النص الشرعي بين الفهم الحرفي والفهم العرفي/عصام الطائي
Thu, 30 Apr 2015 الساعة : 1:00

الفهم الحرفي للنص يرتكز على المفهوم اللغوي في نطاق الاستعمال اللغوي .
والفهم العرفي للنص يرتكز على المضمون او يعبر عنه بالفهم الاجتماعي للنص يقول السيد محمد باقر الصدر ( ان الشارع وان كان دقيقا الا انه يتبع نفس الطريقة العرفية التي يتعامل بها الناس مع قيد قصد القرينة).
وان المتبع في فهم الخطاب الشرعي هو استعمال كلا المنهجين في عملية الاستنباط بالاخص مدرسة السيد محمد باقر الصدر.
والمثال على الفهم الحرفي ففي القران الكريم استعرض القران الكريم جملة من الظواهر الطبيعة منها ذكر فوائد النجوم ككونها تضيء للانسان في السماء ويهتدي من خلالها الانسان ولحساب عدد الايام فالذي يلتزم بالتفسير الحرفي يلتزم بهذه الفوائد حصرا المذكوره بالقران اما الذي يعتمد على الفهم العرفي ايضا لا يشترط وجود هذه الفوائد حصرا بل ذكر القران الكريم جملة من الفوائد اذ ان هناك فوائد كثيرة ولكن الله سبحانه وتعالى قد ذكر جملة من الفوائد وليس جميعها .
وهكذا بالنسبة الى قوله تعالى ( انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم فيها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء ) المائدة 44 فالملتزم بالتفسير الحرفي لا يخرج على المعنى المتبادر وهو بيان معنى النبيون والربانيون والاحبار اما السيد محمد باقر الصدر كما ذكر الدكتور شبلي الملاط في كتابه تجديد الفقه الاسلامي استطاع ان يستفاد نظرية دستورية وهو بيان حفظ الرسالة الالهية من الضياع من خلال دور الانبياء والائمة والعلماء معبرا في كتابه الاسلام يقود الحياة عنه بخط الشهادة .
لذلك السيد الصدر لم يلتزم بالتفسير الحرفي بل استفاد مداليل اخرى غير المدلول اللغوي المتبادر من الكلمات وهكذا بالنسبة الى كلمة الصراط فيفسرها البعض كما في ظاهر كلمة الصراط بانه احد من السيف وادق من الشعره بين الجنه والنار اما الشيخ المفيد لم يتقيد بالمعنى الحرفي بل يفسره تفسيرا رمزيا فالشيخ المفيد في كتابه تصحيح الاعتقاد قال ( جاء في الاثر ان الصراط ادق من السيف على الكافر والمراد انه لا يثبت للكافر على الصراط يوم القيامه من شدة ما يلحق به من اهوال يوم القيامه) اما العلامه الشيخ الصدوق الذي يلتزم بالتفسير الحرفي يذهب خلاف ذلك حيث يقول ( لا اضطرارفي تأويل كونه ادق من السيف وتأويل الظواهر الكثيرة في غير ضرورة غير جائز ) لكن كما هو معلوم فان الشيخ المفيد لا يلتزم مع طريقة المحدثين سواء أكان الشيخ الصدوق او العلامة المجلسي او غيرهما في كثير من العقائد التي امنا بهما ولذلك الف الشيخ المفيد كتب تصحيح الاعتقاد كرد على الشيخ الصدوق والتي لا يوافقه على جملة من التفسيرات .
وهكذا بالنسبة الى تفسير منطقة الفراغ بين المؤيد والمعارض يقول مكارم الشيرازي الى ان ليس عند الشيعه فراغ قانوني حيث بين كل ما تحتاج اليه الامه الاسلامية من الحياة الشخصية والاجتماعية والسياسية ومن ثم ليس لدنيا منطة فراغ قانوني وليس للفقيه حق التشريع اما السيد الصدر فقد امن بوجود منطقة الفراغ .
وان وجود منطقة الفراغ لا يعني بالضرورة حصول نقص بالشريعة بل له دلالات اخرى يمكن ان يستوعبها الاسلام للحوادث المستحدثة وان الاختلاف حصل في منطقة الفراغ لجملة من الامور منها:
1ـ اصل وجود منطقة الفراغ.
2 ـ على فرض وجودها كيفية تحديد منطقة الفراغ وسعة دائرتها,
3ـ كيفية ملى منطقة الفراغ.
والمقصود بمنطقة الفراغ هو ان الرسول او الامام او الفقيه تارة يفتي بقضية شرعية على نحو القضية الحقيقية كما في الصلاة والصوم والحج وغيرها من المواضيع وتارة يحكم بقضية خارجية تتعلق بالمصالح والمفاسد كما في مسالة الهلال او احكام القضاء او مسالة تتعلق بامور ذات اهمية سياسية او امنية او عسكرية في ظرف وزمان معينين.
فالمقصود ان الافتاء في القضايا التي تتعلق بدائرة الفراغ في الامور التي تتعلق الضرورة الشرعية ان يفتي النبي او الامام او الفقيه بالتحريم لفترة معينة كما هو معروف في الافتاء بتحريم التنباك من قبل احد المراجع الشيعة لاقتضاء ضرورة معينة في ظرف ومكان محددين.
ومن هناك يظهر لنا ان هناك مدرسة تجديدية تتعامل مع الواقع بواقعية ومدرسة تقليدية متأثرة بالنزعة النصوصية لا تحكم العقل في كثير من الامور وان كانت محسوبة على المدرسة الاصولية الا انها اقرب الى المسلك الاخباري الذي يلغي العقل والاجماع في عملية التشريع.
ومن ضمن دائرة الفراغ هي الامور المستحدثة قوانين المرور والامورالطبية فهي تدخل في دائرة منطقة الفراغ فاذن منطقة الفراغ التشريعي لا يعني ان التشريع الالهي غير كاف وناقص كما يفهم البعض بل يعني الصلاحيات التي يستطيع من خلالها الفقيه ان يظهر جملة من القوانين كي يسد ما يحتاج اليه الناس في متطلبات الحياة من انظمة وقوانين تنسجم مع قوانين الاسلام.
عصام الطائي