وراء الاخبار _ من المسؤول عن انحسار المد الثقافي ارتفاع الاسعار ام الانترنيت ام السياسة -هيثم محسن الجاسم

Thu, 22 Sep 2011 الساعة : 18:57

هذه وقفة مع تقرير جريدة الناصرية الالكترونية حول حال المكتبات والقراء في مدينة الناصرية نموذجا .
بالمناسبة هذه المشكلة عامة ولان الناصرية تعاني من هذه المشكل اذن كل المدن الاخرى في حال اسوء . واسباب ذلك كما وردت في التقرير لانها (تمتاز بكثرة الأدباء والمبدعين الذين كانت لهم بصمات واضحة على سجل التاريخ وكانت مكتباتها مرتعا خصبا لهولاء المبدعين في شتى المجالات ) .
ولكن اشارته الى ان : (إن اغلب القراء هم من الطبقات الفقيرة ولم نشاهد يوما من الأيام إن تاجراً أو غنيا ً اشترى كتاب ) .
هذه الاشارة الى وجود طبقات اجتماعية مرتبة على اساس المستوى المعاشي تستحق التساؤل والتصويب للمسبب ولانريد ان نبتعد كثيرا بالزمان وسننطلق من عام 2003 كونها سنة بدا التغيير من نظام دكتاتوري الى نظام ديمقراطي والمفاجاة ان الهبوط بدا بشكل ملحوض من هذا التاريخ بالثقافة والوعي الجماهيري وفقد الحصانة السائدة سابقا تقية من افكار البعث وافكاره الشوفينية وبالرغم من وجود تغيير ملموس بالمستوى المعاشي بوجود التضخم بالعملة وارتفاع الاسعار وثبوت الدينار على مستوى واحد من سنوات 128 الف دينار / ل100 $ .
ولتحديد من هم الاغنياء والفقراء يحتاج الى وقفة مادية وليس فكرية وثقافية . بسبب ظهور طبقة من الرعاع بشكل مفاجأ بالثراء الفاحش هم بالاصل من المسحوقين والمنافقين ومن اصحاب السمعة السيئة جدا لكن استعانوا بوسائل كثيرة لتحقيق طفرة مالية من المال العام المسحوت . اما الفقراء فاعتقد يشكلون اغلبية من العاطلين او صغار الموظفين و من ذوي الاحتياجات الخاصة والايتام والارامل والمطلقات ضحايا الحروب والازمات والصراع الدموي مخلفات الصراع السياسي والاحتلال بالاضافة للكادحين من العمال المياوميين وهؤلاء كانوا قواعد الحزب الشيوعي سابقا والان ا صبحوا قواعد التيار الصدري وهم يشكلون اغلبية في العراق .
اما من يقرأ من هاتين الطبقتين فاؤكد لك بانهم كلاهما لايقرؤن بالمعنى المجرد للثقافة لبناء شخصية معنوية يطلق عليها صفة مثقف ، فالاغنياء اثروا ليس من القراءة لذلك لايتعاطونها لانها تسبب لهم النوم او صداع لامبرر لها، والفقراء لايملكون قيمة كتاب وان حصل فاعتقد ان مبهرات الحياة من المواد الاستهلاكية تسبق الى المنال .
اذن من يقرا بالمعنى الحقيقي للقراءة ، اذا كانت القراءة المقصود بها الاكاديمية والمهنية فاعتقد ان الاساتذة والطلاب واصحاب الحرف والمهنيين وذوي الاختصاص وهم يتعاطون كتاب محدد ليس الروايات او الشعر او البحوث او الثقافة بالمعنى الكامل . اما من يتعاطى الثقافة بمعناها التنويري والواعي وبناء المنظومة المعرفية للشخص ليكون مؤثرا ومتاثرا بما يدور حوله من تغييرات كبيرة ويحللها ، فهم شريحة معزولة ومقيدة بحدود تتحملها الحكومة اولا لانها تستعين بالمهندس للاعمار وبالطبيب للعلاج وغيرها ولاتستعين بالمثقف كقائد جماهيري لبناء الانسان المواطن العراقي الجديد وهم بحاجة لمرضى بافكار طائفية وتعصبية قومية ودينية بعيدا عن روح المواطنة الحقة وروح الانسجام والولاء المطلق للوطن والدليل كثر لايتحرك ضمير معظم المواطنين الا بشكل خجول جدا ردا على الاعتداءات العدوانية لدول الجوار .وكان الناس نيام وكل فئة بما لديهم فرحون .
اذن الدولة تتحمل مسؤولية تضييق دائرة الثقافة من خلال محاصرة اهل الثقافة وتحويلهم الى كائنات تجتر مالديها لتموت كمدا وحسرة على الشعب الذي تتلاعب به اهواء السياسيين وتغييب الحقائق عنهم وتحييدهم بعدم المشاركة الفاعلة في صنع القرار وحصره بيد مجموعة من رؤوس السياسيين خلقتهم ظروف الاحتلال حتى باتوا واقع حال .
وبعد تسع سنوات تحولوا الى طغاة متسلطين بافكارهم ورؤاهم على رقاب عامة الشعب ( السواد الاعظم ) وهذه نظرة المثقفين لتلك العلاقة بين المسؤول والشعب باستغلال الارادة الشعبية بتلبية غرائز مكبوته للناس من ابان النظام السابق . وتحويل الشعب الى كونتونات طائفية وقومية وتم تغذيتها من خلال حلقات الصراع الدموي الذي فتت الوحدة الوطنية لمصالح حزبية ضيقة وصار العراق اليوم جنوب ووسط شيعي ووسط وشمال سني واكراد . وتم حصر القرار بيد زعامات خلقتها ظروف الصراع وهي تقدر وتحدد نوعية الثقافة لكل جزء من ابناء الشعب من خلال الفضائيات ووسائل الاعلام المختلفة ناهيك عن المنشورات التي قال عنها الزميل ماهر في تقريره سياسية او دينية واضيف لها الكردية .
وهكذا سنصل الى تعريف للمثقف العراقي الجديد وهو القارىء المتجرد من كل تلك المستجدا ت والمعتمد على ثقافته الاصيلة التي جبل عليها حتى صارت معتقدا روحيا وهؤلاء المثقفين لاتحدهم حدود هم في داخل الوطن وخارجه ويقلقون بكتاباتهم راحة اصحاب القرار الان الذين اثبوا من خلال تصريحاتهم بانهم سطحيين وهزيلي الثقافة ولاينتمون الى أي قاعدة جماهيرية ولاينطلقون من أي افق ثقافي والدليل غياب البرامج الحزبية واعتبار الثقافة وزارة غير منتجة وغير سيادية ولاتستحق الاهتمام والدليل توزير ارهابي لها او توكيل احد من المثقفين التقليديين بدون ميزانية تشغيلية تغطي نفات مهرجان المربد الشعري في اعلى تقدير .
وهذا المنظور للثقافة قلص مساحة المؤسسات الثقافية في عموم العراق وصارت ثقافة الصحف هي السائدة وهي ثقافة لاتبني امة تخوض تجربة التغيير او الاصلاح كما يقول بعضهم .
بالنتيجة تبقى الثقافة مشكلة عامة وظاهرة المد والجزر في مبيعات الكتب مستمرة وربما تنحسر المكتبات وتتحول الى محال للقرطاسية ويحتل الانترنيت مواقع متقدمة وهنا موضوع اخر يطول تناوله لانه مشكلة تتفاقم كل يوم لاختلاف منابع الثقافة أي العولمة ويتلاشى دور الثقافة الوطنية وبناء منظومة الوعي الوطني الذي يحفض الامة العراقية ويحفض قواعدها من الزوال والذوبان في ثقافات اخرى وهي كثيرة وكبيرة ومتعددة والله الستار خاصة لما تتحدث الى عراقي من ابناء البلد ويعتبرك متخلف لانك تجيد الكلام بالسومريات والبابليات والاشوريات ولاتتكلم بالمكدونالد والبتزا او اخر صرعات الازياء وقصات الشعر ووووو.

Share |