بين المركزية والدكتاتورية ضاعت حقوق المستضعفين-خضير السعداوي
Wed, 21 Sep 2011 الساعة : 9:55

منذ ظهور العراق كدوله معترف بها في حدوها الحالية وطبعا ليس لنا كعراقيين أي دخل في رسم خارطة العراق الحالية وإنما طبعت في لندن الدولة المستعمرة والوريث الشرعي للحكم العثماني المنهار والذي قسم العراق الى ثلاث ولايات هي بغداد والبصرة والموصل أقول منذ ذلك الوقت والعراق يحكم ضمن نظرية الحكومة المركزية القوية والتي بيدها كل شيء تعطي من تشاء وتمنع من تشاء وحسب رغبة من يتصدر الحكم في قمة الهرم السلطوي ورغم القبضة الحديدة لهذه السلطة إلا أنها لم تفلح في خلق وحدة وطنية قائمة على الشعور بالمواطنة لجميع أفراد الطيف العراقي فبقيت الحركات المناوئة للحكم من الأقليات العرقية قائمة على قدم وساق وقد زج الجيش العراقي في أكثر من مناسبة في قمع هذه الأقليات القومية والتي تشعر بالتهميش من قبل حكومة المركز وكان آخرها أن استخدمت الأسلحة المحرمة دوليا من قبل جيش يمثل كل أطياف الشعب العراقي ضد الكرد الذين ثاروا للمطالبة بحقوقهم من حكومة المركزبعد مواجهات دامية بدأت العام 1961 وما قبله في النظام الملكي الآن تخلص الأخوة الكرد من هيمنة المركز ليحكموا أنفسهم بأنفسهم وكذلك المناطق المحرومة في الوسط والجنوب أيضا لها تاريخها في مواجهة حكومة المركز ولا أريد اذكر شواهد على ذلك سواء خلال العهد الملكي أو خلال حقبة النظام الجمهوري والتي كان آخرها انتفاضة آذار العام 1991 إضافة إلى ما رافقها من اضطرابات سياسية وانقلابات عسكرية طبعا من لون واحد كل هذه الأمور جرت البلد إلى الخراب والى الفقر المدقع لأكثرية أبناء الشعب والذين تحت أقدامهم ثروات ليس لها نضير في أي بقعه من بقاع العالم فهل من المعقول أن يعيش أبناء ميسان وأبناء البصرة الكفاف ليتمتع غيرهم بهذه الثروات ويكون نصيبهم جبهات القتال أو الإعدامات أو العيش تحت خط الفقر.. من يزور هذه المدن يعتقد أنها مدن خرجت للتو من آثار زلزال مدمر وكأنها مدن من القرون الوسطى وسط دول استغلت ثرواتها بشكل عقلاني
من هذه المقدمة البسيطة أريد أن أعرج على هذا التمسك الأعمى بالمركزية المقيتة رغم الشواهد والادله الكثيرة على فشلها خاصة مع بلد ينهج النظام الديمقراطي وبهذا تقول أن نظام فشل في قيادة العراق بوسائل الدكتاتورية بكل تأكيد يكون فشله مروع وخطير في الحقبة الديمقراطية وهذا واضح للعيان من تجربة ما بعد 2003
إن هذه المركزية المفرطة في إدارة العراق هي التي جعلت العراق عرضة لسلسلة الانقلابات العسكرية المتعاقبة في صراع العسكر للوصول إلى سدة السلطة حيث مهد الحكم المركزي لذلك عن طريق السيطرة على العاصمة والتي يتجمع فيها كل عصب العراق...لو أخذنا وبطريقة الربح والخسارة كتقييم أولي للحكم المركزي الذي حكم ولا يزال يحكم العراق ما هو تقييمنا له خاصة نحن أبناء المحافظات ذات الثروات الهائلة ماذا حصلنا من ثرواتنا اعتقد مجرد الشعارات والعنتريات والحروب التي أكلت الأخضر واليابس ....وبعد أن من الله علينا بزوال النظام الشمولي هل ينتبه أبناء الوسط والجنوب إلى أن هنالك حقيقة ماثلة للأذهان وهي أن النظام المركزي هو وبال على هذه المناطق لماذا هذا التخويف غير المبرر من الفدراليات وأمامنا تجارب لشعوب كثيرة اتخذت هذا النظام هل أن النظام المركزي الوصفة السحرية التي وصفت للعراقيين أو انه قران منزل لا يمكن المساس به نحن في الألفية الثالثة عصر الديمقراطيات وتفكك الدكتاتوريات علينا أن ننتبه إلى ما نحن به ونحزم أمرنا كما فعل الأخوة الكرد والذين نتحسر عندما ندخل إلى إقليمهم من حيث الخدمات والأمن والحكومة المنتخبة
دعونا نقول لمن يخوفون الناس من الفدرالية إن الفدرالية هي الحل الأمثل لوحدة العراق وليس لتفكيكه وكل من يرفع شعار التمسك بالحكومة المركزية ذات الصلاحيات الكبيرة يشعر بخطر ليس على وحدة العراق وإنما على مصالحهم التي سوف تتأثر عندما ينعم ذوي الثروات بثرواتهم