هل الناصري، ضحية لقوى الإنبطاح ؟/علاء الساعدي
Wed, 25 Feb 2015 الساعة : 13:44

منذُ إبعاد نوري المالكي عن رئاسة الوزراء في أب من العام الماضي، على يد
حلفاء الأمس ( المجلس الأعلى والتيار الصدري) مضافاً إليهم بعض المحازبين
للمالكي، تعمل هذه القوى التقليدية المُسماة شعبياً بقوى "الانبطاح
الشيعي"، على تصفية ما تعتقده ارث المالكي، في محاولةً منها لإعادة إحكام
قبضتها على الشارع الشيعي الذي كانت كاريزما المالكي القوية، وغير
التقليدية حينها، تأكل من جرفها، كونها قوى قائمة على العلائق القرابية-
الدينية القديمة، فيما بدا ان نوري المالكي الذي هزم مليشيات البصرة عام
2008، بمثابة الخيار الأوسط للقوى الاجتماعية الشيعية العريضة التي كانت
تؤمل النفس، بقيادة غير كلاسيكية في التفكير، والمظهر.
كانت القوى الشيعية الرئيسة المنافسة للمالكي وحزبه، أعني المجلس والتيار
في خصام تاريخي طويل، لم يندلع كما يُظن بعد 2003، وان تجلى بعد هذا
التاريخ بصورة مليشيات تتقاتل وتحول المحافظات الجنوبية إلى ساحات معارك
طاحنة، كانت هذه القوى تتجمع وتراجع ذاتها، بعد هزيمتها الكبيرة إمام
المالكي في اختبار المحافظات 2009، لتعيد بناء إستراتيجية التوحد ضد
الخطر المشترك، تحت مبدأ عدو عدوي صديقي!
وعلى الرغم مما شاب فترة ولاية المالكي الثانية من أخطاء كارثية، ولكن لا
يمكن لمنصف إن يُخلي ساحة القوى المتحالفة ( شيعية – سنية- كردية) ضد
المالكي وحكومتهِ لإفشالها بأي ثمن، وان كان المالكي يتحمل الجزء الأكبر
من الأخطاء, لكن القوى استطاعت أخيرا الإطاحة بالمالكي، مستفيدةً من
داعش بشكل وبأخر.
الآن وبعد مرور ستة أشهر من عمر حكومة "المقبولية الوطنية" التي أنتجها
المطبخ المشترك بين التيار والمجلس بتوابل سنية وكردية، لا تجد هذه القوى
أي هدف إمامها سوى من الاستمرار بتفكيك الهياكل الإدارية والتنفيذية التي
بُنيت في عهد نوري المالكي، وكأن الخلطة السحرية التي ستحرر العراق من
داعش، وسترفع أسعار النفط الهابطة، والتداعي الاقتصادي، لا يمكن ان تتم
الا عبر نحر ارث الدولة، ودوماً بحسب قوى الانبطاح.
ما يجري الآن في ساحات المحافظات الجنوبية، من تفكيك للحكومات المحلية
التي تشكلت بعد انتخابات 2013، هو اخر خيوط المؤامرة التي ستنتج جملة
اقالات لا قانونية، بل سياسية كما عبر عضو اللجنة القانونية في مجلس
النواب، وعن كتلة المواطن ذاتها، النائب سليم شوقي، ان ملف الاستجوابات
والاقالات التي تطال المحافظين سياسية بامتياز، و لا تستند الى اي بعد
قانوني او قضايا تتعلق بالنزاهة.
ان ما حدث في مجلس ذي قار مؤخراً، من اعفاء متسلسل لرئيس مجلس المحافظة،
تلاه بيوم اعفاء السيد يحيى الناصري من منصبه كمحافظ دون استجواب واضح او
اثبات لاي تهمة تجاه، تؤشر الى مطب عميق تسير البلاد نحوه، بعد ان صارت
الحقوق القانونية ذريعة لتقاسم المناصب والاستخواذ عليها، وتحت غطاء
القانون.
ان ما قامت به قوى ائتلاف مستقبل ذي قار عبر هذا الاستجواب الشكلي، وما
سيليه من تعينات لاعضائها لشغل مناصب الحكومة التنفيذية، يعكس حقيقة
واحدة، ان قوى "الانبطاح" بمجلسها وتيارها وجناح منشق عن الدعوة، وشلل من
الانتهازيين والنفعيين، لا يهمها سوى الثبات على الكراسي، واقصاء كل
الاطراف المشاركة التي قدمت وتصدت بتهمة الولاء للمالكي.
ان السلطة القضائية في البلاد اما اختبار حقيقي لمصداقيتها، خصوصاً وانها
ترى ان تحويل الملفات القانونية الى ادوات اقصاء سياسي سيقود الى كارثة
حقيقية، ولن يبقي لكيان الدولة الاداري اي اعتبار، سوى اعتبار المحاصصة
والولاءات العمياء لتلك القوى النافذة، فهل سينصف القضاء الدولة وينقذها
من هذا المطب، سؤال متروك للأيام القليلة للاجابة عليه.