الموْتُ بابٌ وكلُّ الناسِ داخِلُهُ/سيد صباح بهبهاني

Thu, 19 Feb 2015 الساعة : 10:01

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة |   يحاول هذا البحث تعرف الفكر العقدي للإنسان الجاهلي ، وفلسفته نحو الوجود من خلال قصيدة الرثاء عند شعراء هذيل / صخر الغي الهذلي نموذجاً . فقد أقام الإنسان منذ أقدم العصور علاقة جدلية في رؤيته للحياة والموت حين أخذ يبحث عن سرّ وجوده مقارناً ذلك ببعض الظواهر الطبيعية . وشاعر هذيل لا يختلف عن أبناء زمانه في تشكيل هذه العلاقة ؛ لأن مسألة الوجود – هاجسه الأول – كانت الهمّ الأكبر الذي يساور فكره الميثولوجي ، فوقف إزاء الموت – وهو يرثي أخاه – موقف المستهجن الرافض. دفعه إلى ذلك علاقته مع أخيه ، ثم موقف المذعن المستسلم ، بعد أن استشعر ضعفه المطلق أمام قوة الدهر وجبروته .
وفي رؤيته للحياة والموت ، نظر الإنسان الجاهلي مجموعة من أحياء الطبيعة، جعلها معادلاً وجودياً لأخيه المرثي ،فظن أن هذه الأحياء أو بعضها قادرة على مغالبة الدهر، بدعوى أنها  تعيش ممنّعة في أعالي الجبال ، كما هو الحال عند الوعل ، واللقوة/ أنثى النسر ، ثم أدرك أن هذه الأحياء يخترمها الموت.
ولعل ربط هذه الأحياء بالمرثي ، جعل الشاعر يدرك أن الأحياء جميعها ، ضعيفة كانت أو قوية، تؤول إلى الموت ، أن الدهر قادر على إفناء وجودها عن طريق مخلوقات ضعيفة أو ظواهر كونية جامدة ، كما حصل للمرثي أخي الشاعر أنه مات بلدغة الأفعى ، واللقوة ماتت بسبب ارتطامها بالصخرة ، والوعل مات على يد الصائد . وهكذا فإن هذه الأحياء التي تتصارع في وجودها يعيّبها الموت ، ثم تقع آخر الأمر في قبضة الدهر الذي يستحوذ على كل طالب ومطلوب..
يقول أبو العتاهية :
الموْتُ بابٌ وكلُّ الناسِ داخِلُهُ ** يا ليْتَ شعرِيَ بعدَ البابِ ما الدَّارُ
الدَّارُ جنَّة ُ خلدٍ إنْ عمِلتَ بِمَ ** يُرْضِي الإلَهَ، وإنْ قصّرْتَ، فالنّارُ
هما محلان ماللناس غيرهما** فانظر لنفسك ماذا أنت تختار  ...

ويقول أحد الجدد وفيه ضدونقيض!
لا أعرف الشخصَ الغريبَ ولا مآثرهُ
رأيتُ جِنازةً فمشيت خلف النعش،
مثل الآخرين مطأطئ الرأس احتراماً. لم
أجد سبباً لأسأل: مَنْ هُو الشخصُ الغريبُ؟
وأين عاش، وكيف مات فإن أسباب
الوفاة كثيرةٌ من بينها وجع الحياة
سألتُ نفسي: هل يرانا أم يرى
عَدَماً ويأسفُ للنهاية؟ كنت أعلم أنه
لن يفتح النَّعشَ المُغَطَّى بالبنفسج كي
يُودِّعَنا ويشكرنا ويهمسَ بالحقيقة
( ما الحقيقة؟)
رُبَّما هُوَ مثلنا في هذه
الساعات يطوي ظلَّهُ. لكنَّهُ هُوَ وحده
الشخصُ الذي لم يَبْكِ في هذا الصباح،
ولم يَرَ الموت المحلِّقَ فوقنا كالصقر
فاًحياء هم أَبناءُ عَمِّ الموت، والموتى
نيام هادئون وهادئون وهادئون ولم
أَجد سبباً لأسأل: من هو الشخص
الغريب وما اسمه؟ لا برق
يلمع في اسمه والسائرون وراءه
عشرون شخصاً ما عداي ( أنا سواي )
وتُهْتُ في قلبي على باب الكنيسة :
ربما هو كاتبٌ أو عاملٌ أو لاجئٌ
أو سارقٌ، أو قاتلٌ ... لا فرق،
فالموتى سواسِيَةٌ أمام الموت .. لا يتكلمون
وربما لا يحلمون .
وقد تكون جنازةُ الشخصِ الغريب جنازتي
لكنَّ أَمراً ما إلهياً يُؤَجِّلُها
لأسبابٍ عديدةْ
من بينها: خطأ كبير في القصيدة

"كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام"

" أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ۗ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ ۚ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا" النساء /78.
تنبيه لمن غفل من موت قادم لا يستثني منه نبي ولا رسول ولا مؤمن ولا كافر ولا إمام ولا عالم ولاعبد ومخدوم ولا شيخ خليجي ولا ملكة من آل سعود وملك من المغرب وملك من البحرين وملك من الأردن ولا ملك من ملوك الارض ولا حكام قطر وخصوص بطانيتهم علماء السوء وأنظر لهذا الهلع من من أغفل قلبه :
صاح صائح لا إله إلا الله ما أغفلك يا كثير عن هذا اليوم فقال ما هذا اليوم يا سيدي ؟ فقال إن هذه عزة قد ماتت وهذه جنازتها فخر مغشيا عليه فلما أفاق أنشأ يقول
  فما أعرف الفهدي لا دردره ... وأزجره للطير لا عز ناصره
 رأيت غرابا قد علا فوق بانة ... ينتف أعلى ريشه ويطايره
فقال غراب واغتراب من النوى ... وبانة بين من حبيب تعاشره
 ثم شهق شهقة فارقت روحه الدنيا ومات من ساعته ودفن مع عزة في يوم واحد
وحكى الأصمعي قال بينما أنا أسير في البادية إذ مررت بحجر مكتوب عليه هذا البيت ..
أيا معشر العشاق بالله خبروا ... إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع
 فكتبت تحته
  يداري هواه ثم يكتم سره ... ويخشع في كل الأمور ويخضع
 ثم عدت في اليوم الثاني فوجدت مكتوبا تحته
  فكيف يداري والهوى قاتل الفتى ... وفي كل يوم قلبه يتقطع
 فكتبت تحته
  إذا لم يجد صبرا لكتمان سره
فليس له شيء سوى الموت أنفع
 ثم عدت في اليوم الثالث فوجدت شابا ملقى تحت ذلك الحجر ميتا لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقد كتب قبل موته
 سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغوا ... سلامي على من كان للوصل يمنع
وحكي أيضا عن الأصمعي رحمه الله تعالى أنه قال بينما أنا.
فأقول لحكام وملوك ورؤوس دول أن لا ترهبونا ولا ترهبوا سوريا والعراق ومصر واليمن ولبنان وأن ليبيا سوف ينقذها العشائر ويدحروا داعش كما أن العراق وسوريا تدحر داعش عن قريب ولكن المستعمر لا يريد دحر داعش لانه من صناعتها ولأكن الله قادر على دحرهم وبجهو الابطال من الجيش والشعب وأهدي للجميع ثواب الفاتحة مقرونة بالصلوات على محمد وآل محمد ولروح أمي وأبي والمؤمنين والمؤمنات منها نصب والله لا تنسوا المهجرين والأيتام والأرامل ودعهم قلباً وقالباً وعلى النواب أن يحترموا الوضع الاقتصادي ولا يزمروا على الرواتب لأن هم النواب هو سرقة أموال الشعب !والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.

مع تحيات صباح بهبهاني

Share |