العلاقة بين ضبابية الموقف والتطرف السياسي/مهنــــــد ال كزار
Sun, 22 Mar 2015 الساعة : 15:36

أن الاختلاف في العمل السياسي هو من الأبجديات, خاصة أذا كان هذا الاختلاف قائم في بلد قد بلغت أجياله الحلم, وتفتحت عيونها على بيئته التي تمتاز بالانغلاق ألتام, وتكميم للأفواه, وانعدام نور الحرية فيه, فلا يسمعون الا صوت البنادق, وأنين الثكالى, ولم يعرفوا للقوة فيه الا مفهومها العسكري, منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 الى وقتنا الحاضر.
أن كثير من أحزابنا السياسية أصبحت تنظر الى شريكها في العمل السياسي من منظور "العدو"وليس "الشريك", وهذا ناتج عن تنامي الاحقاد والكراهية التي زرعت بذورها منذ وقت طويل حتى وصلت الى ما يعرف بتطرف العمل السياسي؟ الذي نجم عن أشعال الطائفية بين أبناء البلد الواحد, حتى وصل أغلب السياسيين الى التشفي ومباركة الجرائم الارهابية التي يتعرض لها خصومهم أو من يخالفهم سياسياً أو عقائدياً أو فكرياً.
بعد أحداث التاسع من حزيران والتي سقطت فيها أغلب المدن العراقية الشمالية تحت سيطرة ما يعرف بـ"داعش", توجهت جميع الامكانيات لمواجهة هذا العدو الهمجي, الذي يعتبر تهديداً مباشراً للديمقراطية كنظام سياسي, ولممارسة الديمقراطية كسلوك أجتماعي, ومسألة الدفاع عن وحدة وسيادة العراق هي حربً لأثبات الوجود .
ما نشاهده اليوم من خلافات داخل النخبة السياسية وعلى جميع الاصعدة, هو نتاج أزمة هوية وطنية, فحينما تضعف الانتماءات الوطنية تسود بدلاً منها الهويات العرقية والطائفية والقبيلة, والتي تدافع كلً منها عن ما تراه هو حقً لها, على حساب الحقوق الجماعية داخل البلد الواحد, والذي أصبح عرفاً سياسياً جديداً في العملية السياسية.
أن التطرف السياسي من أكبر معوقات التطور الديمقراطي في البلاد, التي تسعى من خلال نظامها القضاء على الاثار التي خلفتها السلطوية داخل المجتمع, على الجميع أن يعي خطورة هذا الامر.
فالضبابية الراهنة في مواقف بعض الكيانات السياسية ومواقفها تجاه مايقدمة أبناء الحشد الشعبي والقوات الامنية, سوف تساعد على تكون طبقة قابلة للانجرار خلف الفكر التطرفي خصوصاً وان الظروف متهيئة, وسيؤدي في النهاية الى الفشل النهائي لكافة محاولات التقارب السياسي في البلد .
أن الماكينة الامنية وحدها غير قادرة على عبورهذه المحنة, بل هي وسيلة من عدة وسائل يجب أن تدعم أحدها الاخرى, فأن الحوار والتفاهم حول المشاكل العالقة منذ وقت, بعيد عن المزايدات والتطرف في المواقف, هي بلا شك ستنفع وفيها من الفائدة الشيء الكبير, من أجل مسيرة التقدم التي تسير ببطئ, لكثرة الصعوبات التي تواجهها في العملية السياسية .