أنا وراديو اليابان الدولي – ج 11 -سليم السراي
Sun, 18 Sep 2011 الساعة : 12:11

فوكوواراي " الضحكة التي تجلب السعادة "
إذا رأيتك تضحك سأشعر أنا أيضا بالرغبة في الضحك
إذا رأيتك تبكي أنا أيضا سأبكي
ألا يمكن أن نضع الوجه العابس والكلام الصعب جانبا
ونضحك ؟
اللغة المشتركة في هذا العالم
ليست في رأيي الانجليزية وإنما الوجه الباسم
لا فق في ذلك بين الصغار والكبار
أو بين الرجال والنساء
هل أنت مستمتع في هذه اللحظة ؟
هل تستطيع بكل ثقة ان تقول إنك سعيد ؟
هذا هو كل ما يهم في هذه الدنيا
وكل ما يهمني وأنا أغني بجانبك هذه الأغنية " كلمات : يو تاكاهاشي "
برفقة الأستاذة ماريكو إينو والأستاذ عادل الدسوقي , كانت لنا فرصة رائعة في دقائقها جميلة في أحداثها ومشاهداتها ؛ في التعرف عن كثب واكتشاف أهم أسرار هيئة الإذاعة والتلفزيون الياباني NHK , فكانت لنا زيارة إلى غرفة البث الرئيسية للتلفزيون الياباني , حيث التقينا بمجموعة من كادر البث والإخراج التلفزيوني , الذين بذلوا قصارى جهدهم وأعطونا من الوقت الكثير من خلال تقديم شرح تفصيلي عن طبيعة عملهم اليومي داخل هذه الغرفة , وتأكد لنا من قريب الذي لا يقبل الشك ان المذيع لم يكن يحفظ يوما نص النشرة الإخبارية أو تكتب بخط واضح على ورق يوضع أمام عين مقدم النشرة الإخبارية , وإنما كانت هناك كاميرا معلقة في أعلى غرفة البث موجهة بشكل دقيق نحو مكان الأوراق التي أمام المذيع وتعكس الصورة من خلال شاشة كبيرة وضعت أمام المذيع وهي بجانب كاميرا التسجيل والبث الخارجي , ومن المؤكد إن المذيع في هذه الحال قد اخذ تدريبات كافية للتعامل مع النص بشكل سلسل , دون أن يظهر للمشاهد حقيقة الأمر .
ثم اطلعنا على كيفية تقديم الحالة الجوية من قبل مقدم نشرة أخبار الحالة الجوية والتي يهتم لها كثير المشاهد الياباني , والتي لم نكن نعلم من ذي قبل بأسرارها , فهي لا تختلف كثيرا عن تقديم نشرة الأخبار , وتتدخل هنا المؤثرات الصورية وهي قسم من التكنولوجيا الحديثة في التصوير والإخراج التلفزيوني , من حيث عرض خرائط حالة الطقس ودرجات الحرارة , وقد وفرت شركات الهاتف النقال هذه الخدمة , وقد لاحظت اهتمام كبيرا بهذه الخدمة , وإن أي سائح يسافر إلى اليابان يلمس ذلك بشكل واضح , فمن الممكن أن يكون الطقس صحوا في الصباح , إلا إن اليابانيين يحملون المظلات , فالحالة الجوية تؤشر إن في الساعة كذا من هذا اليوم تكون هناك فرصة لتساقط الأمطار .
دخلنا إلى غرفة أخرى من غرف مبنى دار الإذاعة والتلفزة اليابانية NHK , وأعتقد إنها كانت مخصصة لتدريب المذيعين الجدد , لاستكشاف مواهبهم ومدى قدرتهم في التعامل مع الكاميرا , التي يتخاذل أمامها أي إنسان في أول مرة يقف أمامها , حيث تغيب عنه روح السيطرة النفسية ويبقى شارد النظرات وتظهر جليا مظاهر فقدان التوازن في التعامل مع الكاميرا , لذا قررت طلب السلامة أمام الجمهور الذي كان حاضرا من خلال الابتعاد عن هذا الموقف , بالرغم من كلمات التشجيع والترغيب من قبل رفيقي القدير الأستاذ عادل الدسوقي , إلا إني لم أرفع كف التصويت بالموافقة على هذا القرار والنزول عند تلك الرغبة الجامحة التي أغرقت أستاذي العزيز , والذي يدبر من وراء كواليسه فخا لا اعلم أبعاده ونتائجه الذي يخطط له من قبل , فمن الصعب التظاهر على أخفاء صورة تختلج داخلك من أجل أن تحافظ على صورة جميلة كما يحبها الجمهور , فالأستاذ الدسوقي صاحب نكته بريئة , لطيفا جدا , سريع البديهية , يكون دائما متأهبا لموقف غريق حتى ساعة توقف الفؤاد بروح المرح الكثير .
خلال تلك الساعة التي كنت أتجول فيها في دار الإذاعة والتلفزيون الياباني , لاحظت وجود عددا من تلاميذ المدارس اليابانية في المبنى , وبرفقة مساعديهم وبعضا من كوادر الـ NHK , وهم يقومون بأنشطة قريبة من تنمية مواهبهم وإشباع رغباتهم , على طريق تحقيق أمنياتهم التي يحلمون في تحقيقها خلال حياتهم المستقبلية , لإطلاعهم ميدانيا على نظم وطرق التعامل مع ما يسعون إليه من تحقيق أماني , لتكون لهم حافزا معنويا لا يخلوا من النتائج الطيبة والمؤثرة داخل نفوسهم التي تتركها زيارتهم لأستوديو العمل الإعلامي وما يتعلق بهذا الجانب من خصائص المهنة الإعلامية بشكل عام .
ومرت تلك الساعات الجميلة التي كانت تبتسم في وجه كل إنسان , مثل حلم جميل , على أطياف وأطراف نومتٍ غادرتك بالمصادفة , من غير علة أو تدبير مسبق , ولو كان الإنسان يعلم بما سيحدث وبما سينقلب إليه , فمن الأكيد انه لا يوافق على مغادرة ذلك الجمال الجنوني , فمن المؤلم أن تستيقظ على واقع مملوء وهم وحزن مؤكد .