فوضى التصريحات الاعلامية في العراق-مهدي الصافي
Sat, 17 Sep 2011 الساعة : 23:10

يبدوا ان سفينة الديمقراطية المليئة بالقيادات السياسية ستبقى عائمة في الوحل دون تغيير,وكيف لها ان تسير فوق اكوام من العقبات والحواجز الملغمة بالنزاعات والصراعات والمشاكل المفتعلة,
بعد ان ضخ الاعلام الرسمي العام والخاص مصطلحات وعبارات نارية غريبة ,تمس وحدة وسيادة وامن الدولة العراقية,فكانت الحكومة والبرلمان والقضاء العراقي متساهلا جدا مع التصريحات الاعلامية الاستفزازية لبعض القيادات والمسؤولين الاكراد حول طرح مشروع حق تقرير المصير(وكركوك قدس كردستان)ونشر ثقافة المناطق المتنازع عليها,واقحام قوات البيشمركة في بعض الازمات,والتهديد بنسف الاتفاقات الحكومية على خلفية عقدة تشريع قانون النفط والغاز,
ومع كل هذا نجد ان الحكومة الاتحادية تتجاهل مبتسمة ومؤيدة لهذه الخطوات المنفردة والخطيرة,
ولهذا اظهرت حادثة النخيب الارهابية الواقعة بين محافظة الانبار وكربلاء , تلاطم امواج الاجراءات التحقيقية بين شرطة كربلاء والانبار وبغداد,دون ان يٌتاح للقائد العام للقوات المسلحة ان يخوض زمام المبادرة الامنية والاعلامية,
او ان يسمح له بممارسة صلاحياته الدستورية بشكل كامل ودون تدخلات جانبية,ليتسنى له متابعة جميع القضايا والملفات الامنية الحساسة المنتشرة في عموم مناطق ومحافظات ومدن العراق,
حتى يطلع الشعب على حقيقة مكامن الخلل في اداء الاجهزة الامنية,واسباب الاختراقات المتكررة للعناصر الارهابية للمواقع المفترض انها امنة,ومحاسبة الاجهزة او الفرق والمديريات المقصرة في اداء واجبها الامني,
وهذا تجاوز صريح من قبل المسؤولين المحليين على سيادة القيادة العليا للقوات المسلحة في ادارة ملفات الازمة الوطنية,عندما تحتج عبر وسائل الاعلام على بعض الاجراءات التحقيقية الخاصة بتلك الحادثة الاجرامية.
المنطق العسكري والامني المنسجم مع الروح الوطنية الصادقة يحتم على الجهات المعنية بالامر,ان تتعاون فيما بينها في متابعة خيوط الجريمة وكشف حيثياتها واسباب وقوعها,لا ان تتهافت الاصوات على وسائل الاعلام للتصريح حول مشاكل فنية ,يمكن ان يرجعوا فيها الى القيادة العامة للقوات المسلحة دون الحاجة الى طرحها عبر وسائل الاعلام ,للابتعاد عن اثار الجريمة وامكانية منع تكرارها ,وهذا خلل واضح تتحمل مسؤوليته الرسمية القيادة العامة للقوات المسلحة, على الرغم من انها حكومة شراكة وطنية ,وهذا يعني انها مسؤولية مشتركة للكتل الرئيسية!
المشكلة الرئيسية التي نعاني منها نحن ابناء الشعب العراقي,هي مشكلة نفسية وشخصية اسبابها ترجع الى بدايات تكوين او تأسيس الدولة العراقية والى التركيبة العشائرية والقبلية لعموم محافظات ومدن وقرى العراق,ولهذا الكل يطرح نفسه امام الناس على انه الشخصية السياسية المحنكة,هل شاهدتم او سمعتم من ان هناك برلماننا يضم في عضويته شخصيات كثيرة تعتقد انها هي وحدها الاصلح لجميع المناصب(رئاسة الوزراء ونوابه-رئاسة الجمهورية ونوابه-ورئيس البرلمان ونوابه-اضافة الى منصب الوزير),وقد تقلد بالفعل بعض اعضاءها عدة مناصب وزارية,مع ان تلك المناصب لاتعد حكرا على احد ,الا الذي يمتلك مقومات فكرية وثقافية وعلمية ولديه رؤيا سياسية واقتصادية واجتماعية سيتراتيجية قابلة ان تكونجزء مهم من برنامجه الحكومي الرسمي.
هذه الاشكاليات الكبيرة هي من تعيد الى الواجهة فوضى التصريحات الاعلامية التي تضعف وتقلل من هيبة الحكومة والدولة العراقية(التي جاء بعضها متناقضا حول احداث سوريا والتجاوزات الايرانية والتركية عبر الحدود الشمالية المشتركة وازمة الميناء الكويتي مبارك),ولانعرف كيف يمكن ان تتجاوز الكتل المسيطرة على مجمل العملية السياسية هذه المعضلة ,وان تعمل بطريقة حضارية تبتعد فيها عن لغة الاستفزاز والتصعيد والاتهام ,لانها بالطبع ستعود بأثارها المدمرة على امن واستقرار المجتمع ,
فظاهرة التصريحات السياسية الهجومية التسقيطية الكثيرة, التي تنطلق هنا وهناك هي بالضبط رسالة مباشرة الى فلول الجريمة والارهاب لمواصلة افعالهم الدنيئة,وهي ظاهرة تعكس طبيعة المجتمع العراقي المشتت والمفكك سياسيا,
الاولى لنا ان نبي هذا الوطن ونعمر مدنه دون حواجز كونكريتية ,بعيدا عن فتنة الدماء البريئة التي تسقط على ارضه كل يوم دون ذنب.
مذكرا نفسي والاخرين بهذه الاية الكريمة التي نود ان يقرءها المسلمون والعراقيين تحديدا كل يوم ,ليتعرف الناس على اسباب الجحيم الذي نعيش فيه منذ عدة قرون!
(والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون) 58سورة الأعراف