تقديس غير المقدس/عصام الطائي
Fri, 1 May 2015 الساعة : 14:06

كان قد طرح الشيخ حسين الخشن من علماء لبنان في فترة ليس بالقريبة جملة من المقالات على موقع بينات لسماحة السيد محمد حسين فضل وقد تحدث من ضمن تلك المقالات على مسالة تقديس غير المقدس حيث قال ان النزعة في تقديس غير المقدس حيث ساهم مناخ التقليد في انتاج ذهنية تقديس غير المقدس ولعل هو نتاج طبيعي لمناخ التقليد لاي فكرة ولان اي فكرة او عقيدة تمضي عليها السنون دون مراجعة نقدية ستتحول الى ثابت ومقدس في الذهن العام بما في ذلك في ذهن العلماء الذي هو جزء من المزاج العام واذا ما تفطن فقيه او متكلم الى وهن تلك الفكرة او العقيدة يصعب عليه نقدها فضلا على رفضها اما انسياقا مع العقل الجمعي او المزاج العام او مدارة لمشاعر الجمهور الذي ادرج الفكرة من نطاق المقدس ودخلت الى وجدانه.
وتحدث الشيخ الى مفهوم المقدس كونه بيد الله وليس الناس ان يتلاعبوا فيه او يضيفوا عليه كما في تعامل البعض في ابناء البيت النبوي حيث نجد حرصا شديدا ومبالغا على اضفاء نوع من العصمة على بعضهم كمثال على جعل العباس ع مع كونه عالما الا انه قد يضاف اليه على كونه معصوما.
وقال ان الضحية الاساسية للعقل التقديسي او المناخ التي تسود فيه ذهنية القداسة هي الحقيقة او الموضوعية وان التقديس المبالغ فيه يؤثر على انحسار العقل لان سيطرة العقل التقديسي تكون على حساب العقل النقدي والنتيجة الطبيعية لذلك هي ان يتم تفسير الاحداث والظواهر تفسيرا غيبا بعيدا عن منطق الاسباب والمسببات مع ان الحدث الذي يراد تفسيره قد لا يكون ذا طابع غيبي او تعبدي وليس هو معجزة او كرامة وانما هو تفسير علمي له اهله وهكذا يكثر صاحب العقل التقديسي من الاعتماد على النقول والروايات مع صرف النظر على وثاقتها وانسجامها مع العقل صحيح وان المنقول كما يلاحظ في كثير من مؤلفات المعاجز والكرامات التي شحنها مؤلفها بالغث والسمين والمعقول وغير المعقول.
وقال حول النزعة النصوصية عندما يغفل العقل العلمي ويستقيظ العقل الاسطوري وتنشر ثقافة السحر وعندما يخبو العقل الفلسفي والكلامي والاصولي يستفيق العقل الاخباري ويصحو فتنتشر ثقافة الاحراز والمنامات وتصاب الامة بالسقم وتصاب بالسبات.
وقال ان الشلل الذي اصاب علم الكلام الاسلامي اسهم في خلق نزعة اخبارية تتساهل ازاء الاخبار العقدية وتتسامح مع اسانيدها وتغض الطرف على محاكمتها وفق الموازين العقلية الامر الذي فتح الباب واسعا امام اشتياج اخبار الغلو والتشبيه والجبر لعقول الناس ووجدت جمهورا عريضا تلقاها دون تحقيق او توثيق.
وقال ان ما يبعث الاستغراب ان يدعو بعض العلماء المعاصرين الى التسامح في اسانيد الاخبار ذات المضامين العقدية مساويا بينها وبين اخبار المستحبات,
وقال ان هناك من جعل مضله اخبارية للتسامح استنادا الى مقولة ( نزهونا في الربوبية وقولو فينا ما شئتم ) وهذه الرواية ضعيفة السند بكل صيغها وطرقها واما من ناحية المضمون فهي مصطلحات تثير الريبة وتبعث الشك وقال ان كتب الحافظ رجب البرسي لا يعول عليها حتى ان العلامة المجلسي الذي جمع الغث والسمين من الروايات في كتابه بحار الانوار رفض ان يورد في كتابه ما تفرد برواتيه لاشتماله على ما يوهم الخبط والخلط وهكذا رفض الحر العاملي ان ينقل منه في وسائل الشيعة وقال في كتبه افراطا واما السيد محسن الامين فقد هاجمه بعنف قائلا وفي طبعه شذوذ في مؤلفاته من خبط وخلط وشيء من المغالاة .
وقال ان التساهل ازاء الاخبار العقدية وتحديدا ما يدخل في اطار المخاصمة او النصرة المذهبية ادى الى نشوء تركه نصوصية ساهم في تشكيل نزعة نصوصية وساهم في تشكيل ذهنية جماهيرية عامة لها الاستعداد على تلقي ما يلقي عليها من قصص خيالية وروايات غير واقعية وهذا ما يفسر رواج سوق كتب المعاجز والكرامات وكتب تفسير الاحلام والتنجيم والسحر في الاوساط الشعبية.
وحول القراءة العاطفية للاحداث تحدث الشيخ الخشن حول وجود منطقين للمسلمين الاول التبرير وهي صفه عامة اتسمه التاريخ الاسلامي كما هو الحال في مراحله الاولى حيث قدمو احداثها ورجالها تقيما عاطفيا اكثر منه تقيما حقيقيا فهي تتكى على حسن الظن بالصحابه حيث قدموا صورة ملائكية للعلاقة مع الصحابه فيما بينهم والثاني منطق القطيعة والادانه لكل منجزات التاريخ ورموزه واعتبره تاريخا مزورا وهذه النظرة السوداوية المفرطة للتشاؤم اساءة للحقيقة وبعيدا عن الميزان الشرعي الذي يدعو الى الانصاف والعدل في تقييم الاحداث والاشخاص قال تعالى ( لا يجرمنكم شنان قوم على ان تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى) .
وهكذا نجد الصورة في نقل الاخبار عن واقعة الطف من خلال نقل الروايات بدون تمعن من صحتها وواقعيتها كما هو الحال في روايات الشهادة للدربندي مشحونا بالاخبار الواهية والقصص المجعولة وقد هاجم المحدث النوري معبرا عنه انه ليس له واقع وان المؤلف يعترف بضعف رواياته ولكن يبرر سبب نقله .
عصام الطائي