دائرة مصالح الأطباء ولا صحة المواطن-عقيل عبد الجواد-الناصرية
Sat, 14 May 2011 الساعة : 15:34

يتحدثون دائما ً عن الدماء الشابة وضرورة تجديدها للحياة في دوائر الدولة المختلفة ..لكنه قولا ً اسهل منه فعلا ً .
فالاقوال والجمل الرنانة التي تصلح لكي تسد فراغا ً اعلاميا ً وتملأ برامج واخبار القنوات الفضائية والتلفزيون المحلي ; نراها تنتحر على صخرة الواقع ما ان تمسها مسا ً خفيفا ً .
وللمرة الالف ان سبب واقعنا المنهار هو الفساد الاداري والعقلية المتحجرة المقاومة للتغيير والجشع وإعلاء المصلحة الفردية .
ان دائرة الصحة تضع في مقدمة اولوياتها مصالح الاطباء ثم يأتي بعدها بمراحل دورها في حماية صحة الناس .. مؤكد ..لا نستطيع أن ننكر الامور الايجابية التي حصلت ومنها وضع تلفزيونات تحتوي على إرشادات صحية وإذاعة داخلية و وضع كراسي استراحة في الاستعلامات .
أمور على بساطتها تبقى فائقة الأهمية لأعطاءها الايحاء النفسي الايجابي للمراجع وكذلك احترام كرامته .
لكن يبقى المطلوب أعمق من ذلك بكثير ...
فمن منا لم يدخل احدى مقابر عيادات الاطباء في الحبوبي .. حيث يقوم الاطباء بأدخال 3 او 4 مراجعين على طريقة المواشي البشرية, ولم لا تضع الدائرة سقفا ً اعلى لعدد مراجعي العيادات ولم لا تفرض عليهم الدائرة التابعين لها ان يبنوا عيادات حديثة او يوفروا بها امتيازات خاصة وإلا لا يسمح لهم بالمزاولة .
وقيام الاطباء الاختصاص ومسؤولي الردهات باعطاء ميزة التحويل لردهاتهم في المستشفيات لمراجعي عياداتهم الخاصة .
اصطحبت بنت اختي لغرض فحص الاسنان في مستشفى طب الاسنان في سومر فاعطوها موعد لحشوة دائمية بعد فترة (4) اشهر أي من شهر (1) الى شهر (4) أي بعد ان يفعل التسوس فعله في السن ويصبح غير مجدي تحشيته بل يجب قلعه .
وبذا اضطرينا الى مراجعة العيادات الخاصة .
وخذ عشرات الامثلة الاخرى من تجارب الآخرين والتي هي مؤكد اغنى من تجربتي حول تراخي الدائرة بجلب الاجهزة الحديثة او تراخيها في استعمالها وتعمد ان تكون باعداد قليلة وبمواعيد حجز طويلة الاجل .
ولسان حالهم كلما اكتشفت الأجهزة أمراضا ً اكثر ..عالجت اناسا ً اكثر ..واذا عالجت اناسا ً اكثر .. قل عدد مراجعين عياداتنا ....وخسرنا .
والذي انا محتار به اكثر من احتياري بنسبية اينشتاين كيف ان بعض الاطباء تسمح لهم كرامتهم ان يبقوا اشخاص على ابواب عياداتهم ينادون بالناس على طريقة الخضارة ويفاولون المارين بانواع الامراض .
في بدعة تسعينية استحسنوها فأبوا مفارقتها .
ان هناك اتفاق غير صريح او معلن يقضي بخيانة القسم وشرف المهنة وترقب ان يمرض الناس واستغلال امراضهم كما يترقب الدفان وصول المزيد من الجثث .
لقد ظلمنا القصاب عندما حولنا عمله الى رمز للقسوة إذ هو يقوم بما سمح الله له ان يقوم به ,فقمنا باطلاق اسمه على الجشعين من الاطباء ظلما ً للقصابين الرقيقي القلب والطيبين .
اقول لمن بنوا منهم قصورهم بخيانة انسانية اشرف مهنة .. \" اذا كان الحلال تالف فالحرام تالف هو وأهلة \" وان الله الذي لم يعجزه صدام لن تعجزوه انتم .
رغم كل هذه السوداوية فالأمر لا يخلو من ابطال غّلبوا الجانب الانساني في مهنتهم على الجانب النفعي وعلى رأسهم الدكتور عصام الدين الذي سجلت له مدينة الناصرية في ذاكرتها انه كان الطبيب الوحيد الذي اصر ان يذهب الى المستشفى العام لأداء واجبه في( 2003 ) رغم الاخطار ورغم ان اقرانه نزعوا جلباب مهنتهم ونسوا اين وضعوه .
نعم مفهوم ان الانسان يسعى وراء مصالحه الشخصية لكن غير المفهوم والصادم أن تصل لدرجة تدهور خطير على مستوى المجموع في نوعية حياتنا , ونشهد عذابا ً لا تراجعا ً فقط على مستوى تزويد الكهرباء والصحة والمواد الغذائية .
وارى انه من الاجدى ان نعترف بفشل معادلة ان هناك حكومة مركزية تقوم بخدمة مواطن هذه الكلمة التي لا تقال ألا للتشكي والتظلم منذ ان ظهرت.
فما دمنا عجزنا عن ايجاد مركزية ومؤسسات أبوية تقوم بخدمة مواطنيها ووقفت مشلولة امام سوء أدارة وامام مصالح فردية انانية تنخرها ...
فما المشكلة ان نعترف بحقيقة وجود هذه المصالح وانها طبيعة انسانية لا بد من اشباعها فلا باس ان نقننها وان نستغلها بخير وإلا ..... كما هو حاصل .
ولم لا يفتح المجال للأستثمار او للمزاوجة بين المركزية والاستثمار فتقوم الدولة بالسماح لمؤسسات بانشاء مستشفيات على احدث طراز ثم تتحمل الدولة ثلث او نصف تكلفة العلاج ويتحمل الشخص المعني الباقي .
ولكن يبدو ان غياب المؤسسات الحقيقية وتمركز القرار بأيدي أفراد أدى الى تحولهم الى أنصاف آلهة من جهة لا يخطئون وكل ما يفعلونه صح والصح عندهم هو الاستمرار بالمعادلة التي جاءت بهم .
ومن جهة اخرى تتآكلهم وتتآكل غيرهم المصالح الفردية التي تنتعش عندما تتمركز الامور بيد شخص يخاف من الاستثمار ويحاربه لكنه يدعوا له اعلاميا ً دون ان يهيئ له اسباب النجاح .
وهذه هي المشكلة ليس في المجال الطبي وحده بل في كل المجالات .
والى أن تتغير هذه المعادلة ويدرك عمي الماخذ أمي خطاها فعلينا بالدعاء الصادق ان يجنبنا الله المرض حتى يقضي امرا ًكان مفعولا ً .