مقارنة بين المنظومة الفكرية الاسلامية والغربية/عصام الطائي

Mon, 4 May 2015 الساعة : 0:52

تدل الأدلة العقلية والمنطقية والفلسفية تفوق المقولات الإسلامية على المقولات العلمانية من ناحية المفاهيم والتصورات والأفكار وذلك لان تلك المفاهيم والتصورات والأفكار الإسلامية تتفق مع الواقع  اما المنظومة الغربية فهي تخالف الواقع والمناط في صدق أي قضية هو موافقتها للواقع .

 وان المنظومة الغربية تركز على اللذة والاستقلالية والحرية المطلقة وإعادة مفهوم السلطة وحولتها من الأسرة الى الدولة وان النظرة الحقوقية للفكر الغربي لا يمكن تصورها الا من خلال الصراع ومن هنا جاءت فكرة التعاقد الاجتماعي لحل هذا الصراع فهي تتصور ان بإمكانها حل هذا الصراع من خلال التعاقد وتعتبر مسألة الحق لدى الفرد هو الأساس في كل حل فالام مثلا هي عنصر من عناصر الأسرة فلا يتعامل الفكر الغربي مع الام كفرد من الأسرة بل كفرد مستقل له استقلالية وهكذا المسألة بالنسبة للأب والأطفال لذلك كانت هناك النزعة الفردية هي الأساس في بناء الفكر العلماني الغربي .

 ومن هنا جاءت فكرة الفردانية فالفردانية هي تعبير عن تلك النزعة للفرد والفردانية تشجع الفرد على التمرد على القيم لأنها تعتبر القيم نسبية وهي تعتبر القيم والمبادئ مجرد اتفاق جماعة معينة من الناس ليس أكثر ومن الممكن أي اتفاق يجعل بين الجماعة يجعل قيم ومبادئ ترضى عنها الجماعة وان فكرة الحداثة أعطت الأولوية للحقوق الفردية وظهرت جملة من النظريات تبنت هذه الأفكار وقد جعلت تلك الأفكار على شكل قوانين وهي تشجع كل فرد على الحياة الاستقلالية وتحاول ان تعتبر الأسرة أمر ثانوي وتعتبر الأطفال ملك للدولة وان لم تصرح بهذا ولكن هناك دلائل كثيرة تثبت ذلك منها تقليص دور الأسرة اما الفكر الإسلامي يعتبر القيم والمبادئ شيء ثابت ولا نسبية بأصل الأخلاق ولكن النسبية يمكن ان تظهر في حالة الاضطرار فقط فالتغير في الفعل الأخلاقي لا بأصل المبدأ الأخلاقي.

 أوجه المقارنة بين المنظومة الإسلامية والمنظومة الغربية

 أولا: الرؤية للوجود

الرؤية الإسلامية رؤية ايجابية للوجود تتمثل بالرؤية التوحيدية للعالم بخلاف الرؤية الغربية التي لها رؤية سلبية للوجود فهي اما تنكر وجود الخالق في كثير من الأحيان واما ان تلغي دور الله كمشرع وفي كلا الحالتين هو تمرد على ارادة الله تعالى والرؤية الإسلامية تتفق مع الواقع لان كل الدلائل العلمية والفلسفية والمنطقية والرياضية تثبت ان للكون خالقا ومكونا ومبدعا هذا مما يجعل الإنسان يعيش حالة التوافق مع الذات وحالة الاطمئنان باعتبار تجعل للإنسان خالقا رحيما محبا مكرما للإنسان بخلاف الفكر الغربي الذي يجعل صفة التمرد على الله من الأمور الأساسية في كل النظريات الفكرية والفلسفية والمنطقية وبذلك يحصل تصادم بين هذه الأفكار والفطرة الإنسانية التي لها الإحساس بذلك الشيء العظيم وذلك الإله الخالق والرب العظيم.

 ثانيا : الرؤية الحقوقية

نتيجة للموقف السلبي للوجود تمخضت منظومة حقوقية تحاول ان تتكيف مع هذا الموقف لذلك كان موقفها من القيم والمبادئ باعتبارها أمور نسبية وهذا يعني حصول خلل في المنظومة الأخلاقية لذلك سيصعب حصول ضابطة صحيحة للتمييز بين الخير والشر والصدق والكذب والحسن والقبح والكذب والصدق ومن هنا قد يتبادر الى الذهن يا ترى كيف نستطيع اذن حل كل النزاعات والصراعات التي تحدث ؟ ففي الفكر الغربي هناك جملة من النظريات التي طرحها الفكر الغربي وهي النظريات التطورية وكان إبطالها منهم سبنسر ونتشيه وهكسلي ودارون وكان أبرزهم دارون التي بنى الفكر الغربي كثير من أفكاره على نظرية دارون لأنه من خلالها يمكن حل مسألة الصراع وهو أسلوب القوة فان القوي هو الأصلح للبقاء وهكذا أضحت تطبق النظرية عملية في الواقع من خلال صدور جملة من الأفعال التي تثبت ذلك وكان السلوك ترجمان حقيقي عن تلك الأفكار من خلال القضاء على الهنود الحمر باعتبارهم الجنس الأضعف وان الجنس الأبيض هم الجنس الأقوى التي يجب ان يعيش ولهذا السبب نجد الفكر الغربي اهتمامه البالغ بهذه النظرية وكذلك نظرية فرويد الى يومنا هذا ويروج لها كثيرا ولان الفكر الغربي عبارة عن حلقات احداهما تكمل الأخرى وهكذا اندمجت النظرية البرجماتية كأسلوب أخر داعم للفكر الغربي وان ثمرة النظام الغربي المعاصر أدى الى انعدام القيم الأخلاقية اما الإسلام لا يؤمن بوجود صراع بل يعتبر هذه الأمم لا بد احدهما تكمل الأخرى فالعلاقة علاقة تكاملية .

 ثالثا : الرؤية للإنسان

تعبر المرجعية للإنسان وبالأحرى للعقل والناتج من حصيلة الفكر المادي أصبحت الرؤية الى المنفعة الشخصية والمتعة هو الهدف المنشود وليس للإنسان أي علاقة لا بالخير والشر ولا الصدق والكذب ولا الحق والباطل لأنها هذه أمور وفق التصور المادي خارجه عن الحواس اما التصور الإسلامي يعتبر الإنسان هو خليفة الله في أرضه وان الفطرة الإنسانية هي جوهر العلاقة بين الإنسان وربه ولا يمكن إزالة الفطرة الإنسانية لأنها شيء ثابت مهما حاول البعض إزالتها فالإنسان مهما تعلق بالمادة كإطار مرجعي لكن يبقى الشوق الى الله هو الجوهر ان الرؤية الإسلامية تربط الإنسان بالمثل الأعلى اما الرؤية المادية تجعل المثل الأعلى شيء محدود ونسبي وضيق لا يلبي طموح الإنسان مهما تعلق بالمادة.

رابعا : الرؤية الحضارية

يحاول الفكر الغربي فرض قيمه على الجميع وقد ظهرت جملة من النظريات تحاول ان تظهر العلاقة بين الحضارات قائم على أساس الصراع والنزاع وهذا بخلاف التصور الإسلامي الذي يجعل العلاقة علاقة تعاون وتعارف ان الرؤية الإسلامية تركز على البحث عن الحقيقة وتعتمد على التأمل الفكري وتجعل الإنسان يرتبط ارتباطا حقيقيا مع خالقه وبذلك يلبي جانب الفطرة الإنسانية اما الفكر الغربي يركز على الجانب المادي المبني على الاستهلاك وإشباع اللذة ويعتبرهما هما الهدف المنشود ويعكس كل اهتمامه بالمادة وهذا ما يؤدي الى عدم توافق بين هذه الأفكار وفطرة الإنسان.

 عصام الطائي

Share |