حية سيد دخيل .. سمها واقع وعلاجها نفاق-صلاح غني ألحصيني

Sat, 17 Sep 2011 الساعة : 23:46

خلال الأيام الماضية تناقلت وسائل الأعلام من صحف وفضائيات ومواقع انترنيت خبر انتشار أفعى مميتة في ناحية سيد دخيل التابعة إلى محافظة ذي قار ، وقد اعتبرت من اخطر الأفاعي في العالم كما صنفها أطباء ايطاليون عند زيارتهم للناحية عام 2008 أودت بموت 40 شخص من أبناء هذه الناحية من أصل 142 حسب الأرقام المعلنة ، على أثرها تعالت الأصوات تناشد هذا وذاك وتحديدآ أصحاب الرعية في الحكومة الاتحادية ، التي أبت بطبيعتها الخروج من زوايا الخمول إلا بشق الأنفس ، وما كان من الحكومة المحلية في ذي قار إلا أن تلملم متاعها وتشد رحالها بحثآ عن الماء والعشب وطرق الأبواب الموصدة خلف الحواجز الكونكريتية في العاصمة بغداد وتحط الرحال عند وزارة البيئة لمناقشة الموضوع مع وزيرها ، وما أن سمع شدة المصاب وهول المصيبة حتى قام من كرسيه منتفظآ أمرآ بتجهيز ألعده والذخيرة والنزول إلى سوح الوغى لمكافحة إرهاب أفعى سيد دخيل منطلقآ من واجبه الوطني والإنساني والشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ، ولكن لابد للحلم أن ينجلي ويتحول إلى واقع وينتهي ( بوعد) سيادته (بطرق الموضوع ) أمام السيد رئيس الوزراء خلال اجتماع مجلس الوزراء القادم ووضع الملف أمام سيادته .. ماذا تعتقد سيدي الوزير وأنت الوحيد من بين الذين انتخوا واقشعر جلده ؟ ، أتظن رئيس الوزراء باحث في علم الأحياء ؟ ، أم أن الأمر يتحمل التأجيل وهدر الوقت في نقاش عقيم ، الحل لا يقتصر بوضع ملف القضية على طاولت رئيس الوزراء مع ملف الوزارات الأمنية وملف المجلس الوطني للسياسات العليا من اجل حسمه ، إذا ما تطلب الأمر مناقشته داخل قبة البرلمان وبالفعل هناك من (أوعز) بمتابعة الأمر داخل البرلمان ودعوة لجنة الصحة البرلمانية إلى اتخاذ إجراءات لازمة لإنقاذ السكان جاء على لسان عدد من أعضاء البرلمان الذين قاموا بزيارة ميدانية للناحية ،
وما أن انجلاء الليل حتى قدم وفد قيل عنه رفيع المستوى ، أنيق جدآ يرتدي بدلات انكليزية وأربطة عنق فرنسية انحدر من العاصمة بغداد صوب مدينة الناصرية بعد أن سمع زحف الأفعى صوب العاصمة من خلال باعت الأفاعي في سوق الغزل ، تعشم عنا السفر بقطع مسافة 380 كيلومتر وتحمل نفاذ أشعة الشمس من خلال النوافذ التي لم يحسن تضليلها في سيارات GMC في حر شديد كاد يفقد راحة العطر الذي تطيبوا به لولاء جودة تبريد تلك السيارات وبمشية الله وفضله وصل الوفد سالمآ .. منعمآ وقد جلب معه سيارة إسعاف تحمل نوع من الأمصال لتدارك الحالة وإنقاذ المدينة من هذا الخطر والذي اكتشف فيما بعد عدم صلاحيته - الحمد لله والشكر - ، اجتمعوا في صالة مبرده جدآ لمناقشة قضيه ساخنة جدآ وبعد النقاش والتداول ووجبة الغداء ، توصل الوفد إلى (حلول مستقبلية ) تكمن بتوفير المبيدات المناسبة وتعويض المتضررين والتنسيق مع الجهات ذات الصلة لدراسة الظاهرة ، وهذا ما لا يعقل إذ ليس من المعقول أن يكمن الحل بتوفير سيارة إسعاف لنقل المصابين أو وضع حلول مستقبلية ، وهناك أرواح تزهق لاناس لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا على ارض قلوب رعاتها كجلمود صخر لا تحركها قاصفآ من الريح ، لعدم توفر المصول الشافية لتلك الأفعى !! في وسط هذا الكم الهائل من التصريحات وهذه الضجة الإعلامية وتنقل الوفود ، ما الذي خرج به أبناء تلك الناحية في الجانب العملي؟ غير ( أوعد ، أوعز ، طرق الموضوع ، حلول مستقبلية ، بحث الملف ، مناقشة القضية ، دعوة لجنة الصحة البرلمانية ) وغيرها من المفردات الغير مجدية ،
ربما الخوض في هذا الموضوع لا ينحصر في أفعى سيد دخيل وطرق علاجها فحسب بقدر عدم مبالاة المسؤولين وتحمل المسؤولية تجاه الأحداث التي يتعرض لها المواطن العراقي الأمر الذي وصل إلى عجز الدولة في حل مشكلة تعد بسيطة ضمن إمكانية متاحة حتى وصل إلام لدرجة التخبط وعدم القدرة على توفير علاج لأفعى تقل خطورتها بكثير عن أفعى الهند التي تعتبر اخطر أفعى في العالم حسب رأي الكثير من الخبراء والبيولوجيين كونها تفرز في العضة الواحدة ما يكفي من السم لقتل أكثر من 100 رجل بالغ إذ تصل كمية السم الذي تفرزه في عضه واحده إلى 110 ملجرام ، وهذا السم اقوي 50 مره من سم الكوبرا وقد استطاعت الهند تحضير مصل مضاد لها خلال أشهر معدودة ، دون أن يأخذ الموضوع حيز من عمل الحكومة وتكفل الجهات ذات الصلة بحل الأزمة قبل أن تصل جار المصاب ، على نقيض من تصرف وسلوك مؤسسات الدولة العراقية ابتداءآ من وزارة الصحة ونقابة الأطباء التي تدرك جيدآ خطر تلك الأفعى وطرق علاجها كونها تتخذ الأفعى المتكورة حول العصا شعارآ لها ، ربما تناست شعارها واقتصر موقفها بتصريح بعض مسئوليها بعبارة ( على أمل أن يتم بحث الملف ذاته مع وزير الصحة في وقت لاحق ) ، ولا تختلف جامعة ذي قار التي تضم مركز للأبحاث وباحثين في علم الأحياء عن اقرأنها من المؤسسات الأخرى بموقفها السلبي حيال القضية ولم يهتز لها طرف أو ينتابها شي من الخجل وهي ترى وتسمع وفد جامعة بغداد برئاسة مدير متحف التاريخ الطبيعي يقوم بزيارة ميدانية لموطن الأفعى ولقاء عدد من الفلاحين من سكنه الناحية وامكانية القيام ببحوث على تلك الأفعى ، اما وزارة الزراعة ومديريتها في ذي قار فلم يكن لها في الموضوع قيد انمله ..
لا نريد أن ينتاب الموضوع بعض الشكوك ونعتبرها قصة لأشغال الناس كما صرح به البعض ومنهم رئيس صحة ذي قار أن "موضوع الأفعى أحيط بهالة إعلامية كبيرة أدت إلى نشر الخوف بين الأهالي دون أي مبرر واقعي " والمتوفين منذ عام 2003 وحتى الآن هو 16 شخصا والذين تعرضوا إلى عضة الأفعى لشهر أب أربعة أشخاص فقط ، إلا إن هناك حقيقة باتت شاخصة للعيان في كيفية التعامل مع هذه الأفعى في حال صحت نظرية وجودها ، حتى وان فقدنا شخص واحد على امتداد عقد كامل مادام هناك إمكانية لعلاجه ( الحذر يغلب القدر ) ، أنها تحتاج إلى تضافر الجهود وبأسرع وقت ممكن ، وكل ذو شأن لابد إن يأخذ دورة في إيجاد الحل وعدم التبعيض في حل المشاكل الطارئة في العراق والكيل بمكيالين فلم تتأخر الحكومة المركزية بتخصيص ( ملياري دينار عراقي ) لتعويض المتضررين من جراء القصف التركي والإيراني على القرى الحدودية في إقليم كوردستان التي لم تشهد خسائر في الأرواح مقارنتآ بضحايا ناحية سيد دخيل ، ولابد ان يكون هناك شي من الانصاف يكمن بتوفير المصول الشافية بالإضافة إلى وحدة طبية ثابتة أو متحركة وبعض النسخ من دعاء الشفاء قبل إن يدخل الموضوع قبة البرلمان ويتحول الموضوع إلى نقطة خلاف بين الكتل السياسية..

Share |