ملامح الفكر السياسي الامامي المعاصر/عصام الطائي

Thu, 30 Apr 2015 الساعة : 2:02

اهم نظريات السلطة في الفكر السياسي الامامي
نبذة مختصرة عما جاء ببعض ما طرحه الكاتب  مسعود بورفرد في كتابه الديمقراطية الاسلامية في الفكر السياسي الامامي المعاصر
قبل البدء عما طرحه مسعود بورفرد في كتابه نذكر مقدمة لهاني نسيره في تقديمه لكتاب نظريات السلطة في الفكر السياسي الشيعي للدكتور علي فياض جاء في تقديمه ان السؤال الاكبر والمعاصر الذي واجه الفكر السياسي الشيعي لمن الولاية للفقيه الجامع للشرائط ام للامة ام لكليهما ؟ وقال هاني ان د علي فياض ذكر في كتابه ان الفكر السياسي الشيعي قليل الاكتراث بالدولة اصطلاحا ومفهوما اذا ما قيس بالولاية والسلطة ويستننتج فياض ان الفكر السياسي لا يزال في طور التاسيس فلا زال ينطبق عليه فكر السلطة اكثر مما يصح تسميته بفكر الدولة وقال علي فياض ان غيبة الامام المعصوم صاحب الولاية المطلقة ترك فراغا في الوضع الشرعي للسلطة كان على فقهاء الشيعة ان يجدوا صيغة للتعاطي معها.
العلاقة بين الحاكم والمحكوم في عالم السياسة هل ان بعض الناس لهم سلطة سلطة سياسية ولاية على بعضهم الاخر ام لا ولاية لاحد من الامة على غيره ؟
وهناك اراء
ابرز هذه المجموعات المؤيدة لفكرة الولاية وينقسم هؤلاء الى من يرى سعة دائرة الولاية وهم انصار ولاية الفقيه واخرون يرون ضيق الولاية وهؤلاء الذين يؤمنون بنظرية الحسبة وهناك من رفض فكرة الولاية لجماعة دون اخرى وينقسم الى صنفين صنف يؤمن بثبوت الولاية بالسلطة للمؤمنين العدول ومنهم من ينكر الولاية والسلطة بكل اشكالها وهؤلاء من انصار فصل الدين عن السياسة .
فمن يؤمن بالولاية وفق منطق الحسبة فهناك تعريف للحسبة يطلق مفهموم الحسبة والامور الحسبية على الامور والقضايا التي لا يرضى الشارع بتركها  او عدم التصدي لادارتها ويعبر عنها بالشرعيات ومن مصاديقها الافتاء وتبليغ الاحكام والدعوة اليها والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة صلاة الجماعة والقضاء ولوزامه من اجراء الحدود والتعزير او جباية الضرائب الشرعية والولاية على القاصرين الذين لا ولي لهم وحفظ النظام وما شابه ذلك.
وهناك عدة نظريات في الحسبة في مسالة التي تتعلق بالسلطة
اولا: نظرية الميرزا النائيني
يرى الميرزا النائيني ان الدولة في زمان غيبة الامام تمثل ضرورة لا بد منها وذلك لان الدولة المشروطة اقل ظلم من دولة الشاه المطلقة وفي الترجيح بين هاتين الدولتين لا بد من اختيار الدولة الاقل تلوثا بمعصية الظلم.
يرى النائيني ان لقبول الامة ورضاها تأثير ودور فاعل في المشروعية للدولة ما دام هذا الرضا منسجما مع الاهداف والمقاصد الشرعية واما القوانين التي تصدر عن الهيئات والمجالس الحاكمة فيضمن عدم مخالفتها للشريعة من خلال اشراف الفقهاء.
ويحاول النائيني الاستناد الى العقل في تبرير مشروعه السياسي ويرى مبدأ الشورى اساسيا تدور عليه رحى النظام السياسي وان منطلق النظام السياسي عند النائيني هو العقل والمشروعية هي مشروعية شعبية .
ثانيا : نظرية محمد باقر الصدر
يعتبر الشهيد الصدر الدولة تماز بالسلطة .
وقد تطور موقف السيد محمد باقر الصدر من الدولة بمراحل ثلاثة :
1 ـ نظرية الدولة القائمة على اساس الشورى وهذه النظرية طرحها قبل الثورة الاسلامية في ايران.
2 ـ نظرية ولاية الفقيه الصالح الرشيد التي اشار اليها في كتابه الفتاوى الواضحة.
3ـ نظرية الدولة المركبة من خلال خلافة الامة وشهادة المرجع وهو ما اشار اليه في اواخر كتابه الاسلام يقود الحياة.
ويعتقد الشهيد الصدر ان اساس النظام السياسي يجب ان يستند الى الدين ويستمد منه قيمه واسسه وهو من هذه الزاوية الهي واما شكل الحكومة ومظهرها الخارجي فلم يحدد في الاسلام بل ترك هذا الامر لراي الامة ورقابة الفقيه على ان يتم وفق مقتضيات الزمان والمكان.
السيد الصدر يعتقد ان اقامة النظام السياسي من واجبات الامة والمرجعية يتم انتخابها من الامة.
ويرى السيد الشهيد الصدر ان مشروعية النظام السياسي الهية شعبية ويعترف للشعب بحقوق مستقلة عن ولاية الفقهاء وتمارس الامة خلافتها بحسب الشهيد الصدر من خلال الشورى بين افراد الامة الذين هم متساوون في الحقوق والواجبات فمشروع الشهيد الصدر هي مشروعية مركبة شعبية الهية .
ويستفاد من كلام الشهيد الصدر انه يؤمن بنظرية الحسبه مستندا  ومبررا لممارسة الانسان للسلطة وادارته للشان العام وما يميز الشهيد الصدر عن النائيني هو ان اعتقاد النائيني بان الشعب يستمد صلاحيته للسلطة على الامور الحسبية من الفقهاء واما الشهيد الصدر فيعتقد باستقلال الامة في ادارتها للامور الحسبية والشان العام.
ثالثا: نظرية محمد مهدي شمس الدين
يعتبر شمس الدين الدولة من الضروريات الاجتماعية التي لا بد منها وهي ليست مجرد خيار ذلك لان الانسان كائن اجتماعي لا يطيب له العيش ولا يتسنى خارج حدود الجماعة وللدولة عند الشيخ محمد مهدي شمس الدين اركان ثلاثة الامة والقانون والسلطة وان السلطة هي من الحقوق الثابتة بشكل ذاتي لله تعالى ولا سلطة لغيره الا اذا اقرها له.
وفي شأن السلطة فهو يرى ان الاصل الاولي العقلي والنقلي في قضية السلطة على البشر من اي شخص كان هو عدم المشروعية اي سلطة لشخص على اخر فلا ولاية لاحد عن احد والولاية الوحيدة الثابتة بحكم العقل والنقل هي ولاية الله وحده دون غيره وهذا المعنى برايه تعبير عن حقيقة معنى التوحيد الخالص لله تعالى ولا يمكن الخروج عن الاصل الاولي واعطاء حق السلطة لاحد الا بدليل قاطع ويؤمن الشيخ شمس الدين بان هذا الاصل ثابت ومسلم من الناحية الفقهية والكلامية وما يستحق البحث عن مشروعية السلطة هو البحث عن المستند الذي يلزم من وجهة نظر الشيخ شمس الدين هو امران اساسيان اولهما البحث عن مبنى مشروعية السلطة والثاني هو تحديد شخص الحاكم.
والمقصود من البحث عن مشروعية السلطة هو البحث عن المستند الذي يلزم ويوجب الطاعة والالتزام باوامر الدولة ونواهيها وذلك لان وفق رؤية الشيخ شمس الدين لا بد من دليل شرعي يدل على خلاف اصل عدم ولاية احد عل احد واما حول الشخص الحاكم فيرى شمس الدين ان الولاية الشرعية في النظام الاسلامي خاصة بزمان الرسول ص والائمة ع .
والعنصر المهم في نظر شمس الدين هو ولاية الامة على نفسها ويقول ان دليل شرعيتها هو الايات والروايات الدالة على الولاية من الكتاب والسنة ومصدر الشرعية المباشرة هو الله سبحانة وتعالى وان الله قد جعل الولاية على نفسها في حال عدم حضور المعصوم نبيا او اماما فالشيخ شمس الدين يلتزم بولاية الامة على نفسها مع دور محدود للفقهاء .
لذا فالمشروعية السياسية عند شمس الدين مشروعية الهية شعبية وهو يعتقد بان الدولة الدينية تكتسب مشروعيتها السياسية من الشعب بما له من الولاية على نفسه وشمس الدين يعتقد ان الفقاهة لا تمنح الفقيه امتيازا في مجال السلطة على غيره من افراد الامة ويعتقد بان الانسان في حياته مسؤول بشكل مباشر وغير واسطة ويرى في الشورى مبدا واصلا مهما واساسيا في الادارة السياسية ولاجتماعية ولا بد من ان تدار كل الامور وتتخد كل القرارات على اساس مبدا الشورى وليست الفقاهة شرطا في رئيس الدولة الاسلامية.
ان موقف الشيخ شمس الدين من سلطة الشعب او الامة لا يبتعد كثيرا عما طرحه النائيني او الصدر قبله.
ثالثا : نظرية محمد حسين فضل الله
يرى فضل الله ان الدولة تقوم على اساس ضرورة حفظ النظام العام ويعتقد ان النصوص الدينية لم تعين شكلا خاصا للدولة والهوية الوحيدة التي يحددهها الاسلام للدولة هي ان تكون دينية الهية ويعتمد السيد فضل الله مفهوم الحسبه لتخريج مشروعية الدولة وتبريرها وينطلق من مسلمة بحسب رايه هي ان سلطة الله وحاكميته لا تنتقل الى الفقهاء وذلك لان الدولة بنظره امر مدني اجتماعي وتابع لارادة الشعب والامة وهي ضرورة من الضروريات التي يحتاج اليها الناس في حياتهم لانهم لا يعيشون في مجتمعات مثالية يعرف كل امرى فيها حده فلا يتجاوزه بل حال المجتمعات يجعلها مرتعا للفوضى لو خلت من سلطة تنظيم امر الناس فيها وقد افتى الفقهاء بوجوب تاسيس الدولة حذرا من الوقوع في المحذور.
ويعتقد فضل الله بان النظام العام يتمثل بجيمع المؤسسات والمرافق الموضوعة لخدمة الشعب وتتضمن هذه المؤسسات الكثير من الايجابيات ولا يكفي وجود بعض السلبيات فيها لتبرير عدم الحفاظ عليها وحتى لو كان بين هذه النقاط السلبية خصوصية انتماء هذه المؤسسات الى نظام سياسي لا ترضى عنه الحركة الاسلامية يقول السيد فضل الله يشمل جانب الالتزام بمقتضيات الامن العام والسلم الاهلي ونمطا محددا من العلاقة من الحاكم واجهزته وامور اخرى كثيرة يوكل امر تحديدها لنظر الحاكم الشرعي بالنحو التي يتحقق فيه التوازن في سلوك الافراد بين التزامهم بشريعة الاسلام وبين تكيفهم مع مقتضيات الظروف وتقبلها في ظل نظام غير اسلامي.
ويستفاد من هذا القول تدبير السيد فضل الله لوجود الدولة على اساس الضرورة وتوقف حفظ النظام على وجودها وذلك انطلاقا من ايمانه بان الاسلام دين دعوة ودولة ولا يرى فضل الله اي تناف بين وجهي الدين هذين وفي نظرية الحكم في عصر الغيبة يقول السيد فضل الله لم تترك الشريعة الناس سدى يختارون ما يريدون دون وازع او رادع بل اوجبت عليهم تاسيس دولة تحفظ النظام وتحول سيادة الفوضى والهرج والمرج ويقول السيد فضل الله ان الدولة والسلطة شأن مدني له علاقة بالاجتماع والحياة العامة .
ويبدو من اللوزام المترتبة عم موقف السيد فضل الله في مسالة الحسبه هي عدم امكان اثبات انتقال حاكمية الله الى الفقهاء في عصر الغيبة وان الدولة الاسلامية هي دولة مبنية على العقل وتابعة لادارة الامة.
ويشير السيد فضل الله الى ضرورة التمييز بين الديمقراطية بين المنطلقات الفكرية التي تقوم عليها الديمقراطية وبين الاثار الانسانية والاخلاقية المترتبة عليها ويدعو الى الحذر من الاولى وعدم رفض الثانية ويقول لا يعني ايكال امر اختيار الحاكم الى الامة واعطاءها صلاحيات تحديد شكل النظام السياسي واللجوء الى الاستفتاء في موارد الاختلاف وتعدد الاجتهادات لا يعني ذلك كله ان الاسلام يجاري الديمقراطية في اعتبارها الشعب مصدر السلطة وذلك لان الاسلام لا يقر الامة  في تحديد خيارها بشكل مطلق وانما يعطيها الحق في اختيار ما تريد ضمن الاطار الشرعي الذي حدده مسبقا .
وبشكل عام يلاحظ ان السيد فضل الله يعطي للامة صلاحيات واسعة ودورا مهما في العمل السياسي الاجتماعي وذلك لان السياسة عمل عقلائي مدني ذو طابع اجتماعي ودور الامة شرطا لازما لممارسته.
رابعا : نظرية محمد جواد مغنية
ينظر الشيخ محمد جواد مغنية الى الدولة والسلطة من باب الضرورة من اجل حفظ نظام الامور وان اهم اركان النظام السياسي عند الشيخ مغنية هي الشعب والخبرة والمصلحة العامة ووضع الحدود لصلاحيات الحاكم وتقييدها ويقول يمكن اتباع التجارب الغربية واقتباسها شرط ان لا يؤدي الى الوقوع في مخالفة الشريعة وتجاوز الحلال والحرام ويبدو ان موقف الشيخ مغنية عن مفهوم الدولة وفهمه يدخل في باب الاجتماع السياسي ذلك لان مجمل كلامه يدل على المهم في قيام الدولة وهو الخضوع المتبادل بين الحاكم والمحكوم لمقضيات القانون بعيدا عن الاهداف الخاصة والعامة.
ويرى ان دور الفقهاء وواجبهم في الدولة يقتصر على استنباط الاحكام وتولي القضاء وفي الموارد التي ليس فيها نص يحاول الفقيه تلمس المصلحة العامة والافتاء طبقا لما يحققها وليس من الضروري ان يكون من العاملين في الحكومة ويرى ان الفقيه غير معصوم وبالتالي لا يعطى تلامس حدود ولاية المعصوم.
لذا وفق راي مغنية  لا يرى للفقيه سلطة ولاية سياسية لاجل فقاهته ويلاحظ ان الشيخ مغنية يعطي للشعب صلاحيات واسعة في مجال اختيار الحاكم وهكذا يتضح من متابعة نظرية الشيخ مغنية ان يولي اهتماما بدور الامة في المشاركة في الانتخابات وتاسيس النظام السياسي الذي تختاره .

نموذج الولاية العامة
ان بعض الفقهاء يؤمنون يؤمنون بتفويض  الشريعة امر ادارة الامة على المستوى السياسي والاجتماعي الى الفقيه ويعطونه في هذا المجال صلاحيات واسعة ويستند انصار هذا النموذج الى الروايات والادلة الشرعية التي تعطي الفقيه صلاحيات اوسع من الحدود الضرورية التي تدخل كثير من الامور العامة في دائرة صلاحيته ومن انصار هذا النموذج السيد الخميني وصالحي نجف ابادي ومنتظري ومحمد تقي مصباح يزدي .
واهم رموزه هم :
اولا : محمد تقي مصباح يزدي
يقول مصباح يزدي الدولة تمارس الرقابة على سلوك افراد المجتمع وتحاول توجيه تصرفاتهم باتجاه محدد فاذا استجاب الشعب لتوجيه بشكل رسمي تحقق المطلوب والا مارست الدولة القوة لالزام الناس بتحقيق اهدافها.
يتبى الشيخ مصباح يزدي موقفا مختلفا عن الموقف الليبرالي في نظرتها الى الشعب وذلك ان اليزدي يهتم بالعدالة وليس بالمساواة ولا يرى الشعب دورا في اضفاء المشروعيةعلى النظام السياسي .
والشعب باعتقاد اليزدي يختار الفقيه بواسطة الخبراء الذين يكشفون عن القائد ولا يعينونه وسلطة الفقيه مستمدة برايه من التنصيب الالهي وفق رأي اليزدي على الشعب الرجوع الى اهل الخبرة لمساعدته على اكتشاف القائد الجامع للشرائط.
ثانيا : صالحي النجف ابادي
يعتقد صالحي ان الدولة ضرورة اجتماعية لما تؤديه من دور في ادارة المجتمع الانساني وهي باعتقاده من نتائج العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم وهو يري الدولة الدولة الدينية مرادفا لمفهوم ولاية الفقيه المبنية على مفهوم اللياقة والاهلية ويؤكد ان دولة الفقيه هي دولة الصالحين التي تتأسس على يد الشعب وبرضاه.
حاول صالحي نجف ابادي الجمع والتوفيق منطقيا بين الحق الطبيعي والحق الشرعي ومن هنا يرى ان مصدر الشرعية مشترك من وجهة نظره هي الهية وشعبية .
ثالثا : حسين علي منتظري
ينظر منتظري الى الدولة من زاوية كونها تتولي ادارة المجتمع وتدبير اموره ولذلك تراه يضيف عنصر المصلحة في تعريفه للدولة الاسلامية حيث يرى ان الدولة الاسلامية هي السلطة التي تتولى تطبيق احكام الله وتنظم مصالح الامة على اساس القواعد الاسلامية ويعتقد منتظري ان حقوق المؤمنين على بعضهم هي ما تبرر حقهم في اختيار الفقيه الجامع للشرائط وتوليه ادارة المجتمع.
ويعتقد منتظري ان مشروعية النظام السياسي الهية شعبية وذلك لان انتخاب الحاكم بيد الناس واشبه ما تكون بالوكالة السياسية ولذلك يرى الامة التي تختار حاكما سوف تدافع عنه بشكل تلقائي وتنفذ اوامره ما يؤدي الى استقرار النظام السياسي وثباته.
والشي المهم لا بد ان نتطرق الى نظرية السيد الخميني
يقول السيد الخميني الدولة والسلطة هي ادارة البلاد وتطبيق قوانين الشرع المقدس والولاية بخلاف ما يتصور بعض الناس ليس منصبا للتشريف بل هي واجب خطير وولاية الفقيه من الامور الاعتبارية العقلائية وتمثل تجرية الجمهورية الاسلامية في نظر السيد الخميني حقيقة ذات وجهين من جهة تحقيق لحاكمية الله ومن جهة ثانية هي تجل للارادة الشعبية وتتلخص رؤية السيد الخميني الى الدولة بقوله الدولة الدينية هي دولة القانون.
والتصور الاول للسيد الخميني حول الدولة هو ان يكون الفقيه مشرفا لا حاكما الا انه بعد ذلك بدل موقفه من هذه النقطة وتصدى للتولي الادارة بشكل مباشر اعتقادا منه بان الظروف التي احاطت بالتجربة الجديدة سوف يؤدي الى انحرفها عن مسارها اذا اكتفى الفقهاء بالرقابة والاشراف دون ممارسة الحكم بشكل مباشر ويشيرالى ان الدولة الاسلامية لا تندرج تحت نوع من انواع الدولة المعروفة ليست دولة استبداد تحكم بارادة الفرد وليست سلطة الافراد على الشعب بل هي دولة القانون الذي يخضع اليه الحاكم والمحكوم.
وعليه يمكن القول ان النظام السياسي الاسلامي نظام مقيد ومشروط بمعنى ان ولاة الامر والمدراء ليس لهم صلاحيات واسعة مطلقة بل هم ملزمون بمراعاة القانون الديني الذي يمكن تطبيقه في هذا العصر كما كان يطبق في العصور السابقة.
والسيد الخميني لا يفصل بين المشرعية الدينة والمشروعية السياسية فانه في الوقت الذي يرى ان ولاية الفقيه ثابته بالنص الشرعي يرى ان للامة دورا فاعلا ومكملا للولاية المستمدة من الشريعة ولا يرة تناقض بين المشروعتين الى حد قوله ان الدولة التي لا يدبر امورها الفقيه هي دولة طاغوت ولا ترتفع صفة الطاغوتية الا بالتنصيب الالهي للفقهاء وممارست دورهم في الحكم والسلطة.
ويعتقد السيد الخميني ان سلطة الشعب هي سلطة عامة لها دور فاعل ومؤثر في الخيارات التي يجب عل الدولة اتباعها وهذا الحق من الامور التي يدركها العقل حيث يقول ان يكون للشعب صلاحياته وهذا امر يدركه العقل حيث يؤمن كل عاقل بان شؤونه ومصيره يجب ان يكون بيده.
والاستنتاج حسب ما يراه مؤلف الكتاب يقول تبين من العرض لمواقف المفكرين ولعلماء حول مسالة دور الشعب تختلف من مفكر وفقيه لاخر فعند مصباح يزدي ليس للشعب دور اساس بل يلعب الشعب في مقام فاعلية السلطة واما في رؤية صالحي نجف ابادي وحسين منتظري فان الشعب يلعب دورا ابتدائيا في مقام تأسيس السلطة .
اما حول المشروعية يرى بعضهم ان المشروعية الهية كما ذهب اليها اليزدي ومال اخرون الى الدمج بين المشروعية الالهية والشعبية كصالحي ونجف ابادي .
اما بالنسبة الى علاقة دور الشعب مع الحاكم فقد ذهب مصباح يزدي الى دور الشعب المحدود الى جانب الحاكم الديني واما صالحي ونجف ابادي ومنتظري فقد اعطيا الشعب دورا مهما بوصفه سلطة عامة على ان تكون تصرفاته محكومة بالقوانين .
ملاحظة : لم يكن هذا الموضوع كل ما طرحه الكاتب بل الغرض منه تقديم الافكار عن ملامح الفكر السياسي الامامي بصورة مبسطة بدون تعقيد فمن احب الاطلاع اكثر يستطيع مراجعة الكتاب فالغرض هو التعريف بصورة اجمالية على المنطلقات الاساسية عن اهم نظريات السلطة في الفكر السياسي المعاصر الامامي وهناك دراسات اخرى مهمة منها كتاب للدكتورعلي فياض بعنوان نظريات السلطة في الفكر السياسي الشيعي يمكن الرجوع اليها لمن احب التفصيل.
وهناك ملاحظة اخرى ان المقارنه بين الفكر السياسي الامامي المعاصر بالفكر السياسي السني المعاصر فرق شاسع اذ الفكر السني يقتصر على نموذج حكم الخلافة هو الغالب الا مع الاستثناء كما في تركيا فالحكم هو اقرب للعلماني مع كون الفئة المشرفة على الحكم ذات طبيعة اسلامية فلا توجد نظريات دستورية واضحة كما هو الحال عند الشيعة الامامية.
عصام الطائي

Share |