إلى من يهمه الأمر / إلى الشيخ يوسف القرضاوي قبل يوم الرحيل -علي الناصري
Sat, 14 May 2011 الساعة : 15:05

الثابت في أدبياتنا الإسلامية إن سيد الشهداء ((حمزة بن عبد المطلب)) ورجل قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله00 وهذا النص يعكس بوضوح أن احد ابرز أهداف الوجود الإنساني منذ بدء الخليقة والى يومنا وسيستمر هو ما أشار إليه من مضامين كبيرة 00وعليه سار سلفنا الصالح 00ومن اجله أريقت الدماء الطاهرة لعلماء أبرار نذروا أنفسهم من اجل كلمة الحق وحكومة العدل 00 ولا تزال المسيرة ماضية والقوافل يتلو بعضها بعضاً من الذين ارتضوا ان تكون تجارتهم مع الله تعالى دون غيره00
ومن الثابت في أدبياتنا التأكيد على وجوب الوضوح والثبات على المبادئ والقيم الإلهية وان لا يكون احدنا حمالاً ذا وجوه يمتدح هنا ويذم هناك 00
يستنكر جبروت هذا الطاغية وينعقد لسانه عند ذاك 00يؤيد هنا ويسكت هناك وقد يقف مع المظلومين في بلد ويقف ضدهم في بلد آخر 00
وهذه الازدواجية الذميمة التي سماها القرآن الكريم نفاقاً لا تليق بسيرة العلماء علاوة عن سائر الخلق وقد نجدها عند ضعفاء النفوس ممن تغريهم الدنيا وتعمي بصائرهم دراهم السلطان 00الا إن ساحة العلماء وكما هو المفترض يجب ان تظل طاهرة نقية من دناءة المساومة على الموقف المبدئي ومن التلون في ردود الأفعال ومن التناقض في الفتاوى 00
وعندما هبت رياح التغيير ورفرفت راية الصحوة في سماء عالمنا العربي وابتدأت العروش الخاوية تتزلزل أركانها واستفاق أئمة الجور على واقع لم يكن له مكان في حساباتهم بل لم يخطر على بال احدهم ولو على سبيل الافتراض والاحتمال كانت كل شرائع السماء وكل قوانين الأرض تقف إلى جانب هذه الشعوب المقهورة التي حكمها المستبدون بالحديد والنار لعقود طويلة ولم يقهروا إرادتها وجثمت على صدورها وحبست أنفاسها أجهزة الرعب وسياسة القمع ولم تطمس هويتها.. ووقف الجميع إلى جانب إخواننا في تونس الخضراء.. وكنا من خارج الحدود نساندهم بالدعاء إلى الله تعالى أن يخلصهم من ظلم (ابن علي) وأركان الحزب الدستوري واستهتارهم.. وما خطر في دواخلنا أن نتساءل ولو مرة واحدة.. ما هو دينهم؟ أو ما هو مذهبهم؟
فالإنسان اخو الإنسان أحب أم كره كما يقول ديننا الحنيف.. كما ان المظلوم وبصرف النظر عن دينه وطائفته قد خصه الله تعالى باستجابة الدعاء على لسان نبيه الكريم (ص) (( والمظلوم يرفع الله دعوته ويقول لانتصرن لك ولو بعد حين))..
ولو كان الدافع المذهبي هو من يحركنا فما لنا وهم؟!! فنحن من طائفة وهم من طائفة.. ولكان موقفنا هو عينه لما حصل في مصر ويحصل في اليمن وليبيا ودول أخرى..
إلا إننا كنا واضحين وكانت مواقفنا في غاية الانكشاف.. تأييداً لهم ومساندة لمطالبهم ودعاء متواصلاً بنصرتهم وأمنيات حارة ان يحررهم الله تعالى من أولئك الجلادين الذين ما انفكت أسنانهم ومخالبهم تأكل لحومهم وتقطع أوصالهم بغريزة سادية وبروح عدائية يحركها الحقد والكراهية ..
وكنا نحن المتابعين في غاية السرور والامتنان للأصوات التي ارتفعت في سماء الصمت العجيب من جهات وشخصيات لها وزنها ودورها ولها احترامها ..
وكنا ننتظر من كل المحسوبين على الدائرة العلمائية الإسلامية أن يكونوا في ميادين التغيير والتحرير في بلادهم وفي ساحات المساندة والمعاضدة للشعوب المستفيقة بعد نوم عميق وغفلة طويلة .. فـــــقادة الرأي لا يجوز لهم السكوت وهم
يرون دينهم في قفص الاتهام والعلماء الذين تصدوا لمسؤولية حراسة الدين يحرم عليهم الصمت وهم يرون معاول الحاقدين تهد ركائز عقيدتهم وكنا نأمل إن يكون الدفاع لتلك المواقف نصرة المظلوم كواجب شرعي وانساني شرفنا الله تعالى بحمله وأكرمنا بما يترتب عليه من بلاء وصبر .. وبالتالي كنا ننتظر من الذين خرجوا عن صمتهم ان يكون موقفهم المساند لكل هذه الشعوب المستضعفة دون انتقائية ودون تعصب مذهبي او نزعة طائفية ..
إلا إن الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله وأطال في عمره مئة سنة أخرى لم يكن كذلك .. فثورة شعبنا في تونس او مصر تستحق المساندة منه وتستحق أن يخصص خطب الجمعة في دعم الثورة والشد على أيديهم وتوجيههم والدعاء لهم في الصبر والمصابرة والمرابطة وان يتقبل الله شهداءهم ويعجل بنصرهم .. ثم لينتقل بعد سقوط فرعون مصر إلى ميدان التحرير ليؤم جموع المصلين ويشكر الله على نعمة الانتصار ويحذر الشعب من محاولة الالتفاف وقوى الثورة المضادة .. وأما بخصوص ثورة الشعب الليبي بوجه جزاره المجنون فقد أفتى حفظه الله بوجوب قتل القذافي لأنه استباح دماء شعبه وراح يذبحهم بالجملة وبالمفرد ولأنه الظالم الذي لم يحترم رعيته ولم ينصفهم واعتمد على المجنسين والمرتزقة لبسط سيطرته وتقوية سلطته .. إلا إن الذي يستوقفنا هو السكوت غير المبرر والمريب لهذا الشيخ عما يحصل من ثورة جماهيرية عارمة في اليمن وما يقوم به ((علي عبد الله صالح )) من ترويع وإرهاب ومجازر واستخفاف بأبسط الحقوق الإنسانية لأبناء جلدته وتحديه لهم ووصفه إياهم بالمتآمرين والخونة والانقلابيين ..والأعجب من هذا وقوفه ضد الحركة الشعبية وانتفاضة أهل البحرين المطالبة بإصلاح النظام واعتماد الانتخابات الحرة أساساً والتداول السلمي للسلطة منهجاً وان تكون الملكية في بلادهم محدودة الصلاحيات بدستور يضمن حقوق الجميع ويشرع مبدأ المواطنة ..ويا ليته سكت كما سكت غيره من منطلق الطاعة الواجبة لأولي الأمر وان فسقوا ومن منطلق ان القبول بواقع الحال وان كان فاسداً خير من المطالبة بحكومة عادلة ونظام يحترم الجميع ..
فلقد انبرى حفظه الله وأيده واتهم أهل البحرين بالطائفية وان ما يجري لا يتعدى كونه محاولة الشيعة اخذ السلطة من السنة وذهب إلى ابعد من هذا حينما راح يشير إلى وقوف أيادٍ خارجية وراء كل ما يحصل وشد على أيدي أجهزة السلطة وبلطجيتها أن تكون ضربتهم موجعة وسيوفهم ممشوقة وأزاح عنهم المحذور الشرعي والوطني حينما راح يتهم اطرافاً شيعية خارجية في محاولة التمدد في الخليج وتهديد الأمن القومي السني وستراتيجية الحركة الوهابية لقيادة العالم الإسلامي .. وما هي إلا أيام قلائل واستفاق العالم على أصوات جنازير الدبابات السعودية ومدرعاتهم وهي تعبر جسر الملك فهد لحطم بطائفيةٍ معلنة مساجد الشيعة وحسينياتهم وليزحف بلدوزر الحقد الدفين نحو دوار اللؤلؤة ليمسحوا كل شيء فيها حتى رمزية النصب التي يتميز به الدوار وتميزت به البحرين .. وسالت الدماء وانتهكت الحرمات وحوصر الناس في بلداتهم وقراهم وفي بيوتهم وعسكر الجند في المستشفيات وأعلنت حالة الطوارئ والأحكام العرفية .. وأسندت مقاليد الأمور لذوي الأزرار الذهبية من ضباط درع الجزيرة وبدأت مسيرة الملاحقات والاعتقالات لأبناء الشيعة وبناتهم والأحرار من غير الشيعه وللعلماء والمثقفين والأكاديميين وللأطباء والنقابيين وكل الشرائع التي ساهمت بالحركة الجماهيرية السلمية ..وأزهقت الأرواح صبراً وقهراً وبرغبة وحشية وهمجية لاستباحة دمائهم وحرمانهم من حقوقهم المدنية كسائر خلق الله تعالى ..
ولا تزال المجزرة مستمرة والعالم المتشدق بحضارته والمتباهي بديمقراطيته لم يحرك ساكناً وكأنه لا يسمع ولا يرى .. وصدرت التعليمات للفضائيات المأجورة أن لا تذيع خبراً ولا تبث صورة ليأخذ جند خادم الحرمين حفظه الله راحتهم في قمع أتباع أهل البيت (ع) وتصفية رؤوسهم وغسل الشوارع من دمائهم ونقل المعتقلين منهم إلى طوامير وسجون سعودية أعدت لهؤلاء المتظاهرين الذين رفض أدعياء الحرية وحقوق الإنسان ان يعترفوا لهم بحقوقهم الآدمية ..
والانكى من السكوت عن الجريمة \"قولهم إن دخول القوات السعودية لا يعد انتهاكاً للقانون الدولي ولا تدخلاً في الشؤون البحرينية .. كما ان اتفاقية مجلس التعاون الخليجي التي تنص على إن دخول درع الجزيرة إلى أية دولة خليجية لا يكون إلا في حالة تعرض هذه الدولة إلى عدوان خارجي \" يمكن تأويلها باتجاه آخر وان كان المشايخ الكرام في هيئة كبار علماء الإسلام في السعودية لا يؤمنون بالتأويل ويقفون عند ظاهر النصوص إلا إن الضرورة قضت وللضرورة أحكامها ..
ثم لينحدر ساسة العالم الحر في التهاوي السياسي ومواقفهم المستهترة بكل القيم والقوانين ليقولوا ان اي استنكار للتدخل العسكري السعودي يعد تدخلاً في شؤون البحرين الشقيقة والصديقة .. ومن اجل أن تظل قيادة الأسطول الخامس الأميركي في البحرين آمنة وفاعلة أكد هؤلاء ا ن أي موقف إعلامي أو سياسي مناهض للتدخل العسكري ومؤيد لمطالب الجماهير العادلة ومظاهراتهم السلمية يعد موقفاً مرفوضاً ومستنكراً وستترتب عليه آثار وتداعيات قد تصل إلى مطلب انعقاد طارئ لمجلس الأمن كي يفرض العقوبات المناسبة والرادعة بحق كل من قال نعم أو تعاطف بلافتة او مظاهرة أو بيان او غير ذلك .. وملاحقة كل القنوات الفضائية وحتى الأرضية واستصدار أوامر بحجبها والتشويش عليها .. ومنح السفر وتجميد الأصول المالية لكل من أشار بكلمة هنا أو هناك واقر بمظلومية شيعة البحرين .. واختفت كل شعاراتهم وتناسوا كل ادعاءاتهم وظهروا على حقيقتهم وأماطوا اللثام عن حضارة المخالب الناعمة ..
ولست ادري ياشيخنا القرضاوي اذا كان الغرب لا يستحي وهو يعلن مواقفه المتناقضة فهل رضيت لنفسك أن تتأسى بهم؟
وإذا كان الغرب يعتقد ان دينه في تحقيق مصالحه وان عقيدته وجوب الهيمنة على الآخرين فما هو دينك أنت وما هي عقيدتك ؟
ما هو سندكم الشرعي في تأييد شعب مطالب بحقوقه والسكوت عن شعب اخر ؟ ما هي قواعدكم الأصولية ومبانيكم التي حكمت فتاويكم وانتم تسكتون عن مطالب أهل اليمن وتقفون ضد مطالب اهل البحرين وتؤيدون مطالب أهل تونس ومصر وليبيا ؟
وإذا كان الغرب بماديته المتوحشة لا يؤمن بيوم الحساب ولا يؤمن بوقفة المحشر والسؤال .. واذا آمن فعلى طريقته الخاصة فهل أنت على نهجهم ام انك لازلت تعتقد بمنكر ونكير ورقيب وعتيد والبرزخ والصراط ؟
وما هي أعذارك وماذا سيكون جوابك وقد بعثك الله يوم القيامة تتقدم فوجاً ممن اتبعوك واثقلوا ظهرك باوزارهم وانعقد لسانك وصار جلدك شاهداً عليك وجوارحك تتبرأ منك ؟
ما الذي تنتظره وقد تجاوزت المائة عام من السنين .. وصوت الصادق الامين لا يزال يصدح في احشاء الزمن (( من اعان على مؤمن ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله))..
أنسيت ياقرضاوي مواعظك لشبيبة الاخوان المسلمين وانت تؤكد لهم وتكرر عليهم ان الثورة على الظالمين فرض عين لا فرض كفاية وان الظلم سيكون ظلمات يوم القيامة ..
لقد قرأت لك كثيراً وسمعتك كثيراً ولم تكن بالنسبة لي شخصاً مجهولاً وكنت احسبك من علماء الاسلام لا من علماء السلطة والصولجان .. وكنت اظنك فقيهاً يتقوم بفقهك الاعوجاج ويستقر برايك الارتجاج ..
اوما رايتهم يا قرضاوي وهم يطــاردون ابناء جلدتهم ويقتلونهم جهاراً نهاراً دون وازع من دين ولا رادع من ضمير وكان الله لم يجعل في قلوبهم رحمة !!
اوما سمعت لهؤلاء المتظاهرين الذين سمعتهم كل الدنيا يهتفون ((سلمية ..سلمية ..أخوان سنة وشيعة وهذا الوطن مانبيعة )) ..!!
هل رأت عيناك كيف يعبثون ببيوت الناس ويملؤنها رعباً وخوفاً !!
أم لم ترهم وهم يقتحمون مساجد الله ويحرقونها ثم يأمرون بهدمها وتجريفها وكأنها حانات لبيع الخمور أو بيوت للدعارة !.
انسيت يا قرضاوي ام اذكرك ان هؤلاء الذين وصفتهم بالطائفيين واتهمتهم بالخيانة وبالعمالة هم الذين صوتوا قبل عشرات السنين ان تكون البحرين بلادهم حرة مستقلة ذات سيادة وليس لاحد حق الولاية عليها والقيمومة على شؤونها الا الشعب البحريني وحده ؟!!
اوما رأت عيناك بلطجية السلطة وهم يلوحون بسيوفهم وحرابهم ويتوعدون المتظاهرين بشر قتلة وشر بلية ستحل بهم وبعوائلهم اذا لم يتركوا ساحة الاعتصام ويقدموا للملك المستبد مراسيم الطاعة والاحترام ؟!!
اوما رايت ياشيخ المشايخ وانت في عمر ما بعد المائة عام عجلاتهم المظللة وهي تطارد ابناء البلد وكانهم قد نزلوا عليهم من كوكب اخر فتدهس من تشاء وتخطف من تشاء رجلاً كان ام امرأة كبيراً كان ام صغيراً !!!
انسيت ياقرضاوي ام اذكرك بخطب الجمعة ايام كان الصهاينة يحاصرون غزة ويحرقونها بحمم نيرانهم وغضب قنابلهم وكيف كنت تناشد الضمير العالمي لانقاذ السكان من محنتهم وتوفير الحماية لهم وايقاف همجية الدولة العبرية وجيشها الذي لا يعرف الرحمة ولا الشفقة ..
فاين صوتك الاجش ولسانك الطويل واهل البحرين تلتهمهم سيوف بني عمومتك ؟؟
اين الحق في هذا واين الباطل ؟! ايجوز الصمت ام يجب الكلام ؟! فيا ليتك سكت كما سكت غيرك من الخائفين والمترددين من الذي بايعوا الصمت ولياً واعتنقوا الهمس عقيدة ..
ياليتك ياقرضاوي ثم ياليتك ..
ولست ادري ماذا سينطق لسانك هناك يوم يُدعّ الظالمون الى نار جهنم دعاً وتاتي كل نفس تجادل عن نفسها ؟ !
وماذا سيكون جوابك وهم يذكرونك بقول الحق جل وعلا (( الم نجعل له عينين ولساناً وشفتين .. الم تكن آياتي تتلى عليكم ... ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار)) ..
واين سيكون فرارك والمنادي يصك بصوته اسماع الملكوت (( لمن الملك اليوم ؟)) ..
ليكون الجواب قاطعاً جازماً حاسماً (( لله الواحد القهار)) ..
وسيتعبك الوقوف ياقرضاوي لان السؤال عن فتاويك بهدر دماء شيعة البحرين سيكون طويلاً طويلاً ..
وسيحشر الله ملوك الدنيا وسلاطينها وسيحشرك وأمثالك في زمرتهم والى جوارهم فمن احب عمل قوم اشرك في عملهم ومن أحب قوماً حشر معهم..
سيحشركم جميعاً وخازن النار ينادي بصوت مهول (( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون .. إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعي مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وافئدتهم هواء )) ..
إنني إذ اكتب إليك قبل أن تغادر بيت الفناء إلى دار البقاء وقد أغادرها أنا قبلك .. والأمل يراودني انك ستراجع نفسك وستتذكر آخرتك وسترى قبرك فتعود إلى ربك وتقولها براءة لذمتك وتوبة الى ربك (( يا ملوك آل خليفة ارفعوا أيديكم وكفوا عن ظلم شعبكم واسمعوا لرعيتكم ان الظلم ظلمات يوم القيامة ..
أمّا اليقين فانك لم ولن تقولها وستظل مكابراً ومعانداً رغم وضوح الحجة وقوة البرهان .. الا ان واجبي ان اذكرك وأحذرك وقد كبرت وهرمت وقد تكون نسيت كما نسي أسلافك ..
أذكرك ياقرضاوي لأني متعلق بالأمل الذي لا يموت كبقية الأشياء في هذه الدنيا .. فنحن الدعاة لا نمل ولا نكل من التوعية والتذكير حتى ولو بانت حقائق الأمور وانكشف ما وراء السطور .. وذلك قول الله جل وعلا (( لم تعضون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً اليماً .. قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون )) ..
وأحذرك يا قرضاوي ان تكون كالراكب المنبت لا سفراً قطع ولا ظهراً أبقى أحذرك من محكمة التاريخ التي ستحاكم كل فقهاء الدم ودعاة الإرهاب ووعاظ السلاطين الذين اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق ..
وستحاكم كل المتاجرين بأقلامهم وفتا ويهم .. وكل الذين سولت لهم أنفسهم أن يزينوا للطغاة أفعالهم ويبيعوا شرفهم على موائد العار ويركبوا زوارق المنافقين ويكتبوا أسمائهم في صفحات المقاولين .. وكل الذين يركضون وراء النياشين وتندلع ألسنتهم لرشاوى السلاطين ..
والذين أبوا إلا أن يعصبوا أعينهم ويسدوا آذانهم ليكرعوا كما تكرع الكلاب السائبة يلعقون دماء المحرومين وينهشون لحوم الثائرين ..
أحذرك يا قرضاوي من أحكام قطعية جازمة لا تمييز فيها ولا استئناف .. (( لعنة تتجدد على افواه الناس وصفحة سوداء في أحشاء التاريخ )) ..
ولست ادري مالذي تريده وقد تجاوزت المائة العام .. وما الذي تنتظره من دنيا لفضت من قبل ملوكاً وامراء ليكونوا جيفة من جيف الزمن وقاذورة تلعنهم الاجيال وتستقبح افعالهم مزابل الطغاة والفراعنة ..
فانا لله وانا اليه راجعون .. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم من علماء متسولون على ابواب خائن الحرمين وملك البحرين .. وفقهاء يمسحون بعمائمهم الوسخة احذية السلطان ويفرقون بفتاويهم البائسة جموع الاخوان ..
فمهلاً مهلاً ياقرضاوي فان كنت اليوم بلا رقيب فان غداً لناظره قريب ..
(( وَسَيَعْلَمَ ألَذِينَ ظَلَموا أيَ منْقَلَبٍ يَنّقَلِبونْ ))