دول الشر ومفهوم السلام-رفعت الواسطي
Mon, 19 Sep 2011 الساعة : 9:33

تسعى المنظومة الدولية من خلال قنواتها المتعددة الى اقامة شراكة حقيقية للسلام في العالم ومنها منطقة الشرق الاوسط . الا أن حجم المعاناة في مواجهة ذلك الهدف الانساني يتمثل بوجود أنظمة تمارس سياسة التضليل والارهاب المنظم سواء ضد شعوبها أو الشعوب المجاورة من خلال دعم متبادل بين تلك الانظمة الديكتاتورية ، ففي الحرب العالمية الثانية بلغ الصراع الدولي مرحلة خطيرة كان من نتائجه الكارثية مايقارب 61 مليون قتيل نتيجة تحالف دول الشر بين المانيا وايطاليا واليابان ، حيث واجهت المنطمة الدولية تحديا مهما بضرورة فرض عقوبات صارمة على تلك الدول لتجنب تكرار المأساة العالمية في المستقبل . اليوم نحن في أزمة عالمية حقيقية تتمثل بوجود أنظمة دكتاتورية خطيرة تتخذ من الشعوب المجاورة لها نموذجا للصراع مع الدول التي تتصارع فيما بينها ، مستغلة أوضاعا غير طبيعية تعيشها تلك الشعوب . ففي العراق لايوجد مفهوم الدولة التي تمارس صلاحيات الدولة الدستورية ذات السيادة والجيش الوطني الواحد مما سهل لتلك الدول على ان تجد ساحة ملائمة لفرض أجندتها على حساب الامن الوطني للعراق وهناك من الدلائل والوثائق الكثيرة بحوزة المنظمات الدولية التي من الممكن تحويلها الى أداة ادانة دولية لفرض قانون الشرعية الدولية في العراق . ايران وسوريا تعد من أهم دول الشر المجاورة للعراق نتيجة وجود نظامين دكتاتوريين متحالفين ، لعبت ايران وسوريا ادوارا سيئة وخبيثة لاسقاط شرعية حق الشعب العراقي في الاستعانة بالشرعية الدولية لتغيير نظام صدام حسين الذي دخل في صراع مع ايران مدة ثمان سنوات ، وسوريا كانت من ضمن دول التحالف التي أرغمت بالقوة نظام صدام حسين على الانسحاب من الكويت عام 1991 وكان لنظام صدام دورا مهما في الأحداث الدموية التي وقعت في مدينة حماة السورية عام 1982 والتي استهدفت نظام حكم الاسد . خطورة نظامي ايران وسوريا تتمثل باستغلال التذمر العربي والاسلامي لمواقف واشنطن الداعمة لاسرائيل وضرب مصالح المنتفعين من نظام صدام بعملية التغيير التي حصلت في العراق عام 2003 لتقوم سوريا باحتضان الاطراف المتضررة من عملية التغيير خصوصا حزب البعث العراقي والجماعات التكفيرية وقلب معادلة التعاطف مع الشعب العراقي ابان حكم صدام لتتحول الى مواقف عدائية للعراق استهدفت المدنيين العراقيين وبنسبة تتجاوز الثمانين بالمئة من العمليات الارهابية في المدن العراقية . الخطورة الايرانية تتمثل بالشعار الاسلامي العام للنظام الحاكم والذي يتحدث عن المستضعفين ودول الاستكبار في حين هي من تمارس سياسة الاستكبار ضد الشعب الايراني نفسه من خلال قمع الحركات الاحتجاجية السلمية واهانة الكثير من المراجع الدينية التي لاتؤمن بولاية الفقيه كما حدث مع المرجعين السيد الشيرازي واية الله حسين علي منتظري رحمهما الله .ونفس الاسلوب الاستكباري مارسه النظام الايراني ضد الشعب العراقي من خلال ممارسات كثيرة لم تعد خافية على أحد ولعل أهمها المساهمة في تجفيف موارد العراق المائية والقاء نفايات المصانع في شط العرب وتمويل وتدريب الجماعات الارهابية وتسليحها بصورايخ ايرانية الصنع والتدخل في الشأن العراقي من خلال عملاء لها من بعض الكيانات السياسية المؤثرة في الساحة العراقية وممارسة عمليات الاغتيال المنظم ضد من يعارضون السياسة الايرانية في العراق . ومهما يكن من امر المسيرات الاحتجاجية في المدن السورية لتغيير النظام الحاكم في دمشق فان أهمية الموقف لنا كعراقيين يجب ان يتماشى مع طموح الشعب السوري المشروع باقامة نظام حكم يؤمن بالتعددية السياسية ويفتح المجال نحو حكم مدني متسامح وفي ذات السياق لابد من اتخاذ خطوات اكثر فاعلية لتحريك ملفات الادانة ضد النظامين الايراني والسوري في المحافل الدولية وهوليس بالأمر المستحيل اذا ماعرفنا كيف نتحرك ووفق آليات مؤثرة معترف بها دوليا . لقد أعطت ايران نموذجا سيئا في مفهوم شعار نصرة المستضعفين من خلال نموذجين واضحين هما الشعب العراقي وقد أسلفت بعض الملامح الواضحة عنه والنموذج الثاني مايجري في سوريا من عمليات قمع دموية تقوم بها الاجهزة الارهابية التابعة لنظام بشار الاسد حيث الموقف الايراني المساند للأسد ويتناغم معه حليف ايران السيد حسن نصر الله بالمطالبة بامهال نظام دمشق حتى يحقق الوعود الاصلاحية التي وعد بها بشار الاسد وهي الجريمة الاخرى في تضليل الحقائق فكيف يمكن لحزب دموي كحزب البعث أن يحقق اصلاحا سياسيا في سوريا وهو من يحكم البلاد أكثر من أربعين عاما وهو من ارتكب جريمة تغيير المادة الدستورية بخصوص من يحق له ان يكون رئيسا لسوريا من حيث السن القانوني ليتماشى ذلك مع عمر بشار بعد وفاة والده حافظ الاسد ؟ هل يعقل أن تتنازل قيادة حزب البعث الحاكم لقيادة جديدة من المستقلين واحزاب سورية أخرى ؟ اني على يقين ان السيد حسن نصر الله هو نفسه غير مقتنع بذلك فكيف لمن اريقت دماء أبنائهم في المسيرات الاحتجاجية المطالبة في مراحلها الاولى باصلاحات دستورية لتتحول الى تصعيد بمحاكمة نظام بشار الاسد بعد أن أغلق لغة العقل والمنطق ليترك للقمع والوحشية مساحة واضحة في الشارع السوري والذي لن يتنازل عن حقه المشروع في محاكمة رموز النظام .
في تصوري ان منطقة الشرق الاوسط تتجه الى تصعيد خطير في مواقف الانظمة الدكتاتورية الحاكمة تجاه المسيرات الاحتجاجية للشعوب المغلوب على أمرها والتي لم تمارس العنف ضد الاجهزة والمؤسسات القمعية التابعة لتلك الانظمة فقد رأينا الفرق الواضح في المواقف بين المتظاهرين في ميدان التحرير بمصر والذي أطاح بنظام حسني مبارك ومن وقبله تونس ثم انتقلت رياح التظاهرات الى اليمن والمنطق الهمجي لعلي عبد الله صالح وكذلك ليبيا واللغة السفيهة لمعمر القذافي واعتقد جازما أن ايران ستكون الورقة المرشحة بعد سقوط نظام بشار الاسد فلايمكن للنظام الايراني أن يبقى قائما بلا انعكاس للحركات الاحتجاجية التي قام بها طلبة الجامعات الايرانية بعد نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009 والتي شكك بها كثير من المرشحين ومنهم مير حسين موسوي ، ستكون هناك ملامح واضحة لرياح التغيير في ايران وستكون مدوية وعنيفة حيث ستنعكس أيضا على الوضع الامني والسياسي في العراق وفي هذا السياق اود ان أشير الى أهمية دعم المسيرات الاحتجاجية في ساحة التحرير ببغداد ضد حكومة نوري المالكي الفاشلة . وأدعم بقوة كل المواقع الاعلامية لقادة تلك المسيرات أصحاب الحقوق المشروعة للشعب العراقي .
فواحدة من جرائم حكومة نوري المالكي انه ربط مصيره بدعم النظامين الايراني والسوري وهو رهان خاسر . لايمكن ان تستمر الامور هكذا في العراق دون تحرك واعي وجدي من الوطنيين الاحرار سواء داخل العراق أو خارجه . ومن المهم جدا جمع الوثائق التي تدين ايران وسوريا وتقديمها الى المنظمات الدولية المعنية . مفهوم السلام لايأتي بالامنيات انما بحلول واقعية بعيدة عن الاهواء والانتماء الفئوي الضيق وهذه واحدة من مآسي العراقيين اينما كانوا حيث يفترض أن يكون التحرك وطنيا عاما يحمل طابعا عراقيا لنحمي العراق من دول الشر بعد ان نحدد الاتجاه الصحيح .