مشاريع الاعمار قوانيـــن خجولـــة ..ومافيــــات تحكــم ســـوق العمــــل -تحقيق:سوزان الشمري

Tue, 20 Sep 2011 الساعة : 11:48

بخطوات متعثرة تتخللها تتمات لجمل متقطعة تنم عن نبرة ضجرة انتابت دعاء وهي في طريقها لمدينة الطب الواقعة في منطقة الباب المعظم بالعاصمة بغداد ,حيث موقع عملها ,اذ ابدت دعاء ذات الــ (27 سنة)والموظفة في وزارة الصحة امتعاضها من وعورة الطريق الذي تسلكه يوميا اثناء رحلة الذهاب والاياب من والى العمل ,بسبب اعمال الحفر والآليات والمخلفات وأكداس قطع الحديد الخاصة بمشروع نفق (الباب المعظم),وتقول :موجات الغبارلاتهدأ مع  حركة الناس والمركبات فالمنطقة تشهد زوابع ترابية طيلة ساعات الدوام .ناهيك عن ما خلفته تلك الحفريات من تغير وتشويه لمعالم الشوارع وملامحها الاصلية  .
فمشروع نفق الباب المعظم واحد من المشاريع العملاقة التي يشرع بتنفيذها في بغداد,وتخضع لحكم (التاجيل والتلكؤ) لاسباب متعددة ,اذ وبحسب ما نوه اليه على يافطة وضعت في بداية المشروع ربما  كجزء من اكسسوارات العمل  كتب عليها مدة التنفيذ (720 يوم )اي (عامان)
فان الواقع يعطي صورة اوضح واعمق مغزى من اي كلام يذكر ,اذ ان المشروع تجاوز المدة القانونية  للتنفيذ بشكل مضاعف ليندرج ضمن سلسلة مشاريع معطلة التنفيذ حتى اشعار اخر, اضرارها تنسحب اقتصاديا على ميزانية  الدولة , وخدميا على المواطن المتسائل عن اسباب هذا العجز , فيما تكتفي الجهات الرقابية بأدراج الشركات الناكلة والمتلكئة ضمن  (القوائم السوداء).
عواصف ترابية
تقول ريام فالح (22سنة)طالبة جامعية انها لا تستغرب إذا تعثرت أقدامها بشكل متكرر في الطريق او حتى لو سقطت في حفرة واسعة, فالنتيجة متوقعة مع كثرة الحفريات التي تخترق شوارع  منطقة الباب المعظم  وتحديدا القربية من وزارة الصحة ومدينة الطب والخاصة بمشروع  النفق العملاق .
وتتساءل  ريام بالقول"المشروع مضى على مدة انجازه اكثر من عام عن المدة المقررة وفق ما مثبت على لافتة المشروع  وهي عامين ,فاين دور الجهات المنفذة للمشروع من هذا التاخير, لاسيما وان اضرار تاخيره  انهكتنا نحن الطلبة ,فخطوط النقل ممنوعة من دخول هذه المنطقة بحكم قطع الشوارع والجواجز التي تحيط المشروع مما يضطرنا الى السير لامتار طويلة بغية الوصول للكلية محملين باطنان من الغبار والاتربة تثقلنا بها نسمه هواء تهب على المنطقة.

تنصل المقاولين
ويندب وسام خليل صاحب مكتبة قريبة من موقع النفق حظة بعدما شح مصدر رزقه بسبب الجواجز التي وضعت حول المشروع والتي قطعت الطريق على الطلبة للوصول للمكتبة .ويقول :المشروع وبحسب القائمين عليه كان من المفترض انجازه خلال عامين لكن واقع الحال ان المشروع تجاوز تلك المدة وكان سبب لقطع ارزقنا ,فالشركة التي باشرت بالمشروع توفقت عن العمل في المنتصف ,وتركت الاليات وصفائح الحديد في الطرقات, ناهيك عما خلفته من حفريات  يختفي  داخلها فريق باكمله .
ويتابع :عندما نتساءل عن سبب التلكؤ في انجاز المشروع  خلال حديثنا مع حراس المشروع ؟ يرجحها البعض منهم لاسباب تتعلق  بقلة تمويل المشروع من قبل الجهات المنفذة ,  فيما يشاع بين اهلي المنطقة هروب المقاولين ,وما  بين هذا الراي وذاك يصح المثل القائل(ضاع ابتر بين البتران).
قلة الكفاءة
فيما يقول احمد ابراهيم البياتي قانوني  "ان بعض المشاريع الغير مكتملة الانجاز اساسها  تنصل المقاولين  فالبعض منهم يحزم اموال المشاريع ويهرب خارج البلد .فيما يراوغ البعض الاخر لقلة الخبرة التي يمتلكها في ادارة وتنفيذ المشاريع فالمسالة لاتتجاوز سواء دفع الرشا لجهات معينة لتسلم المشروع  بغية تحقيق مكاسب مادية وشخصية على حساب  المواطن وهو المتضرر الوحيد في هذه المعادلة . واضاف"بعض المشاريع التي تنفذها الشركات المحلية هي مشاريع لا تتسم بالكفاءة فضلا عن عدم التزام تلك الشركات بالمواعيد الزمنية المحدد وهذه الطامة الكبرى"، وتابع  "الحكومات المحلية  هي المسؤول الاول في هذا الموضوع لعدم قيامها بإجراءات تضمن حق مواطنيها من خلال فرض غرامات مالية بموجب القانون على الشركات المتلكئة في تنفيذ المشاريع الموكلة إليها.

اراء المقاولين
الطرف الاخر في معادلة االمشاريع المتلكئة وهم المقاولين فقد تباينت ردود افعالهم تجاه هذه القضية فمنهم من يرمي الكرة في ساحة الجهات الممولة للمشاريع فيما يعزوها البعض لاسباب امنية وتنافسية لحرب مافيا سوق المقاولات .
يقول محمد القيسي (43 سنة ) مقاول "ان  الظروف الامنية تحكم العمل فبعض الانفجارات التي تحدث بالقرب من مواقع المشاريع  تتعرض مناطقها الى طوق امني وحواجز تمنع وصول مركبات نقل مواد البناء لموقع العمل  او يعلن فيها حظر للتجوال مما يضطرادارة المشروع لتاجيل العمل وهذا الامر ربما يتجاوز الايام او الاشهر.
مافيات سوق العمل
فيما يعدها المهندس والمقاول اثير الربيعي نتيجة طبيعية  تحكمها معادلة العرض والطلب لسوق العمل .و يقول "بعض المشاريع تؤجل بسبب قلة التخصيصات المالية المتعلقة بالجيهة الممولة للمشاريع خصوصا الحكومية منها ,فتعطيل الدفعات المالية ينعكس على استمرارية المشاريع وتاخيرها وهذه مشكلة تواجه مقاولين البناء وعلى وجه الخصوص  في المشاريع الحكومية .ناهيك عن مافيا المشاريع من بعض المقاولين الكبار والمسيطرين على سوق العمل  فاساليبهم الملتوية في الحصول على مناقصات المشاريع او احالة البعض منها تصل للتهديد بالقتل .
ارصفة للاسمنت
ومن باب المعظم حتى منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد وتحديدا مشروع ترميم كنيسة سيدة النجاة والمنطقة المحاذية , فالموضوع لايختلف كثيرا عن النفق العملاق الا من حيث الحجم ,فحادثة سيدة النجاة ومالحقها من اضرار نتيجة ما تعرضت له من اعمال ارهابية وتفجيرية تدخل سنتها الثانية ومشروع الترميم لايزال حتى الساعة ومواد البناء من رمل واسمنت وصابوق افترشت رصيف الشارع بمحاذاة الشارع الرئيسي لمرور المركبات واهلي المنطقة ابدوا امتعاضهم الشديد من عشوائية المشروع الذي تجاوز عامه الاول في حين ان المقرر حسب مدة التنفيذ للمشروع لاتتجاوز الاشهر .
تقول جوانا ريكاردوس من سكنة المنطقة ان مشروع الترميم باب مصدر ازعاج وقلق للبيوتات القريبة من الكنيسة ,اذ يتحرج علينا الخروج للتسوق او ارسال الاطفال للمدرس وذلك بسبب مواد البناء التي ملئت الرصيف وقطعت طريق السير على الرصيف مما يضطرنا في اغلب الاحيان للسير وسط الشارع المخصص لسير المركبات وبالتالي تهديد حياتنا لخطر الحوادث والدعس  .فضلا عن كون هذه المواد شوهت منظر  الشارع الذي كان يعرف بنظافته .
الراي الاقتصادي
وقد اختلف اقتصاديون  في تصنيف التبعيات الاقتصادية  لتأخر تنفيذ المشاريع، وهروب المقاولين خارج البلد.
فيحددها  الخبير الاقتصادي (لطيف عبد سالم العكيلي) ويقول" ان الخلل يكمن اساسا في ادارة الجهات المستفيدة التي اسهمت في تعطيل كثير من المشاريع الحكومية المهمة  رغم تجاوز اعمال الشركات السقف الزمني للتنفيذ بسبب انتهاجا هذه الادارات اسلوب تجديد العقود الذي يعفي المقاول من الغرامات التاخيرية التي تفرض على المقاول في حال عجزه عن التنفيذ في الفترة المتفق عليها بموجب العقد ، مما ادى الى اصابة المقاولين بالتراخي.
 واضاف وهذا الواقع يعد احد ابرز العوامل التي اسهمت بزيادة مساحة الفساد المالي والاداري في البلاد ولاسيما الجهاز الحكومي الوظيفي . اضافة الى ان بعض المقاولين لايمتلكون الخبرة والكفاءة في تنفيذ المشاريع، داعياً الى ضرورة التأكد من المقاول او الشركة قبل التعامل معها ومعرفة سيرتها."
وتابع " ان المشرع العراقي وضع ضوابط صارمة بهذا الصدد.اذ ان وصول زمن التاخير الى ربع مدة التنفيذ المتفق عليها توجب سحب العمل من المقاول وعده ناكلا  ومطالبته بدفع الغرامات التاخيرية

اصحاب القرار
وليس ببعيد عن( كنيسة النجاة ) يكون التوجه صوب منطقة العلاوي حيث بناية محافظة بغداد تلك البانية التي نشهدها تزخر بسكلات البناء منذ اشهر لاتعدد ,فبالرغم من ان موقع البناية يتوسط مركز الثقل في العاصمة من حيث مراجعيها ممن البغدادين فضلا عن كونها  تمثل مقر الحكومة المحلية  لمحافظة بغداد.فكل مراجع كان شاهد عيان عن وجبات العمل المتفاوتة في هذا المشروع والجميع يتساءل عن الاسباب في تاخر انجازه بالرغم من تماسه مع اصحاب القرار بدأمن محافظ بغداد مرورا بمجلس المحافظة حتى  لجان الخدمات والتطويربضمنها العديد من المشاريع التي تقع داخل صلاحية  ادارة المحافظة  .هذه الاسئلة طرحناه على طاولة  النائب الفني لمحافظ بغداد (كامل السعدي)  النائب الفني لمحافظ بغداد كامل السعدي :
فقد حدد الاسباب التي تقف وراء تاخير انجاز المشاريع ومخالفتها للمددة المعقعة بين الطرفين الجهة المستفيدة والمقاولون "لمعوقات امنية لها تاثيرها المباشر في تاجيل العمل كوقوع  الانفجارات او استهدافات تخص المشاريع ومنها الاسباب الفنية التي تكون خارجة عن ارادة العمل كعدم جاهزية المواقع كان تكون عمليات تاهيل جديدة لمشاريع قديمة لاتوجد لها مخططات تنظم مسار العمل .
واضاف السعدي "هناك مشاكل رئيسة من شانها تاخير تنفيد العديد من المشاريع لاسيما الكبيرة منها تتعلق بعدم توفير التخصيص المالي الكافي في حالة وجود بعض المتغيرات  التي قد تحدث على مخططات المشاريع  بالشكل الذي يتجاوز  التخصيصات المحددةوالمبلغ الاحتياطي وبالتالي تسهم تلك المتغيرات في تاخير عملية التنفيذ ,لاسيما وفق التعقيدات التي ترافق عملية منح التخصيصات الاضافية
اما فيما يخص مشروع بناية محافظة بغداد اذ فقال السعدي"بحسب العقود المبرمة مع احدى شركات المقاولة فان مدة التنفيذ لاتتجاوز الـــ(16شهرا ),لكن ما حدث من تغيرات على التصاميم الخاصة بالمشروع وما رافق تغيرتلك التصاميم من تجاوز للتكاليف التخمينية وبالتالي ترتب على هذا الوضع تاخر في انجاز المشروع حتى الان.
المضايقات والتهديدات
اما في ما يخص التبعيات القانونية للشركات الناكلة والمتلكئة فقد اوضح السعدي" الى ان  اجراءات تتخذها المحافظة تتمثل بمصادرة خطابات الضمان الممنوحة قبيل توقيع العقد, اضافة الى تغريم الطرف الاول وهو الناكل والمتمثل بشركة المقاولة  وتحميلها اجور بدل العمل بعد تحوليها لشركة اخرى.لكن في هذا الجانب وبحسب السعدي تمكن مشكلة اخرى وهي التراكمات المالية للمقاول الاول,ناهيك عن المضايقات والتهديدات التي يتعرض لها المقاول الثاني من جهة المقاول الاول بعد سحب المشروع منه وهنا يولد سبب اخر من اسباب تاخير عمليات تنفيذ المشاريع .

حماية الشركات الاحنبية
وتابع السعدي " ان الية التخلص من الشركات المتلكة تتمثل بالتخلص من القوانين التي  كبلت بعض الشركات خصوصا الاجنبية اذ ان المقاولين المحللين يقدمون عطاءات المشاريع باسعار قليلة توازي قلة التخصيصات المالية المحدودة ,وبالتالي تبلور معوقات من شانها ارباك العمل وتراجع تنفيذ المشاريع ,اضافة الى ان الكثير من الشركات العاملة في العراق غير كفؤة وتتبع اساليب ملتوية في العمل  وبالتالي ينعكس على عجزها في تنفيذ المشاريع
لذا فما  يتطلبه الواقع العراقي اليوم هو تسهيل عملية دخول الشركات الاحنبية واتاحة حرية توجيه الدعوات العالمية ,وهذا الامر يتطلب سن قوانين خاصة بدخول تلك الشركات بما يضمن حقوقها في المنافسة للكلف التخمينية التي يقدمها المقاول العراقي ,لا سيما في يتعلق بالاسعار واسلوب ارساء المناقصات .
واوضح  السعدي ان"محافظة بغداد وضعت قائمة  تتجاوز الــ(60 ) شركة ضمن القائمة السوداء للشركات الممنوعة من العمل للتنصل او التاخير في الانجاز, فضلاعن مصادرة  خطابات الضمان
واشار السعدي ان"تلك الاجراءات لا تعد رادعة للشركات المتلكئة والمتنصلة اذمن السهولة لاي مقاول او شركة تغير عنوان واسم الشركة بعنوان اخروالدخول في مشاريع جديدة  وهذا ياتي للسهولة التي تتخذها وزارة التخطيط في منح التصنيف ودفعه الى درجة اولى بحكم المحسوبية والمنسوبية المتخذه في هذه العملية,وبالتالي فشل الكثير من المشاريع .

امانة بغداد
وضعف التنسيق
اما  مسؤول العلاقات  والاعلام في امانة بغداد حكيم عبد الزهرةفقد بين  "ان سبب تاخير تنفيد العديد من المشاريع في العاصمة بغداد يعود "الى قلة تعاون الوزارت والدوائر التي تتقاطع اعمالها  مع تنفيذ المشاريع ,لاسيما وزارة الاتصالات والكهرباء  والنفط الامر الذي وبحسب عبد الزهرة يوجل تنفيذ المشاريع لاشهر طوال او ربما سنوات  حتى تتسلم ادارة المشاريع كتب المباشرة من تلك الوزرات
واضاف " نضطر في بعض المشاريع  لتغير مسار العمل لتقاطع المشاريع مع خطوط الماء او المجاري لاسيما ما حدث ضمن تنفيذ مشروع نفق الباب المعظم القريب من وزارة الصحة وهو احد المشاريع الكبيرة التي تنفذها امانة بغداد والذي ارجا لسنوات بعد ان تعاكست خرائط المشروع مع خطوط الماء والمجاري .لكن هذ المشروع وبحسب عبد الزهرة تمت معالجته والمشروع .واكد عبد الزهرة "ان امانة بغداد على دراية واضحة لتجاوز هذة المشكلة ذاكرا اصدار  جدول باسماء الشركات المحالة على القوائم السوداء والممنوعة من ممارسة العمل بعد  اصدار بيانات الانذار الخاصة بسحب يد العمل خلال تجاوز الشركة المدة المحددة للانجاز اضافة الى اجراءات التغريم التي تتراوح ما نسبة 20%من قيمة العقد المبرم بين الطرفين .

Share |