نكران المعروف/معد البطاط

Fri, 1 May 2015 الساعة : 13:56

بسم الله الرحمن الرحيم
يتسامى الانسان بصفاته الحميدة حتى يصبح ملاكا يشمي على الارض, ويتسافل بصفات تتنزه عنها حتى البهائم.
ومن هذه الصفات التي تنزل الانسان الى الحضيض وتنبئ عن ان صاحبها انسان خبيث سيئ لئيم هي نكران المعروف, فالبعض من الناس اذا اسديت اليه جميلا يبقى بذكره ما حيي ويذكر ذلك للاخرين ويحاول رد ذلك الجميل ومجازاته ويراه عظيما في عينه وان كان صغيرا, ولكن البعض عكس ذلك يحقره ولا يذكره بل البعض ممن تسافل اكثر يقابله بالإساءة.
لذلك نجد الروايات ممجدة للاول وذامة للثاني وفي اختصار نذكر ما يتعلق بالموضوع:
1-      مقام أهل المعروف
عن الباقر(ع): "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول أهل الجنة دخولا إلى الجنة أهل المعروف، وإن أول أهل النار دخولا إلى النار أهل المنكر".
عن أبي عبد الله(ع) قال: "إن للجنة بابا يقال له: المعروف، لا يدخله إلا أهل المعروف، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة" .
عن أبي عبد الله(ع) قال: "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، يقال لهم ان ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم".
عن النبي(ص): "الخلق عيال الله، فأحب الخلق إلى الله من نفع عيال الله وأدخل على أهل بيت سرورا".

2-      صفات ناكر الجميل في الروايات
ذكرنا ان نكران الجميل من الصفات التي توضح ان صاحبها من ارذل مخلوقات الله وانه علامة تبين خبث سريرته:
ليس له حسب ولا دين: عن أبي عبد الله(ع) قال: "لا تصلح الصنيعة إلا عند ذي حسب أو دين".
لئيم: عن الإمام الحسن(ع): "اللؤم أن لا تشكر النعمة".
إمرء سوء:  ففي رواية: أوحى الله تعالى إلى موسى(ع): "كما تدين تدان، وكما تعمل كذلك تجزى، من يصنع المعروف إلى امرئ السوء يجزى شرا".
ليس من اهل الخير: روي في وصية النبي(ص) لعلي(ع) قال: "يا علي أربعة تذهب ضياعا: الاكل على الشبع، والسراج في القمر، والزرع في السبخة، والصنيعة عند غير أهلها".

3-       تعجل عقوبته في الدنيا
لشدة سوء هذه الصفة وقذارتها فان الله يعجل العقوبة لفاعلها في الدنيا قبل الاخرة:
عن رسول الله(ص): "ثلاث من الذنوب تعجل عقوبتها، ولا تؤخر إلى الآخرة عقوق الوالدين، والبغي على الناس، وكفر الاحسان" .
الكفر: التغطية وكفر الاحسان تغطيته وتضييعه وعدم الاعتراف به.
عن الرضا(ع) عن اباءة(ع) عن النبي(ص): "أسرع الذنوب عقوبة كفران النعمة".

4-      من الملعونين
من الطبيعي ان يكون من المطرودين من رحمة الله والملعونين فهو يتسبب بقطع المعروف والتراحم بين الناس.
عن الصادق(ص): " لعن الله قاطعي سبيل المعروف، قيل: وما قاطعي سبيل المعروف قال الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره".

5-      يأمر به الى النار ولا يقبل شكره
ليحذر الاخوة من عدم شكر المحسن وتصغير احسانه وانكاه فان ذلك مدعاة الى النار, وللمثال على ذلك ان بعض الاخوة يحسن الى شخص فيقرضه وقت حاجته ولكنه لا يرد هذا المبلغ والبعض يضع موعدا و يتجاوزه بدون اذن من صاحب المال واذا طالبه صاحب الحق يستنكر عليه والبعض يكلمه بكلام جارح و يجعل الدائن وكانه شخص مسيئ وهو صاحب المظلمة:
عن النبي(ص): "يؤتى العبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز وجل فيأمر به إلى النار، فيقول: أي رب أمرت بي إلى النار وقد قرأت القرآن، فيقول الله: أي عبدي انى قد أنعمت عليك ولم تشكر نعمتي، فيقول: أي رب أنعمت علي بكذا وشكرتك بكذا، وأنعمت علي بكذا وشكرتك بكذا، فلا يزال يحصي النعمة ويعدد الشكر فيقول الله تعالى: صدقت عبدي إلا أنك لم تشكر من أجريت لك  النعمة على يديه وإني قد آليت على نفسي أن لا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتى يشكر من ساقها من خلقي إليه.
عن الصادق(ع): "من حق الشكر لله أن تشكر من أجرى تلك النعمة على يده".
عن زين العابدين(ع) يقول : "إن الله يحب كل قلب حزين ويحب كل عبد شكور، يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيدة يوم القيامة: أشكرت فلانا؟ فيقول: بل شكرتك يا رب فيقول: لم تشكني إذ لم تشكره، ثم قال: أشكر كم الله أشكركم للناس".

6-      وجوب شكرالمنعم
وجوب شكر المنعم واجب عقلي حتى عدوا ذلك من الطرق الموصلة الى الله سبحانه فحينما ترى من نفسك هذه الهبة والنعمة وما اعد لها من نعم بهذا الكون يحركك العقل الى البحث عن هذا المنعم لانه يستحق منك الشكر وبهذا يصل الانسان الى معرفة الله سبحانه, لذلك جاءت الرواية حاثة على وجوب شكر اهل الفضل:
عن رسول الله(ص): "من أتي إليه معروف فليكافئ به فان عجز فليثن عليه، فإن لم يفعل فقد كفر النعمة".
عن ابي عبد الله(ع): "من قصرت يده بالمكافأة فليطل لسانه بالشكر".
عن الإمام زين العابدين(ع): "أما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه، وتكسبه المقالة الحسنة، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عز وجل، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية، ثم إن قدرت على مكافأته يوما كافيته".

ختاما: بهذا الايجاز نكون قد بينا سوء هذه الصفة وآثارها المدمرة في الدنيا والآخرة مظافا الى ذلك فان ناكر الجميل يكون مبغوضا بين الناس تنفر منه القلوب وتتوجس منه خيفة ,لا يحبون ان يشاركونه في عمل ولا ان يتقربون اليه في معاملة, نسأل الله سبحانه ان يبصرنا عيونا ويوضح لنا خطايانا ويجعل لنا نورا نمش به امين رب العالمين.

Share |