حالتنا الفلسطينية تتطلب ترتيب بيت منظمة التحرير الفلسطينية/عباس الجمعة

Sat, 28 Mar 2015 الساعة : 15:11

لم نتفاجأ في بعض الاحيان من مواقف تتحدث عن دعم فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني وتؤكد حرصها على التعاطي مع كافة الفصائل الفلسطينية ، بينما يتم ترجمة الامور في مكان اخر رغم حالتنا الفلسطينية التي لا يرثى لها، وهي جاءت نتيجة الصراع بين المشروع الوطني ومشروع الاسلام السياسي ، فالمرحلة التي نمر بها لم تأت نتيجة الصدفة وانما نتيجة لهذه التراكمات، والتي تركت بصمات سلبية على كامل الاداء الفلسطيني، أن كلّ كلام عن وحدة وطنية فلسطينية تتطلب اولا ترتيب بيت منظمة التحرير الفلسطينية على ارضية شراكة وطنيه حقيقية بين فصائلها وخاصة ضمن مؤسساتها ، لأن المنظمة تواجه قوى لها حسابات خاصة بها، لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالمشروع الوطني الفلسطيني ، نتيجة المشروع الإخواني في المنطقة، واليوم الشعب الفلسطيني مقيم في السجن الكبير اسمه قطاع غزة.
إذا كان الانتصار الذي تحقيق بعد الحرب الاخيرة على قطاع غزة وقبله كل الصمود والمواجهة الحروب العدوانية اتت نتيجة تضحيات وصمود الشعب الفلسطيني، ولكن المؤسف أنّ حجم الدمار في غزّة كبير جدا، هناك أحياء بكاملها أُزيلت من الوجود بعدما استخدم العدو الصهيوني آلة الدمار ومارس في عدوانه إرهاب الدولة التي يصفّق لها العالم عندما تقتل مدنيين وتدمر أحياء ومنازل، السؤال لماذا الاصرار على الانقسام ، ولمصلحة من ، ونحن نقول نرفض المقايضة بين حاجات الشعب الفلسطيني وبين حق شعبنا في مواصلة المقاومة ضد الاحتلال بدون أي قيود، ونحذر من الوقوع في شرك الكمين السياسي الذي تنصبه بعض الأطراف من خلال وعودها واغراءاتها لتكريس الفصل التام بين الضفة والقطاع، والبناء عليه لتصفية القضية الفلسطينية من كل جوانبها في قطاع غزة.
بات مألوفا أن يثور غضب الوحش االصهيوني كلما انتبه إلى أن غزة تتعاظم بناء فتقوم فيها الأبراج. وبينما العائدون من رحلات التعب في الخليج وأنحاء أخرى من العالم بقروش يبنون فيها بيوتا نظيفة على أنقاض خيام اللجوء، وخاصة ان عشر حروب وغزة تنهض بعد كل حرب، أعظم اتساعا، وهي ترمم بيوتها ومساجدها وكنائسها ومدارسها المهدمة، واستأنف أهلها حياتهم، وهم يعرفون أنهم سيتعرضون لحرب إسرائيلية جديدة. لكن إرادة الحياة تبقى أعظم من همجية العدو الإسرائيلي، التي تحصد آلاف الأطفال والنساء والرجال والبيوت في غزة المحاصرة بالنار، وتطارد العصافير والفراشات والنحل وصولاً إلى الأسماك في خليج الصيادين الممنوعين من الصيد في بحرهم.
إن مأساة غزة تملأ الحروف ، الكلمات ،الصور ، إنها جريمة ضد الإنسانية مفتوحة، ما ان ينتهي فصل من فصولها حتى تضيف الوحشية الإسرائيلية جريمة حرب ،لذلك نقول لاصحاب النهج الانقسامي والمتمسكين بالسلطة ، عليكم النظر بمأساة الشعب الفلسطيني لان وحدة الشعب الفلسطيني اكبر من كل المشاريع والبرامج والرؤى فيجب ان تبقى فلسطين الواجهة والقبلة ، فابناء الشجاعية، التفاح، النصر، الزيتون، الدرج، الشيخ رضوان، تل الهوى، الشيخ لجين، خزاعة،والمخيمات جباليا، الشاطئ، النصيرات، غزة، رفح، خان يونس، دير البلح وجباليا وارواح الشهداء من الأطفال والنساء والرجال تطالبكم اليوم بالوحدة الوطنية الفلسطينية، فعليكم بشكل تدريجي النزول عن الكرسي ، حتى لا يستفحل مرض الكرسي ويدمر المصاب وكل من حوله ، واتركوا الشعب يختار من يريد من خلال صندوق الانتخابات ، لأن الشعب الفلسطيني لم يعد يقبل ان تستمر الامور على هذا الشكل .
فنحن في شهر اذار شهر الشهداء القادة فارس فلسطين ابو العباس وشيخ المجاهدين احمد ياسين ، وشهر الكرامة ويوم الارض ،حيث يؤكد الشعب الفلسطيني انه مصمم على مواصلة مسيرته الثورية بمقاومة الاحتلال الصهيوني رغم وحشية العمليات القمعية في الضفة وما تضمنته من تنكيل واعتقالات جماعية واستهداف الارض والمقدسات من قبل الاحتلال والاستيطان في محاولة الى إطفاء جذوة الرفض الشعبي لهذا الواقع بعد التجربة التي اختبرها الشعب الفلسطيني بعد مفاوضات عبثية برعاية امريكية استمرت اعوام لم تكن سوى تغطية لفصول ممتدة من عمليات التهويد والاستيطان ، واليوم تقدم بعض المشاريع وفق الخطة الصهيوأمريكية وهي خطة قديمة جديدة لمحاولة فصل قطاع غزه عن ارتباطه الجغرافى والعضوى والسياسى بالضفة الفلسطينية ، من اجل تمكين إسرائيل من الوطن العربى بالكامل ،وهو أمر يشكل خطورة على وحدة مصر والعرب.
لذلك نرى ان اهمية مواجهة المخطط الإمبريالي الصهيوني الذي يسعى الى الهيمنة الاستعمارية على المنطقة ، يتطلب بلورة مواقف شجاعة في تبني نهج المقاومة ، واعدة الحيوية للشعب العربي الفلسطيني في مواجهة المشاريع الهادفة لتصفية قضية فلسطين وتثبيت مشروع الدولة اليهودية في ظل ما تشهده المنطقة العربيه.
ان فوز نتيناهو واليمين المتطرف وتصريحات قادة الاحتلال، تؤكد بشكل غير مسبوق على استمرار تهويد الارض بوتيرة متسارعة ومحمومة، من خلال تصاعد الاستيطان، لان قادة الاحتلال لا يؤمنون بالسلام بل بالمزيد من تعقيد وتدهور المنطقة برمتها، والعمل من اجل تنفيذ فكرة الوطن البديل، عبر طرد وتهجير فلسطينيين من مناطق محددة بعينها في الضفة الغربية والقدس، ويجعل الجدار العنصري هو الحدود المستقبلية للفلسطينيين، على هذا الأساس يستند الرفض الفلسطيني لكل ما تقوم به إسرائيل من إجراءات أحادية الجانب في مدينة القدس والضفة، بالتالي، الأحرى أن لا يقبل الفلسطينيون بتاتاً التوصل إلى اتفاقيات مجزأة مع اسرائيل تؤدي إلى تكريس فصل القطاع عن الضفة، ما يفتح لإسرائيل امكانية تجزئة مفهوم السيادة جغرافياً عليهما.
ان كا اقدم عليه المجلس المركزي من خطوات مهمة ومنها وقف التنسيق الأمني ، واعادة القضية الفلسطينية الى زخمها الشعبيّ والدوليّ.
ان تسارع الاحداث في المنطقة ستتضح أكثر فأكثر من خلال التوازنات الجديدة التي انتهت إلى تبلور حلف عالمي مناهض للهيمنة الأميركية، و قوة الردع التي تمتلكها منظومة المقاومة في المنطقة، تتعزز أكثر فأكثر بمواجهة الهجمة الاستعمارية الارهابيه ، التي تسعى الى حماية كيان العدو الذي يشكل حجر الزاوية في المسعى الأميركي لعقد التفاهمات مع قيادات الحركات الإسلامية ، وفي ظل استمرار الضغوط الأميركية على القيادة الفلسطينية ، من خلال سياسة الادارة الامريكية التي ذهبت نحو الاندماج الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي لتدعيم قوة العدوان والهيمنة الإسرائيلية في المنطقة ، ومع الإعلان عن مناورات بالقرب من قطاع غزة ، لتحصين القاعدة الاستعمارية الأخيرة التي تعول واشنطن على استخدامها ضد دول المنطقة وشعوبها.
امام كل ذلك فأن السياسات الأميركية ، اتجاه المنطقة اصبحت واضحة ، عبر إعادة استعمال قوى الارهاب التكفيري في اشعال الحروب التفتيتية والعمل على ارتكاب افظع المجازر بحق الشعوب العربيه ، ، بالتوازي مع السعي إلى صفقة عبر عنها الحضور الأميركي بين قادة الأخوان المسلمين إلى طلب الرضا الإسرائيلي، كثمن للاعتراف السياسي الأميركي ، بينما يجند الأميركيون حلفائهم لتصعيد الضغوط ضد سورية بعد الفشل الذي منيت به الفصول السابقة من خطة تدمير القوة السورية.
وفي ظل هذه الظروف نؤكد على اهمية استنهاض كافة القوى الحية وحشد الطاقات والجهود كذلك وجميع أحرار العالم لنصرتة القضية الفلسطينية من اجل الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني ودعم صموده لانتفاضة فلسطينية ثالثة ترد زمام المبادرة وتمثل الطريق الحاسم في مجابهة التهويد والاستيطان والمشروع الصهيوني الهادف إلى تصفية قضية فلسطين.
ختاما لا بد من القول : فليرتفع صوت الشعب الفلسطيني للمطالبة بانهاء الانقسام الداخلي وتعزيز الوحدة الوطنيه والعمل من اجل التصدي للمشاريع المشبوهة لفصل غزة عن الضفة ، ورد الاعتبار لعنوان فلسطين في الوعي العربي لانه قادر على إلحاق الهزيمة بالمخططات الأميركية والصهيونيه والنهوض بالمقاومة الشعبيه في ساحات القدس ومدن الضفة وقراها وتوحيد بوصلة العمل الفلسطينى ،من أجل إحباط تلك الأهداف الصهيونيه فإنه يتوجب على منظمة التحرير الفلسطينية وكافة الفصائل والقوى والسلطة الوطنية و حركة حماس أن تبادر جميعها إلى تخطي حالة التباعد والانقسام والتنازع على الصلاحيات ووضع مصلحة الوطن وتحريره واستقلاله فوق كل الاعتبارات الفصائلية والعمل على إعادة توحيد الضفة والقطاع قبل فوات الأوان .
كاتب سياسي

Share |