الهدوء .... الذي يسبق العاصفة/ محمد المحمد العجرش

Tue, 27 Jan 2015 الساعة : 2:40

مدينتي تكاد تكون شبه خالية .. الشوارع والأزقة مقفرة كأنها تسبح في روابي الهجر .. التفاته مني الى كل جوانب المدينة ، لم أرى الا شيخاً هنا وامرأة هناك .. أفراد قلائل .. وحركة ديناميكية بطيئة مختلفة عن سير نظام وازدحام كل يوم ..
هدوء .. سكون ..يعم أرجاء المدينة التي بدت كأنها هُجرت ولم يعد فيها الا أشباح بعد ان اختفى كل شيء في أحشائها خلف جدران البيوت ..
عقرب ساعتي يشير الى الوقت .. نعم هو الموعد .. ألان بدء اللقاء .. وترأى لي كل شيء بوضوح وكأن الستار قد رفع عن ذلك المشهد الذي بدأ مألوفاً في كل مدننا العراقية بعد كل مباراة ..
منذ التتويج بكاس آسيا والإخفاقات المتتالية التي أعقبته وأنا لا أتابع أية مباراة واكتفي بسماع النتيجة من القنوات الفضائية او من بعض الأصدقاء تخلصاً من مطرقة الأعصاب وفوران الدم ..
السكون أصبح علامة مميزه هذا اليوم ،وأيقنت انه الذي يسبق العاصفة ، هدوء تحبس به الأنفاس وتعتصر به القلوب ، وتذوب شغاف الروح في محراب نار المواجهة ..
أغلقت باب غرفتي واستلقيت دون اي كلمة .. الصمت ينتابني كمدينتي .. حمى السكون لا تدل أطلاقاً على أنني في فترة نقاهة .. وسخونة الأنفاس ، ومرثون ضربات القلب لا تدل على فترة استراحة .. سيماء القلق والاضطراب في أعلى مستوياتها احتلت كامل جسدي ..
ومن خلال فسحة على ذلك الذهن الشارد المتوتر انطبعت صورة ( امير علي ) برعم بعمر الورد نعته مدرسة الجنائن المعلقة في مدينة الصدر ، وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي ، بعد ان ذهب ضحية لرصاص طائشة من عقل طائش ، وغيرها من حالات الأصابة التي تجاوزت الخمسين او أكثر في عموم البلد ..
ماذا لو فاز المنتخب العراقي ؟؟؟ وركبت تلك الوجوه المتخلفة هودج عاصفتها وأطلقت العَنان لرغباتها الماجنة في صعق الفضاء بآلة الموت ..
أنها استهانة بدمائنا.. فالاطلاقة عندما تحلق في الفضاء لا تخضع لقانون ( التسامي ) فتتحول الى بخار ، وانما يحكمها قانون الجاذبية فتنزل الى الأرض لتحمل معها خطف الأرواح ..
أنها استهانة واضحة بالقانون ، والأخلاق ، والعرف .. ولا نتشرف بانه هذه البنادق تنتمي الى مدننا او عشائرنا ، في حين ان الجبهة تمد لسانها على تخوم المقدادية ولهيب نارها يستعر في رخام الجثث ..
هناك الجبهة ، هناك الجهاد ، هناك البنادق تتغنى على كرنفالات الموتى لا هنا ..
انتهى الوقت ولا توجد اي دلائل او مؤشرات او بوادر لما نتوقع ، وافتضح دجُى الصمت وانكسرت شوكت الهدوء بلا عاصفة ..
خسرنا المباراة ، لكننا ربحنا أولادنا ..
 وخسرنا الكاس وربحنا فريقنا ..

Share |