * * *
37} ــــ « الكوفة مدينة واسعة كبيرة تتصل قراها وجباياتها الى الفرات وقرى العذار وتتمتع بموقع استراتيجي مهم من جميع النواحي فهي حلقة وصل بين مدن الفرات الذي يغذي مساحات شاسعة ومقاطعات واسعة بمياهه العذبة ، وهو يكون شارعاً يخترق روضة كثيفة بالأزهار المحاطة بأشجار الآس واليوكالبتوس ، ولما تمصرت الكوفة وقسمت الى ارباعها المعروفة ومحلاتها انشئت فيها السكك والشوارع والقصور واصبحت مركزاً للآداب والعلوم والثقافة فمن محلاتها القديمة : الثوية ، الجبانة ، خانقين ، دار الحكيم ، دار قمام دوران ، رحا عمارة ، رحبة خنيس ، رصافة الكوفة .»{37}.
* * * * * * « 38 » * * * * * *
38} ــــ « التعريف: مدينة الكوفة من مدن الاسلام القديمة، وهي ثاني مدينة بنيت في كنف الإسلام بعد البصرة بعامين، جمجمة العرب، ورمح اللّه وكنز الإيمان، دار هجرة المسلمين، عاصمة أمير المؤمنين {عليه السلام} وفيها شيعته ومحبوه وأنصاره، المركز الزاهر للعلم والحضارة الإسلامية، وأول عاصمة إسلامية خارج المدينة المنورة. "ان الكوفة كانت مهداً للشيعة، وموطناً من مواطن العلويين، وقد أعلنت إخلاصها لأهل البيت {عليهم السلام} في كثير من المواطن" «1» وهي ملتقى طرق المسافرين والقوافل فهي تتوسط العراق وتقع أيضا على نهر الفرات، لذا ازدهرت فيها حركة التجارة وذاع صيتها بعد انتشار الإسلام وخاصة بعد ان اتخذها الإمام علي {عليه السلام} {عليه السلام} مركزا للحكم . وأصبحت الكوفة من أهم المراكز العلمية والثقافية في العالم، وصلت إلى أوج شهرتها في زمن الإمام جعفر الصادق {عليه السلام} الذي نشر علوم أهل البيت {عليه السلام} فقد تخرج من مدرسته أكثر من أربعة آلاف عالما ومنهم جابر بن حيان والذي كان يسير في شوارع الكوفة وهو يقول كل العلم من آل محمد {صلى الله عليه وآله وسلم}. [1] حياة الامام الحسين باقر شريف القرشي 3/12 .»{38}.
* * * * * * « 39 » * * * * * *
39} ــــ « موقعها الجغرافي : تقع الكوفة في الجانب الغربي من نهر الفرات{ شط الهندية القديم} وعلى بضعة كيلومترات الى الشمال الشرقي من مدينة الحيرة التي كانت قد انشأت عام 240 م على يد عمرو بن عدي اللخمي {من بطون اليمن} وهي الان على بعد 156 كيلومتر جنوب بغداد. ترتفع المدينة عن سطح البحر بنحو 22 م ويحدها من الشمال ناحية الكفل {محافظة بابل} ومن الشرق ناحية السنية وناحية الصلاحية {محافظة الديوانية} ومن الغرب كري سعد [1]، ومن الجنوب قضاء ابي صخير، وناحية الحيرة. [1] كري سعدة او { خندق .»{39}.
سابور ): وهو يكون الحد الفاصل بين الكوفة والنجف وينسب الى سابور ذي الاكتاف الذي حفره .
* * * * * * « 40 » * * * * * *
40} ــــ « التوسعة والأعمار ـ اول شيء اختطه ابو الهياج الاسدي في الكوفة مسجدها في وسطها على بعد 5 ,1 كم من الفرات وحفر خندقاً عليه وبنى في مقدمته صفة من رخام الاكاسرة ، جيء به من الحيرة ، وكان يتسع الى 4 الاف انسان وزيد به حتى صار يتسع لـ 20 الف إنسان. ـ بعد 5 سنوات من تأسيسها وفي عهد المغيرة بن شعبة { ت سنة 50 هـ } بنيت جدران بيوتها باللبن ثم شيدت بالآجر ، ، واول دور نهضت كانت بشارع كندة { محلة المتنبي}. ـ في رجب سنة 36 هـ حين شرفها الامام علي {عليه السلام} غير في الاقسام القبلية للكوفة واجرى بعض التنقلات بين القبائل وحفر فيها بئراً ليس هنالك أعذب من مائها. ـ انشأ احد الولاة { ت سنة 53 هـ } جسراً يمنع فيضان الكوفة ظل هذا الجسر قائماً طوال الحكم الاموي وقام باصلاحه وتجديده كل من ابن هبيرة { سنة 103 هـ } وخالد بن عبد اللّه القسري سنة { 105 هـ}. ـ احدث ابن هبيرة قنطرة الكوفة المعروفة عند الناس { كنيدرة } في الجانب الشرقي من جامع الكوفة واصلحها من بعده خالد القسري. ـ في عهد الوالي خالد بن عبد اللّه القسري { المتوفى سنة 126 هـ } بني فيها الاسواق وجعل لا هل كل باعة داراً وطاقاً وجعل غلالها للجند. ـ سنة 136 هـ/ بنى ابو جعفر المنصور قصرا يعرف بـ { ابي الخصيب } وحفر خندقاً وسوّر المدينة بسور. ـ سنة 314 هـ / وفي عهد المتنبي { 303 ـ 354 هـ } بلغت المدينة اقصى حالة من العمران والبناء. ـ سنة 676 هـ/ حفر عطاء الملك الجويني { صاحب ديوان الدولة الايلخانية } نهراً الى ارض النجف واوصل الماء الى مسجد الكوفة وسمي هذا النهر بـ { نهر التاجية } نسبة الى المتولي على حفره السيد تاج الدين علي بن امير الدين احد فضلاء ذلك العصر وأعلامهم. ـ سنة 943 هـ / امر الشاه طهماسب الاول الصفوي بحفر نهر من الفرات الى الكوفة ويعرف النهر بالطهماسية ثم صحف الى { الطهمازية } ، وفي سنة 1032 هـ امر الشاه اسماعيل الاول بكري هذا النهر الذي طمّ في زمن محاصرة الروم للنجف ويعرف النهر بنهر الشاه او {الكرية}. ـ سنة 1208 هـ / حفر نهر الهندية. ـ سنة 1290 هـ/ هبطها بعض النازلين وبنوا فيها بيوتاً من القصب واحدثوا فيها البساتين على جانبي الفرات. ـ سنة 1305 هـ / لما جفّ الماء في بحر النجف وبسعي وكيل منطقة السنية تقدم عمران الكوفة واحدث فيها الدور والاسواق حيث عرف هذا المكان اول الامر بـ {شريعة الكوفة}. ـ سنة 1317 هـ/ نصب الجسر على نهر الفرات. ـ سنة 1323 هـ / هـ / مدت أسلاك البرق الى الكوفة من الحلة. ـ سنة 1325 هـ / قام السيد علي كمونة سادن الحرم العلوي الشريف ببناء محل واسع وسوق وغرف لراحة الزائرين في المدينة. ـ سنة 1327 هـ/ مدت سكة الحديد بين الكوفة والنجف. .» {40}.
* * * * * * « 41 » * * * * * *
41} ــــ «المعالم كانت الكوفة مدينة واسعة كبيرة تتصل قراها وجباناتها الى الفرات وقرى العذار وكان فيها من الدور 50 الف دار للعرب و24 الف دار لغير العرب ، وتبلغ مساحتها اليوم 510 كم2 ، وهي تتمتع بموقع استراتيجي مهم من جميع النواحي فهي حلقة وصل بين مدن الفرات الذي يغذي مساحات شاسعة ومقاطعات واسعة بمياهه العذبة . ولما تمصرت الكوفة وقسمت الى ارباعها المعروفة ومحلاتها انشئت فيها السكك والشوارع والقصور واصبحت مركزاً للآداب والعلوم والثقافة . من محلاتها القديمة : الثوية ، الجبانة ، خانقين ، دار الحكيم ، دار قمام دوران ، رحا عمارة ، رحبة خنيس ، رصافة الكوفة ، زرارة ، صحراء البردخت الكناسة ، عبس ، عرزم. اللسان { كان يطلق على ظهر الكوفة } ، ومحلة السبيع ، محلة شيطان. من اسواقها : سوق حراضة ، وسوق أسد ، وسوق حكمت وسوق يوسف. من محلاتها الحديثة : محلة السراي ، الرشادية ، الجديدة ، السهيلية ، البوحداري { في الجانب الثاني من النهر } ، البراكية ، ومحلة كندة ، واحياء حديثة كثيرة. من قراها الحديثة : قرية علوة الفحل ، قرية الكريشات ، قرية البوماضي ، التاجية ، قرية آل عيسى ، الزرفات والجعافرة ، قرية خرخيت. شوارعها : شارع { 26 } المعروف بشارع الجنابات ، شارعا 14 و13 في محلة السراي والاول يعرف بـ { شارع السيد ياسين الصعبري } ، والثاني يعرف بـ { شارع آل الفحام } ، شارع النهر وقد سميت شوارعها الحديثة بأسماء تراثية تمت بصلة الى تاريخها القديم. أنهارها القديمة : نهر كوثى ، نهر ابا ، نهر البردان ، نهر البويب ، نهر سورا ، نهر التاجية ، نهر الغدير ، نهر شيلي ، نهر الصنين ، نهر نرس .» {41}.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الأحاديث مأخوذة من الكتب العربية و الفارسية الشيعية والسنية ومن مكاتب مواقع الانترنت:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1}ــــ « د. شاكر سلمان * الدولية نيوز : حيدر هاشم الموسوي* فضل الكوفة ومساجدها تأليف محمد بن جعفر المشهدي الحائري " من اعلام القرن السادس " الهجري.
2}ــــ « ميخائيل الكبير، غريغوريوس، تاريخ مارميخائيل الكبير، ترجمة صليبا شمعون.
حلب : دار ماردين، 1996 ج2 ص 312 * ابو نوار، اديب الكوفة كوفتان. الزمان الدولية العدد 1893 {22/8/ 2004}. ص14* إستوبل الأرض: إذا لم توافقه في بدنه وإن كان محبا لها، واستوبلت الأرض والبلد: استوخمتها.* لسان العرب: 9 / 312.* معجم البلدان: 4 / 492، وفيه: {جاحد} بدل: {حاسد}. ‹ هامش ص 127 ›* لسان العرب: 11 / 720.* شرح مسلم للنووي: 4 / 175 ـ 176.* تاج العروس: 6 / 240 ـ 241.* مختار الصحاح: 299.* الصحاح: 4 / 1424 ـ 1425.* المصباح المنير: 544.* النهاية لابن الأثير: 4 / 210.* حدود الكوفة تاريخيا : {تخطيط الكوفة في القرنين السابع والثامن الميلادي الموافق للقرنين الأول والثاني الهجري. منقولة من كتاب المستشرق الفرنسي المسيو ماسينون}..»
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فأنها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}}
وَربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا،